مشاهدة النسخة كاملة : سامح قبل فوات الأوان....


نادية
08-09-2018, 02:31 PM
جلست فوق سريري وتناولت مخدتي...والدموع تنهمر من على وجنتي...واشتد بكائي وعلى من النحيب صوتي...من يساعدني ولسؤالي يستفتي....ويحل مشكلتي ومعضلتي...




ظلمني..أخطأ في حقي وجرحني...صرخ في وجهي وشتمني...وكاد يصفعني ويضربني...لم يهمه ألمي وحزني...ولا الدمع الذي ترقرق من عيني...فهل أنتقم لنفسي وأؤذيه كما آذاني؟وأوجعه كما أوجعني؟...أم أسامحه فلعل له مشكلة أو حاله مضني؟...وبهذا أصحح ظني؟...استلقيت على السرير والتفكيرأرهقني...والآلام تسيطر علي من الوهنِ...ثم نهضت منه ونار الغضب تشتعل في عيني...فأخذت عصى واتجهت نحوه وأنا لا أدري كيف أسترد الحق المسلوب مني...أأضربه أوأشتمه أو أحرجه أو أفعلها كلها في آ̠̠ن ؟...فمرت بفكري فجأة آية من القرآنِ...فاليعفو واليصفحو ألا تحبون أن يغفر الله لكم...




حركت هذه الآية وجداني...وشعرت أني أخطط لما ينهى عنه إيماني...فكيف عنا يعفو خالق الأكوانِ...عن أخطائنا وآثامنا حال الغفلة والنسيانِ...والإنسان لا يعفو بينه وبين إنسانِ...علي محادثته بدل الغضب والهيجانِ...




فأبصرته في الشارع جالسا في مكانِ...ممسكا رأسه مستندا إلى ركن من الأركانِ...يتحدث مع نفسه بين سر وإعلانِ...يلوم نفسه على غلطة له في الزمانِ...ثم فهمت من كلامه أنه يقصدني:ليتني ضبطت نفسي قبل فوات الأوانِ...وياليتني حبست من الكلام لساني...ظلمته وجرحته فهل يعفو عني؟...أو يخطط للأخذ بالثأر مني؟...ليت الزمان يعود إلى الوراء بضع دقائق وثوانِ...حتى أني من اضطرابي لم أسارع إليه لما رأيته بتلك الحال من الكمد والحزنِ...كثرت مشاكلي في العمل والبيت وطلبات البنت والإبنِ..وأنا أكاد أفلس فلا بيقى لي لا درهم ولا ثنينِ...ولم يعد يغمض لي جفن سوى القليل بين الحين والحينِ...فأخطأت بذلك وصببت كل همي على أعز الخلانِ...ليته يسامحني فنعود كما الإخوانِ...




فجريت إليه كالطائر يحلق وسط الجنانِ...وأنا أقول قد سامحتك ولك مني كل الصفح والغفرانِ...فعانقته وشعرت بعبراته تنزل كالماء يصب في الوديانِ...فانحل المشكل بيننا وعادت أيامنا كأيام زمانِ...




فسامح إن المسامح ليس بواهنِ...إنما هو عزيز عند الرحمانِ...وتذكر كلام رسولهمازاد الله عبدا بعفو إلا عزا).