مشاهدة النسخة كاملة : مع الصحابة في رمضان: ...


عطر الزنبق
04-05-2019, 01:15 AM
https://v.3bir.net/3bir/2010/08/081209115134q0Ri-1.gif





مع ظهور الإسلام، وبعثة النبي المصطفى محمد صلى عليه وسلم بالرسالة، كان لابد للدين الجديد من ظهر يحميه وأتباع يؤمنون به ويصدقون بما جاء على لسان رسوله، كما هي العادة في مختلف الأديان السماوية، وكان في صدارة هؤلاء الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، فهما خيار الأُمة، وأكثر من وردت في فضائلهم أحاديث نبوية شريفة، وعن طريقهم وصل الدين الصحيح إلى المسلمين حتى الآن، وعليه كان اهتمامنا في هذا الشهر الكريم بتسليط الضوء عليهم، من خلال سلسلة متتابعة، مع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان.

عمر بن الخطاب

إذا كان هناك من يستحق أن يُلقب بإمام العدل، في حقبة ما بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا كان هناك من مُنح شرف التفريق بين الحق والباطل فلُقب بالفاروق، وإذا كان هناك من تهابه الشياطين حتى إذا رأته في طريق سلكت طريقًا آخر، فإنه ولا شك، فخر الأمة الإسلامية وعزها عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه.

الاسم والنسب

إنه "أبو حفصٍ عمر بن الخطاب العدوي القرشي"، أبوه هو "الخطاب بن نفيل بن عبد العزى"، أما أمه فهي "حنتمه بنت هشام بن المغيرة"، لقبه النبي صلوات ربي وتسليماته عليه بـ "الفاروق"، وهو من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن أوائل الداخلين في الدين الإسلامي، وهو ثاني الخلفاء الراشدين بعد أبي بكرٍ رضي الله عنه، وهو كذلك من العشرة المبشرين بالجنة، ويعد من أهم القادة في التاريخ الإسلامي، ومن أكثرهم قوةً وتأثيرًا.

ولد عمر بن الخطاب بعد عام الفيل بـ 13 عامًا، أي في عام 40 قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم في شبه الجزيرة العربية، وهو الموافق للعام 590 ميلادية تقريبًا، وقد تولى عمر بن الخطاب الخلافة الإسلامية عقب وفاة أبي بكرٍ الصديق في عام 634 ميلادية الموافق لـ 13 هجرية، وكان قاضيًا عادلًا ومنصفًا، ولذا لقبه المصطفى صلى الله عليه وسلم بالفاروق، حيث فرق بين الحق والباطل.

إسلام عمر بن الخطاب

كلنا نعرف القصة الشهيرة لإسلام عمر بن الخطاب، والذي شكل إسلامه حدثًا فريدًا ونقطة تحول هامة في مسيرة الدعوة الإسلامية الوليدة، فقد أشهر عمر بن الخطاب إسلامه في السنة السادسة من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان "الخباب بن الأرت" و"سعيد بن زيد" زوج "فاطمة بنت الخطاب" يعلمانها القرآن الكريم، حتى إذا دخل عليهم "عمر بن الخطاب" حاملًا سيفه الذي خرج به لينتقم من المسلمين ورسولهم، إلا أنه القرآن لم يكد يمر على مسامعه، حتى شرح الله صدره للحق، وصاح فيهم أن "دلوني على محمد".

فلما سمع خباب بما قاله عمر، حتى خرج من مخبأه مستبشرًا فقال: " يا عمر والله إني لأرجو أن يكون الله قد خصك بدعوة نبيه -صلى الله عليه وسلم- ، فإني سمعته بالأمس يقول :( اللهم أيد الإسلام بأحب الرجلين إليك ، أبي الحكم بن هشام ، وعمر بن الخطاب)، فعاجله عمر: "وأين أجد الرسول الآن يا خباب؟"، فأجابه خباب: " عند الصفا في دار الأرقم بن أبي الأرقم ".

وعلى الفور، توجه عمر بن الخطاب إلى دار الأرقم بن أبي الأرقم، فتحضر له النبي صلى الله عليه وسلم، آخذًا بمجامع ثوبه وحمائل سيفه استعدادًا للقتال، فوجه صلى الله عليه وسلم كلامه لعمر قائلًا: "أما أنت منتهيا يا عمر حتى يُنزل الله بك من الخزي والنكال ما أنزل بالوليد بن المغيرة ؟ اللهم هذا عمر بن الخطاب ، اللهم أعزّ الدين بعمر بن الخطاب"، فرد عليه عمر بن الخطاب: " أشهد أنّك رسول الله".

وبإسلام عمر بن الخطاب أخذ الدين الإسلامي قوة ومنعة في مكة المكرمة، وقد شجع النبي صلى الله عليه وسلم على الهجرة فقال: " والذي بعثك بالحق لتخرجن ولنخرجن معك"، وقد توجه المسلمون بصحبة عمر بن الخطاب، ودخلوا إلى المسجد الحرام، وقاموا بالصلاة حول الكعبة المشرفة، دون أن يجرؤ المشركون على التعرض لهم أو منعهم، ولهذا سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم بـ "الفاروق"، الذي فرق الله به بين الحق والباطل.

ملامح شخصية عمر بن الخطاب

أما عن أبرز ملامح شخصية الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقد عُرف بتقواه الشديد وورعه، وخاصةً في الفترة التي تولى فيها الخلافة الإسلامية بعد أبي بكرٍ الصديق رضي الله عنه، كما اشتهر بقوته في الحق، والذي كان لا يخشى فيه لومة لائم، وقد تميز أيضًا بكثرة اهتمامه بالعلم الشرعي، وخاصةً علم الحديث النبوي الشريف، فقد كان عمر من الحافظين لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد نهل من العلم من ينبوعه الأصيل في المدينة المنورة، إلى الحد الذي دعا رسول الله للحديث عنه فقال: " لقد كان فيما قبلكم من الأمم محدثون، فإن يك في أمتي أحد فإنه عمر".

ذكر عمر بن الخطاب في الأحاديث النبوية الشريفة

أما عن ذكر عمر بن الخطاب في الأحاديث النبوية الشريف، فقد ورد ذكره في العديد من الأحاديث التي تبين فضائله رضي الله، منها قوله صلوات ربي وتسليماته عليه: " إن الله سبحانه جعل الحق على لسان عمر وقلبه "، و" الحق بعدي مع عمر حيث كان "، و " لو كان بعدي نبيّ لكان عمر بن الخطاب "، و" إن الشيطان لم يلق عمر منذ أسلم إلا خرَّ لوجهه "، و " ما في السماء ملك إلا وهو يوقّر عمر ، ولا في الأرض شيطان إلا وهو يفرق من عمر".

خلافة عمر

مع قرب أجل أبي بكرٍ الصديق، واستشعاره بخطر ترك موقع الخلافة، دون استخلاف لأحد الصحابة الكرام، فقد رغب في ترك موقعه لشخصية قادرة على تحمل المسؤولية من بعده، وقد اتجه رأيه صوب "عمر بن الخطاب"، وقد استشار في ذلك عددًا من الصحابة، من المهاجرين والأنصار، والذين أثنوا عليه خيرًا، فقد قاله فيه "عثمان بن عفان": " اللهم علمي به أن سريرته أفضل من علانيته ، وأنه ليس فينا مثله "، وبعد تلك المشورة، وهذه التزكية من صحابة رسول الله لعمر بن الخطاب، وحرصًا على وحدة المسلمين وحفاظًا على مصالحهم، أوصى "أبو بكرٍ الصديق"، بأن يخلفه في موقعه "عمر بن الخطاب"، وساق لهذا سببًا قائلًا: " اللهم اني لم أرد بذلك الا صلاحهم ، وخفت عليهم الفتنة فعملت فيهم بما أنت أعلم ، واجتهدت لهم رأيا فوليت عليهم خيرهم وأقواهم عليهم"، ثم توجه أبي بكر بالسؤال إلى عموم المسلمين فقال: "أترضون بمن أستخلف عليكم ؟ فوالله ما آليت من جهد الرأي ، ولا وليت ذا قربى ، واني قد استخلفت عمر بن الخطاب فاسمعوا له وأطيعوا"، وقد رد المسلمون بالقول: " سمعنا وأطعنا "، وقد بايعوه في سنة 13 هجرية.

استشهاد عمر بن الخطاب

كان عمر بن الخطاب رضي الله يتمنى أن يلقى ربه شهيدًا، ويدعوا الله عزوجل أن ينال شرف الشهادة، فقد كان يردد: " اللهم أرزقني شهادة في سبيلك واجعل موتي في بلد رسولك "، وذات يومٍ وبينما كان يؤم المسلمين في صلاة الفجر بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث طعنه "أبو لؤلؤة المجوسي" الفارسي، وهو غلام للمغيرة بن شعبة، فسدد له عدة طعنات أسفرت عن وفاته ليلة الأربعاء قبل انتهاء شهر ذي الحجة بثلاثة أيام، في سنة 23 هجرية، ولما علم أن قاتله هو ذلك المجوسي، حمد الله تعالى، أن قاتله لم يسجد لله سجدة يحاجه بها أمام الله يوم القيامة، وقد دُفن إلى جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكرٍ الصديق، في المسجد النبوي الشريف، بالمدينة المنورة.

نهيان
04-05-2019, 01:19 AM
الله يجزاك عنا بخير الجزاء
والدرجة الرفيعه من الجنه
بارك الله فيك ونفع بك
وجعله في موازين حسناتك
اضعاف مضاعفه لاتعد ولاتحصى
دمتي في رعاية الله وحفظه

اعجابي+نجووم+يرفع للتنبيهات

عطر الزنبق
04-05-2019, 01:22 AM
أبو بكرٍ الصديق

لربما تعجز الكلمات أن تعطي لهذا الصحابي الجليل حقه من السرد والوصف والتفصيل، إلا أننا من الممكن أن نلخص هامشًا من حياته في السطور القليلة التالية.

*التعريف بالصحابي الجليل*

هو "عبد الله بن أبي قحافة"، وهو اسمه قبل ظهور الإسلام وبعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة وهو من قبيلة قريش، وقد ولد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاثة أعوام، أمه هي "أم الخير سلمى بنت صخرٍ التيمية" وهي بنت عم أبيه، كان أبو بكرٍ يعمل بالتجارة، وكان من أثرياء مكة المعروفين، وكان أنسبُ قريشًا لقريش، وأعلم قريش بها وبما فيها من خيرٍ وشرٍ، عُرف عن حسن الخلق، وكان مألوفًا ومحبوبًا لدى الرجال، وقد اعتنق الدين الإسلامي دون تردد، وهو أول من أسلم من الرجال الأحرار وقد أخذ يدعو لدين الله، واستجاب بفضل الله على يديه عددٌ من أهل قريش، ومنهم الصحابي الجليل "عثمان بن عفان"، و"الزبير بن العوام"، و"عبد الرحمن بن عوف"، و"الأرقم بن أبي الأرقم"، وقد احتضنت دار الأخير الفترة الأولى العصيبة من عمر الدعوة الإسلامية.

*تسميته بالصديق*

أما عن تسمية الصحابي الجليل وتلقيبه بـ "الصديق"، فلهذا قصة معروفة، فقد لُقب "أبو بكر" بهذا الاسم، لكثرة تصديقه للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وقد حاز هذا اللقب من النبي نفسه، حيث كان يصدق كل ما يصدر عن النبي المصطفى صلوات ربي وتسليماته عليه، من قولٍ أو عمل، وفي هذا نستشهد بما ورد عن السيدة عائشة بنت أبي بكرٍ رضي الله عنه، حيث قالت، أن جماعة من قريش، جاؤوا إلى أبي بكرٍ، وأخبروه أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول أنه قد أُسري به إلى السماء، فما كان من إلا أن سألهم هل قال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، فقالوا: نعم، فأجابهم الصحابي الجليل أنه على حق، وأن كل ما يقول النبي صلى الله عليه وسلم صدق، وكان لأبي بكرٍ الكثير من الألقاب الأخرى، من بينها "العتيق"، و"الصاحب"، و"الأواه"، و"الأتقى".

*مولده وإسلامه*

ولد الصحابي الجليل أبو بكرٍ الصديق في مكة المكرمة، وذلك بعد عام الفيل، وقد نشأ وترعرع في مكة المكرمة، وهو أحد وجهاء قريش وأشرافها في الجاهلية، وكما ذكرنا، فقد اشتهر أبو بكرٍ بعلمه بالأنساب وأخبار العرب، وقد عُرف عنه أنه كان تاجرًا ذا خُلقٍ كريمٍ، ولم يُعرف عنه أنه لم يشرب الخمر قط في الجاهلية، وكان من أعف الناس، وورد عنه أنه لم يسجد لصنم من قبل.

أما عن إسلام الصحابي الجليل، فبحكم عقله التجاري، وأسفاره العديدة بين البلدان المختلفة، فقد أمكنه ذلك التميز بين الحق والباطل، وكان مفرقًا أيضًا الصالح من الصالح، ولقد كان إسلامه وليد طريقٍ طويلٍ في البحث عن الدين الصحيح والطريق الحق القويم، ومع ظهور الدين الإسلامي، وبعثة النبي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، فقد رأى في الدين الإسلامي طريقًا للحق والصلاح، وقد أسلم بين يدي النبي صلوات ربي وتسليماته عليه، إلا أنه تأخر في إشهار إسلامه في بادئ الأمر خوفًا من قومه، وكان أبو بكرٍ الصديق أول من أسلم من الرجال.

*جهاده بنفسه وماله*

جهاد أبو بكرٍ الصديق تنوع ما بين الجهاد بالمال والجهاد بالنفس، أما عن الأول، فقد أنفق الصحابي الجليل معظم أمواله على شراء من أسلم من العبيد ليحررهم من قيد العبودية، ويخلصهم من الاضطهاد والتعذيب على أيدي ساداتهم من مشركي قريش، فقد أعتق الصحابي "بلال بن رباح" وستة آخرون من بينهم "عامر بن فهيرة"، و"أم عبيس"، وقد نزل في حقه بهذه المناسبة قرآنًا يُتلى إلى يوم القيامة، في سورة الليل: " وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى وَلَسَوْفَ يَرْضَى".

أما عن الجهاد بالنفس، فقد شارك الصحابي الجليل في الكثير من الغزوات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن بينها "غزوة تبوك"، و"غزوة بدر"، و"غزوة أحد"، و"غزوة بني النضير"، وغيرها الكثير، وقد شهد أبو بكرٍ الصديق مع النبي صلى الله عليه وسلم "صلح الحديبية" و"سرية نجد".

*منزلته من رسول الله وصحبته له*

أما عن منزلة الصحابي الجليل أبي بكرٍ الصديق من النبي صلى الله عليه وسلم، فيمكن القول، أن أبي بكرٍ كان من أقرب الناس إلى رسول الله، فهو أول من أسلم من الرجال، وأول من صدق النبي صلى الله عليه وسلم بعد زوجته خديجة رضي الله عنها، وكان أبي بكر من أعظم الناس منزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد قال فيه "إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي مَالِهِ وَصُحْبَتِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ، لَا تُبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ خَوْخَةٌ إِلَّا خَوْخَةَ أَبِي بَكْرٍ".

كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكرٍ الصديق، بأنه كان أرحم الأمة للأمة، كما أنه أول من يدخل مع النبي صلى الله عليه وسلم الجنة، فقد قال: " أما إنك يا أبا بكر أول من يدخل الجنة من أمتي"، كما قال أنه صاحبه على الحوض: " أنت صاحبي على الحوض ، وصاحبي في الغار".

ولأبو بكرٍ الصديق منقبة مهمة، فهو والد أم المؤمنين "عائشة رضي الله وأرضاه"، ولهذا كان أبو بكرٍ الصديق عظيم الإفتخار بقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومصاهرته له، فقال: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي".

أما عن الصحبة في حياة أبو بكرٍ الصديق، فقد سجل له القرآن الكريم شرف صحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أثناء هجرته إلى المدينة المنورة، فقال تعالى في الآية 40 من سورة التوبة: " إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ".

*خلافة أبو بكرٍ الصديق*

جاءت خلافة أبو بكرٍ الصديق بعد النبي صلى الله عليه وسلم، بتفويضٍ ضمنيٍ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد أمر المصطفى صلوات ربي وتسليماته عليه، في أيام مرضه الأخيرة، أبي بكرٍ الصديق أن يصلي بالمسلمين، وعقب وفاته صلى الله عليه وسلم، بويع أبو بكرٍ بالخلافة في سقيفة بني ساعدة، ويروى عنه أنه كان زاهدًا فيها ولم يسع إليها، وقد رفض أبو بكرٍ عرض الخلافة من صحابة رسول الله أكثر من مرة، إلا أنه بعد إلحاحٍ منهم وافق على تولي المسؤولية.

ويُذكر أن عمر بن الخطاب قد دخل ذات مرة على أبي بكرٍ الصديق فوجده يبكي، فسأله عن ذلك، فأخبره: " يا عمر لا حاجة لي في امارتكم !!" فرد عليه عمر: " أين المفر ؟ والله لا نقيلك ولا نستقيلك ".

*وفاة أبو بكرٍ الصديق*

قبل وفاة أبي بكر الصديق، مرض مرضًا شديدًا طيلة خمسة عشر يومًا، فارق بعدها الحياة في يوم الإثنين، ليلة الثلاثاء، في الثاني والعشرين من شهر جمادى الآخرة لسنة 13 هـ، وقد دُفن إلى جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما كان اليوم الذي قُبض فيه أبو بكرٍ الصديق عم البكاء أرجاء المدينة المنورة، واستشعره الناس كيوم قبض الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد جاء علي بن أبي طالب رضي الله عنه، باكيًا مُسرعًا وهو يُردد: "اليوم انقطعت خلافة النبوة"، حتى وقف على البيت الذي قُبض فيه أبو بكرٍ الصديق، فقال: " رحمك الله يا أبا بكر، كنت أول القوم إسلامًا، وأكملهم إيمانًا، وأخوفهم لله، وأشدهم يقينًا، وأعظمهم عناءً، وأحوطهم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وأحدبهم على الإسلام، وآمنهم على أصحابه، وأحسنهم صُحْبة، وأفضلهم مناقب، وأكثرهم سوابق، وأرفعهم درجة، وأشبههم برسول الله -صلى الله عليه وسلم- به هدياً وخُلُقاً وسمتاً وفعلاً".

عطر الزنبق
04-05-2019, 01:26 AM
علي بن أبي طالب

هو أبو الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وهو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزوج ابنته فاطمة، وهو من كفل النبي صلى الله عليه وسلم حين مات والديه عبد الله وأمنة بنت وهب وجده عبد المطلب، وهو من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو رابع الخلفاء الراشدين بعد عثمان بن عفان وعمر بن الخطاب وأبي بكرٍ الصديق، وهو أيضًا أحد العشرة المبشرين بالجنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعد من الأئمة المقدسين عند الشيعة.

اسمه وميلاده

هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر، وهو قرشي من أهل مكة المكرمة.

اختلفت الروايات حول ميلاد علي بن أبي طالب، إلا أن مصادر التراث تؤكد أن ولد في مكة المكرمة، في يوم الجمعة الموافق للثالث عشر من شهر رجب بعد ثلاثين عامًا من عام الفيل، وهو الموافق للسابع عشر من شهر مارس عام 599 أو 600 بالتقويم الميلادي، فيما ترى مصادر أخرى أنه ولد في الثالث والعشرين من أكتوبر عام 598 أو 600 ميلادية.

وعلي هو أصغر أبناء أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، أحد سادات قريش، وهو المسؤول عن السقاية فيها، ويرجع نسبه إلى نبي الله إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام.

أمه هي فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد المناف، والتي يُقال عنها أنها أول هاشمية تلد لهاشمي.

وعن ميلاد "علي بن أبي طالب"، فقد تضاربت الروايات حول مكان ميلاده، فيرى الشيعة أنه قد ولد في داخل الكعبة المشرفة، بل يذهبون إلى أنه المولود الوحيد في داخلها، حيث تقول الروايات، بأن أحد المواضع بجدران الكعبة والمعروف باسم "المستجار" قبل الركن اليماني، قد انشق لأمه فاطمة بنت أسد، حين أتاها طلق الولادة فدخلت إلى الكعبة المشرفة وولدت عليًا، وقد ذُكر ذلك في المصادر السُنية ومن بينها المستدرك للحكام النيسابوري، والذي جاء فيه، أن الأخبار قد تواتر حول أن فاطمة بنت أسد، ولدت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، في جوف الكعبة.

إسلام علي بن أبي طالب

أما عن إسلام علي بن أبي طالب، فقد اختلفت الروايات حوله، نعرض منها ثلاثة:

*الرواية الأولى:

فقد أسلم علي بن أبي طالب وهو في سنٍ صغيرة، بعد أن عرض عليه النبي محمد صلى الله عليه وسلم الإسلام على أقاربه من بني هاشم، تنفيذًا لما ورد في القرآن العظيم بالآية 214 من سورة الشعراء: " وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ"، وقد ورد في بعض المصادر، أن محمدًا صلى الله عليه وسلم قد جمع أهله وأقاربه على وليمة، وعرض عليه الدين الإسلامي، واعدًا من يؤمن به بأنه سيكون وليه ووصيه وخليفته من بعده، فلم يجبه أحدٌ إلا عليًا، وقد سُمي ذلك الحديث بـ "حديث يوم الدار"، أو "إنذار يوم الدار" أو "حديث دعوة العشيرة".

* الرواية الثانية:

والتي عرضها المؤرخ الإسلامي الكبير "ابن الأثير"، فعن ابن إسحاق قال: أن علي بن أبي طالب دخل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم عقب إسلام زوجته خديجة رضي الله عنها، فوجدهما يصليان معًا، فسأل عليًا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأخبره المصطفى صلى الله عليه وسلم أن ذلك " دين الله الذي اصطفى لنفسه، وبعث به رسله"، داعيًا عليًا إلى الله وعبادته والكفر باللات والعزى التي يعبدها المشركون، فأخبره عليًا أنه لم يسمع هذا الأمر من قبل، فطلب من النبي التريث حتى يأخذ برأي والده أبا طالب، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم منه ذلك، قبل أن يُعلن النبي صلى الله عليه وسلم الأمر، فقال له الرسول صلوات ربي وتسليماته عليه: " يا عليّ، إن لم تسلم فاكتم"، فمكث عليٌ تلك الليلة، حتى أوقع الله في قلبه الإسلام، فذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم التالي، فقال: ماذا عرضت عليّ يا محمد؟ فقال له رسول الله: "تشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وتكفر باللات والعزى، وتبرأ من الأنداد". ففعل عليّ وأسلم، ومكث عليّ يأتيه سراً خوفاً من أبي طالب، وكتم عليّ إسلامه.

* الرواية الثالثة:

وفي رواية ثالثة للإمام أنس بن مالك خادم رسول الله وأحد أهم رواة الحديث الشريف: أن النبي صلى الله عليه وسلم بُعث يوم الاثنين، وأسلم يوم الثلاثاء.

شجاعة علي بن أبي طالب في هجرة النبي

من أشهر المواقف في هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، هي شجاعة علي بن أبي طالب، ففي اليوم الذي هم فيه الرسول صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى يثرب "المدينة المنورة"، انبرى له سادة قريش، فاجتمعوا في دار الندوة واتفقوا على قتله، فجمعوا من كل قبيلة شاب قوي وأمروهم بانتظاره أمام باب بيته ليضربوه ضربة رجل واحد فيتفرق دمه بين القبائل.

فأُخبر النبي صلى الله عليه وسلم بالأمر عن طريق الوحي، فطلب النبي صلى الله عليه وسلم من علي بن أبي طالب أن يبيت في فراشه بدلا منه ويتغطى ببرده الأخضر ليظن الناس أن النائم هو محمد وبهذا غطي على هجرة النبي وأحبط مؤامرة أهل قريش.

وفي بعض الروايات أنه سأل أصحابه من يبيت على فراشه فلم يجبه إلا عليًا ثلاثاً، ويعتبر عليٌ أول فدائي في الإسلام بموقفه في تلك الليلة التي عرفت فيما بعد "بليلة المبيت".

وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أمرًا عليًا بأن يؤدي الأمانات إلى أهلها ففعل، حيث كان أهل قريش يضعون أماناتهم عند الرسول صلى الله عليه وسلم، وكانوا في مكة يعلمون أن عليا يتبع محمدا أينما ذهب، لذا فإن بقاءه في مكة بمثابة تمويه لجعل الناس يشكون في هجرة النبي لاعتقادهم بأنه لو هاجر لأخذ عليا معه. بقي علي في مكة ثلاثة أيام حتى وصلته رسالة النبي صلى الله عليه وسلم عبر رسوله "أبي واقد الليثي" يأمره فيها بالهجرة إلى المدينة.

جهاد علي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

أما عن جهاد علي بن أبي طالب مع النبي صلى الله عليه وسلم، فقد شارك عليٌ النبي صلوات ربي وتسليماته عليه في جميع غزواته، باستثناء غزوة تبوك، التي خلف في أثناء عليٌ على المدينة المنورة وعلى أسرة النبي صلى الله عليه وسلم من بعده، وحينها قال له الرسول صلى الله عليه وسلم: "أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي"، وقد سلم النبي صلى الله عليه الراية لعلي في الكثير من المعارك التي خاضها المسلمون.

وعُرف عن عليٌ أيضًا، كفاءته الكبيرة وبراعته وقوته في القتال، وقد اتضح ذلك جليًا في غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم، ونذكر منها، غزوة بدر، والتي هزم فيها عليًا الوليد بن عتبة، كما قتل خلال المركز ما يربو على عشرين من المشركين.

أما في غزوة أحد، فقد قتل عليٌ طلحة بن العزى والذي حمل لواء قريش في المعركة، كما أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى فدك فأخذها علي في السنة السادسة للهجرة.
وفي غزوة الأحزاب، قتل عليٌ عمرو بن ود العامري، وهو أحد أشهر فرسان العرب.

بينما في غزوة خيبر، فكان لعلي رضي الله عنه باعٌ كبيرٌ فيها، حيث قتل علىٌ فارس اليهود "مرحب"، وبعد أن عجز جيش المسلمين عن اقتحام حصن اليهود مرتين، فقال المصطفى صلوات ربي وتسليماته عليه: "لأدفعن الراية إلى رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ويفتح عليه"، فأعطى الراية لعليٌ بن أبي طالب، ليقود جيش المسلمين، ويُفتح الحصن ويتحقق للمسلمين النصر في المعركة، ويروى عن عليٌ أيضًا، أنه قد اتخذ من حصن خبير درعًا له، كدليل على قوته وشدته في القتال.

كما ثبت عليٌ بن أبي طالب مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة حُنين، والتي فر في بدايتها الكثير من صحابة رسول الله عليه وسلم.
وعن مشاركته عليٌ بن أبي طالب في الحروب والغزوات، فيروى عنه أنه كان له سيفٌ شهير، منحه النبي صلى الله عليه وسلم إياه في غزوة أحد عُرف باسم "ذو الفقار"، كما أهداه النبي صلى الله عليه وسلم درعًا عرفت بـ "الحطمية"، ويُقال أنها سميت بهذا الاسم لكثرة السيوف التي تحطمت عليها.

زواج علي بن أبي طالب

يعتبر زواج علي بن أبي طالب رضي الله عنه، بحسب بعض الروايات، هو أمر من الله عزوجل، وقد حدث ذلك في شهر صفر من السنة الثانية للهجرة، وقد تزوج فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت هي الزوجة الوحيدة له في حياته، وقد توالى الصحابة في طلب يدها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد رد أيديهم جميعًا، حتى جاءه أمر من الله بتزوجيها من علي رضي الله عنه، وقد قدم لها عليٌ بعير كمهر لإتمام الزواج، وتحدثت رواية أخرى عن تقديمه درع الحطمية، وقد أنجب عليٌ من فاطمة سيدا شباب أهل الجنة "الحسن والحسين"، وبنتين هما أم كلثوم وزينب، ولذلك يتضح السبب وراء نسب عليٌ لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

خلافة علي بن أبي طالب

تعد فترة خلافة علي بن أبي طالب من أصعب الفترات التي شهدتها الخلافة الإسلامية، والتي جاءت بعد فتنتين أولهما مقتل سيدنا عمر رضي الله عنه وتبعه عثمان بن عفان رضي الله عنه.

بويع علي بن أبي طالب بالخلافة في السنة الخامسة والثلاثين للهجرة في المدينة المنورة عقب مقتل عثمان بن عفان، وحكم لمدّة خمس سنوات وثلاثة أشهر، شهدت فيها "الكوفة" بالعراق عاصمة الخلافة الجديدة تقدماً حضارياً ملموساً، إلّا أنّ فترة خلافته وصفت بعدم استقرارها من الناحية السياسيّة؛ حيث وقعت خلالها العديد من المعارك بسبب الفتن التي اعتبرت امتداداً لفتنة مقتل عثمان بن عفان؛ ففي السنة السادسة والثلاثين للهجرة وقعت "معركة الجمل" وكان خصومه فيها "عائشة بنت أبي بكر" و"طلحة" و"الزبير"، اللذين طالبوا بالقصاص من قتلة عثمان بن عفان، إلا أن المعركة انتهت بانتصار علي بن أبي طالب ومقتل طلحة والزبير وعودة عائشة بنت أبي بكر إلى المدينة.

كما شهدت فترة خلافة علي بن أبي طالب أيضًا ظهور "الخوارج"، وهي طائفة خرجت عن الدين الإسلامي، وقد قاتلهم علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، وتمكّن من محاربة الّذين يثيرون الفتنة بين المسلمين.

وفاة علي بن أبي طالب

اختلفت الروايات التاريخية حول مقتل علي بن أبي طالب؛ فتقول بعضها أنّ "عبد الرحمن بن ملجم" ضربه بسيف مسموم على رأسه بينما كان يؤم بالمسلمين في صلاة الفجر، والبعض الآخر يقوم أنّه كان في طريقه إلى المسجد عندما ضربه بن ملجم بالسيف المسموم، ثمّ حمله الناس على أكتافهم إلى بيته وتوفي بعد ثلاثة أيام في ليلة الحادي والعشرين من شهر رمضان في السنة الأربعين للهجرة، وكان عمره عند وفاته 64 سنة.

عطر الزنبق
04-05-2019, 01:31 AM
عثمان بن عفان

هو "ذو النورين"، نظرًا لزواجه من ابنتي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، رقية ثم أم كلثوم، وهو الكريم الجواد، وهو من أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم أن الملائكة تستحي منه، وهو القوي، الوديع، الهادئ، الصابر، العفو، المحسن، السخي، المواسي للمسلمين في مصائبهم، والمعين للمستضعفين في نوازلهم، وكلها صفات شهد له بها صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنه الصحابي الجليل، عثمان بن عفان، ثالث الخلفاء الراشدين، وثالث الذين بشرهم النبي صلوات ربي وتسليماته عليه بالجنة.

الاسم والميلاد وتاريخ الدخول في الإسلام

هو عثمان بن عفَان بن أبي العاص بن أميّة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب القرشي، ولد عثمان بن عفّان في الطّائف بعد عام الفيل بستّ سنوات.

دخل عثمان بن عفان في الإسلام في عمر التاسع والثلاثين، على يد الصحابي الجليل أبي بكرٍ الصديق، رضي الله عنه وأرضاه، وهو من الرعيل الأول ومن أوائل من اعتنقوا الدين الإسلامي، ليبدأ عهدًا جديدًا من مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في جميع غزواته، فيما عدا "غزوة بدرٍ"، حيث كانت زوجته رقية مريضة، فأمره الرسول صلى الله عليه وسلم بعدم الخروج، والبقاء مع زوجته، إلا أنه صلى الله عليه وسلم أعده من شهود بدر، ومنحه صلوات ربي وتسليماته عليه حصة من غنائمها.

وعن إسلام "عثمان بن عفان" رضي الله عنه أيضًا، فقد كان ثريًا وشريفًا في الجاهلية، وقد أسلم بعد بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بقيل، ولذا عُد من السابقين الأولين إلى الإسلام، كما أنه أول من هاجر إلى الحبشة مع زوجته رقية بن رسول الله صلى الله عليه وسلم، في الهجرتين الأولى والثانية.

وعثمان بن عفان هو أوّل من شيّد المسجد ، وأوّل من ختم القرآن في ركعة ، وكان أخوه من المهاجرين "عبد الرحمن بن عوف" ومن الأنصار "أوس بن ثابت" أخا "حسّان بن ثابت" شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم.

وعن إسلامه رضي الله عنه، قال عثمان: " ان الله عزوجل بعث محمداً بالحق، فكنتُ ممن استجاب لله ولرسوله، وآمن بما بُعِثَ به محمدٌ، ثم هاجرت الهجرتين وكنت صهْرَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبايعتُ رسول الله فوالله ما عصيتُه ولا غَشَشْتُهُ حتى توفّاهُ الله عز وجل ".

صفات عثمان بن عفان الجسدية والخُلقية

وصف عثمان بن عفان رضي الله عنه بغير الطويل ولا القصير، وكانت لحيته كثيفة وعظيمة، وكان يصبغها باللون الأصفر، كان عظيم المنكبين، كثيف الشعر، أقنى طويل الأنف مع دقة أرنبته، ضخم الساقين، طويل الذراعين، حسن الوجه.

أما عن صفاته الخُلقية رضي الله عنه وأرضاه، فقد عُرف عثمان بالكرم ولين الطبع، كما اشتهر بالحياء الشديد، فقد أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف حين قال: "ألا استحي من رجل تستحي منه الملائكة"، أما عن فضله فقد قال عنه ابن عمر رضي الله عنهما: " كنا في زمن النبي لا نعدل بأبي بكر أحداً، ثم عمر، ثمّ عثمان، ثمّ نترك أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم لا نفاضل بينهم".

خلافة عثمان بن عفان

عثمان بن عفان هو ثالث الخلفاء الراشدين، بعد أبي بكرٍ وعمرَ رضي الله عنهما، وقد بايعه المسلمون بالخلافة بعد مقتل عمر بن الخطاب على يد أبو لؤلؤة المجوسي الفارسي، في سنة 23 هجرية.

وفي يوم استخلافه على المسلمين، خطب عثمان بن عفان في الناس، فقال فيها: " أمّا بعد ، فإنَّ الله بعث محمداً بالحق فكنت ممن استجاب لله ورسوله ، وهاجرت الهجرتين ، وبايعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، والله ما غششْتُهُ ولا عصيتُه حتى توفاه الله ، ثم أبا بكر مثله ، ثم عمر كذلك ، ثم استُخْلفتُ ، أفليس لي من الحق مثلُ الذي لهم ؟!".

أهم الأعمال والإنجازات في عهد عثمان بن عفان

لعثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه العديد من جوانب الخير، نذكر منها:

*جمعه للمسلمين على قراة القرآن بلغته العربية:

فبعد أن انتشر الإسلام، ودخل في الإسلام أقوام من غير العرب، خُشي من اختلاف الناس في قراءة القرآن وتحريف شيء منه لفظاً أو أداءً، فأشار حذيفة بن اليمان على عثمان، فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك، وأمر عثمان بنسخ القرآن بلسان عربي، ثمّ أرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخ، وأمر بحرق كل صحيفة مما سواه من القرآن.

* تأسيس البحرية الإسلامية:

شهد عهد عثمان بن عفان أقوى أسطول بحري إسلامي، ويرجع الفضل بعد الله في إنشائه إلى والي الشام "معاوية بن أبي سفيان"، والذي استأذن الخليفة "عثمان بن عفان" في تأسيس أسطول بحري ليصد غارات الأسطول البيزنطي، فسمح له بذلك، وبهذا تمكن معاوية من فتح جزيرتي قبرص ورودس في البحر المتوسّط، وانتصر كذلك الأسطول الإسلامي على الأسطول البيزنطي عام 34هـ، في معركة ذات الصواري قرب الإسكندرية، بالرغم من أن الأسطول الإسلامي أقل عدداً وتجهيزاً من الأسطول البيزنطي.

*الفتوحات الإسلامية:

شهدت الفتوحات الإسلامية في عهد عثمان بن عفان أوج قمتها وعزها، فقد فتح الله على يده العديد من البلاد المختلفة، ففتح المغرب وبلاد نوبة جنوب مصر، وصولاً إلى تونس حيث اصطدم المسلمون هناك بالروم، فهزموهم وأصبحت المنطقة من برقة إلى تونس ضمن البلاد الإسلامية، كذلك فتح بلاد فارس، فامتدت رقعة الدولة الإسلاميّة وصولاً إلى بحر قزوين في آسيا.

*اتساع جوانب الخير:

ففي عهد الخليفة عثمان بن عفان انبسطت الأموال في زمنه حتى بيعت جارية بوزنها ، وفرس بمائة ألف ، ونخلة بألف درهم ، وحجّ بالناس عشر حجج متوالية.

مقتل عثمان بن عفان

إذا كان الخطأ من طبائع البشر، فعثمان بن عفان رضي الله عنه، وإن كان من خير البشر، إلا أنه أخطأ خطئًا، أدى في النهاية إلى مقتله، ومن وقته، فتحت على المسلمين أبواب من الفتنة، لم تغلق حتى الآن.

ويعود سبب الفتنة التي وقعت في عهد عثمان، والتي أدت إلى الخروج عليه وقتله أنه كان كلف بأقاربه وكانوا قرابة سوء، وكان قد ولى على أهل مصر عبدالله بن سعد بن أبي السّرح فشكوه إليه ، فاستبدله بعد ذلك بمحمد بن أبي بكر الصديق، إلا أن ذلك لم يكن كافيًا لإرضائهم، واندلعت نيران الفتنة، وأراد أصحاب الفتنة والأمصار الضّرر والشّر بالخليفة عثمان بن عفّان رضي الله عنه، فحاصروه وهو في منزله مع زوجته نائلة، ومنعوا عنه الماء، وكان ذلك في شهر رمضان المبارك؛ حيث كان صائماً، وعندما وصل الخبر لعلي بن أبي طالب، أمر الحسن والحسين بإرسال ثلاث قربٍ مملوءةٍ بالماء إليه، حيث كان مرابطاً وصابراً اقتتداءً وبقاءاً على عهد الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، لكنّ أصحاب الفتن تمكّنوا منه ودخلوا عليه، بينما كان يقرأ القرآن الكريم، فقتلوه ومات شهيداً، وهو بعمر التّسعين، رضي الله عنه.

ومما روي في وقائع مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه، أن اجتمع نفر من أهل مصر والكوفة والبصرة وساروا إليه ، فأغلق بابه دونهم ، فحاصروه عشرين أو أربعين يوماً ، وكان يُشرف عليهم في أثناء المدّة ، ويذكّرهم سوابقه في الإسلام ، والأحاديث النبوية المتضمّنة للثناء عليه والشهادة له بالجنة ، فيعترفون بها ولا ينكفّون عن قتاله !! وكان يقول :( إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عهد إليّ عهداً فأنا صابرٌ عليه ) ( إنك ستبتلى بعدي فلا تقاتلن ).

وعن أبي سهلة مولى عثمان : قلت لعثمان يوماً :( قاتل يا أمير المؤمنين ) قال :( لا والله لا أقاتلُ ، قد وعدني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمراً فأنا صابر عليه ).

وأشرف عثمان على الذين حاصروه فقال :( يا قوم ! لا تقتلوني فإني والٍ وأخٌ مسلم ، فوالله إن أردتُ إلا الإصلاح ما استطعت ، أصبتُ أو أخطأتُ ، وإنكم إن تقتلوني لا تصلوا جميعاً أبداً ، ولا تغزوا جميعاً أبداً ولا يقسم فيؤكم بينكم )، فلما أبَوْا قال :( اللهم أحصهم عدداً ، واقتلهم بدداً ، ولا تبق منهم أحداً )، فقتل الله منهم مَنْ قتل في الفتنة ، وبعث يزيد إلى أهل المدينة عشرين ألفاً فأباحوا المدينة ثلاثاً يصنعون ما شاءوا لمداهنتهم.

وكان مع عثمان -رضي الله عنه- في الدار نحو ستمائة رجل ، فطلبوا منه الخروج للقتال ، فكره وقال :( إنّما المراد نفسي وسأقي المسلمين بها ) فدخلوا عليه من دار أبي حَزْم الأنصاري فقتلوه ، و المصحف بين يديه فوقع شيء من دمه عليه ، وكان ذلك صبيحة عيد الأضحى سنة 35 هجرية في بيته بالمدينة.

منصور
04-05-2019, 06:07 AM
جزاك الله خيرا و بـــارك الله فيــك
على طرحك القيم
ألف شكر لك على مجهــودك
الله يعطيــك العافيـــة
تحياتي

فطوووم
04-07-2019, 03:09 AM
بارك الله فيك وجزاك كل خير
على الطرح القيم
وجعله بموازين حسناتك

نبراس القلم
04-14-2019, 03:13 AM
https://upload.3dlat.com/uploads/3dlat.net_05_15_c25e_13256119281.gif

عطر الزنبق
04-17-2019, 04:01 AM
بارك الله فيك وجزاك كل خير
على الطرح القيم
وجعله بموازين حسناتك
https://upload.3dlat.com/uploads/3dlat.com_13899141082.gif

عطر الزنبق
04-17-2019, 04:01 AM
https://upload.3dlat.com/uploads/3dlat.net_05_15_c25e_13256119281.gif
https://upload.3dlat.com/uploads/3dlat.com_13899141082.gif