مشاهدة النسخة كاملة : الثابتون على الحق _مؤمن آل فرعون...


عطر الزنبق
09-24-2021, 09:15 PM
الثابتون على الحق _مؤمن آل فرعون...


الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النِّسَاءِ: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 70-71].

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

أَيُّهَا النَّاسُ: إِذَا خَالَطَتْ بَشَاشَةُ الْإِيمَانِ الْقُلُوبَ فَرِحَتْ بِهِ، وَطَرِبَتْ لَهُ، وَهَانَ عَلَيْهَا مَا تَلْقَى فِي سَبِيلِهِ مَهْمَا كَانَ. قَالَ هِرَقْلُ لِوَفْدِ الْمُشْرِكِينَ يُفَسِّرُ لَهُمْ سَبَبَ ثَبَاتِ الْمُؤْمِنِينَ رَغْمَ مَا يَلْقَوْنَهُ مِنَ الْأَذَى وَالتَّعْذِيبِ فِي مَكَّةَ: «وَسَأَلْتُكَ: أَيَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ، فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ حِينَ تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ الْقُلُوبَ». وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «فَالْإِيمَانُ إِذَا بَاشَرَ الْقَلْبَ وَخَالَطَتْهُ بَشَاشَتُهُ لَا يَسْخَطُهُ الْقَلْبُ، بَلْ يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ؛ فَإِنَّ لَهُ مِنَ الْحَلَاوَةِ فِي الْقَلْبِ وَاللَّذَّةِ وَالسُّرُورِ وَالْبَهْجَةِ مَا لَا يُمْكِنُ التَّعْبِيرُ عَنْهُ لِمَنْ لَمْ يَذُقْهُ، وَالنَّاسُ مُتَفَاوِتُونَ فِي ذَوْقِهِ، وَالْفَرَحُ وَالسُّرُورُ الَّذِي فِي الْقَلْبِ لَهُ مِنَ الْبَشَاشَةِ مَا هُوَ بِحَسَبِهِ، وَإِذَا خَالَطَتِ الْقَلْبَ لَمْ يَسْخَطْهُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس: 58]».

وَفِي التَّارِيخِ رِجَالٌ بَانَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاتَّبَعُوهُ، وَفَارَقُوا مَا كَانَ عَلَيْهِ أَقْوَامُهُمْ مِنَ الْبَاطِلِ، وَثَبَتُوا عَلَى الْحَقِّ إِلَى أَنْ لَقُوا اللَّهَ تَعَالَى. وَفِي آلِ فِرْعَوْنَ رَجُلٌ لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ، وَلَمْ يُذْكَرْ فِي الْقُرْآنِ إِلَّا مَوَاقِفُهُ فِي الدَّعْوَةِ، وَهَذِهِ هِيَ طَرِيقَةُ الْقُرْآنِ؛ لَا يُذْكَرُ فِيهِ إِلَّا مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِالدَّعْوَةِ وَالْحِسْبَةِ، وَالْإِعْرَاضِ عَنْ تَفْصِيلَاتٍ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِذَلِكَ، وَلَا يَضُرُّ هَذَا الرَّجُلَ أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَعْرِفُهُ، وَيَجْزِيهِ أَجْرَهُ، وَهَا نَحْنُ بَعْدَ آلَافِ السِّنِينَ نَذْكُرُ مَوْقِفَهُ الْعَظِيمَ الَّذِي حَكَاهُ اللَّهُ تَعَالَى لَنَا فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ.

وَقَفَ هَذَا الرَّجُلُ الْمُؤْمِنُ مُدَافِعًا عَنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، دَاعِيًا فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ إِلَى اتِّبَاعِهِ، مُبَيِّنًا لَهُمْ خَطَرَ إِيذَاءِ مَنْ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، مُذَكِّرًا إِيَّاهُمْ مَا حَبَاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ نِعَمِهِ، وَحَذَّرَهُمْ مِنْ بَأْسِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَذَابِهِ.

وَمِنْ تَقْدِيرِ اللَّهِ تَعَالَى وَلُطْفِهِ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ كَانَ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ، وَكَانَ فِي الظَّاهِرِ عَلَى دِينِهِمْ، فَهُوَ غَيْرُ مُتَّهَمٍ عِنْدَهُمْ، وَيُسْمَعُ كَلَامُهُ فِي مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، كَمَا حَمَى اللَّهُ تَعَالَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ، وَكَانَ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ وَمِنْ أَشْرَافِهِمْ، وَتِلْكَ أَلْطَافُ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي أَنْبِيَائِهِ وَأَوْلِيَائِهِ، وَقَدْ تَدَخَّلَ هَذَا الرَّجُلُ الْمُؤْمِنُ فِي اللَّحْظَةِ الْمُنَاسِبَةِ حِينَ عَزَمَ فِرْعَوْنُ عَلَى قَتْلِ مُوسَى وَقَالَ: ﴿ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ ﴾ [غَافِرٍ: 26]. فَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ هَذَا الْمُؤْمِنُ فَفِرْعَوْنُ عَازِمٌ عَلَى قَتْلِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَلَكِنَّهُ تَكَلَّمَ فِي اللَّحْظَةِ الْمُنَاسِبَةِ ﴿ وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ * يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا ﴾ [غَافِرٍ: 28-29].

وَلَكِنَّ فِرْعَوْنَ أَجَابَ جَوَابَ الطُّغَاةِ الْمُعْتَدِّينَ بِأَشْخَاصِهِمْ، الْمُعَبِّدِينَ النَّاسَ لِأَنْفُسِهِمْ، الْمُسْتَكْبِرِينَ عَنْ قَبُولِ الْحَقِّ، الْمُصَادِرِينَ لِعُقُولِ النَّاسِ لِيُفَكِّرُوا هُمْ بِالنِّيَابَةِ عَنْهُمْ، الْفَارِضِينَ عَلَيْهِمْ مَا يُرِيدُونَ ﴿ قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ ﴾ [غَافِرٍ: 29].

فَعَادَ الْمُؤْمِنُ يَنْصَحُ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ وَيُذَكِّرُهُمْ مَصَائِرَ الْمُعَذَّبِينَ قَبْلَهُمْ، وَمَا حَلَّ بِهِمْ مِنْ عُقُوبَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَيُخَوِّفُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَا فِيهِ مِنَ الْأَهْوَالِ: ﴿ وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ * مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ * وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ * يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾ [غَافِرٍ: 28 - 33].

ثُمَّ ذَكَّرَهُمْ بِدَعْوَةِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَهُمْ، وَشَكَّهُمْ مِنْ قَبْلُ فِي دَعْوَتِهِ، وَبَيَّنَ لَهُمْ خَطَرَ الْجِدَالِ فِي آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَالِاسْتِكْبَارِ عَنْهَا وَالِاسْتِهْزَاءِ بِهَا، فَقَالَ لَهُمْ: ﴿ وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ * الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ﴾ [غَافِرٍ: 34-35].

بَيْدَ أَنَّ الْمُسْتَكْبِرِينَ عَنِ الْحَقِّ، الْمُعْتَدِّينَ بِأَنْفُسِهِمْ؛ لَا تَنْفَعُ فِيهِمُ الْمَوَاعِظُ، وَلَا تُغْنِي عَنْهُمُ النُّذُرُ وَالْآيَاتُ ﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ ﴾ [غَافِرٍ: 36 - 38]. وَهَذَا مِنْ خِفَّةِ عُقُولِهِمْ، وَصِغَرِ أَحْلَامِهِمْ، وَاسْتِخْفَافِ فِرْعَوْنَ بِهِمْ، وَإِلَّا فَكَيْفَ يَزْعُمُ أَنَّهُ يَصِلُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِبِنَاءٍ يَبْنِيهِ مَهْمَا كَانَ ارْتِفَاعُهُ، وَصَدَقَ اللَّهُ الْعَظِيمُ حِينَ وَصَفَهُمْ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ﴾ [الزُّخْرُفِ: 54]، فَعَادَ الرَّجُلُ الْمُؤْمِنُ إِلَى مَوْعِظَتِهِ، وَذَكَّرَهُمْ بِحَقِيقَةِ الدُّنْيَا وَحَقِيقَةِ الْآخِرَةِ، وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا لِلْمُؤْمِنِينَ وَلِلْكَافِرِينَ، مُخْبِرًا أَنَّهُ إِنَّمَا يَدْعُوهُمْ لِلتَّوْحِيدِ، وَأَنَّهُمْ سَيَتَذَكَّرُونَ كَلَامَهُ وَمَوْعِظَتَهُ حِينَ لَا يَنْفَعُهُمُ التَّذَكُّرُ وَالنَّدَامَةُ ﴿ وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ * يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ * مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ * وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ * تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ * لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ * فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [غَافِرٍ: 34 - 44].

ثُمَّ كَانَتْ عَاقِبَةُ هَذَا الْمُؤْمِنِ النَّجَاةَ، وَكَانَتْ عَاقِبَةُ فِرْعَوْنَ الْغَرَقَ وَالْهَلَاكَ وَالْعَذَابَ فِي النَّارِ ﴿ فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ﴾ [غَافِرٍ: 44 - 45].

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُلْهِمَنَا رُشْدَنَا، وَأَنْ يُثَبِّتَنَا عَلَى دِينِنَا، وَأَنْ يَكْفِيَنَا شَرَّ أَعْدَائِنَا، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.
وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...


الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الْمُؤْمِنُ عَلَى إِيمَانِهِ، وَوَاجَهَ فِرْعَوْنَ يَرُدُّهُ عَنْ قَتْلِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَيَعِظُهُ وَيَنْصَحُهُ وَمَلَأَهُ؛ فَإِنَّ صِدِّيقَ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَفَ ذَاتَ الْمَوْقِفِ، وَدَافَعَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو عَنْ أَشَدِّ مَا صَنَعَ الْمُشْرِكُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: رَأَيْتُ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي، فَوَضَعَ رِدَاءَهُ فِي عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ بِهِ خَنْقًا شَدِيدًا، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَفَعَهُ عَنْهُ فَقَالَ: ﴿ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ [غَافِرٍ: 28]» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخَذَتْهُ قُرَيْشٌ فَهَذَا يَجَؤُهُ، وَهَذَا يُتَلْتِلُهُ وَهُمْ يَقُولُونَ: أَنْتَ الَّذِي جَعَلْتَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا دَنَا مِنْهُ أَحَدٌ إِلَّا أَبُو بَكْرٍ، يَضْرِبُ هَذَا وَيَجَأُ هَذَا وَيُتَلْتِلُ هَذَا وَهُوَ يَقُولُ: وَيْلَكُمْ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ، ثُمَّ رَفَعَ عَلِيٌّ بُرْدَةً كَانَتْ عَلَيْهِ فَبَكَى حَتَّى اخْضَلَّتْ لِحْيَتُهُ ثُمَّ قَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ: أَمُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ خَيْرٌ أَمْ أَبُو بَكْرٍ؟ فَسَكَتَ الْقَوْمُ فَقَالَ: أَلَا تُجِيبُونِي، فَوَاللَّهِ لَسَاعَةٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الْأَرْضِ مِنْ مُؤْمِنِ آلِ فِرْعَوْنَ، ذَاكَ رَجُلٌ كَتَمَ إِيمَانَهُ وَهَذَا رَجُلٌ أَعْلَنَ إِيمَانَهُ» رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَأَبُو نُعَيْمٍ.

وَكُلُّ ثَبَاتٍ عَلَى الْحَقِّ فِي الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ فَفِي هَذِهِ الْأُمَّةِ أَمْثَالُهُ وَأَضْعَافُهُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ؛ فَهِيَ خَيْرُ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ، وَبِهَا خُتِمَتِ الْأُمَمُ، وَسَيَبْقَى دِينُ الْحَقِّ ظَاهِرًا فِيهَا عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، يَحْمِلُهُ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَلَمْ يُغَيِّرُوا وَلَمْ يُبَدِّلُوا، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلَا مَنْ خَالَفَهُمْ وَلَوْ كَثُرُوا، وَهُمْ مُوقِنُونَ بِظُهُورِ الْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ، فَيَا سَعَادَةَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ، وَيَا شَقَاءَ مَنْ حَادَ عَنْهُمْ فَحَارَبَهُمْ، وَرَكِبَ الْبَاطِلَ لِدُنْيَا يُرِيدُهَا؛ فَكُونُوا -عِبَادَ اللَّهِ- لِلْحَقِّ أَنْصَارًا، وَلِدُعَاتِهِ أَعْوَانًا، وَلَا تَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الْبَاطِلِ فَتَهْلَكُوا.

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...

منصور
09-24-2021, 11:36 PM
جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك

عطر الزنبق
09-25-2021, 02:54 AM
اقتباس:



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة منصور https://www.skoon-elqmar.com/vb/SKOO2021/buttons/viewpost.gif (https://www.skoon-elqmar.com/vb/showthread.php?p=664039#post664039)
جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك


https://i.pinimg.com/originals/d3/ac/ec/d3acecd8ffccb2273e6d07081d268029.gif

مستريح البال
09-25-2021, 03:09 AM
جزاك لله خير على ماطرحتي
جعله الله في ميزان حسناتك
احترامي

عطر الزنبق
09-25-2021, 03:18 AM
اقتباس:



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مستريح البال https://www.skoon-elqmar.com/vb/SKOO2021/buttons/viewpost.gif (https://www.skoon-elqmar.com/vb/showthread.php?p=664227#post664227)

جزاك لله خير على ماطرحتي
جعله الله في ميزان حسناتك
احترامي


https://i.pinimg.com/originals/d3/ac/ec/d3acecd8ffccb2273e6d07081d268029.gif

انثى برائحة الورد
09-25-2021, 02:51 PM
تسلم ايدك يا غالية
ما شاء الله على الاختيار الانيق
شكرا لعطائك المميز

عطر الزنبق
09-25-2021, 03:15 PM
اقتباس:



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة انثى برائحة الورد https://www.skoon-elqmar.com/vb/SKOO2021/buttons/viewpost.gif (https://www.skoon-elqmar.com/vb/showthread.php?p=664309#post664309)
تسلم ايدك يا غالية
ما شاء الله على الاختيار الانيق
شكرا لعطائك المميز


https://i.pinimg.com/originals/d3/ac/ec/d3acecd8ffccb2273e6d07081d268029.gif

نهيان
09-25-2021, 04:24 PM
جزاك الله بخير الجزاء والجنه
بارك الله فيك ونفع بك
وجعله في ميزان حسناتك

شايان
09-27-2021, 01:33 AM
أثابك الله الأجر ..
وَ أسعد قلبك في الدنيا وَ الأخرة
دمتِ بحفظ الرحمن

سيليا
09-27-2021, 10:26 AM
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

جزاك الله خيرا ولا حرمك الأجر

لانا
09-29-2021, 12:17 AM
بارك الله هذا الكلام
وجزاك كل الخير
وجعله نورا لك في دنياك واخرتك

♥мs.мooη♥
09-30-2021, 06:06 PM
https://d2s63a22uzwg40.cloudfront.net/PE/2011/01/16/12/amiraa6de5009048-1.gif

بياض الثلج
10-01-2021, 04:07 AM
https://4.bp.blogspot.com/-e4e4OYhx_oY/WPO36ohdKBI/AAAAAAAAw3Q/11V_wpueKUwOp0UV-eWe_8YKRBX5rZg5wCLcB/s1600/890272.gif

عطر الزنبق
10-01-2021, 07:58 PM
اقتباس:



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نهيان http://www.skoon-elamar.com/vb/SKOO2021/buttons/viewpost.gif (http://www.skoon-elamar.com/vb/showthread.php?p=664421#post664421)
جزاك الله بخير الجزاء والجنه
بارك الله فيك ونفع بك
وجعله في ميزان حسناتك


https://i.pinimg.com/originals/d3/ac/ec/d3acecd8ffccb2273e6d07081d268029.gif

عطر الزنبق
10-01-2021, 07:58 PM
اقتباس:



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لانا http://www.skoon-elamar.com/vb/SKOO2021/buttons/viewpost.gif (http://www.skoon-elamar.com/vb/showthread.php?p=666088#post666088)
بارك الله هذا الكلام
وجزاك كل الخير
وجعله نورا لك في دنياك واخرتك


https://i.pinimg.com/originals/d3/ac/ec/d3acecd8ffccb2273e6d07081d268029.gif

عطر الزنبق
10-01-2021, 07:59 PM
اقتباس:



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ♥мs.мooη♥ http://www.skoon-elamar.com/vb/SKOO2021/buttons/viewpost.gif (http://www.skoon-elamar.com/vb/showthread.php?p=666481#post666481)
https://d2s63a22uzwg40.cloudfront.net/PE/2011/01/16/12/amiraa6de5009048-1.gif


https://i.pinimg.com/originals/d3/ac/ec/d3acecd8ffccb2273e6d07081d268029.gif

عطر الزنبق
10-01-2021, 07:59 PM
اقتباس:



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بياض الثلج http://www.skoon-elamar.com/vb/SKOO2021/buttons/viewpost.gif (http://www.skoon-elamar.com/vb/showthread.php?p=666725#post666725)
https://4.bp.blogspot.com/-e4e4OYhx_oY/WPO36ohdKBI/AAAAAAAAw3Q/11V_wpueKUwOp0UV-eWe_8YKRBX5rZg5wCLcB/s1600/890272.gif


https://i.pinimg.com/originals/d3/ac/ec/d3acecd8ffccb2273e6d07081d268029.gif

- آتنفسك❀
10-04-2021, 07:42 PM
http://www.ashefaa.com/up//uploads/images/ashefaa-a799397d47.gif

عطر الزنبق
10-04-2021, 11:20 PM
اقتباس:



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شايان https://www.skoon-elqmar.com/vb/SKOO2021/buttons/viewpost.gif (https://www.skoon-elqmar.com/vb/showthread.php?p=665198#post665198)
أثابك الله الأجر ..
وَ أسعد قلبك في الدنيا وَ الأخرة
دمتِ بحفظ الرحمن




http://files.arabchurch.com/upload/images2011/939741072.gif

عطر الزنبق
10-04-2021, 11:20 PM
اقتباس:



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة - آتنفسك❀ https://www.skoon-elqmar.com/vb/SKOO2021/buttons/viewpost.gif (https://www.skoon-elqmar.com/vb/showthread.php?p=668982#post668982)
http://www.ashefaa.com/up//uploads/images/ashefaa-a799397d47.gif




http://files.arabchurch.com/upload/images2011/939741072.gif

شغف
10-05-2021, 07:28 AM
جزاك الله خير
و بارك بعلمك و عملك

عطر الزنبق
10-05-2021, 12:15 PM
اقتباس:



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سيليا https://www.skoon-elqmar.com/vb/SKOO2021/buttons/viewpost.gif (https://www.skoon-elqmar.com/vb/showthread.php?p=665215#post665215)
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

جزاك الله خيرا ولا حرمك الأجر




http://files.arabchurch.com/upload/images2011/939741072.gif

انفاسك دخون
10-05-2021, 08:36 PM
http://kenanaonline.com/photos/1238212/1238212612/large_1238212612.gif?1332162187

عطر الزنبق
10-05-2021, 08:55 PM
اقتباس:



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شغف https://www.skoon-elqmar.com/vb/SKOO2021/buttons/viewpost.gif (https://www.skoon-elqmar.com/vb/showthread.php?p=669364#post669364)


جزاك الله خير
و بارك بعلمك و عملك



http://files.arabchurch.com/upload/images2011/939741072.gif

عطر الزنبق
10-05-2021, 08:55 PM
اقتباس:



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة انفاسك دخون https://www.skoon-elqmar.com/vb/SKOO2021/buttons/viewpost.gif (https://www.skoon-elqmar.com/vb/showthread.php?p=669817#post669817)
http://kenanaonline.com/photos/1238212/1238212612/large_1238212612.gif?1332162187


http://files.arabchurch.com/upload/images2011/939741072.gif