مشاهدة النسخة كاملة : تفسير سورة يوسف بأسلوب بسيط


انثى برائحة الورد
09-17-2020, 11:54 AM
سلسلة كيف نفهم القرآن؟(1)

تفسير الربع الأول من سورة يوسف كاملا بأسلوب بسيط

• الآية 1: ﴿الر﴾ سَبَقَ الكلام عن الحروف المُقطَّعة في أول سورة البقرة.
﴿تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ﴾ أي: هذه هي آياتُ الكتاب الواضح في مَعانيهِ وهُداه، وحلاله وحرامه.

• الآية 2: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ﴾ - أيها العَرَب - ﴿تَعْقِلُونَ﴾ أي تَعقلونَ مَعانيه وتَفهمونها، وتَعملونَ بهَدْيِه.

• الآية 3: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ﴾ - أيها الرسول - ﴿أَحْسَنَ الْقَصَصِ﴾ يعني أصَحّ القصص وأصْدَقه، وأنْفَعَهُ وأجْمَلَه، وذلك﴿بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾ أي بواسطة وَحْيِنا إليك ﴿هَذَا الْقُرْآَنَ﴾-لأنّ هذه القصص تكونُ عن طريق الوحي - ﴿وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ﴾ يعني:وقد كنتَ - قبلَ إنزال القرآن عليك - من الغافلين عن هذه الأخبار، لا تَدري عنها شيئًا.

• الآية 4: ﴿إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ﴾ أي اذكر - أيها الرسول - لقومك قَوْلَ يوسف لأبيه يعقوب: ﴿يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ﴾ في المنام ﴿أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾ (فكانت هذه الرؤيا بُشرَى لِمَا وَصَلَ إليه يوسف عليه السلام مِن عُلُوِّ المَنزلة في الدنيا والآخرة).

• الآية 5: ﴿قَالَ﴾ يَعقوب لابنه يوسف: ﴿يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ﴾ - وقد كانوا إخوته مِن أبيه، ولَيسوا أشِقَّاء له - ﴿فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا﴾ أي فيَحسدوك ويُعادوك، ويَسعوا في إهلاكك، ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ أي عداوته ظاهرة للإنسان.

• الآية 6: ﴿وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ﴾ يعني: وكما أراكَ ربك هذه الرؤيا، فكذلك يَصطفيك ويَختارك﴿وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ﴾ أي يُعَلِّمك تفسير ما يَراهُ الناسُ في مَنامهم، ﴿وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آَلِ يَعْقُوبَ﴾ بالنُبُوَّة والرسالة ﴿كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ﴾ ﴿إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ﴾ بمَن يَستحق الاصطفاء والاختيار من عباده، ﴿حَكِيمٌ﴾ في تدبير أمور خَلقه.

• الآية 7: ﴿لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ﴾أي في قصة يوسف﴿وَإِخْوَتِهِ آَيَاتٌ﴾ أي أدلة تدل على قدرة اللهِ وحِكمته، وفيها عِبَرٌ﴿لِلسَّائِلِينَ﴾ الذين يَسألون عن أخبارهم، ويَرغبون في مَعرفتها.

• الآية 8، والآية 9: ﴿إِذْ قَالُوا﴾ أي اذكُر حين قال إخوة يوسف فيما بينهم: ﴿لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ﴾:يعني إنّ يوسف وأخاه الشقيق "بِنيامين"﴿أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا﴾، لأنه يُفضِّلهما علينا ﴿وَنَحْنُ عُصْبَةٌ﴾: أي ونحن جماعة (وكان عددهم تسعة) فكيف يُفَضِّل الاثنين على التسعة؟! ﴿إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾: يعني إنّ أبانا لَفي خطأٍ واضح، حيثُ فضَّلهما علينا من غير سبب، إذاً فـ ﴿اقْتُلُوا يُوسُفَ﴾ ﴿أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا﴾ يعني أو ألقوا به في أرض مجهولة بعيدة عن العُمران، وبذلك ﴿يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ﴾: أي يَخلُص لكم حُبّ أبيكم وإقباله عليكم، ولا يَلتفت عنكم إلى غيركم ﴿وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ﴾ - أي مِنْ بعد قَتْل يوسف أو إبعاده - ﴿قَوْمًا صَالِحِينَ﴾ تائبينَ إلى الله، مُستغفرينَ له مِن ذنبكم، (وفي هذا دليل على أنّ إظهار المَيل إلى أحد الأبناء بالحب، يُورثُ العداوة بين الإِخوة).

• الآية 10: ﴿قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ﴾ - لأنّ القتل جريمة فظيعة - ﴿وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ﴾ يعني: وألقوه في جَوف البئر:﴿يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ﴾ أي يَلتقطه بعض المارَّة مِن المُسافرين فتستريحوا منه، هذا ﴿إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ﴾: يعني إن كنتم فاعلينَ شيئاً تجاه أخيكم، فهذا أفضل الطرق لذلك.

• الآية 11، والآية 12: ﴿قَالُوا﴾ لأبيهم - بعد اتفاقهم على إبعاد يوسف -: ﴿يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ﴾ مع أنه أخونا، ونحن نريد له الخير، ونخاف عليه ونَرعاه، ﴿وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ﴾ يعني: ونحن نَخُصُّهُ بخالص النصيحة؟، ﴿أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا﴾ عندما نخرج إلى مَراعِينا﴿يَرْتَعْ﴾: أي يَنشط ويفرح، ﴿وَيَلْعَبْ﴾ بالتسابق وغير ذلك من اللعب المُباح، ﴿وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ مِن كل ما تخافُ عليه.

• الآية 13: ﴿قَالَ﴾ لهم يعقوب عليه السلام: ﴿إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ﴾: يعني إني لَيُؤلم نفسي مُفارقته إذا ذهبتم به إلى المراعي، ﴿وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ﴾ يعني وأنتم مُنشغلون عنه في مَراعيكم.

• الآية 14، والآية 15: ﴿قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ﴾ أي ونحن جماعة قوية:﴿إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ﴾ أي لا خيرَ فينا.
♦ فأرْسَلَهُ أبوهم معهم ﴿فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ﴾ ﴿وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ﴾ يعني: وأجمَعوا على إلقائه في جَوف البئر، ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ﴾ أي: وأعْلَمَ اللهُ يوسفَ بطريقٍ خَفِيٍّ سريع: ﴿لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا﴾: أي سوف تُخبر إخوتك مُستقبَلاً بما فعلوه بك، ﴿وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ أننا أوحينا إليه بذلك (وفي هذا بِشارةٌ له بأنه سيَنجو مِمّا وقع فيه).

♦ وقد قال بعض المُفسرين في قوله تعالى: ﴿وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ أي لن يَعرفوا - حينما تُعاتبهم - أنك أخوهم، وذلك إخبارٌ بما وقع بعد سنين، مِمّا حَكاهُ اللهُ في هذه السورة بقوله: ﴿قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ﴾.

• الآية 16: ﴿وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً﴾ أي في وقت العِشاء - مِن أول الليل - ﴿يَبْكُونَ﴾ ويُظهِرون الأسف والخوف.

• الآية 17: ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ﴾ أي نَتسابق في الجَرْي والرمْي بالسهام، ﴿وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا﴾ أي عند طعامنا وثيابنا، وما فارقناه إلا وقتًا قليلاً ﴿فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ﴾ ﴿وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا﴾ يعني: وما أنت بمُصَدِّقٍ لنا﴿وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ﴾ أي: ولو كنا مَوصوفين بالصدق، وذلك لشدة حُبِّك ليوسف.

• الآية 18: ﴿وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ﴾ أي: وجاؤوا بقميصه مُلَطَّخًا بِدَمٍ غير دَم يوسف، (وقد قيل إنهم - بعد أنْ ألقوا يوسف في البئر - ذبحوا حيواناً صغيراً يُشبه الماعز ولَطَّخُوا بِدَمِه قميص يوسف، واللهُ أعلم)، فـ﴿قَالَ﴾ لهم يعقوب عليه السلام: ﴿بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا﴾ أي: ليس الأمر كما تقولون، ولكنْ زيَّنت لكم أنفسكم الأمَّارة بالسُوء أمرًا قبيحًا في يوسف، فرأيتموه حَسَنًا وفعلتموه، ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾ أي: فصَبْري صَبْرٌ جميل، لا تَسَخُّطَ فيه، ولا شكوى معه لأحدٍ من الخَلق ﴿وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ أي: وأستعينُ باللهِ لِيُصَبِّرَني على تَحَمُّل هذا الوصف الكاذب الذي تَحكونه لي.

♦ وإنما فَوَّضَ يعقوب عليه السّلام الأمْرَ إلى اللهِ تعالى، ولم يَسْعَ للكشف عن مَصير يوسف، لأنه عَلِمَ بصعوبة ذلك لِكِبَر سِنِّه، ولأنه لم يكن له أحد يَستعين به على أبنائه، وقد صاروا هم الساعينَ في البُعد بينه وبين يوسف، فيَئِسَ مِن ذلك، وفَضَّلَ الصبر الجميل.

♦ الآية 19، والآية 20، والآية 21: ﴿وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ﴾ يعني: وجاءت جماعة من المسافرين (وكانوا ذاهبين إلى مصر)، ﴿فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ﴾: أي فأرسلوا مَن يأتي إليهم ببعض الماء، ﴿فَأَدْلَى دَلْوَهُ﴾: أي فلمَّا أرسلَ الوارد دَلْوَهُ في البئر: تَعَلَّقَ بها يوسف، فـ﴿قَالَ﴾ الوارد: ﴿يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ﴾ يعني: يا بُشرايَ هذا غلامٌ عظيمُ القيمة، ﴿وَأَسَرُّوهُ﴾ يعني: وأخفى الواردُ - وأصحابه - يوسفَ مِن بقية المسافرين فلم يُظهِروهُ لهم، حتى لا يُطالبوهم بالاشتراك معهم في ثَمَنه(بعد أن يَبيعوه)، وأمَّا قوله تعالى: ﴿بِضَاعَةً﴾ يعني إنهم قالوا لهم: (هذه بضاعة، وقد طلب مِنَّا أصحاب الماء أن نوصلها إلى صاحبها بمصر)، ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ﴾ يعني: واللهُ عليمٌ بما يَعملونه بيوسف.

♦ وقد كان إخوة يوسف يَترددون على البئر ليَعرفوا مَصير أخيهم، فلمَّا رأوه بأيدي الوارد ورِفاقه، قالوا لهم: (هذا عَبدٌ لنا كثير الهرب، وإن أردتم شراءَهُ بِعْنَاه لكم)، فقالوا لهم: (ذاكَ الذي نريد)، فبَاعوه لهم بثَمَنٍ قليل، ولهذا قال تعالى: ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ﴾ أي: وباعه إخوته لهؤلاء المسافرين بثَمَنٍ قليل: ﴿دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ﴾،﴿وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ﴾ أي: وكان إخوته زاهدينَ فيه، راغبينَ في التخلص منه، لأنهم لا يَعلمون مَنزلته عند اللهِ تعالى.

♦ ولمَّا ذهب المسافرون بيوسف إلى "مصر" اشتراه منهم أحد وزرائها، ﴿وَقَالَ﴾ هذا الوزير﴿الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ﴾ أي أحسِني معاملته، وأكرِمي إقامته عندنا، ﴿عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا﴾: أي لعلنا نستفيدُ مِن خِدمته، ﴿أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا﴾: يعني أو نُقيمه عندنا مقام الولد (وقد قال ذلك لأنه لم يكن له ولد).

﴿وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ﴾ يعني: وكما أنجينا يوسف من البئر، وكما يَسَّرْنا له أن يَشتريه عزيز "مصر" - وهو الوزير - وجعلناهُ يَعْطِف عليه، فكذلك جعلنا هذا مُقدِّمَةً لتمكينه في أرض "مصر" مِن هذا الطريق، ليَكون على خزائنها - فيما بعد - يَحكمها بالعدل والرحمة، ﴿وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ﴾ أي: وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تفسير الرؤى فيَعرف ما سيَقع منها مُستقبَلاً (ولعل اللهَ تعالى رَبَطَ عِلم التأويل ببيت العزيز، لأنّ يوسف عليه السلام سيَبقى في هذا المكان مُتَفرغاً للتفكر والتعمق في هذا العِلم - الذي وهبه اللهُ له - ليَزداد بذلك عِلماً، مِمّا سيَكونُ سبباً لتمكينه في الأرض عندما يُفَسِّر رؤيا المَلِك)، ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ﴾ (فإذا أرادَ سبحانه شيئاً، قال له كُن فيكون، ولا أحد يَستطيع أن يَمنع حدوث ما يُريده اللهُ تعالى)، فإنّ الإنسانَ لو تأمَّلَ الأمرَ لَتَعَجَّب: كيف لِغُلامٍ صغير مُلقَى في بئر، أن يَجعله اللهُ فيما بعد على خزائن الأرض؟!، ولكنّ اللهَ تعالى يَفعل ما يريد ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ أنّ الأمرَ كله بيد اللهِ.

♦ وفي هذا تصبير للرسول صلى الله عليه وسلم على ما يَجد مِن أذَى أقربائه له، إذ يوسف عليه السلام قد أصابه الأذى من أخوته الذين هم أقرب الناس إليه بعد والديه.

♦ الآية 22: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ﴾ يعني: ولمَّا وَصَلَ يوسف إلى مُنتهى قوته في شبابه: ﴿آَتَيْنَاهُ حُكْمًا﴾ أي عَلَّمناهُ كيف يَحكم بين الناس، ﴿وَعِلْمًا﴾ وهو الفقه في الدين، ﴿وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾يعني: ومِثل هذا العطاء الذي جَزَينا به يوسف على إحسانه، نُعطي المحسنين عِلماً نافعاً جزاءً على إحسانهم، كما قال تعالى: ﴿إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا﴾ أي عِلماً ونوراً تُفرِّقون بهِ بين الحق والباطل، والهُدى والضلال، والسُنَّة والبِدعة، والحلال والحرام.

♦ الآية 23: ﴿وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ﴾ يعني: وحاولت امرأة العزيز فتنة يوسف، لِحُبِّها الشديد له وحُسن بَهائه، ﴿وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ﴾ - يعني إنها دَعَتهُ إلى فاحشة الزنا والعِياذُ بالله -،فـ ﴿قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ﴾ أي أعتصم باللهِ تعالى مِن فِعل الفاحشة، وأستجيرُ به مِن خيانة سيدي ﴿إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ﴾: يعني إنه سيدي الذي أحْسَنَ إقامتي في بيته، فلا أخونه في أهله، (وفي نفس الوقت فإنَّ سيده الحق (اللهُ جَلَّ جلاله) قد أكرمه بما سَخّر له من الأمور، فكيف يَخونه فيما حَرَّمَ عليه؟﴾، (واعلم أنهم كانوا يقولون للسيد المالك لفظ: (الرب)، كما نقول: رب البيت﴾، ﴿إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾: يعني إنّ مَن تجاوز حدَّهُ لا يُفلِحُ أبداً.

♦ الآية 24: ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ﴾ أي: ولقد مالت نفسها لفِعل الفاحشة، ﴿وَهَمَّ بِهَا﴾ يعني: وحدَّثتْ يوسفَ نفسُه للاستجابة (لأنه بَشَرٌ وليس مَلَكاً)، واعلم أنّ الهَمّ هو خَطرات النفس وليس العمل، والدليل على ذلك قول اللهِ تعالى في الحديث القدسي - كما في الصحيحين -: (مَن هَمَّ بحَسنةٍ فلم يَعملها، كُتِبَتْ له حَسنة).

♦ وقوله تعالى: ﴿لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ﴾: يعني لولا أنه رأى آية من آيات ربه تنهاه عمَّا حَدَّثَتْهُ به نفسه (وذلك لأنه اعتصم بربه - في بداية الأمر - قائلاً: مَعاذَ الله، فنَجَّاه الله)، ﴿كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ﴾ يعني: وإنما أريناه ذلك البرهان لنصرف عنه ﴿السُّوءَ﴾ وهو كل ما يَسُوء الإنسان، ﴿وَالْفَحْشَاءَ﴾ وهي الوقوع في جريمة الزنا ﴿إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ﴾ أي المُختارينَ للرسالة، الذين استخلصناهم لطاعتنا ومَحبتنا، فلا نَرضى لهم أن يَتلوثوا بالذنوب والمعاصي، (واعلم أنّ ذلك يَتضمن أيضاً أنّ يوسف عليه السلام كان يُخلِص عمله لله، فلذلك خَلَّصَهُ اللهُ من السُوء والفحشاء).

♦ وقد قال بعض المُفسرين في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ﴾ أي أرادت أن تضربه عندما امتنع، ﴿وَهَمَّ بِهَا﴾ ليُدافع عن نفسه ويَضربها، ﴿لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ﴾ أي لولا أنّ اللهَ ألْهَمَهُ أنّ الخير في عدم ضَرْبها، ﴿كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ﴾ وهو ضَرْبها، ﴿وَالْفَحْشَاءَ﴾ وهي الزنا.
- الآية 25:﴿وَاسْتَبَقَا الْبَابَ﴾ يعني: وأسرع يوسف إلى الباب يريد الخروج، وأسرعتْ ورائه تحاول الإمساك به، ﴿وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ﴾ أي: وجَذبتْ قميصه مِن خلفه - لتمنعه عن الخروج - فقطعتْ القميص.

♦ وفتح يوسف الباب ليَهرب منها، ﴿وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ﴾ أي: ووجدا زوجها عند الباب (وكانوا يُطلِقون على الزوج لفظ (السيد) لأنه يَملك المرأة﴾، فـ﴿قَالَتْ﴾ لزوجها:﴿مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا﴾ يعني: ما جزاء مَن أرادَ بامرأتك فاحشة﴿إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ﴾﴿أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ يعني أو يُعَذَّب عذاباً شديداً.

♦ الآية 26، والآية 27: ﴿قَالَ﴾ يوسف: ﴿هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي﴾: يعني هي التي طلبتْ مِنِّي ذلك.
♦ والظاهر أنه كان مع العزيز رجل من أهل امرأته، أو أنه استدعاه ليَحكم بينهما، قال تعالى: ﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا﴾ فقال: ﴿إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ﴾: يعني إن كان قميصه قُطِعَ من الأمام: ﴿فَصَدَقَتْ﴾ في اتِّهامها له ﴿وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ فيما دافَعَ به عن نفسه،﴿وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ﴾: يعني وإن كان قميصه قُطِعَ من الخلف:﴿فَكَذَبَتْ﴾ في قولها ﴿وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾.

♦ الآية 28، والآية 29: ﴿فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ﴾: أي فلمَّا رأى الزوجُ قميصَ يوسف قد قُطِعَ من خلفه: عَلِمَ براءة يوسف، و ﴿قَالَ﴾ لزوجته: ﴿إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ﴾: يعني إنّ هذا الكذب الذي اتَّهمتي به هذا الشاب هو مِن جُملة مَكْرِكُنَّ - أيتها النساء - ﴿إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ﴾، ثم قال ليوسف: ﴿يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا﴾ أي اترك ذِكْرَ ما كان منها فلا تَذكره لأحد، ﴿وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ﴾: أي اطلبي - أيتها المرأة - مِن زوجك العفو عن ذنبك؛ حتى لا يُؤاخِذَكِ به ﴿إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ﴾ فيما فَعَلتي، وفي افترائك على يوسف.


2. الربع الثاني من سورة يوسف

الآية 30: ﴿ وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ ﴾ - بعد أن وصل إليهنَّ خبر امرأة العزيز ويوسف - فتحدثنَ به وقلنَ: ﴿ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ ﴾ أي تحاول فِتنة خادمها، إنه ﴿ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا ﴾: أي قد وصل حُبّها لَهُ إلى شَغَافِ قلبها (أي غِلافه)، ﴿ إِنَّا لَنَرَاهَا ﴾ - بهذا الفعل - ﴿ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ أي في ضلالٍ واضح، إذ كيف تُحِبُّ عبدًا لها، على الرغم مِن شَرَفِها وعُلُوّ مَكانتها؟!

الآية 31: ﴿ فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ ﴾: أي فلَمّا بَلَغَ امرأةَ العزيز ذمُّ هؤلاء النسوة لها: ﴿ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ ﴾ تدعوهنّ لزيارتها ﴿ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً ﴾: أي وأعَدَّتْ لهنّ ما يَتَّكِئنَ عليه من الوسائد، وما يأكُلْنَهُ من الطعام، ﴿ وَآَتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا ﴾ لأنها أعطتهنّ طعامًا يَحتاج إلى تقطيع، ﴿ وَقَالَتِ ﴾ ليوسف: ﴿ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ ﴾ ﴿ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ ﴾ أي أعظَمْنَهُ في نفوسهنّ، وشَغَلَهُنّ حُسنه وجماله ﴿ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ ﴾: أي جَرَحْنَ أيديهنّ وهُنَّ يُقَطِّعنَ الطعام (بسبب الدهشة والذهول الذي أصابهنّ ﴾، ﴿ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ ﴾ أي تنزيهًا للهِ تعالى عن العَجز بأنْ يَخلق مِثل هذا الجمال، ﴿ مَا هَذَا بَشَرًا ﴾ لأنّ جماله غير مَعهود في البشر، ﴿ إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ ﴾ أي: ما هذا إلا مَلَك كريم من الملائكة (وظاهر هذه الجملة أنّ المَصريين حِينئذٍ كانوا يَعتقدون في وجود الملائكة).

♦ وقد قال بعض المُفسرين في وصف اللهِ تعالى لكلامهنّ بالمَكر - وذلك في قوله: ﴿ فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ ﴾ - أنَّهُنَّ أرَدْنَ بإنكارهنّ على امرأة العزيز أن يَصل قولهنّ إليها، فيكون ذلك سببًا في أن تدعوهنَّ لرؤية جمال يوسف عليه السّلام، وهذا هو ما فعلتْه.

الآية 32: ﴿ قَالَتْ ﴾ امرأة العزيز للنسوة: ﴿ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ ﴾: أي فهذا هو الفتى الذي لُمتُنَّني في الافتتان به، ﴿ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ ﴾ أي حاولتُ فِتنته ﴿فَاسْتَعْصَمَ﴾: أي فامتنع (وهذه شهادةٌ منها ليوسف عليه السلام، في صِدق اعتصامه باللهِ تعالى)، ﴿ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آَمُرُهُ ﴾ به مُستقبَلًا: ﴿ لَيُسْجَنَنَّ ﴾ ﴿ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ ﴾ أي الذليلين المُهانين.

الآية 33: ﴿ قَالَ ﴾ يوسف عليه السلام - مُستعيذًا باللهِ مِن شَرِّهِنَّ ومَكرِهِنَّ -: ﴿ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ﴾ من الوقوع في الفاحشة، ﴿ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ ﴾ يعني: وإنْ لم تَصرف عني مَكرهنّ أَمِلْ إليهنّ، (فإنني ضعيفٌ عاجز إن لم تَدفع عني السُوء )، ﴿ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾ الذين يَرتكبون الذنوبَ لِجَهلهم بقدرة اللهِ تعالى وعَظَمته واطِّلاعِهِ عليهم (فالجاهلُ حقًا هو الذي يُفَضِّلُ لَذّة رخيصة عاجلة، على لَذّات مُتتابعات وشهوات مُتنوعات في جنات النعيم ﴾.

الآية 34: ﴿ فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ ﴾ لأنّ امرأة العزيز ظَلَّت تُحاولُ فِتنته وهو يَمتنع، حتى يَئِسَتْ مِن ذلك، وصَرَفَ اللهُ عنه كَيدها ﴿ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ ﴾ لدعاء يوسف، ودعاء كل مَن دَعاه، ﴿ الْعَلِيمُ ﴾ بحاجة يوسف إليه، ونِيَّته الصادقة.

الآية 35: ﴿ ثُمَّ بَدَا لَهُمْ ﴾ أي: ثم ظَهَرَ للعزيز وأصحابه ﴿ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآَيَاتِ ﴾ أي مِن بعد ما رأوا الأدلة على براءة يوسف وعِفَّته: ﴿ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ ﴾: يعني إنهم عَزَموا على أن يَسجنوه فترة من الزمن، حتى يَنسى الناس الحادثة ولا يَبقى لها ذِكرٌ بينهم، وذلك مَنعًا للفضيحة.

الآية 36: ﴿ وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ ﴾ أي خادمان كانا يَخدمان المَلك، وقد حُبِسُوا بسبب تهمةٍ وُجِّهَتْ إليهما، فـ ﴿ قَالَ أَحَدُهُمَا ﴾: ﴿ إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا ﴾: يعني إنني رأيتُ في المنام أني أعصر عنبًا ليَكونَ خَمرًا، ﴿ وَقَالَ الْآَخَرُ ﴾: ﴿ إِنِّي أَرَانِي ﴾: يعني إنني رأيتُ في المنام أني ﴿ أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ ﴾، ثم قالا ليوسف عليه السلام: ﴿ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ ﴾: أي أخبِرنا بتفسير ما رأيناه، فـ ﴿ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ الذين يُحسنون عبادتهم، ويُحسنون مُعاملة الناس.

الآية 37، والآية 38: ﴿ قَالَ ﴾ لهما يوسف عليه السلام: ﴿ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ ﴾ يعني إلاَّ أخبرتُكما بخَبره (أو بِوَصْفِهِ) ﴿ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ﴾ (فلم يُفَسِّر لهما رؤيتهما إلا بعد أن أثبتَ لهما كفائته أولًا، وذلك حتى يَثقا فيه، فبالتالي يُصَدِّقا كلامه عندما يُحَدِّثهما عن التوحيد).

﴿ ذَلِكُمَا ﴾ أي التفسير الذي سأقوله لكما هو ﴿ مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي ﴾، وليس مِن عند نفسي (وذلك حتى يَربط قلوبهما باللهِ تعالى وليس بالبشر)، ثم قال لهما: ﴿ إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ ﴾ أي ابتعدتُ عن دين قومٍ ﴿ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ إذ كانوا مُشركينَ يَعبدونَ مع اللهِ غيره، ﴿ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ﴾ لا يُؤمنونَ ببَعثٍ ولا حساب، ﴿ وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آَبَائِي﴾: أي واتَّبعتُ دين آبائي ﴿ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ﴾ فعَبَدْنا اللهَ وحده، و﴿ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ﴾ في عبادته.

♦ واعلم أنه يُستفاد من هذه الجملة: ﴿ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ﴾، أنّ الإنسان يَجب أن يَترفع عن فِعل الشرك والمعاصي، فيقول: (ما كان لنا أن نَعصي اللهَ تعالى وهو مُطَّلِعٌ علينا)، وكذلك يُرَبِّي أولاده على ذلك، فيقول لهم: (لَسْنا نحنُ الذين نَفعل الخطأ، مِن المُمكن أن يَفعله غيرنا، أمّا نحن فلا يُمكن أن نَفعله أبدًا)، فبهذا يَنشأ الأولاد في بيئةٍ تَكره المعاصي وتحتقرها، فإذا راودَتْ أحدهم نفسه على فِعل شيءٍ خطأ، قال لها: (إن ديني وأخلاقي لا يَسمحان لي أن أفعل ذلك).

﴿ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ﴾ أي ذلك التوحيد - بإفراد اللهِ تعالى بالعبادة - هو مِمّا تَفَضَّلَ اللهُ به ﴿ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ ﴾ ﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ ﴾ إذ أرسلَ اللهُ إليهم الرسل لهدايتهم، ولكنهم لم يَشكروهُ على نعمته، ورفضوا اتِّباع الرُسُل.

الآية 39، والآية 40: ﴿ يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ ﴾: يعني يا صاحبيَّ في السجن: ﴿ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ ﴾: يعني أعِبادةُ آلهةٍ مخلوقة، مُتفرقة هنا وهناك (هذا صنم وهذا كوكب، هذا إنسان وهذا حيوان، هذا شَكله كذا وهذا صِفَته كذا) هل هذا ﴿ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ ﴾ في ذاته وصفاته، ﴿ الْقَهَّارُ ﴾ لجميع المخلوقات؟ (إذ الكُل خَلقه وعَبيده، وهم تحت قَهْره وسلطانه، لا يَتحركون إلا بمشيئته وإرادته).

﴿ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً ﴾ لا مَعاني لها (وهي الأصنام) التي ﴿ سَمَّيْتُمُوهَا ﴾ آلهةً ﴿ أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ ﴾ جَهلًا منكم وضَلالًا، إذ إطلاقكم لفظ (إله) على صنم - أو على صورة مَرسومة لكوكب - لا يَجعلها آلهة، و ﴿ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ ﴾:أي ما أنزل اللهُ بها مِن حُجَّةٍ تدل على أنها تستحق العبادة، أو أنها تقربكم إلى ربكم كما تزعمون، فهي مصنوعة بأيديكم لا تَسمع ولا تُبصِر، ولا تنفع ولا تضر، ﴿ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ﴾: يعني ما الحُكم الحق إلا للهِ تعالى وحده، وقد ﴿ أَمَرَ ﴾ أي حَكَمَ ﴿ أَلَّاتَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ﴾، ﴿ ذَلِكَ ﴾ هو ﴿ الدِّينُ الْقَيِّمُ ﴾ أي الدين المستقيم الذي لا عِوَجَ فيه ﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ إذ جَهلهم بمَعرفة ربهم الحق - الذي خَلَقهم ورَزَقهم ويُدَبِّر حياتهم - هو الذي جعلهم يَعبدونَ ما يَصنعون.

الآية 41: ﴿ يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ ﴾ إليكما تفسير رؤياكما: ﴿ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا ﴾: يعني أمَّا الذي رأى أنه يَعصر العنب، فإنه سيَخرج من السجن ويكون ساقي الخمر للمَلك، ﴿ وَأَمَّا الْآَخَرُ ﴾ الذي رأى أنه يَحمل على رأسه خبزًا: ﴿ فَيُصْلَبُ ﴾ أي سيُقتَل وهو مَصلوبٌ على خشبة، ثم يُتْرك ﴿ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ ﴾ ﴿ قُضِيَ الْأَمْرُ ﴾ أي حُكِمَ في الأمر ﴿ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ ﴾.

♦ ويُستفاد من الآيات السابقة أنّ يوسف عليه السلام قد اغتنم فرصة سؤال الفَتَيان له، في أن يَدعوهما أولًا إلى اللهِ تعالى، ثم بعد ذلك أجابَ طلبهما، ولهذا يَنبغي للإنسان أن يَغتنم هذه الفرص، بحيثُ إذا جاءه شخصٌ ما، وحكى له مُشكِلة تُواجهه، فعليه أن يسأله أولًا: (هل أنت تصلي أو لا؟)، فإذا كان لا يصلي، فعليه أن يقول له: (إذًا هذا هو سبب المشكلة، لأنك لو كنتَ قريبًا من اللهِ تعالى، ما خَذَلَكَ أبدًا، فعليك أن تُصلِح حالك مع اللهِ أولًا)، ثم بعد ذلك يُعِينه على حل مشكلته، فبذلك يَستجيب.

♦ وكذلك يُستفاد من قولهما له: (إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ أنه يَنبغي أن يكون الإنسان قدوةً للناس قبل أن يَدعوهم إلى الله.

الآية 42: ﴿ وَقَالَ ﴾ يوسف ﴿ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا ﴾ - وهو الفتى الذي عَلِمَ يوسفُ أنه سيَخرج من السجن -: ﴿ اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ ﴾: أي اذكرني عند سيدك المَلك وأخبِره بأنني مَظلوم، ﴿ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ ﴾: أي فأنسى الشيطانُ ذلك الرجل أن يَذكر للمَلك حالَ يوسف، ﴿ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ ﴾:أي فمَكَثَ يوسف في السجن عدة سنوات (واعلم أنّ البِِضْع: مِن ثَلاث إلى تِسع، وقيل: مِن ثَلاث إلى عَشْر، واللهُ أعلم).

♦ وقد قال بعض المُفسرين في قوله تعالى: ﴿ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ ﴾ يعني (إنّ الشيطان أَنسَى يوسفَ عليه السلام ذِكْرَ ربّه تعالى، حيث التفتَ بقلبه إلى الخادم والمَلَك، فعاقبه اللهُ بالبقاء في السجن بضع سنين)، ثم استدَلُّوا بهذا الحديث: (لو لم يقل - يعني يوسف - الكلمة التي قال، ما لَبِثَ في السجن طول ما لَبِث، حيثُ يَبتغي الفرج مِن عند غير الله)، واعلم أنني قد ذكرتُ هذا القول مِن باب الأمانة العلمية فقط، وإلاَّ، فإنّ الحديث المذكور ضعيف جدًّا، وكذلك فإنّ يوسف عليه السلام لم يَرتكب خطأً، ولكنه أخَذَ بأسباب النجاة، وهذا لا يَتعارض أبدًا مع التوكل على اللهِ تعالى، ولا يَتعارض مع أنّ يوسف عليه السلام كان يدعو ربه قبل أن يقول هذه الجملة، ولكنه اغتنم فرصةً قد لا تتكرر، واللهُ أعلم.

الآية 43: ﴿ وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى ﴾ أي رأيتُ في منامي ﴿ سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ ﴾ أي سَمينات ﴿ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ ﴾ أي يأكلهنّ سبع بقرات نَحيلات هَزيلات (وهذا مِن العَجَب: أنّ الضعيف يأكل القوي ﴾، ﴿ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ ﴾: يعني ورأيتُ سبع سُنبلات خُضر يأكلهنّ سبع سُنبلات يابسات، ﴿ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ ﴾: يعني يا أيها السادة والكُبَراء ﴿ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ ﴾ ﴿ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ ﴾: يعني إن كنتم للرؤيا تُفَسِّرون.

الآية 44: ﴿ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ ﴾ يعني إنّ رؤياكَ هذه أحلامٌ مُختلَطة لا تفسيرَ لها، ﴿ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ ﴾ أي لا عِلمَ لنا بتفسير الأحلام.

الآية 45، والآية 46: ﴿ وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا ﴾ أي الذي نَجا من السجن - مِن صاحبَي يوسف - وعاد إلى خدمة المَلك، ﴿ وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ ﴾: أي وتذكَّر بعد مُدّة - وهي البِضع سنين التي مَكَثها يوسف في السجن - فتذكّر أنّ يوسف يُفَسِّر الرؤى، فقال لهم: ﴿ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ ﴾: يعني أنا أخبركم بتفسير هذه الرؤيا، فابعثوني إلى يوسف لآتيكم بتفسيرها.

♦ واعلم أنّ لفظ "أمَّة" يأتي أحيانًا بمعنى: (جماعة من الناس)، ويأتي أحيانًا بمعنى: (فترة من الزمن)، واعلم أيضًا أنّ كلمة (ادّكَر) أصلها: (تذكَّر) ولكنْ أُدغِمَت التاء في الذال فصارت: (ادّكَر).

♦ وعندما وصل الرجل إلى يوسف قال له: ﴿ يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ ﴾ أي كثير الصِدق - وقد رأى ذلك منه في السجن - فقال له: ﴿ أَفْتِنَا فِي ﴾ تفسير رؤيا لـ﴿ سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ ﴾ أي يأكلهنّ سبع بقرات نَحيلات هَزيلات، ﴿ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ ﴾ ﴿ لَعَلِّي أَرْجِعُ ﴾ يعني لِكَي أرجع ﴿ إِلَى النَّاسِ ﴾ أي إلى المَلك وأصحابه فأُخبرهم ﴿ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ أي ليَعلموا تفسير ما سألتُكَ عنه، فيَنتفعوا به ويَعلموا مَكانتك وفضلك.

الآية 47، والآية 48: ﴿ قَالَ ﴾ له يوسف: تفسير هذه الرؤيا أنكم ﴿ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا ﴾: أي تزرعون سبع سنين مُتتابعة جادِّينَ ليَكْثُر العطاء، ﴿ فَمَا حَصَدْتُمْ ﴾ من تلك الزروع في كل سَنة: ﴿ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ ﴾: أي فاتركوه في سنابله (في الصوامع) ليَتمَّ حِفظه من التسوُّس، حتى تدَّخِروه للسنين القادمة ﴿ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ ﴾: يعني إلا قليلاً مِمّا تأكلونه من الحبوب في كل حَصاد، فهذه لا تَدَّخروها، بل أعطوها للناس حتى يأكلوها (ولتكن قليلة، ليَكثُر ما تَدَّخرونه ويَعظُم نَفعه)، ﴿ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ ﴾: أي سيأتي مِن بعد هذه السنين ﴿ سَبْعٌ شِدَادٌ ﴾: أي سبع سنين شديدة الجفاف ﴿ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ ﴾: أي يأكل أهلها كل ما ادَّخَرتموه لهم، ﴿ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ ﴾: يعني إلا قليلًا مما تحفظونه وتَدَّخِرونه ليَكون بذورًا للزراعة فيما بعد، فهذه لا تُعطوها للناس ليأكلوها، بل ادَّخِروها للبَذر والحاجة.

الآية 49، والآية 50: ﴿ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ ﴾ أي: ثم يأتي من بعد سنوات الجفاف: عامٌ يُغيثهما للهُ فيه بالمطر والسيول وجَرَيان النيل، فيَرفع عنهم تلك الشدة، ﴿ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ ﴾ يعني: وفي هذا العام يَعصرون الثمار التي يُمكِن عصرها - كالزيتون والعنب وقصب السكر - وذلك مِن كثرة الثمار والحبوب، وزيادتها على أكْلهم.

♦ فبذلك عَبَّر يوسف عليه السلام عن البقرات السَمينات والسُنبلات الخُضر (بأنهنّ سنواتٌ خِصبة)، وعَبَّرَ عن البقرات الهَزيلات والسُنبلات اليابسات (بأنهنّ سنين قحطٍ وجفاف).

♦ فلَمَّا ذهب الرجل إلى المَلك: أعجبه تفسير الرؤيا، وعرف ما تدل عليه، فأرادَ إكرام يوسف عليه السلام، لِمَا ظَهَرَ له من العلم والكمال والفضل على أهل مصر (في سنوات المجاعة التي ستأتي عليهم)، قال تعالى: ﴿ وَقَالَ الْمَلِكُ ﴾ لأعوانه: ﴿ ائْتُونِي بِهِ ﴾: أي أخرِجوا الرجل الذي فسَّرَ الرؤيا من السجن وأحضِروهُ لي، ﴿ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ ﴾ أي فلمَّا جاءه رسولُ المَلك يدعوه: ﴿ قَالَ ﴾ له يوسف: ﴿ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ ﴾: أي ارجع إلى سيدك المَلك ﴿ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ ﴾: أي اطلب منه أن يَسأل النسوة اللاتي جَرَحْنَ أيديهنّ عن حقيقة أمْرِهِنّ معي، حتى تَظهر الحقيقة للجميع، وتتضح براءتي، ﴿ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ ﴾: يعني إنّ ربي - سبحانه وتعالى - عليمٌ بصَنيعهنّ وأفعالهنّ لا يَخفى عليه شيءٌ من ذلك.

الآية 51، والآية 52، والآية 53: ﴿ قَالَ ﴾ المَلك للنسوة اللاتي جَرَحْنَ أيديهنّ: ﴿ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ ﴾: يعني ما شأنكنّ حين حاولتنّ فتنة يوسف؟ هل رأيتنّ منه سُوءًا؟ ﴿ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ ﴾: أي تنزيهًا للهِ تعالى عن العجز بأن يَخلق بشرًا عفيفًا مِثل هذا، ﴿ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ ﴾، فعندئذٍ ﴿ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ ﴾: ﴿ الْآَنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ ﴾ أي ظهر الحق بعد خَفائه، فـ ﴿ أَنَا ﴾ التي ﴿ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ ﴾: أي حاولتُ فِتنته فامتنع، ﴿ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ في كل ما قاله، ﴿ ذَلِكَ ﴾: أي ذلك القول الذي قلتُهُ في براءة يوسف والإقرار على نفسي ﴿ لِيَعْلَمَ ﴾ زوجي ﴿ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ ﴾: أي لم أخُنه بالكذب عليه، ولم تقع مِنِّي الفاحشة أثناء غيابه، واعترفتُ بذلك لإظهار براءة يوسف وبراءتي، ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ ﴾ أي: ولِيَعلم زوجي أنّ اللهَ ﴿ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ ﴾: أي لا يُوَفِّق أهل الخيانة لِمَا فيه الرُّشد والصواب، فإنّ كُلَّ خائنٍ لا بد أن يَفضح اللهُ أمْره، فلو كنتُ خائنةً لزوجي، ما هداني اللهُ لِمِثل هذا المَوقف المُشَّرِف، الذي أصبحتُ بِهِ مُبَرَّأةً طاهرة.

♦ ولمَّا كان هذا الكلام فيه نوع من تزكية النفس، فإنها عادت تقول: ﴿ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ﴾: يعني وما أُزَكِّي نفسي ولا أُبَرِّئها من المُحاولة والكَيد، ﴿ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ ﴾: يعني إنّ النفس لَكثيرة الأمر لصاحبها بعمل المعاصي، ﴿ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ﴾: يعني إلا مَن عصمه الله، فأعانه على مُخالفة نفسه ﴿ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ ﴾ لذنوب مَن تاب مِن عباده، ﴿ رَحِيمٌ ﴾ بهم.

يتبع


(1) وهي سلسلة تفسير لآيات القرآن الكريم بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرة من (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السّعدي"، وكذلك من كتاب: "أيسر التفاسير" لأبي بكر الجزائري) (بتصرف)
• واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحدياً لقومٍ يَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذا الأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنى واضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحياناً نوضح بعض الكلمات التي لم يذكرها الله في كتابه (بَلاغةً)، حتى نفهم لغة القرآن.

رامى محمود حنفي

شبكة الالوكة

نهيان
09-17-2020, 01:47 PM
جزاك الله عنا بخير الجزاء
والدرجة الرفيعه من الجنه
بارك الله فيك ونفع بك
وجعله في موازين حسناتك
اضعاف مضاعفه لاتعد ولاتحصى

ليالي الحنين
09-17-2020, 04:21 PM
جزاك الله خير ورفع قدرك
ويسر امرك ورزقك الجنه

انثى برائحة الورد
09-17-2020, 09:27 PM
كم طاب لي حضوركم الانيق
بكل اللغات أشكركم
تراتيل موده وشكر لآ ينضب

منصور
09-18-2020, 06:08 AM
بارك الله فيك
وجعل ما تقدمه من موضوعات
في ميزان حسناتك
ويجمعنا بك والمسلمين
في جنات النعيم
دمت بخير

امير السلام
09-18-2020, 01:17 PM
بارك الله فيك
وجعل ما تقدمه
في ميزان حسناتك

شيخة المزايين
09-19-2020, 10:20 AM
جزاك الله خير
وأحسن إليك فيما قدمتي
دمتي برضى الله وإحسانه وفضله

انثى برائحة الورد
09-21-2020, 01:34 PM
كنتم انتم هنا
فزدتم كلماتي نقاءا وجمالا

شايان
09-23-2020, 01:31 AM
ربنا لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم
بارك الله فيكم وسلمت يمناكم..
ووفقني الله واياكم للعمل الصالح..
وجعله الله في ميزان اعمالكم

انثى برائحة الورد
09-24-2020, 03:14 PM
كلماتكم شهادة اعتز بها
شكرا لكم الف شكر لمروركم