عطر الزنبق
10-06-2021, 01:55 PM
وَمَا ظَلَمْنَاهُـــــمْ وَلَكِنْ كَانُــــوا أَنْفُسَهُـــــمْ يَــظْلِمُــــونَ.
الإنسان هو الذي يظلم نفسه ومن لم يتهم نفسه بالتقصير والافراط في طاعة اللّه و عبادته فهو ظالم لنفسه ؛ ومن لم يندم علي ذنوبه واستهانها واستمر علي غيه وانحرافه فهو ظالم لنفسه؛ ومن ارهق نفسه وازهقها بالمعاصي وحملها بعمل بما لا تطيق ولا تقوي تبعاتها وبما تؤثر على صحتها بالمخدرات والسهرات فهو ظالم لنفسه ؛ ومن لم يشعر عظمة الذنوب وحجمها وثقلها وتجرأ باتيان المنكرات والفواحش فقد ظلم نفسه ؛ ومن لم يقدر الله حق قدره ولم يلتزم بما امره ولم ينتهي بما نهاه فقد ظلم نفسه ؛
وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ))
(قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)
(وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)
(قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)
ومن كانت علي نفسه العبادات عليه ثقيلة يتهاون بادائها ويغفل عنها بل في بعض الاحيان ينساها او يتركها في عمد؛ ويذل نفسه في الشهوات ويلبي اوامرها ويستمتع بذوق الرذائل بنشاط فيترك نفسه ترعى مرتع محارم الله فهو ظالم لنفسه ؛ واسوأ الظلم من لا يندم علي ما فعل بنفسه من ظلم وفساد وجلب لها الهلاك والانحراف وغضب الله ؛ ومن ترك نفسه تسترسل الحديث مع الشيطان وتهمس معه في حديث النفس وخواطر خبيثة حتي يعبث الشيطان ايمانها وعقيدتها وعقلها ويقودها الي الهلاك ويشغلها بالباطل والاماني الكاذبة ويقطع عنها طريق السير الي لله فقد ظلم نفسه واهملها ؛
ومنْ يتعد حدُودَ الله يصول ويجول في مستنقعات الخلاعة يصير عبدا مطيعا لهواه فتنفلت شهوته من عقالها وقيودها؛ فيغرق نفسه في محيط الفواحش المتلاطمة الامواج فيذوب في حضن الانحراف ويتوه في مسالك الرذائل المتشعبة الدروب ؛ فيستحسن القبائح والفجور والجرائم والتعاطي بكل انواع المسكرات التي تخامر العقل وتذهب الحياء وتفقده طريق الصواب فيخرج من انسانيته وتضيع كرامته فَقَد ظَلَمَ نَفْسُه (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَه)
ان بعض الناس تزوره بين الفينة والاخري الوان من الهواجس والكوابيس الشيطانية وافكارا منحطة وتطوف معه في الآفاق وتجول به في كل زاوية من زوايا الاحلام والطموحات الخسيسة والخواطر الرديئة تدفعه للوقوع في المعاصي ؛ واصحاب الانفس الضعيفة المريضة يحولون هذه الهواجس الي افعال ويطبقون بكل ما تملي نفسوهم الشريرة ولوكان ضررا او خطرا علي حياتهم ؛ ويتركون زمام نفسوهم تقودهم حديث النفس ويستجيبون كل اشارة ولوكان يؤدي هذا الي طريق الهلاك فهذا يعتبر من اكبر ظلم النفس ؛ لإن النفس لامارة بالسوء فعلي صاحب النفس ان يغربل املاءاتها وينقي شوائب كل اشارة تشير اليه الهواجس والكوابيس؛ لان النفس دائما تحاول ان تتحرر من رادعها ومراقبها كما أنها تحاول ان تتحكم صاحبها وتقوده بشراسة ومكر إلى حيث تريد ؛ وعلي صاحب النفس ان يتدارك ويسد عنها كل باب ويفشل مخططها وهواها ومقرراتها العمياء حتي لا تلتهم مفاسدها الابرياء ؛
(وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا)
إن الإنسان اذا كان يتألم من الداخل ويشعر خيبة امل وفشل في حياته ولم يحقق نجاحا في مستقبله واصبح عالة بين الناس لأنه عجز عن تحقيق ما كان يتمني وما كان يسعي منذ نعومة اظفاره ؛ ويواجه خللاً نفسيا في نفسه فانه ينزف من الداخل بهم وغم واستياء وكآبة فينشأ من هذا صراع داخلي يؤدي إلى أمراض جسدية ونفسية فالنفس تمرض مثلما يمرض الجسد ؛ وتعتصر من الداخل ويئن الانسان بانين مرير لا يسمع غيره ويحترق بغليان في احشاءه يشعر بانه لم يؤدي رسالة الحياة فيخسر كل من حوله ؛ فيفقد لذة الحياة وطعم السعادة فتعيش نفسه في داخله في ضيق وقبر مظلم وكأنها تريد وتحاول ان تفارقه وترحل عنه ؛ وعندما ينظر هو إلى الناس من حوله يجد أن الغالبية يبرق من وجوههم بريق السعادة حققوا آمالهم ؛ ويشعشع من عيونهم نور الفرح ولا تفارقهم البسمات والضحكات صار الانسان في هذه الحالة عدو لنفسه ويظلمها اشد الظلم فيبدأ يكره نفسه ويتكاسل عن المضي قدما ؛ وينزلق الي مزالق الانتهاكات النفسية يتعاطي ما يغيب العقل لكي يخدر عقله ويميت ضميره وشعوره ؛ وينكمش وينزوي في زاوية مهجورة حتي لا يشعر الالم ويسكت انينها كما يدعون اصحاب الفجار والفساق فهذا يعتبر ظلم للنفس ؛ فصار يدمر نفسه فتجده دائما فاقد العقل والاحساس فلا الماضي استفاد منها ولا يتمني مستقبلا زاهرا فالشيطان يجد في هذه الحالة فرصة ذهبية ولقمة سمينة لذيذة يعرض له كل انواع التخدير والتسكير حتي يصبح العبد بعيدا عن ربه كل البعد ؛ وان الانسان يكون بعض الاحيان اشد عداوة وظلما وخطرا من الشيطان علي نفسه ؛ فالانسان اذا اهلكته رغباته السيئة واستولته غرائزه المضللة وطمس قلبه من كثرة تراكم الران ؛ ولا يفتي قلبه الا بما بما يزينه الشيطان وهام وتاه في منابع الفجور والفسوق وعاش في دنياه طيلة حياته اسرى لهواه وشهواته ولا يفيق من غفلته لانه اصاب قلبه داء الهوي ؛ صار اكثر عداوة وظلما من الشيطان الرجيم لنفسه لان الشيطان هو عدو خارجي يدمر النفس من الخارج اما الانسان اذا انحرف وصار تبعا لهواه وانغمس في وادي الملذات يدمر النفس من الداخل ويفسدها حتي تسير النفس جند من جنود الشياطين ؛ فتجد الانسان في بعض الحالات يترخص بمزاجه او بما افتاه قلبه السقيم بما اختلفوا به الفقهاء ويتحايل بآراء العلماء وكل هذا يقصد ان يخدع نفسه ويظلمها ويحمل الاثم علي العلماء بانهم افتوا بهذا؛
النفس دائما تحب الدعة والمال والترف والاسراف والمرح واللهو واللعب وتحريك الغرائز وحب الظهور والرياء والشهرة ؛ وتحمل في طيات باطنها داء الغيرة والحقد والحسد والبغض والعداوة والخدع والخيانة فهي ميالة الي الشر؛ تنافس من هو فوقها بالشماتة ولا ترحم من هو دونها ودائما تري عيوب غيرها ولا تري عيوبها تبدي المساويء وتخفي المعروف ؛ تتمني زوال نعم ممن انعمهم الله عليهم النعم حين يصيبها داء الغرور والكبر والحسد والانانية فلا تحب ان ري من هو فوقها ؛ واحذر نفسك ان تقتلك فان كيدها اقوي من الصوارم والخناجر فشرها عظيم ؛ تذيع الشر في الآفاق ولسانها اسرع من سرعة البرق وتنبش الاسرار وتلبس ثوب النصح كذبا وخداعا وتتمني لغيرها الغوائل ؛ تكشف عورات الناس وكلها عورة وتحسد العالم وتحقر الجاهل وتعيب من هو اعلم منها ولا تعترف الفضيلة ولا تري عيوبها وكلها عورة عيوب ؛ تعيش في هم وغم لا ينقطع وحرقة لا تنطفيء وحزن لا ينتهي ولسانها لا يعجز عن الغيبة اذا رأت من هو افضل منها تحاسب اخطاء الناس ولا تصحح اخطائها ؛ تعاني مرض الغرور والعجب والكبر والاستعلاء وسوء الظن عن الآخرين فان تفقدت حالها فوزنها اقل وزنا من جناح بعوضة ؛ تتعامي عن الخير والفضل ان اتي بها غيرها فهي لا خير فيها ولا فضل فيقتلها الحسد فتتظاهر بالرضا والعفو والحلم فيقرأ اللبيب من عيونها السخط والبغض دون ان يسمع رنين لسانها ؛ تحب ان تسرح وتمرح وتجول في عمق الفساد وتنغمس منابع الفجور وان تستغرق في الملذات والشهوات والفتور في الطاعات ؛ واذا لم يعالجها صاحبها من اعوجاجها ولم ينشغل بمقاومتها واصلاحها ولم يجنبها طريق المهالك والمفاسد ؛ ولم يكبح جماح اهوائها ولم يقوم ضميرها الي طريق الصواب ولم يهذبها ويردعها ويروضها فعل الخيرات ؛ ولم ينقذها من ارتكاب الممارسات غير الأخلاقية مثل الكبر والاحتقار والتعدي على الاخرين ؛ ولم يحررها من عبودية الترف والطمع والاسراف ولم ينزع عنها حب الذات وآفة الانانية فانه قد خانها وظلمها وافسدها وتركها تنزف ولم يحقن دمائها حتي اتلفت وعفنت ؛ فاعلم ان معرفة النفس هي أحد أصول العبودية وكل انسان مسئول عن نفسه ونفس اهله امانة في عنقه يحميها من كل فتنة وضلال وانحراف فعلي كل انسان ان يعرف شرور نفسه واسقامها حتي يقدم لها الدواء الشافي ؛ ويحجز بينها وبين اتباع الهوي والمغريات ويزجرها اذا انحرفت عن الجادة ويردها الي الحق والاستقامة والصواب ؛ ويقومها اذا اعوجت ويوقظها من سباتها اذا غفلت ويذكرها اذا نسيت برفق وينجيها ويسعف لها اذا همت الكبائر وتقع في حضيض مستنقعات المعاصي ؛ ويحرسها بعين المراقبة ويحذرها من كل تقصير وتفريط واهمال ولا ينتظر حتي تصل نفسه الي قاع الانحلال فتنهزم امام عدوها فتقع في قبضته اسيرا ذليلا مهينا ؛ ويهذبها ويزكيها اذا سلكت طريق الفساق والفجار وينقذها ويحميها من عدوها اللدود في كل لحظة ولا يتركها بلا رعاية ولا عناية ؛ حتي لا يحل عليها غضب الله وسخطه ويعلمها دائما ان انجح الناس في هذه الحياة من غلب علي هواه وهزم عدوه ؛ ويكون لها طبيبا حاذقا يعالجها اذا مرضت من الآفات الذميمة ويسهر معها بحنان حتي تتشفي ويذهب المها ؛ ويداوي عنها من كل داء ويخلصها من كل عيب وعار ودناءة وانحطاط وضعة واهم مرض يداوي عنها هو مرض الانحلال الخلقي وانقلاب الفطرة السليمة ؛ ويغسل عنها من أدناس الشهوات وارجاسها ويطهرها من غبار الغفلات والعصيان وينقيها من كدورات الغوايات واغراء المتربصين عليها ؛ ويرشدها الي طريق الرشاد والإرتقاء حتي تعتلي سلم الكمال والرفعة والمنزلة العالية حتى تصل إلى مراتب السلامة والنقاء والطهر وينصحها ولا يظلمها ؛ (قوا انفسكم واهليكم نارا).
الإنسان هو الذي يظلم نفسه ومن لم يتهم نفسه بالتقصير والافراط في طاعة اللّه و عبادته فهو ظالم لنفسه ؛ ومن لم يندم علي ذنوبه واستهانها واستمر علي غيه وانحرافه فهو ظالم لنفسه؛ ومن ارهق نفسه وازهقها بالمعاصي وحملها بعمل بما لا تطيق ولا تقوي تبعاتها وبما تؤثر على صحتها بالمخدرات والسهرات فهو ظالم لنفسه ؛ ومن لم يشعر عظمة الذنوب وحجمها وثقلها وتجرأ باتيان المنكرات والفواحش فقد ظلم نفسه ؛ ومن لم يقدر الله حق قدره ولم يلتزم بما امره ولم ينتهي بما نهاه فقد ظلم نفسه ؛
وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ))
(قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)
(وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)
(قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)
ومن كانت علي نفسه العبادات عليه ثقيلة يتهاون بادائها ويغفل عنها بل في بعض الاحيان ينساها او يتركها في عمد؛ ويذل نفسه في الشهوات ويلبي اوامرها ويستمتع بذوق الرذائل بنشاط فيترك نفسه ترعى مرتع محارم الله فهو ظالم لنفسه ؛ واسوأ الظلم من لا يندم علي ما فعل بنفسه من ظلم وفساد وجلب لها الهلاك والانحراف وغضب الله ؛ ومن ترك نفسه تسترسل الحديث مع الشيطان وتهمس معه في حديث النفس وخواطر خبيثة حتي يعبث الشيطان ايمانها وعقيدتها وعقلها ويقودها الي الهلاك ويشغلها بالباطل والاماني الكاذبة ويقطع عنها طريق السير الي لله فقد ظلم نفسه واهملها ؛
ومنْ يتعد حدُودَ الله يصول ويجول في مستنقعات الخلاعة يصير عبدا مطيعا لهواه فتنفلت شهوته من عقالها وقيودها؛ فيغرق نفسه في محيط الفواحش المتلاطمة الامواج فيذوب في حضن الانحراف ويتوه في مسالك الرذائل المتشعبة الدروب ؛ فيستحسن القبائح والفجور والجرائم والتعاطي بكل انواع المسكرات التي تخامر العقل وتذهب الحياء وتفقده طريق الصواب فيخرج من انسانيته وتضيع كرامته فَقَد ظَلَمَ نَفْسُه (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَه)
ان بعض الناس تزوره بين الفينة والاخري الوان من الهواجس والكوابيس الشيطانية وافكارا منحطة وتطوف معه في الآفاق وتجول به في كل زاوية من زوايا الاحلام والطموحات الخسيسة والخواطر الرديئة تدفعه للوقوع في المعاصي ؛ واصحاب الانفس الضعيفة المريضة يحولون هذه الهواجس الي افعال ويطبقون بكل ما تملي نفسوهم الشريرة ولوكان ضررا او خطرا علي حياتهم ؛ ويتركون زمام نفسوهم تقودهم حديث النفس ويستجيبون كل اشارة ولوكان يؤدي هذا الي طريق الهلاك فهذا يعتبر من اكبر ظلم النفس ؛ لإن النفس لامارة بالسوء فعلي صاحب النفس ان يغربل املاءاتها وينقي شوائب كل اشارة تشير اليه الهواجس والكوابيس؛ لان النفس دائما تحاول ان تتحرر من رادعها ومراقبها كما أنها تحاول ان تتحكم صاحبها وتقوده بشراسة ومكر إلى حيث تريد ؛ وعلي صاحب النفس ان يتدارك ويسد عنها كل باب ويفشل مخططها وهواها ومقرراتها العمياء حتي لا تلتهم مفاسدها الابرياء ؛
(وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا)
إن الإنسان اذا كان يتألم من الداخل ويشعر خيبة امل وفشل في حياته ولم يحقق نجاحا في مستقبله واصبح عالة بين الناس لأنه عجز عن تحقيق ما كان يتمني وما كان يسعي منذ نعومة اظفاره ؛ ويواجه خللاً نفسيا في نفسه فانه ينزف من الداخل بهم وغم واستياء وكآبة فينشأ من هذا صراع داخلي يؤدي إلى أمراض جسدية ونفسية فالنفس تمرض مثلما يمرض الجسد ؛ وتعتصر من الداخل ويئن الانسان بانين مرير لا يسمع غيره ويحترق بغليان في احشاءه يشعر بانه لم يؤدي رسالة الحياة فيخسر كل من حوله ؛ فيفقد لذة الحياة وطعم السعادة فتعيش نفسه في داخله في ضيق وقبر مظلم وكأنها تريد وتحاول ان تفارقه وترحل عنه ؛ وعندما ينظر هو إلى الناس من حوله يجد أن الغالبية يبرق من وجوههم بريق السعادة حققوا آمالهم ؛ ويشعشع من عيونهم نور الفرح ولا تفارقهم البسمات والضحكات صار الانسان في هذه الحالة عدو لنفسه ويظلمها اشد الظلم فيبدأ يكره نفسه ويتكاسل عن المضي قدما ؛ وينزلق الي مزالق الانتهاكات النفسية يتعاطي ما يغيب العقل لكي يخدر عقله ويميت ضميره وشعوره ؛ وينكمش وينزوي في زاوية مهجورة حتي لا يشعر الالم ويسكت انينها كما يدعون اصحاب الفجار والفساق فهذا يعتبر ظلم للنفس ؛ فصار يدمر نفسه فتجده دائما فاقد العقل والاحساس فلا الماضي استفاد منها ولا يتمني مستقبلا زاهرا فالشيطان يجد في هذه الحالة فرصة ذهبية ولقمة سمينة لذيذة يعرض له كل انواع التخدير والتسكير حتي يصبح العبد بعيدا عن ربه كل البعد ؛ وان الانسان يكون بعض الاحيان اشد عداوة وظلما وخطرا من الشيطان علي نفسه ؛ فالانسان اذا اهلكته رغباته السيئة واستولته غرائزه المضللة وطمس قلبه من كثرة تراكم الران ؛ ولا يفتي قلبه الا بما بما يزينه الشيطان وهام وتاه في منابع الفجور والفسوق وعاش في دنياه طيلة حياته اسرى لهواه وشهواته ولا يفيق من غفلته لانه اصاب قلبه داء الهوي ؛ صار اكثر عداوة وظلما من الشيطان الرجيم لنفسه لان الشيطان هو عدو خارجي يدمر النفس من الخارج اما الانسان اذا انحرف وصار تبعا لهواه وانغمس في وادي الملذات يدمر النفس من الداخل ويفسدها حتي تسير النفس جند من جنود الشياطين ؛ فتجد الانسان في بعض الحالات يترخص بمزاجه او بما افتاه قلبه السقيم بما اختلفوا به الفقهاء ويتحايل بآراء العلماء وكل هذا يقصد ان يخدع نفسه ويظلمها ويحمل الاثم علي العلماء بانهم افتوا بهذا؛
النفس دائما تحب الدعة والمال والترف والاسراف والمرح واللهو واللعب وتحريك الغرائز وحب الظهور والرياء والشهرة ؛ وتحمل في طيات باطنها داء الغيرة والحقد والحسد والبغض والعداوة والخدع والخيانة فهي ميالة الي الشر؛ تنافس من هو فوقها بالشماتة ولا ترحم من هو دونها ودائما تري عيوب غيرها ولا تري عيوبها تبدي المساويء وتخفي المعروف ؛ تتمني زوال نعم ممن انعمهم الله عليهم النعم حين يصيبها داء الغرور والكبر والحسد والانانية فلا تحب ان ري من هو فوقها ؛ واحذر نفسك ان تقتلك فان كيدها اقوي من الصوارم والخناجر فشرها عظيم ؛ تذيع الشر في الآفاق ولسانها اسرع من سرعة البرق وتنبش الاسرار وتلبس ثوب النصح كذبا وخداعا وتتمني لغيرها الغوائل ؛ تكشف عورات الناس وكلها عورة وتحسد العالم وتحقر الجاهل وتعيب من هو اعلم منها ولا تعترف الفضيلة ولا تري عيوبها وكلها عورة عيوب ؛ تعيش في هم وغم لا ينقطع وحرقة لا تنطفيء وحزن لا ينتهي ولسانها لا يعجز عن الغيبة اذا رأت من هو افضل منها تحاسب اخطاء الناس ولا تصحح اخطائها ؛ تعاني مرض الغرور والعجب والكبر والاستعلاء وسوء الظن عن الآخرين فان تفقدت حالها فوزنها اقل وزنا من جناح بعوضة ؛ تتعامي عن الخير والفضل ان اتي بها غيرها فهي لا خير فيها ولا فضل فيقتلها الحسد فتتظاهر بالرضا والعفو والحلم فيقرأ اللبيب من عيونها السخط والبغض دون ان يسمع رنين لسانها ؛ تحب ان تسرح وتمرح وتجول في عمق الفساد وتنغمس منابع الفجور وان تستغرق في الملذات والشهوات والفتور في الطاعات ؛ واذا لم يعالجها صاحبها من اعوجاجها ولم ينشغل بمقاومتها واصلاحها ولم يجنبها طريق المهالك والمفاسد ؛ ولم يكبح جماح اهوائها ولم يقوم ضميرها الي طريق الصواب ولم يهذبها ويردعها ويروضها فعل الخيرات ؛ ولم ينقذها من ارتكاب الممارسات غير الأخلاقية مثل الكبر والاحتقار والتعدي على الاخرين ؛ ولم يحررها من عبودية الترف والطمع والاسراف ولم ينزع عنها حب الذات وآفة الانانية فانه قد خانها وظلمها وافسدها وتركها تنزف ولم يحقن دمائها حتي اتلفت وعفنت ؛ فاعلم ان معرفة النفس هي أحد أصول العبودية وكل انسان مسئول عن نفسه ونفس اهله امانة في عنقه يحميها من كل فتنة وضلال وانحراف فعلي كل انسان ان يعرف شرور نفسه واسقامها حتي يقدم لها الدواء الشافي ؛ ويحجز بينها وبين اتباع الهوي والمغريات ويزجرها اذا انحرفت عن الجادة ويردها الي الحق والاستقامة والصواب ؛ ويقومها اذا اعوجت ويوقظها من سباتها اذا غفلت ويذكرها اذا نسيت برفق وينجيها ويسعف لها اذا همت الكبائر وتقع في حضيض مستنقعات المعاصي ؛ ويحرسها بعين المراقبة ويحذرها من كل تقصير وتفريط واهمال ولا ينتظر حتي تصل نفسه الي قاع الانحلال فتنهزم امام عدوها فتقع في قبضته اسيرا ذليلا مهينا ؛ ويهذبها ويزكيها اذا سلكت طريق الفساق والفجار وينقذها ويحميها من عدوها اللدود في كل لحظة ولا يتركها بلا رعاية ولا عناية ؛ حتي لا يحل عليها غضب الله وسخطه ويعلمها دائما ان انجح الناس في هذه الحياة من غلب علي هواه وهزم عدوه ؛ ويكون لها طبيبا حاذقا يعالجها اذا مرضت من الآفات الذميمة ويسهر معها بحنان حتي تتشفي ويذهب المها ؛ ويداوي عنها من كل داء ويخلصها من كل عيب وعار ودناءة وانحطاط وضعة واهم مرض يداوي عنها هو مرض الانحلال الخلقي وانقلاب الفطرة السليمة ؛ ويغسل عنها من أدناس الشهوات وارجاسها ويطهرها من غبار الغفلات والعصيان وينقيها من كدورات الغوايات واغراء المتربصين عليها ؛ ويرشدها الي طريق الرشاد والإرتقاء حتي تعتلي سلم الكمال والرفعة والمنزلة العالية حتى تصل إلى مراتب السلامة والنقاء والطهر وينصحها ولا يظلمها ؛ (قوا انفسكم واهليكم نارا).