مشاهدة النسخة كاملة : الفرح بالثبات على الإسلام وحسن الخاتمة:


ملكة الحنان
10-25-2016, 03:18 AM
الفرح بالثبات على الإسلام وحسن الخاتمة:
وبأي شيء هو الفوز الحقيقي؟

{فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} [آل عمران: 185].
الفرح الحقيقي أن تلقى الله وأنت ثابت على دينك،
الفرح الحقيقي أن تموت وقلبك سليم؛
لأنه لا ينجو عند الله إلا من لقيه بقلب سليم.
هذا الفرح الحقيقي -يا عباد الله- في الثبات على الدين حتى الممات، والفرح بشهادة تكتب للإنسان يلقى بها الله، والأمور بخواتمها.
نسأل الله حسن الخاتمة.
عبد الله بن المبارك الرجل الصالح المجاهد الكريم المتصدق العالم المحسن في كل أبواب الخير، هذا يعني ذكر من معه بالصحابة، قالوا: لا يعرف له نظير إلا أن يكون في الصحابة، ولكنهم فاقوه بأجر الصحبة، لكن بالأعمال عبد الله بن المبارك يشبههم،
لما نزل به الموت، وأغمض عينيه، فتحهما فجأة، وقال: {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلْ الْعَامِلُونَ}
[الصافات: 61] ثم مات -رحمه الله-.
بلال -رضي الله عنه- قبل ذلك لما نزل به الموت قالت زوجته: يا حزناه! قال: بل وافرحاه! غدًا نلقى الأحبة محمدًا وصحبه.
وكذلك ابن عقيل -رحمه الله- العالم المفتي الكبير الفقيه، خمسين سنة كان يفتي الناس، لما نزل به الموت بكى نساء أهل بيته من حوله، فقال لهن: "لقد وقعت عنه"؛ لأن المفتي يوقع عن رب العالمين الفتوى، ولذلك قال ابن القيم: "إعلام الموقعين عن رب العالمين": "لقد وقعت عنه خمسين سنة فدعوني أتهنأ بلقائه" اتركوا عني حزنكم وبكاءكم، ودعوني أتهنأ بلقائه.
وعبد الغني المقدسي نزل به الموت يقول له ولده: ماذا تشتهي آت لك؟
قال: أشتهي النظر إلى وجه ربي [ينظر: سير أعلام النبلاء: 21/467].
وهكذا مضوا، البخاري -رحمه الله- كان راميًا، فرمى مرة وتدًا لشخص، فانشق فاغتم البخاري، أن يكون قد شق وتد إنسان، فأرسل يطلب أن يخبره عن العوض كي يعوضه، فلما علم حميد الأخضر أن البخاري هو الذي شقه، قال: أنا وما أملك وكلي لك يا أبا عبد الله، ففرح البخاري فرحًا عظيمًا، أن حلله إنسان من شيء قد أتلفه له، فحدثهم في ذلك اليوم بخمسمائة حديث، وتصدق بثلاثمائة درهم، من فرحه.
هذا الفرح بانزياح حمل وهم شيء شرعي، الآن فليتحلل منه قبل أن يكون يوم لا دينار ولا درهم.
الثبات على الطاعات بعد رمضان:
عباد لله: هذا ما نتذكره في ختام شهرنا، والقيام بصلاة عيدنا، الفرح بفضل الله ورحمته، إنه معنى عظيم، والله العظيم.
ما العيد إلا أن نعود لديننا *** حتى يعود نعيمنا المفقود
ما العيد إن أن يرى قرآننا ** بين الأنام لقاءه معقود
واعلموا -
يا عباد الله-: أنكم قد اعتدتم عبادات، وانتظمتم في طاعات، في شهركم الذي فات، فأروا الله من أنفسكم خيرًا: {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا}
[النحل: 92] فلا رجوع إلى المعصية بعد الطاعة،
ونعوذ بالله من الحور بعد الكور، والنقصان بعد الزيادة، ونعوذ بالله أن نرد على أعقابنا، بل إننا نستقبل ما يأتي من حياتنا، نستقبلها بطاعة الله:
{وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا} [النحل: 92] فكانت تنسج وبعدما تتم النسج تكر عليه كله وتخربه، فلا يبق منه شيء، فضرب الله لهذا العمل مثلًا، بمن إذا فعل الطاعة قام يكر بالسيئات على الحسنات، والسيئات بعد الحسنات مصيبة.
فنسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يتقبل منا وأن يوفقنا، وأن يلهمنا رشدنا، وأن يقينا شر أنفسنا، وأن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
{فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ} [هود: 112].
{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت: 30].
{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر: 99].
فنستعين بالله، ونثبت على طاعة الله، ونأخذ مما حصل من الرصيد في رمضان زادًا ومنطلقًا كي نستزيد من عبادة الله بعد رمضان.
فضل صيام الست من شوال وكيفية ذلك:
وتأملوا في هذه الست التي جعلها الشرع بعد رمضان كالسنة البعدية بعد الصلاة، الست هذه بصيام شهرين ذلك؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها، فرمضان بعشرة أشهر، وستة شوال بستين، أي شهران تمام السنة.
إن شئت صمها بعد العيد مباشرة، أو بعده بمدة، متتابعة أو متفرقة، لكن لا بدّ لك من نية قبل الفجر، حتى يكتمل الأجر.
واعلم أن أحب الأعمال إلى الله الفرائض، فإذا كان عليك شيء من الواجب فاقضه قبل الدخول بالمستحب ((ما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه))
[رواه البخاري: 6502].
وحتى النساء تقضي ولو انتهى شوال، وتدخل في ذي القعدة بالست.
وقيل: تصوم في عشر ذي الحجة،
ولها الأجر من الله -سبحانه وتعالى- ولذلك فإن الست النافلة بعد الفريضة والانتهاء من الفريضة، إذ لا يجوز الجمع بنية واحدة بين فريضة ونافلة في هذه الحالة، فلا يحصل الأجر إلا بإتمام الفريضة، ثم بصيام الست.
ولا صحة لتسميته بعيد الأبرار، ولا صحة للتشاؤم بشوال، بل إن عائشة -رضوان الله عليها- كانت تدخل نساءها في شوال إبطالاً لعادة أهل الجاهلية في التشاؤم بالزواج فيه.
نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يرينا الحق حقًا ويرزقنا اتباعه.
اللهم اغفر لنا أجمعين، واعتقنا من النار، واغفر لنا ذنوبنا يا غفار، وأدخلنا الجنة مع الأبرار.
اللهم اقض ديوننا، وفرج همومنا، واشف مرضانا، وارحم موتانا، واهد ضالنا، واجمع على الحق كلمتنا، أخرجنا من الظلمات إلى النور، يا ربنا، اهدنا سبل السلام.
اللهم إنا نسألك في مقامنا هذا أن تعجل الفرج لأمة محمد -صلى الله عليه وسلم-، أزل الغمة، واكشف الغمة، يا رب العالمين، عجل الفرج، واكشف الضر، وأزل البأس، يا أكرم الأكرمين.
اللهم إنا نسألك في مقامنا هذا أن تخرجنا من ذنوبنا كيوم ولدتنا أمهاتنا، تقبل صيامنا، وقيامنا يا رب العالمين، وأحسن خاتمتنا.
اللهم إنا نسألك الأمن والإيمان لبلدنا هذا، من أراد العبث بإيماننا وأمننا، فاقطع دابره، واجعل كيده في نحره، واجعل بلدًا هذا آمنًا مطمئنًا وسائر بلاد المسلمين، آمنا في الأوطان والدور، وأصلح الأئمة وولاة الأمور، واغفر لنا يا عزيز يا غفور.
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}
[النحل: 90] فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت: 45].

فطوووم
10-25-2016, 05:33 AM
بارك الله فيك وجزاك كل خير
على الطرح القيم
وجعله بموازين حسناتك

ملكة الحنان
10-25-2016, 06:43 AM
فطوم

شكرا لمرورك الرائع
والذي اسعدني كثير
لاخلا ولا عدم
لك جزيل الشكر والتقدير
أكــاليل ورد وياسمين لروحك النقية ..
التي مرت من هنا