مشاهدة النسخة كاملة : تفسير قوله تعالى: (وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء...)


انثى برائحة الورد
09-08-2021, 01:08 PM
ذكر خبر تحطيم إبراهيم عليه السلام لأصنام قومه
وهناك موقف آخر لإبراهيم من سورة الأنبياء، كان لهم عيد، كأعياد النصارى في الربيع، ونحن ورثنا أيضاً عنهم الميلاد والمواليد، كان لهم عيد يخرجون فيه إلى الصحراء وإلى أماكن، وإذا أرادوا أن يخرجوا وضعوا أنواعاً من الطعام بين يدي الآلهة في يوم العيد هذا لتباركه، فيأكلون فينتفعون به بظنهم، فمروا جماعات جماعات على إبراهيم فقالوا: هيا يا إبراهيم. (فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ * فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ )[الصافات:88-89]، مريض ما أستطيع أن أخرج معكم، فالمعذرة، ونظر في النجوم ليوهمهم أنه يستمد معرفته من الكواكب التي يعبدونها، فلما خرجوا وبقي في المدينة وحده جاء بفأس كبيرة، وفلق رءوس تلك الآلهة كلها وكسرها وهشمها، وعلق الفأس في عنق الإله الأكبر، المعبود الكبير.وجاء القوم مسرعين ليأخذوا الطعام الذي باركته الآلهة، فوجدوها متناثرة هنا وهناك، قالوا: ( مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ )[الأنبياء:59]، والشاهد أنه عندما جيء به فقالوا: (أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ * قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنطِقُونَ )[الأنبياء:62-63]، يشير إلى أصبعه يوهمهم أنه الصنم، فحكموا بإعدامه، وهذه الحادثة كانت بعد حادثة اليوم بفترة، والشاهد أن هذا في بداية دعوة إبراهيم عليه السلام.
تفسير قوله تعالى: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون)
ذكر الخبر النبوي في صفات مستحقي الأمن يوم القيامة
قال تعالى: ( فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ )[الأنعام:81-82]، هنا ذكر أهل الحديث ما يلي: فقد ذكر ابن كثير عن ابن مردويه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( من أعطي فشكر، ومن منع فصبر، ومن ظلم فغفر، ومن أذنب فاستغفر )، وسكت ولم يجب عن هذا السؤال، فقال الأصحاب: ما له يا رسول الله، فقال: ( أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ )[الأنعام:82]).أقول هذا لأن فيه دعوة إلى الصبر والشكر والتوبة والتجاوز والتسامح، فهذا الحديث سنده مقبول، ( أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ )[الأنعام:82]، نحن نريد أن يكون لنا هذا الأمن، هل تريدون هذا الأمن بحق؟ قال: ( من أعطي فشكر )، أعطاه الله فشكر نعمته، أعطاه فلان فشكر له، هذه خلقه، ( ومنع فصبر ) ، ما شكى وبكى، ( وأذنب فاستغفر)، على الفور استغفر، ( وظلم فغفر ) لمن ظلمه، من حقق هذه فله الأمن، يفوز بالأمن، ما الأمن هذا؟ النجاة من النار ودخول الجنة، هل هناك أمن أكثر من هذا؟ ( أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ )[الأنعام:82].
تفسير الظلم المطلوب نفيه عن الإيمان لتحصيل الأمن
وفي الصحيح أنه ( لما نزلت هذه الآية شق ذلك على أصحابه وتألموا، وقالوا: أينا لا يظلم نفسه؟ فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم: ليس الأمر كما ظننتم أو فهمتم، ألم تسمعوا قول لقمان الحكيم لابنه: ( يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ )[لقمان:13] )، فالأصحاب قالوا: أينا لم يظلم نفسه؛ لأن الآية الكريمة تقول: ( الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ )[الأنعام:82]، أي: ولم يخلطوا إيمانهم بظلم، وما منا أحد إلا وقد ظلم نفسه، ظلم أخاه، ظلم حيواناً من الحيوانات، الظلم يقع، ولا ينجو منه إلا المعصومون، إذاً: فلا أمن ولا نجاة، فخافوا وشق عليهم الأمر واستصعبوه، فأرشدهم الحبيب صلى الله عليه وسلم إلى كلمة لقمان الواردة في سورته: ( وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ )[لقمان:13]، لماذا يا أبتاه، ( إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ )[لقمان:13].وقد بينا للمؤمنين والمؤمنات وجه الظلم، فأي ظلم أعظم من أن تظلم ربك فتأخذ حقه وتعطيه لغيره؟ الظلم أن تأخذ مال فلان أم لا؟ والله خلقك لتعبده، ووهبك قوتك وإرادتك وسمعك وبصرك وعقلك، وإذا بك تعبد صنماً أو تعبد إنساناً، أو تعبد ملكاً وتترك ربك الذي خلقك! أي ظلم أعظم من هذا؟ والله لا ظلم أعظم من الشرك، الظلم أن تأخذ من فلان حقه وتعطيه لفلان، هذا ظلم، فكيف بالذي يأخذ حقوق الله كلها -كالعبادات- ويعطيها لغيره، فهو أفظع ظلم وأقبحه.
وهكذا يقول تعالى في الذين لهم الأمن بالحقيقة: ( الَّذِينَ آمَنُوا )[الأنعام:82] إيماناً حقيقياً صدقوا فيه وعرفوه، ( وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ )[الأنعام:82] لم يخلطوا إيمانهم بظلم ما من أنواع الظلم، والتنكير هنا للتعميم، ( أُوْلَئِكَ )[الأنعام:82]، الأعلون أو السامون، ( لَهُمُ الأَمْنُ )[الأنعام:82]، لا يخافون ولا يحزنون، فهم أولياء الله، آمنوا ثم ماذا؟ ( آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ )[الأنعام:82]، ( فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ )[البقرة:38].
تفسير قوله تعالى: (وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء...)
وأخيراً: قال تعالى: ( وَتِلْكَ حُجَّتُنَا )[الأنعام:83] هذه الحجة العظيمة التي سمعتموها ( آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ )[الأنعام:83] أعطيناها إبراهيم، ( عَلَى قَوْمِهِ )[الأنعام:83]، ثم قال تعالى: ( نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ )[يوسف:76]، وفي سورة يوسف: ( نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ )[الأنعام:83].وهكذا ما من عبد يتفرغ لدعوة الله، ويكون فيها على علم، ويدعو بالموعظة والحكمة والموعظة الحسنة، ويجادل بالتي هي أحسن إلا أعطاه الله الحجة والبرهان، ( وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ )[الأنعام:83]، ما من عبد صالح يدعو إلى الله على بصيرة إلا ويعلمه ويؤتيه من الحجج ما يغلب خصمه إلى يوم القيامة.

نهيان
09-08-2021, 07:42 PM
جزاك الله عنا بخير الجزاء والجنه
بارك الله فيك ونفع بك
وجعله في ميزان حسناتك
اضعاف مضاعفه لاتعد ولاتحصى

انثى برائحة الورد
09-09-2021, 02:22 PM
سعادتي لا توصف بكم
شكرا لكم من القلب

شايان
09-10-2021, 02:10 AM
تسلم الايادي الراقية
للموضوع المميز والرائع
وجعله في ميزان حسناتك يا رب

نبراس القلم
09-11-2021, 08:49 AM
جزاك الله خير الجزاء
وشكراً لطرحك الهادف وإختيارك القيّم
رزقك المــــــــولى الجنـــــــــــــة ونعيمـــــها
وجعلــــــ ما كُتِبَ في مــــــوازين حســــــــــناتك
ورفع الله قدرك في الدنيــا والآخــــرة
وأجـــــــــزل لك العطـــاء

حلوة الروح
09-12-2021, 01:39 AM
الف شكـــر لك
على الطرح الرائع
اثابك الله الاجروالثواب
وجزيت خيرا
وجعله في ميزان حسناتك

انثى برائحة الورد
09-12-2021, 05:43 PM
https://i.skyrock.net/6163/75536163/pics/3077452717_1_3_kpkSQYkJ.gif

منصور
09-14-2021, 07:20 AM
جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك

انثى برائحة الورد
09-16-2021, 03:53 PM
https://i.pinimg.com/originals/eb/80/80/eb808040bb66697839e6ecc9e8994172.gif

حلوة الروح
09-20-2021, 10:32 PM
الله يجزاك كل خير على مجهودك
ويجعل الأجر الأوفر بميزان حسناتك

ترانيم الشجن
09-21-2021, 01:56 PM
https://encrypted-tbn0.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcTKPCOklXoxlHaSWmAeaqPbEBdVRVMJl bHWGg&usqp=CAU

انثى برائحة الورد
09-21-2021, 07:09 PM
https://new-beautiful.org/wp-content/uploads/2016/08/20160817-8.gif

عطر الزنبق
09-23-2021, 02:28 AM
جزاك المولى خير الجزاء ونفع بك
وألبسك لباس التقوى والغفران
وجعلك ممن يظلهم الله في يوم لا ظل إلا ظله
وعمر الله قلبك بالإيمان
على طرحك المحمل بنفحات إيمانية
تحيتي لك

انثى برائحة الورد
09-25-2021, 06:20 PM
https://cute1.cc/wp-content/uploads/2016/08/20160818-32.gif

شغف
10-05-2021, 07:39 AM
جزاك الله خير
و بارك بعلمك و عملك

انثى برائحة الورد
10-05-2021, 06:36 PM
الأروع هو حضوركم الباذخ
اسعدني تواجدكم ونثر حروفكم العطره

مودتي التي لا تفنى
http://a3zz.net/upload/uploads/images/a3zz-7891e79eef.gif

انفاسك دخون
10-06-2021, 11:10 PM
http://kenanaonline.com/photos/1238212/1238212612/large_1238212612.gif?1332162187

انثى برائحة الورد
10-27-2021, 03:17 PM
https://upload.3dlat.com/uploads/3dlat.net_05_15_745a_t7mil-com13451506624.gif