مشاهدة النسخة كاملة : بسم الله مجراها ومرساها ‏


شايان
07-14-2021, 04:52 PM
﴿ بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ﴾
تُبحِر بِنا في هذه الحياة المتلاطمة الأمواج، المظلمة الأعماق، الشديدة
الأعاصير، العتيَّة الرياح - سفينةٌ متوازنٌ أطرافُها، هادئٌ سيرها.
يتعالى الموجُ ليُخِلَّ توازُنَها؛ لكن هيهات!
وتشتد الأعاصير لتحرف مسارها، وأنَّى لها ذلك؟!
سفينتنا سفينة التوحيد، مسارُها واضح معلوم:
﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ﴾ [الأنعام: 153].
ووجهتها واحدة: ﴿ وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ﴾ [البقرة: 163].
وغايتها لا تخفى على أحد: ﴿ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ ﴾ [يونس: 30].
ربَّان السفينة تكتنفه العناية الإلهية وتحيط به.
التحفت به الحكمة فكانت شعاره.
وتحلَّت به الرحمة فصارت دثاره: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا
وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا ﴾ [الأحزاب: 45، 46].
ركاب السفينة يُؤدُّون عملهم بإخلاص، ويعلم كل واحد مهمته
فيقومون به أكمل قيام، ويتقنون مهامهم أيما إتقان.
فبين جنبات هذا البحر المتلاطم والرياح الشديدة، يرى الركَّابُ الغرقى
والفوضى العارمة، فتجدهم يُسارعون لنجدة مَنِ استطاعوا، فهذا ينقذ غريقًا
وذاك يدل تائهًا، وآخر يُوجِّه الحائر للمسار الآمن الصحيح.
يبذل الجميع أقصى البذل، ويجتهد أشدَّ الاجتهاد للوصول إلى الغاية وبلوغ المراد.
يعلم الجميع أن الترقِّي في مراتب الكمال يعتريه نقصٌ وقصورٌ:
((كُلُّ بني آدم خَطَّاء...))، فمهما بلغ الإنسان منها لا بُدَّ أن يُجانبه الصواب
ويبغته الخطأ والزَّلَل، فحينئذٍ تظهر الرابطة الوثيقة، والعلاقة الأخويَّة المتينة لتسدَّ
هذا الخَلَل، وتُصلِح ما فسد من العمل، فـ((المؤمن للمؤمن كالبنيان)) و((سدِّدُوا وقاربُوا)).
يرى جميع الركَّاب أن هذه السفينة هي الوحيدة القادرة على إيصال مَنْ على مَتْنها
إلى تلك الغاية النبيلة والمكانة العالية الجميلة، فلا تجد بينهم متوانيًا أو متخاذلًا أو كسولًا.
كلُّ الزوايا تجد بها حبل إنقاذ وقاربَ نجاةٍ لمن أراد أن ينجوَ من ملمَّات وظلمات ذلك البحر:
﴿ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 256].
تخوض سفينتنا عباب البحر وسط جوٍّ مظلم مُلبَّد بالغيوم، لتخرج
إلى ذلك الفناء الواسع والشاطئ الرحب الجميل.
تمضي نحو وجهتها الواضحة المعالم، لا تحرفها عن هدفها أيُّ عوائق
ولا تُثْنيها عن مضيها أيُّ صعوبات، ولا تُثْقلها أيُّ أحمال.
تمضي لتصل إلى هدفها المنشود، وتأدية مُهمَّتها - بحكمة قائدها وتفاني طاقمها - بأحسن
أداء وأوسع عطاء: ﴿ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ
يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ ﴾ [هود: 42].
من نزل هلك وأسلَم نفسه للفناء: ﴿ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ ﴾ [هود: 43].
ومن لزمها وصلت به إلى برِّ الأمان:
﴿ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [هود: 48].
ذلك البر الذي يكون صباحه الجنة، ونعيمه الخلود، ومنتهى نعيمه وحُسنه
رؤية الملك الجليل، وسماعهم التهنئة المباركة بجواز هذا البحر وسلامة الوصول:
﴿ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ [الرعد: 24].
نسألك اللهمَّ مِن واسع فضلك

صالح عبدربه العسيلي

شغف
07-16-2021, 09:00 PM
جزاك الله خير
وبارك بعلمك و عملك

منصور
07-18-2021, 10:21 PM
الله يجزاك كل خير
وان شاء الله تكون في ميزان اعمالك
والله لايحرمك الأجر
يعطيك العافية
على جمال الطرح وقيمته

نهيان
07-23-2021, 09:08 PM
جزاك الله خير الجزاء
والدرجة الرفيعه من الجنه
بارك الله فيك ونفع بك
وجعله في ميزان حسناتك

انثى برائحة الورد
07-25-2021, 06:02 PM
جزاك الله كل خير على هالطرح
الذي افلج الصدور
وجعلها تحيا من جديد

http://up.lmni-bshog.com/uploads/13432413421.gif

مديح ال قطب
07-29-2021, 06:37 PM
كل الشكر والامتنان على الموضوع المميز

جزاكم الله خير الجزاء
يسلمواااااااااااااااااااااااااا


http://img-fotki.yandex.ru/get/9152/39663434.387/0_88bf6_6518d7e8_M.png
http://up.skoon-elamar.com/uploads/162513083815711.gif

حلوة الروح
08-09-2021, 12:37 AM
جزآكـ الله كل خ ـير على هذا الطرح الطيب
وجعله الله في ميزان حسنآتكـ.
بآركـ الله فيكـ على المجهود
ودي وأحترامي