مشاهدة النسخة كاملة : إنه تطوع " فعلم أنه فهم من الآية أنها خرجت مخرج الندب والترغيب في التطوع


انثى برائحة الورد
03-13-2022, 06:40 PM
وعن أنس قال: «كانت الأنصار يكرهون أن يطوفوا بين الصفا والمروة، حتى نزلت: {إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما} [البقرة: 158]» متفق عليه، لفظ مسلم، ولفظ البخاري: عن عاصم بن سليمان قال: " سألت أنس بن مالك عن الصفا والمروة؟ قال: كنا نرى من أمر الجاهلية، فلما كان الإسلام أمسكنا عنهما، فأنزل الله: {إن الصفا والمروة

من شعائر الله} [البقرة: 158]، فذكر إلى " بهما ".
فهذا أنس بن مالك: قد علم سبب نزول الآية، وقد كان يقول: " إنه تطوع " فعلم أنه فهم من الآية أنها خرجت
مخرج الندب والترغيب في التطوع.
وأما من قال: إنها واجبة - في الجملة - وهو الذي عليه جمهور أصحابنا، فإن الله قال: هما {من شعائر الله} [البقرة: 158] وكل ما كان من شعائر الله فلا بد من نسك واجب بهما كسائر الشعائر من عرفة ومزدلفة ومنى والبيت، فإن هذه الأمكنة جعلها الله يذكر فيها اسمه، ويتعبد فيها له، وينسك حتى صارت أعلاما، وفرض على الخلق قصدها، وإتيانها. فلا يجوز أن يجعل المكان شعيرة لله وعلما له، ويكون الخلق مخيرين بين قصده، والإعراض عنه ; لأن الإعراض عنه مخالف لتعظيمه، وتعظيم الشعائر واجب لقول الله تعالى: {ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب} [الحج: 32] والتقوى واجبة على الخلق، وقد أمر الله بها، ووصى بها في غير موضع، وذم من لا يتقي الله، ومن استغنى عن تقواه توعده، وإذا كان الطواف بهما تعظيما لهما، وتعظيمهما من تقوى القلوب، والتقوى واجبة، كان الطواف بهما واجبا، وفي ترك الوقوف بهما ترك لتعظيمهما، كان ترك الحج بالكلية ترك لتعظيم الأماكن التي شرفها الله، وترك تعظيمها من فجور القلوب بمفهوم الآية.
وأما قوله: {فلا جناح عليه أن يطوف بهما} [البقرة: 158] فنفس تدل على أنه لم يقصد بذلك مجرد إباحة الوقوف، بحيث يستوي وجوده وعدمه، لأنهما جعلهما من شعائر الله، ثم قال: {فلا جناح عليه} [البقرة: 158] والحكم إذا تعقب الوصف بحرف الفاء، علم أنه علة، فيكون كونهما من شعائر الله موجبا لرفع الحرج، ثم أتبع ذلك بما يدل على الترغيب،
وهو قوله: {ومن تطوع خيرا} [البقرة: 158] الآية. نعم هذه الصفة لا تستعمل إلا فيما يتوهم حظره كقوله: {فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة} [النساء: 101] وقوله: {فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه} [البقرة: 173] وقوله: {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح} [المائدة: 93] الآية، فإن المحرم للميتة موجود حال الاضطرار، والموجب للصلاة موجود حال السفر، كذلك هنا كانت هاتان الشعيرتان، قد انعقد لهما سبب من أمور الجاهلية، خيف أن يحرم التطوف بهما لذلك، وقد تقدم عن أنس أنهم كانوا يكرهون
الطواف بهما حتى أنزل الله هذه الآية.
وعن الزهري «عن عروة، قال: سألت عائشة، فقلت: " أرأيت قول الله عز وجل: {إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما} [البقرة: 158])، فوالله ما على أحد جناح أن لا يطوف بالصفا والمروة؟ قالت: بئس ما قلت يا ابن أخي، إن هذه لو كانت كما أولتها عليه كانت: لا جناح أن لا يطوف بهما، ولكنها أنزلت في الأنصار، كانوا قبل أن يسلموا يهلون لمناة الطاغية التي كانوا يعبدونها عند المشلل، فكان من أهل يتحرج أن يطوف بين الصفا والمروة، فلما سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فقالوا: يا رسول الله إنا كنا نتحرج أن نطوف بالصفا والمروة، فأنزل الله:
{إن الصفا والمروة من شعائر الله} [البقرة: 158] الآية، قالت عائشة - رضي الله عنها -: وقد سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الطواف بينهما فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما، ثم أخبرت أبا بكر بن عبد الرحمن، فقال: إن هذا لعلم ما كنت سمعته، ولقد سمعت رجالا من أهل العلم يذكرون أن الناس - إلا من ذكرت عائشة ممن كان يهل لمناة - كانوا يطوفون كلهم بالصفا والمروة، فلما ذكر طواف بالبيت، ولم يذكر الصفا والمروة في القرآن قالوا: يا رسول الله كنا نطوف بالصفا، وإن الله أنزل الطواف بالبيت، فلم يذكر الصفا، فهل علينا من حرج أن نطوف بالصفا والمروة، فأنزل الله عز وجل: {إن الصفا والمروة من شعائر الله} [البقرة: 158] الآية.
قال أبو بكر: فأسمع هذه الآية نزلت في الفريقين كلاهما ; في الذين كانوا يتحرجون أن يطوفوا في الجاهلية بالصفا والمروة، والذين يطوفون ثم تحرجوا أن يطوفوا بهما في الإسلام من أجل أن الله تعالى أمر بالطواف بالبيت، ولم يذكر الصفا، حتى ذكر ذلك بعدما ذكر الطواف بالبيت» " متفق عليه.
وعن هشام بن عروة عن أبيه قال: «قلت لعائشة - وأنا حديث السن - أرأيت قول الله: {إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما} [البقرة: 158] فما أرى على أحد شيئا أن لا يطوف بهما، فقالت عائشة: كلا لو كانت كما تقول: كانت فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما، إنما نزلت هذه الآية في الأنصار، كانوا يهلون لمناة، وكانت مناة حذو قديد، وكانوا يتحرجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة، فلما جاء الإسلام، سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله: {إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما} [البقرة: 158]» متفق عليه، وفي لفظ لمسلم: «إنما أنزل هذا في أناس من الأنصار كانوا إذا أهلوا، أهلوا لمناة في الجاهلية، فلا يحل لهم أن يطوفوا بين الصفا والمروة ".»
وفي لفظ له: «إن الأنصار كانوا قبل أن يسلموا هم وغسان يهلون لمناة فتحرجوا أن يطوفوا بين الصفا والمروة، وكان ذلك سنة في آبائهم: من أحرم لمناة لم يطف بين الصفا والمروة».
وقد روى الأزرقي عن ابن إسحاق أن عمرو بن لحي، نصب بين الصفا صنما يقال له: نهيك مجاود الريح، ونصب على المروة صنما يقال له: مطعم الطير، ونصب مناة على ساحل البحر مما يلي قديدا، وهي التي كانت الأزد وغسان يحجونهما، ويعظمونهما فإذا طافوا بالبيت وأفاضوا من عرفات، وفرغوا من منى لم يحلقوا إلا عند مناة، وكانوا يهلون لها، ومن أهل لها لم يطف بين الصفا والمروة، لمكان الصنمين الذين عليهما: نهيك مجاود الريح، ومطعم الطير، فكان هذا الحي من الأنصار يهلون لمناة، قال: وكانت مناة للأوس والخزرج، وغسان من الأزد ومن كان بدينها من أهل يثرب، وأهل الشام، وكانت على ساحل البحر من ناحية المشلل بقديد، وذكره بإسناده عن ابن السائب، قال: كانت صخرة لهذيل، وكانت بقديد.
فقد تبين: أن الآية قصد بها رفع ما توهم الناس أن الصفا والمروة من جملة الأحجار التي كان أهل الجاهلية يعظمونها.
أما الأنصار في الجاهلية: فكانوا يتركون الطواف بهما لأجل الصنم الذي كانوا يهلون له، ويحلون عنده مضاهاة بالصنمين
الذين كانا على الصفا والمروة.
وأما غيرهم فلكون أهل الجاهلية - غير الأنصار - كانوا يعظمونهما، ولم يجر لهما ذكر في القرآن. وهذا السبب يقتضي تعظيمهما وتشريفهما مخالفة للمشركين، وتعظيما لشعائر الله. فإن اليهود والنصارى لما أعرضوا عن تعظيم الكعبة قال الله: {ومن كفر فإن الله غني عن العالمين} [آل عمران: 97]، وأوجب حجها على البيت، فإذا كانت الصفا والمروة مما أعرض عنه بعض المشركين وهو من شعائر الله، كان الأظهر إيجاب العبادة عنده كما وجبت العبادة عند البيت، ولذلك سن النبي - صلى الله عليه وسلم - مخالفة المشركين حيث كانوا يفيضون من المزدلفة، فأفاض من عرفات، وصارت الإفاضة من عرفات واجبة، ووقف إلى غروب الشمس فصار الوقوف بها واجبا. فقد رأينا كل مكان من الشعائر أعرض المشركون عن النسك فيه، أوجب الله النسك فيه.
وأما قوله: {ومن تطوع خيرا} [البقرة: 158] فإن التطوع في الأصل مأخوذ من الطاعة وهو الاستجابة والانقياد، يقال: طوعت الشيء فتطوع أي سهلته فتسهل كما قال: {فطوعت له نفسه قتل أخيه} [المائدة: 30]، وتطوعت الخير إذا فعلته بغير تكلف وكراهية.
ولما كانت مناسك الحج عبادة محضة، وانقيادا صرفا، وذلا للنفوس، وخروجا عن العز، والأمور المعتادة، وليس فيها حظ للنفوس، فربما قبحها الشيطان في عين الإنسان، ونهاه عنها، ولهذا قال: {لأقعدن لهم صراطك المستقيم} [الأعراف: 16] قال رجل من أهل العلم: هو طريق الحج، وقال بعد أن فرض: {ومن كفر فإن الله غني عن العالمين} [آل عمران: 97] لعلمه أن من الناس من قد يكفر بهذه العبادة وإن لم يكفر بالصلاة والزكاة والصيام، فلا يرى حجه برا،
ولا تركه إثما ثم الطواف بالصفا والمروة خصوصا فإنه مطاف بعيد وفيه عدو شديد وهو غير مألوف في غير الحج والعمرة، فربما كان الشيطان أشد تنفيرا عنهما، فقال سبحانه: {ومن تطوع خيرا} [البقرة: 158] فاستجاب لله وانقاد له، وفعل هذه العبادة طوعا، لا كرها، عبادة لله، وطاعة له ولرسوله. وهذا مبالغة في الترغيب فيهما ألا ترى أن الطاعة موافقة الأمر، وتطوع الخير خلاف تكرهه.
فكل فاعل خير طاعة لله طوعا لا كرها، فهو متطوع خيرا، سواء كان واجبا، أو مستحبا، نعم ميز الواجب بأخص اسميه، فقيل: فرض، أو واجب وبقي الاسم العام في العرف غالبا على أدنى القسمين، كلغة الدابة والحيوان وغيرهما.
http://forum.hwaml.com/imgcache2/hwaml.com_1386845727_869.gif

جيفارا
03-13-2022, 10:45 PM
https://www.skoon-elqmar.com/vb/customavatars/avatar1718_15.gif




اشكرك على الجلب المميز

يسلمو ورد

مستريح البال
03-14-2022, 06:20 AM
جزاك الله خير الجزاء
ورفع قدرك في السماء
ورزقك الجنه ونفع بك
وبطرحك القييم بارك الله فيك

انثى برائحة الورد
03-14-2022, 07:12 PM
https://forum.hwaml.com/imgcache2/hwaml.com_1385248281_142.gif

نهيان
03-14-2022, 08:19 PM
جزاك الله بخير الجزاء والجنه
بارك الله فيك ونفع بك
وجعله في ميزان حسناتك

نبراس القلم
03-15-2022, 11:27 AM
الله يعطيك ألف عآفية على هذا الطرح الجميل والرائع
جزآك الله خير وجعله المولى في موآزين حسناتك.
كل الشكر لك على هذا الطرح الأكثر من رائع
في إنتظآر جديدك المميزوالرائع والمفيد
دُمْت بــِ طآعَة الله ..
نبراس القلم

انثى برائحة الورد
03-16-2022, 05:49 PM
http://all-best.co/wp-content/uploads/2018/02/6808.gif

شايان
03-17-2022, 02:55 PM
جزاك الله كل الخير
لرقي جهودك
واثابك جنة عرضها السماء والارض
وبارك فيك

ڇۚــﯜڔۑْۧ
03-21-2022, 08:43 PM
http://dl.helpkade.com/wp-content/uploads/20200828/134_1254150088.gif

انثى برائحة الورد
04-06-2022, 02:57 PM
http://www.mydreambox.net/forum/imgcache/2014/207600_dreambox-sat.com.gif