المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دمعةُ نبي


انثى برائحة الورد
12-05-2020, 01:47 PM
في مجلسٍ من المجالس العابقة بذكر الله، المتضوِّعة
بأنفاس سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي
طَيبة الطيبة؛ يَطلب النبيُّ المعلّم، من تلميذه النجيب
عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أن يقرأ عليه آيات
من القرآن.. هنا بدت الدهشةُ على ابن مسعود! فتساءل:
يا رسول الله! ‍ أقرأ عليك، وعليك أُنزل؟! قال:
((إني أشتهي أن أسمعه من غيري))، فقرأتُ النساء
حتى إذا بلغت: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ
وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾[النساء: 41] رفعتُ رأسي،
أو غمزني رجلٌ إلى جنبي، فرفعتُ رأسي فرأيت دموعَه تسيل([1]).
وفي موقف آخر يُرْفَعُ إليه أحد أسباطه -ابنٌ من أبناء
إحدى بناته- ونفْسُهُ تقعقع كأنها في شنة([2])،
ففاضت عيناه، فقال له سعد بن عبادة رضي الله عنه:
ما هذا يا رسول الله؟ قال: ((هذه رحمة جعلها الله في
قلوب عباده، وإنما يَرحم اللهُ من عباده الرحماء))([3]).
ولمّا بُشّر صلى الله عليه وسلم بقدوم ولده إبراهيم رضي
الله عنه، أخبر أصحابَه بذلك، لكن لم تكتمل الفرحة به طويلاً،
فإنه لما ذهب صلى الله عليه وسلم ليراه، ويضمّه،
بدأ يجود بنفسه وهو بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فدمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
((تدمع العينُ ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا،
والله يا إبراهيم إنا بك لمحزونون))([4]).
إن دمعة الرجل ليست سهلة، فكيف إذا كانت دمعةَ
النبي صلى الله عليه وسلم!
يا له من قلبٍ ذلك الذي عبّر عن تأثره بالآيات بدموعٍ
تسيل على الخدّ من خشية الله! ويا له من قلبٍ ذلك
الذي تَرجم رحمتَه بالصغار الذين يجودون بأنفسهم في
حال النزع، وتركَ حزنه الفطري يأخذ مكانه بدموعٍ تفيض
من عينيه الكريمتين!
لا يختلف الناسُ على أن الحزن والمصائب سببٌ مشترك
في جريان الدموع، وقد تجري في حال الفرحِ أيضاً، لكن
ثمة مقامٌ هو أشرف مقامات العبد عندما تذرف دموعه
من خشية الله، وتفاعلاً مع آيات الكتاب العزيز..
تماماً كما أخبر ابنُ مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم.
إنها الحال التي أثنى الله فيها على القسيسين حينما
﴿سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ﴾ فكانت النتيجةُ أنك
﴿تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ﴾
وما السر في هذا الدمع؟
﴿مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا
مَعَ الشَّاهِدِين﴾[المائدة: 83].
وهذا دليل على أنه كلما زاد علم الإنسان بما يقرأ،
وتدبره لما يتلو أو يسمع، ظهرت آثارُ هذا على عينيه.
ومن المقامات الشريفة لجريان الدمع: حينما تفيض
حُزْناً على فوات فرصةٍ يخدم العبدُ بها دينَه، وينصر
بها ملّته، كما في قصة البكّائين، الذين ذَكر الله
خبرهم في سورة التوبة: ﴿لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى
وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا
نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ
غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ
لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ
حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ﴾[التوبة: 91، 92].
لله تلك الدموع ما أجملها حين سالت، وهي ترى فرصةً
من الخير فاتتها، مع أنها معذورة! ولله دمعةٌ تسيل على
الخدّ فرَقاً وخوفاً من معصيةٍ وقعت فيها النفس، فتذكرت
مقام الوقوف بين يدي ربها.
قليلُ العزاءِ كثيرُ النْدم ** طويل النحيب على ما اجترم
جرى دمعُه فبكى جَفْنه ** فصارَ البُكاءُ بدمعٍ ودم

ويُخفي مَحبة ربِّ العُلا ** فتُظهِر أنفاسُه ما اكتتم
وأسبلَ من طَرْفِهِ عَبرة ** فسالتْ على خَدّه فانسجم
أنابَ إلى الله مُسْتغِفرًا ** ويرجو اللقاء بباب الكرم
إن حياتنا –بتقلباتها- لن تخلو من مصائب ومواقف
تَستدرّ الدمع، فلنحرص على ألا ننتقل من هذه الحياة
ولم نذقْ شرف فيْضِ الدمع لآيةٍ تُتلى، أو خوفاً من معصية،
أو حزناً على فوات طاعة.د. عمر بن عبد الله المقبل
([1]) البخاري ح(4582) مسلم ح(800) واللفظ له.
([2]) القعقعة، هي حكاية حركة الشيء يسمع له صوت.
والشنُّ: القربةُ البالية، والمعنى: وروحه تضطرب وتتحرك
لها صوت وحشرجة كصوت الماء إذا ألقي في القربة البالية.

([3]) البخاري ح(1284) مسلم ح(923).
([4]) مسلم ح(2315).

فطوووم
12-05-2020, 04:08 PM
جزاك الله كل خير
وجعله في ميزان حسناتكـ
لاعدمنا جديدك

مستريح البال
12-05-2020, 11:25 PM
جُزَّاك الله خَيْرُ الْجَزَاء وَنَفَع بِك
عَلَى الطَّرْح الْقَيِّم وَجَعَلَهُ فِي مِيزَانِ حَسَنَاتِك
وَأَلْبَسُك لِبَاس التَّقْوَى وَالْغُفْرَان وَجَعَلَك مِمَّنْ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ
فِي يَوْمِ لَا ظِلَّ إلاظله وَعُمَر اللهُ قَلْبُك بِالْإيمَان
عَلَى طَرْحِك الْمَحْمَلِ بِنَفْحَات إيمانية وَلَا حَرَّمَك الاجر
تحيتي وتقديري

منصور
12-06-2020, 07:01 AM
جزاك الله خير
وجعله بميزان حسناتك
وانار دربك بالايمان
ويعطيك العافيه على طرحك
ماننحرم من جديدك المميز
تحياتي

نهيان
12-06-2020, 03:19 PM
جزاك الله بخير الجزاء
والدرجة الرفيعه من الجنه
بارك الله فيك ونفع بك
وجعله في ميزان حسناتك
اضعاف مضاعفه لاتعد ولاتحصى

مديح ال قطب
12-06-2020, 07:43 PM
http://up.skoon-elamar.com/uploads/160727276455791.gif (http://up.skoon-elamar.com/)

شايان
12-07-2020, 01:01 AM
جزاك الله الخير غاليتي
وجعله شاهدا لك
وفي ميزان حسناتك

انثى برائحة الورد
12-08-2020, 12:50 PM
مررتم من هنا
فازدهر المكان
بأناقة أحرفكم
شكرا من الأعماق لكم
ولا تكفي
ودي والورد

مٌهُرِة أًلًخُلَيّجٌ ♕
12-16-2020, 01:36 AM
جزاك ربي خير الجزاء
ونفع الله بك وسدد خطاك
وجعلك من أهل جنات النعيم
اللهم آآآآمين

انثى برائحة الورد
12-16-2020, 01:24 PM
مروركم يضفي جمالا على حروفي
سلمتم يا اعز اصدقاء

ترانيم الشجن
12-29-2020, 10:12 PM
https://www.ashefaa.com/up//uploads/images/ashefaa-40f8181f8e.gif

انثى برائحة الورد
12-30-2020, 12:20 PM
كغيث هطل مروركم الأنيق
فأنعش أحرفي
أسعد الله قلبكم
ودعواتي لكم بكل خير

ليالي الحنين
02-03-2021, 03:55 AM
https://d2s63a22uzwg40.cloudfront.net/8/3/0/0/2/5636d0ae1bb8a.gif

انثى برائحة الورد
02-06-2021, 03:31 PM
إليكم امتنان دائم و كل الورد
أنرتم المتصفح و إشرق معكم السعد