مشاهدة النسخة كاملة : حبٌّ في الخفـــــاء


مديح ال قطب
03-20-2020, 08:51 PM
حبٌّ في الخفـــــاء


قبل عشرات السنين كان هناك طفل لم يجد من يلهو معه ... وربما
لم يجد ألعاباً يلهو بها ... فقد كان والده يعلّمه أشياء ليست من سِنِّه
يجعله يرحب بالضيوف ويجلس معه في مجالسهم ويرافقه للمسجد
وإلى السوق ويعطيه المبالغ لتسليمها للباعة ..... لكن الطفل
بحاجة للّهو وألعاب اللهو وكان عمره آنذاك من 5–6 سنوات قبل
المدرسة ... وفي يومٍ من الأيام وبينما والده في مجلس أحد جيرانه
(من أبناء عمومته) ... إلتفت على إبنه فلم يجده في المجلس ...
أخبر أحد أبناء جاره أن يبحث عنه ... وبينما ذهب جاره ليجلب الشاهي
أخذ يضحك حين رأى إبن جاره يلهو مع إبنته بألعابها .... وأخبر جاره
وطلب منه ألا ينادي إبنه ولا يضربه ... إبنك ليس كبيراً ليجالس الرجال ...
ومن تلك اللحظه ... تغيّر الأب في تعامله مع إبنه وبدأت التعليقات من
بين أبناء عمومته أن إبنه لا يلعب معها بل يعوّدها عليه حتى يكبر و
يتقدم لها للزواج ... وكثرت التعليقات على الإبن وبدأ الطفل يسمع
حديثاً منهم لم يعهده من قبل من أن هناك حالة حب بينهما وسننتظر
عشرون سنه لتختفي البراءة بعد ذلك بينهم ... ولم يكن يهتم بذلك
حتى أصبحت الطفلة فتاة تضع غطاءها على وجهها وبدأت ملامحه
أيضاً تتغير فأصبح شاباً يافعاً يخدم الناس جميعاً عدا والد الفتاة خوفاً
من ألسنة من حولهم ... وقد يقول الناس (الشاب لا يبحث عن الأجر
بل يبحث عن رضى الأب) ... وبدأ الشاب ينشغل تفكيره بها ... ثم
إنتقل والده من قريتهم إلى الرياض واستبدل الفتى الفتاة بإبنة
جارهم وكانت تبتسم حين رأته يرافق أمه ويحمل أواني الإفطار لهم
حيث يجتمع نساء الجيران ويتناولن الإفطار معاً ... وأعجبت بحياء الفتى
لأنه لم يكن يجرؤ أن تقع عينيه عليها حين تنظر إليه ... ولم يكن يعرف
أن الفتاة تعاني من ضعف في قلبها حتى سكت ذلك القلب فانفجر
باكياً على رحيلها رغم أنه لم يراها سوى مره حين تلاقت العينين معاً
عند باب منزلها في يوم ضيافة أمه ... فبكى طويلاً عليها مع أمه
التي تحبّها كثيراً ولم تستغرب منه هذا البكاء لأن الجميع يذكرها
بخير .... وتعلم الأم مدى رقّة إبنها وعاطفته الجياشه وتذكرت أمه
وهي تضحك عليه حين يبكي متأثراً من أحداث الأفلام العاطفيه
ولم تدرك أن نبضات قلبه بدأت تتحرك بالحب لهذه الفتاة الراحله
ولاحظ أحد زملاءه في المدرسه مدى الحزن على هذا الطالب فسأله:
كيف تكوّن هذا الحب في لحظة واحده ... لم يجبه على سؤاله ...
وإنما بدأت أمنياته أن يستطعم مثل هذا الحب وهي تتكاثر في رأسه
وبدأ يشعر أن حياؤه يمنعه من البحث عن الفتيات مع زملاء دراسته
وأخذت نفسه تراوده أنه سيصبح مثل زملاءه الذين يجوبون الأسواق
ويتعرفون على الفتيات ... لكن ذلك الحياء فيه قتل أمنياته بالتعرف
عليهن ... وازداد يأسه يخنقه وأخذ يشعر أن الحظ لا يقف إلا معهم
وبدأ أحدهم يزيد معاناته بروايات كاذبه وأن الفتاة تحبه كثيراً وبدأت
البطولات التي يرويها وتجد لها آذاناً صاغيه وأنه قبّلها يوماً وبتلك
الليلة تعانقا طويلاً ووجد خدها الآخر بجانب شفتيه فقبّلها .. لم يحتمل
الشاب الجلوس ليستمع لبقيّة قصة صديقه فأخذوا يتضاحكون عليه...
ورغم علمه أن ذلك الصديق يلفّق قصصاً من رأسه إلا أنه لا يريد
أن يرى حبّاً يتحوّل إلى تمادي أو تجاوز في نوايا ما وراء الحب ...
وفي أحد الأيام إصطادته خالته في أحد الأسواق وهو بكامل زينته
فاتصلت بوالدته لتخبرها بوجود إبنها في السوق وكأنه يبحث عن
شيء ... إستغربت أمه هذا التصرف منه ، فلم تعهد ولدها الهادئ
أنه يفكر في ذلك ... إتصلت أمه تسأل عن مكانه فقال: مع صديقي
... أين؟! ... مشوار قريب ... أين أنت الآن؟! ... (داخله الشكّ)
ما الذي تريدينه يا أمي ... لم تتمالك الأم نفسها وقالت: في السوق
(كاد أن يكذب عليها وهي التي لم تعهد منه كذباً عليها) نعم يا أمي
أين صديقك؟! ... في محله يا أمي أنتظره وسنغادر الآن السوق ...
عد إلى البيت ... إبشري يا أمي ... إلتفت يميناً ويساراً ليعرف من
يراقبه إلا أن خالته شعرت أنه سيفعل ذلك فهربت ... وبدأ يكفّ عن
عاشقه لتحيي قلبه ... فأنهى الثانوي ودخل المجال العسكري وتخرج
ضابطاً وبدأ يشعر أن الفتيات سيتسابقن على قلبه ... ولم يحدث له
ذلك ... وتزوج إبنة خاله التي كانت طوال تلك السنين تحبه وتخفي
عن الجميع ذلك .. ولكن الحياء منعها من أن تعبر له عن حبها له
وأكتفت بالإهتمام به فقط ...ولا تعرف كيف تحرّك قلبه بكلمات تمناها
منذ سنين ... وحاول أن يلاطفها بالكلام الجميل ... غير أنها فتاة غضّةٌ
لم تعرف كيف تقول هذه الكلمات ... واستبدلته بإهتمام ليكفي بديلاً
عن تلك الكلمات التي تستحي أن تعبّر بها ... وماتت تلك الكلمات في
فمه ... وأصابها الإحباط من عدم تقديره لإهتمامها به ... وبدأ يكتب
قصصاً في الحب ... وفي يوم وجدت مذكره يضع فيها خواطره وكم
صدمها تلك الحروف التي قرأتها وغالبها شعور أنه كان يحب فتاة
قبل زواجهما ... وحين واجهته قال تلك الفتاة هي في خيال
فكري وكنت أتمنى أن تكون من تتزوجني بمثلها في تعابيرها ورغم
توتّر الجوّ بينهما إلا أن كلا الطرفين يشعر أن طرفه الآخر يحبه
بشده.. وطلبت منه أن يتوقف عن الكتابه فهي حين تقرأ له يعود
الشعور لها بأن هذه الحروف لم تُكتب في فتاة الوهم لأن مشاعر
تلك الحروف صادقه وعميقه ومؤثره ... وبدأ الشيطان يحرّك دماء
الشكّ في قلبها ... وبدأ يجمع لزوجها أكثر الجمل المعبرة عن الحب
وبعد تردد ، عاود الزوج لكتابة أجمل الحروف في الحب في زوجته
غير أن الشيطان لا يزال يحرّك دماء الشك في فكرها ... وتوقعت
أنه كتبها في حبيبته البديلة .. ولم تبدِ إهتماماً بما كتبه لها لشيء
رأته في عينيه ... ورغم أنه لم يعرف غيرها إلا أن الحب الذي يحلم
به قتل أحلامه ..... واستمرت الحياة بينهم حب في الخفاء فقط .

إنتهت القصه .... تحيتي لكم

منصور
03-21-2020, 06:59 AM
سلمت الأنامل المتألقه
على روعة طرحها وانتقائها الجميل
شكراً جزيلاً لك
وربي يعطيك العافيه

شايان
03-21-2020, 06:59 AM
كل الشكر لك للقصة الانيقة
والسرد المميز
كل تقديري

عازف الليل مونامور
03-23-2020, 04:17 PM
انتقاء راااقي وتميز في جمال
الطرح لاعدمنا هذه الاشراقة الانيقة
والحرف المخملي لروحكم اكاليل الامنيات
تحيتي وتقديري دمتم بالالق

انثى برائحة الورد
03-24-2020, 02:00 PM
يعافيك ربي على زاويتك الراقية
وشُكراً لطرحك المُميز وإختيارك الرائِع
عبق الجوري لِـ روحك .

عطر الزنبق
06-07-2020, 04:36 AM
موضوع رااااائع وقيم
حروف نسجت بابداااااع
قلمك يملكـ الاحساس و الاحرف الجميلة
سلمت اناملك على كل جديد تتحفينا به
استمتعت بالمكوث هنا
بانتظار مواضعك الشيقة

عديل الروح
11-24-2020, 07:06 PM
تحياتي ازفهااا اليك محمله
ببقات من الشكر والعرفان
بتميزك ورعه قلمك
بابداعك وسحر نقشك
اجد جمال اخاذ بين الحروف
واتوه بين السطور
رائعة بكل المقاييس
فكل الشكر والتقدير

حلوة الروح
04-17-2021, 05:05 PM
ـأنتقاء مميز بمحتواه
لا حرمنا جمال العطاء
تحياتي .