مشاهدة النسخة كاملة : مهابة رسول الله ..صل الله عليه وسلم..


انثى برائحة الورد
06-19-2020, 08:54 PM
نتامل اليوم مهابة رسول الله صل الله عليه وسلم
في شخصية الإنسان شيء يخرج عن كل قاعدة
و يهزأ بكل أصول
هذا الشيء سرٌّ من أسرار الله تعالى
إنه المهابة فإنسان قد يكون من أقوى الأقوياء
أو من أغنى الأغنياء ومع ذلك ينزع الله منه المهابة
وإنسان من أضعف الضعفاء، ومع ذلك قد يلقي الله عليه المهابة
إن الإمام الحسن البصري حينما أدى واجبه كعالم
و تكلم بالحق الذي رآه أغضب الحجَّاج
فلما نُقل إليه ما قاله الحسن البصري، قال :
يا جبناء واللهِ لأسقينكم من دمه
وجاء بالسياف فورا
وأمره بقطع رأسه
وطلب الحسن البصري عن طريق أعوانه
فالحسن البصري حينما دخل على الحجاج
ورأى السياف ينتظر قدومه
والنطع قد مُدَّ على الأرض
ولم يبق على قطع رأسه إلا أن يصل
ما كان من الحجاج ساعة دخوله إلا أن وقف له، واستقبله
ودعاه إلى الجلوس على سريره
ثم سأله عن حاله
ثم استفتاه ثم قال له : أنت يا أبا سعيد سيد العلماء
ثم عطَّره ثم شيَّعه إلى باب القصر
وودَّعه توديعا لائقا
فالذي صُعق هو السياف والحاجب
فلما خرج تبعه الحاجب
وقال له : يا إمام لقد جيء بك لغير ما فُعل بك، فماذا قلت ؟
فذكر أنه حينما دخل توجَّه داعيًا الله سبحانه وتعالى : واللهِ قلت :
يا ملاذي عند كربتي، يا مؤنسي عند وحشتي
اِجعل نقمته عليَّ بردا وسلاما، كما جعلت
النار بردا وسلاما على إبراهيم
ما الذي حدث ؟
لا أحد يستطيع أن يفسَّر ما حدث
لكن في شخصية الإنسان شيء يخرج على كل قاعدة
و يهزأ بكل أصول
هذا الشيء هو أن الله عز وجل يلقي على
بعض المؤمنين المهابةَ وهناك أشخاص
تُنزع عنهم المهابةتراه تافها لا قيمة له
يبدو ظاهرُه على أنه قويٌّ
وعلى أنه غنيٌّ
ثم تراه حقيقة سخيفَ العقل
مضطربَ الفؤاد
إذًا هذا حال لابد أنْ يفهمه المؤمن
لأنه من لوازم حياته


وقد ورد في الأثر أنه :
من هاب اللهَ هابه كلُّ شيء
ومن لم يخف الله أخافه اللهُ من كل شيء
المؤمن معه سرٌّ عجيب
هذا السر قاعدته الاستقامة على أمر الله
والإخلاص لله
استقامة بالسلوك
والإخلاص بالقلب
ففي القلب إخلاص
وفي السلوك انضباط
فالله عزوجل يمنحك هيبةً بقدر إخلاصك له
وبقدر استقامتك على منهجه
وعندئذ تبدو لك هالةٌ حول شخصك كبيرة جدًّا،
ما هذه الهالة ؟ هو أنه مَنْ تواضع لله رفعه
ومن تكبَّر وضعه
هارون الرشيد حينما قدِم إلى الديار المقدَّسة
ليحجَّ بيت الله الحرام قال :
ائتوني بأحد العلماء الكبار كي أستفيد منه
فذهبوا إلى الإمام مالك قالوا له :
إنّ الخليفة يرجو أن يلتقي بك كي يسألك بعض الأسئلة
فقال : قولوا له : يا هارون، إن العلم يؤتى، ولا يأتي
قال لهم : صدق
ثم قال لهم : و اللهِ إن جاء لن أسمح له بتخطَّي رقاب الناس،
فبلَّغوه ذلكوقال لهم : معه الحق و هكذا السُّنة
فلما جلس قال : من تواضع لله رفعه و من تكبَّر وضعه
أي إذا كان الإنسان مع الله ألقى عليه هيبةً، وهيئة وقورة
أما إذا كان الإنسان غير مخلص اتَّجر بالدين
وابتغى بالدين عرض الدنيا نزع عنه كلَّ مهابة
قال تعالى :
(وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ)
[سورة الشرح]
قال تعالى :
(مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً)
[سورة فاطر]
رضي الله عن سيدنا عمر لما أراد من رجل
أنْ يأتيه بمَن يشهد له، قال له : إني لا أعرفك
و لا يضرُّك أني لا أعرفك، مكانتك هي هي
لكن لا بدَّ من شاهد، فجاءه برجل ليعرِّف به
قال له عمر : هل جاورته ؟ قال : لا، قال :
هل سافرت معه ؟ قال : لا، قال له :
هل حاككته بالدرهم والدينار ؟ قال : لا
قال : فأنت إذًا لا تعرفه.
كان سيدنا رسول الله مرةً مستلقيا على حصير
و قد أثَّر في خدَّه الشريف كما جاء ذلك
في حديث طويل عن عمر قال :
… فَلَمَّا بَلَغْتُ حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ تَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّهُ لَعَلَى حَصِيرٍ
مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ شَيْءٌ وَتَحْتَ رَأْسِهِ وِسَادَةٌ
مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ وَإِنَّ عِنْدَ رِجْلَيْهِ قَرَظًا
مَصْبُوبًا وَعِنْدَ رَأْسِهِ أَهَبٌ مُعَلَّقَةٌ فَرَأَيْتُ أَثَرَ
الْحَصِيرِ فِي جَنْبِهِ فَبَكَيْتُ فَقَالَ مَا يُبْكِيكَ
فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ كِسْرَى وَقَيْصَرَ فِيمَا
هُمَا فِيهِ وَأَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ أَمَا تَرْضَى
أَنْ تَكُونَ لَهُمْ الدُّنْيَا وَلَنَا الْآخِرَةُ
[رواه البخاري]
أنا لست ملِكا، ولكنني نبيٌّ، فالمعنى
أنّ هذه قاعدة أساسية، وهي أن ملوك الأرض ملكوا الرقاب
ولكن الأنبياء ملكوا القلوب، وشتَّان بين المُلكين
كلُّ إنسان قويٍّ يملك الرقاب، لكن البطولة
والعظمة أن تملك القلوب
البطولة أن يكون المديح في غيبتك لا في حضرتك
المديح في حضرتك تملُّق إليك، أو خوف منك
لكن المديح الذي يُساق في غيبتك، دليل محبَّتك
دليل استقامتك، ودليل أخلاقك العالية،
فكان عليه الصلاة والسلام يقول :
أنا لست بملك، ولا بجبَّار،
وإنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد بمكة
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى
لَا يَبْغِيَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَلَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ
[رواه أبو داود]
والتواضع من صفات المؤمنين الصادقين .

نهيان
06-19-2020, 09:23 PM
جزاك الله عنا بخير الجزاء
والدرجة الرفيعه من الجنه
بارك الله فيك ونفع بك
وجعله في موازين حسناتك
اضعاف مضاعفه لاتعد ولاتحصى

انثى برائحة الورد
06-20-2020, 03:42 PM
أمام حضور قلمكم
أسكب الشكر لك بـود

شايان
06-22-2020, 12:31 AM
بارك الله بك
وجزاكي كل الخير غاليتي

عاشقة الكروان
06-22-2020, 01:36 AM
طرح يستحق المتابعة
شكراً لكي
بانتظار الجديد القادم
دمتي بكل خير

انثى برائحة الورد
06-24-2020, 08:22 PM
لكم في القلب والمكان
عرش يشبهكم ابيض
تحيه من القلب

عطر الزنبق
06-26-2020, 09:16 PM
جزاك المولى خير الجزاء ونفع بك
وألبسك لباس التقوى والغفران
وجعلك ممن يظلهم الله في يوم لا ظل إلا ظله
وعمر الله قلبك بالإيمان
على طرحك المحمل بنفحات إيمانية
تحيتي لك

انثى برائحة الورد
06-27-2020, 10:05 PM
كلماتكم شهادة اعتز بها
شكرا لكم الف شكر لمروركم