مشاهدة النسخة كاملة : قادة لا تنسى


شايان
12-07-2020, 01:03 AM
لم يحفل مجال تقدَّم فيه المسلمون مثلما حفل المجال العسكري؛ فالقادة المسلمون العسكريون النبلاء لا يُحصيهم عددٌ، ولا يحويهم إحصاءٌ؛ وقد يكون ذلك راجعًا إلى كثرة الحروب والمواجهات التي واجهها المسلمون أثناء نشر دعوتهم والدفاع عن أنفسهم وديارهم.
فلن ينسى العالم أعلام الأُمَّة الإسلامية من أمثال: خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، والمثنى بن حارثة، والقعقاع بن عمرو، وعقبة بن نافع، وصلاح الدين الأيوبي، ومحمد الفاتح، ونور الدين محمود.. وغيرهم من عظماء العسكريين المسلمين الذين قادوا المعارك ببصيرة حربية مذهلة، واستطاعوا أن يجعلوا من الجهاد في سبيل الله تجارب عملية وتطبيقات فدائية يشيب لها قادة العدوِّ.
وقد كان عمل القادة -في الغالب- لا يقتصر على العمليات العسكرية؛ بل يشمل القضايا الإدارية؛ لأنهم كانوا ولاةً يُمارسون الإدارة، وقادةً يُمارسون القيادة، وتاريخهم الإداري لا يقلُّ أهمية عن تاريخهم العسكري، وتاريخُهم الرسمي قادةً وإداريين جزء من تاريخهم الكامل، فينبغي دراسة تاريخهم بشرًا يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق، ويعملون عمل سائر البشر؛ زواجًا وإنجابًا، ولهم سماتهم البشرية بما فيها من مزايا ومآخذ؛ ليكون تاريخهم كاملاً جهد الإمكان؛ بحيث يستطيع الذي يدرس تاريخهم أن يتصوَّر أي نوع من البشر كانوا في حياتهم، بالإضافة إلى تصوُّرِهم أيَّ نوع من القادة والولاة كانوا، ولا ينبغي الاقتصار على سيرهم قادةً عسكريين، وإبراز سماتهم العسكرية فقط، والسكوت عن أية سمة لأي قائد إنسانًا؛ فذلك وحده يُكمل الصورة لتاريخ القادة العسكري وغير العسكري.
وللقادة العرب والمسلمين سماتهم ومزاياهم التي تُناسب عصرهم وعقيدتهم وتقاليدهم، فيجب الإبقاء على تلك السمات والمزايا كما هي، وكما كانت على أصحابها، دون أن نمسخ سيرتهم بإضافة سمات ومزايا جديدة إليهم، لم يكونوا يعرفونها ولم يسمعوا بها، ولا كانوا يحلُمون بها، ولو عادوا إلى الحياة لاشمأزُّوا منها ورفضوها.
إن الأعمال الباهرة التي قَدَّمها القادة العرب المسلمون لعقيدتهم وأُمَّتهم، ينبغي أن تُذكر لهم بكثير من العرفان، وتُسَجَّل في سيرة كل واحد منهم بالفخر والاعتزاز، في صفحات مشرقة بالنور من صفحات الرجال الأفذاذ.
أمَّا إذا تكلَّمنا عن أعظم القادة فإننا نقول بثقة وبدون أي شكٍّ: إنه النبي -صلى الله عليه وسلم؛ فهو خير النماذج العسكرية المسلمة على الإطلاق؛ فكان قائدًا محنَّكًا، وزعيمًا عسكريًّا فذًّا، يُشارك جنوده المعارك جنبًا إلى جنب، ويُشاورهم في أمور الحرب، ويكفينا ذكرًا هنا أن هؤلاء القادة من أصحابه رضي الله عنهم كانوا ثمرة تربيته وفكره وتوجيهه ومبادئه العسكرية الجهادية.
لقد استطاع النبي صلى الله عليه وسلم أن يُحوِّل هزيمة المسلمين في غزوة أحد إلى نصر سياسي وعسكري، ولو أن قائدًا مكانه صلى الله عليه وسلم لَنَدَبَ حظَّه، أو لحاكَمَ الرماةَ مُحاكمة عسكرية قاسية، ولكنه لم يفعل ذلك فهو خير البشر، فقد خرج في اليوم التالي لغزوة أحد واشترط ألَّا يخرج معه إلَّا مَنْ شَهِد أُحُدًا، فما كان من قريش إلَّا أن انسحبت؛ فحفظ ماء وجه المسلمين، ورُدَّتْ إلى المسلمين كرامتهم.
وموقفه صلى الله عليه وسلم في غزوة حنين بعد أن فَرَّ جيشه، ولم يَثْبُتْ إلَّا هو وقلَّة لا تتجاوز المائة -على أكثر التقديرات- فاستطاع بشجاعة القائد والفدائي أن يُعيد جنوده إلى مضمار المعركة؛ وذلك بعد أن غامر بحياته، ورفع صوته على مقربة من الأعداء مناديًا: «أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِب أَنَا ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِب» (1)؛ ليلتفَّ حوله أصحابه وجنوده الكرام، ويعودوا بكل حماس وإصرار، ويُحَوِّلُوا الهزيمة إلى نصر. وقد قاد النبي صلى الله عليه وسلم ثماني وعشرين غزوةً مع جنده؛ كان النبي صلى الله عليه وسلم فيها خير قدوة للمسلمين في فنون القيادة والسيطرة والحزم والتسامح.. وغيرها من الأمور الحربية والسياسية التي لم ولن تتواجد في إنسان غيره؛ سواء قديمًا أو حديثًا.
وإذا سألنا أنفسنا: ما الذي دفع مفكِّرًا أميركيًّا مثل «مايكل هارت» أن يُورد محمدًا صلى الله عليه وسلم في صدارة كتابه «العظماء المائة»؟
سيكون جوابنا أن غير المسلمين من المنصفين لا يسعهم إلَّا أن يُقَدِّرُوا لنبي الإسلام قدره من باب الإنصاف لا أكثر.
وإذا صنَّفْنَا القادة العرب المسلمين -الذين تخرَّجوا من المدرسة العسكرية النبوية- فإننا نُقَسِّمهم إلى ثلاث طبقات:

أ- الطبقة الأولى: قادة الفتوح الإسلامية: وتشمل:
1- قادة النبي صلى الله عليه وسلم: الذين قادوا سراياه، أو قادوا تشكيلاته التعبوية في غزواته؛ كقادة المقدمات والمؤخرات والمجنبات التي كان يتَّخذها لحماية جيشه في مرحلة مسير الاقتراب، وقادة المفارز (2) الاستطلاعية، وقادة أصحابه كالمهاجرين والأنصار والقبائل، وقادة أرتاله (3) المكلَّفة بواجب خاصٍّ، كالأرتال التي دخلت مكة المكرمة في غزوة الفتح.
2- قادة الفتح الإسلامي: الذين بدءوا الفتح الإسلامي سنة (11هـ= 132م)، وانتهى سنة (100هـ= 718م)، وكان مدُّ الفتح الإسلامي عاليًا في عهد أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب، وإلى سنة (31هـ= 651م) من عهد عثمان بن عفان رضي الله عنهم، ويمكن إضافة أسد بن الفرات فاتح صقلية، ومحمد الفاتح فاتح القسطنطينية إلى طبقة قادة الفتح، كما يمكن إضافة القادة الذين فتحوا أجزاء من أوربا أيام الخلافة العثمانية؛ فهم بلا شكٍّ من قادة الفتح.

3-قادة إعادة الفتح الإسلامي بالنسبة للبلاد التي سبق فتحها ثم احتُلَّتْ؛ كالقادة الذين استعادوا فتح بلادٍ إسلامية سبق احتلالها من قِبَل أعداء المسلمين في عهد الدولة العباسية، وفي الحروب الصليبية خاصة؛ فهم -بلا مراء- من قادة استعادة الفتح؛ مثل القائد صلاح الدين الأيوبي الذي أعاد فتح بيت المقدس.
ب- الطبقة الثانية: هم قادة الدفاع عن البلاد الإسلامية: وهم الذين استطاعوا صدَّ العدوان الخارجي؛ كالقادة الذين استطاعوا الدفاع بنجاح عن بلاد المسلمين في عهد العباسيين وملوك الطوائف في الأندلس، وفي أيام الحروب الصليبية، أو خلال العصور الإسلامية المختلفة؛ كالسلطان قطز الذي صدَّ التتار وانتصر عليهم في معركة عين جالوت.
ج- الطبقة الثالثة: قادة المقاومة المسلحة ضد الاستعمار الأجنبي: وهم القادة المسلمون الذين قاموا بجميع حركات التحرُّر التي أخذت الطابع العسكري ضد قوات الاحتلال الأجنبي للبلاد الإسلامية؛ كشيخ المجاهدين عمر المختار، الذي تزعَّم الثورة الليبية ضدَّ الاحتلال الإيطالي.
1- البخاري: كتاب الجهاد والسير، باب من قاد دابة غيره في الحرب، (2709)، ومسلم: كتاب الجهاد والسير، باب في غزوة حنين، (1776).
2- المفارز: الفِرَق أو المجموعات.
3- الأرتال: جماعة أو صفوف الجنود.

فطوووم
12-07-2020, 05:12 AM
جزاك الله كل خير
وجعله في ميزان حسناتكـ
لاعدمنا جديدك

انثى برائحة الورد
12-07-2020, 01:05 PM
بارك الله فيك
وجعله بميزان حسناتك

مديح ال قطب
12-07-2020, 06:29 PM
http://up.skoon-elamar.com/uploads/160735472809471.gif (http://up.skoon-elamar.com/)

نهيان
12-09-2020, 04:25 AM
جزاك الله بخير الجزاء
والدرجة الرفيعه من الجنه
بارك الله فيك ونفع بك
وجعله في ميزان حسناتك
اضعاف مضاعفه لاتعد ولاتحصى

مٌهُرِة أًلًخُلَيّجٌ ♕
12-16-2020, 01:35 AM
جزاك ربي خير الجزاء
ونفع الله بك وسدد خطاك
وجعلك من أهل جنات النعيم
اللهم آآآآمين

ترانيم الشجن
12-29-2020, 10:11 PM
https://www.ashefaa.com/up//uploads/images/ashefaa-40f8181f8e.gif

ليالي الحنين
02-03-2021, 03:56 AM
https://d2s63a22uzwg40.cloudfront.net/8/3/0/0/2/5636d0ae1bb8a.gif