تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تأملات في قوله تعالى: { إن المتقين في جنات ونهر ... }


انثى برائحة الورد
06-30-2021, 01:44 PM
﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ﴾
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وبعد:
قال تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ﴾ [القمر: 54، 55].
قال ابن كثير- رحمه الله -: «قوله: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ ﴾: أي بعكس ما الأشقياء فيه من الضلال، والسعر، والسحب على النار على وجوههم مع التوبيخ والتقريع والتهديد»[1]. اهـ.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : «التقوى هي فعل ما أمر الله به، وترك ما نهى الله عنه»[2].
قوله: ﴿ جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ ﴾ أي بساتين جامعة للأشجار، وسميت جنة لأنها تُجِنُّ من فيها أي تستره لكثرة أشجارها، وأغصانها، والأنهار التي تجري من تحتها أي من أسفلها وتحت القصور والأشجار على أربعة أصناف، ذكرها الله بقوله: ﴿ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ ﴾ [محمد: 15][3].
قوله: ﴿ مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ﴾أي في دار كرامة الله ورضوانه عند الملك العظيم الخالق للأشياء كلها ومقدرها، وهو مقتدر على ما يشاء مما يطلبون ويريدون، روى مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا»[4].
ومن فوائد الآيتين الكريمتين:
أولاً: أن التقوى سبب للفوز بالجنة والنجاة من النار، قال تعالى: ﴿ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ﴾ [مريم: 71، 72]. وقال تعالى: ﴿ تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا ﴾ [مريم: 63].
ثانياً: أن كلمة جنات، جاءت بصيغة الجمع، وهذا يدل على أنها أكثر من جنة، فقد روى البخاري في صحيحه من حديث أم حارثة - رضي الله عنهما - أنها جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: «يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَلَا تُحَدِّثُنِي عَنْ حَارِثَةَ، وَكَانَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ، أَصَابَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ، فَإِنْ كَانَ فِي الْجَنَّةِ صَبَرْتُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ اجْتَهَدْتُ عَلَيْهِ فِي الْبُكَاءِ، قَالَ: «يَا أُمَّ حَارِثَةَ إِنَّهَا جِنَانٌ فِي الْجَنَّةِ، وَإِنَّ ابْنَكِ أَصَابَ الْفِرْدَوْسَ الْأَعْلَى»[5].
ثالثاً: أن في الجنة أنهاراً، ولكنها تختلف عما في الدنيا اختلافاً عظيماً لا يمكن أن يدركه الإنسان، قال ابن عباس - رضي الله عنهما - : «لا يشبه شيء في الجنة مما في الدنيا إلا الأسماء»[6].
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «قَالَ اللَّهُ تَعَالى: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ، مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، فَاقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ ﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة: 17]»[7].
رابعاً: أن الله تعالى وصف حال المتقين بأنهم في مقعد صدق، قال القرطبي: «﴿ مَقْعَدِ صِدْقٍ ﴾: أي مجلس حق لا لغو فيه ولا تأثيم، وهو الجنة كما قال تعالى: ﴿ لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا * إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا ﴾ [الواقعة: 25، 26]».
خامساً: إثبات قدرة الله تعالى على كل شيء، قال تعالى: ﴿ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 259]. روى مسلم في صحيحه من حديث ابن مسعود في قصة الرجل الذي هو آخر من يدخل الجنة، وجاء فيه أن الله تعالى يقول له: «أَيُرْضِيكَ أَنْ أُعْطِيَكَ الدُّنْيَا وَمِثْلَهَا مَعَهَا..» وفي رواية البخاري: «وعَشْرَةُ أَمْثَالِهَا، قَالَ يَا رَبِّ: أَتَسْتَهْزِئُ مِنِّي وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، فَيَقُولُ: إِنِّي لَا أَسْتَهْزِئُ مِنْكَ وَلَكِنِّي عَلَى مَا أَشَاءُ قَادِرٌ»[8].
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
[1] تفسير ابن كثير (13/310).
[2] الفتاوى (10/667).
[3] من أحكام القرآن للشيخ ابن عثيمين ص128.
[4] برقم 1827.
[5] برقم 2809.
[6] تفسير ابن كثير (1/322).
[7] برقم 3244 وصحيح مسلم برقم 2824.
[8] صحيح البخاري برقم 6571 وصحيح مسلم برقم 186.

منصور
06-30-2021, 02:00 PM
الله يجزاك كل خير
وان شاء الله تكون في ميزان اعمالك
والله لايحرمك الأجر
يعطيك العافية
على جمال الطرح وقيمته

شايان
06-30-2021, 07:54 PM
جزاكي الله كل الخير
وبارك فيما طرحتي
في ميزان حسناتك باذن الله

نهيان
07-01-2021, 03:33 PM
جزاك الله بخير الجزاء والجنه
بارك الله فيك ونفع بك
وجعله في ميزان حسناتك

حلوة الروح
07-01-2021, 07:07 PM
جزاك الله خير الجزاء
وجعله في ميزان حسناتك

مستريح البال
07-01-2021, 07:44 PM
جزاك الله خير

شغف
07-04-2021, 11:34 AM
جزاك الله خير
وبارك بعلمك و عملك

مديح ال قطب
07-04-2021, 05:36 PM
جعله الله في ميزآن حسنـآإتك ..
عسـآإآكم على القوؤوؤة وربي يعطيكم الع ـآإآفية
ولاحرمكم الله الأجر والمثوبه
ووفقكم الله دنيـآإ وـآإآخره ..
ربي يرزقكم الجنة و راحه البال للأبد
يسلموآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ

https://www5.0zz0.com/2021/07/01/16/434528087.gif (https://www5.0zz0.com/2021/07/01/16/434528087.gif)
http://up.skoon-elamar.com/uploads/162513083815711.gif (http://up.skoon-elamar.com/uploads/162513083815711.gif)

مٌهُرِة أًلًخُلَيّجٌ ♕
07-05-2021, 08:33 PM
https://encrypted-tbn0.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcTlhe8qHm4-yKRRskQlS_4Obqh5YegJ0QkjuQ&usqp=CAU

ترانيم الشجن
07-05-2021, 10:14 PM
جزاك الله بكل الخير
وبارك فيك وجعله في ميزان حسناتك

انثى برائحة الورد
07-06-2021, 01:37 PM
http://islamic-images.org/wp-content/uploads/2016/01/20160117-18.gif