مشاهدة النسخة كاملة : أمين صندوق ( قصة قصيرة )


عدي بلال
09-11-2022, 12:36 PM
أمين صندوق
قصة قصيرة

يجلس خلف مكتبه، يلتفت إلى اليسار، ويتساءل في نفسه عن كيفية حمل هذه الخزنة إلى الدور السابع، رغم وزنها الثقيل وحجمها الضخم ..!؟؛ فتعييه الإجابة.

يقلب في نغمات هاتفه النقّال، يفكر في اختيار رنة جديدة لزوجته ..
( حبيبي ولا على باله .. ) يتمتم " لا .. لا .. لا .."
( جباااار .. جباااار .. ) يتمتم " نعم .. هذه هي "

يخلع خاتمه من بنصره الأيسر، يدحرجه على المكتب ويخاطبه في دعابةٍ
( أتراك الخاتم رقم ثلاثة أم أربعة ..؟! )
فيقفز وجه زوجته أمامه في غضبٍ ( لن أسامحك إن أضعته هذه المرة )؛ يبتسم.

يقطع ابتسامته دخول مديره ( عبد المنتقم ) إلى مكتبه، يرتبك، يسقط الخاتم على الأرض، يتدحرج، يستقر تحت حامل الخزنة الحديدي.
يقف في احترامٍ لمديره، وينصت في اهتمامٍ لكلماته، ويومىء في طاعةٍ لأوامره.

تتسارع وتيرة العمل، والموظفون يصطفون أمامه، يثرثرون، يقهقهون في سعادةٍ؛ لا يراها سوى في اليوم الأول من كل شهر.

يحاول أن يصرف فكره عن ذلك المستقر تحت الخزنة؛ مخافة أن يدفع عجز عهدته من جيبه الخاص.
يلاحظ الموظفون ارتباكه، وانعدام مزاحه على غير عادته، بيد أن فرحتهم بالزيادة التي كانوا ينتظرونها؛ شغلتهم عن سؤاله.

يغادر آخر الموظفين، فيسرع في إقفال باب مكتبه، وباب خزنته، وينبطح على الأرض في صعوبةٍ؛ يلعن كرشه، ويتمتم " ليتني كنت أنحف ..! ".

يتلفت يمنةً ويسرة، ويجول بنظره أرجاء المكتب، يبحث عن أداةٍ نحيفة طويلة، تسعفه في التقاط خاتمه، وفي النجاة من غضب زوجته، الذي كلفه هديةً ثمينة لغفرانها في المرة الأخيرة..
فيرتد إليه بصره خاسئاً.

يطرق الساعي ( العم صالح ) باب مكتبه، ويستأذنه في الانصراف، فيأذن له من خلف الباب، ويطلب منه إطفاء أنوار الشركة.

تقترب الساعة من الثامنة مساءً، فيرن هاتفه النقّال؛ يغص بريقه حين يرى رقم زوجته، لا يجيب..
يكتب على عجلٍ رسالةً نصية " هناك جرد مفاجىء؛ أحادثكِ لاحقاً "

يسمع صوت باب الشركة يُقفلْ، يفتح باب مكتبه بهدوء، ويعجل في مشيته نحو المطبخ، يُفتش في انهماكٍ داخل خزاناته، فلا يجد إلاّ أكواباً، وبضع ملاعق، وخزينا.

يحرث رأسه فكراً؛ تلمع عيناه، يسرع إلى مكتب المدير، يُشعل النور، يحصد مسطرةً طويلة كان يستخدمها في شرح خطة العمل لرؤساء الأقسام، يبتسم في ظفرٍ، ويقفز بها إلى مكتبه، ثم ينبطح تارةً أخرى ويعمد إلى مسطرته، يمدها في حرصٍ أسفل حامل الخزنة، فيُخطىء هدفه، ثم يعيد الكرة المرة تلو الأخرى، وخاتمه يتمنع عنه.
يكيل الشتائم له، ولزوجته التي أعادت اتصالها للمرة الثانية، ثم أتبعتها برسالةٍ نصية " بابا و ماما في الطريق إلينا؛ لا تنس العصير ..! "

يلقي بجسده الثقيل على الكرسي والعرق يتصبب من جبهته؛ يمسحه بباطن كفه في غضبٍ، وحدقتا عينيه تزداد حيرةً واتساعا.

عقارب الساعةِ تقترب من التاسعة، وما يزال قابعاً في حيرته، يقطعها صوت مفتاحٍ يدور في فلك باب الشركة؛ يوجس خيفةً، تصطدم رجله بطرف المكتب، يكتم ألمه؛ يقفل باب مكتبه، يضع أذنه على الباب؛ يسترق السمع.

يحاول أن يهتدي إلى صوت أحدهما، كأنه صوت العم " صالح " يحادث أحدهم..!
يطفىء النوربسرعةٍ، ويختبىء خلف مكتبه كفأرٍ وقع في مصيدةٍ، بغير ذي ذنب.

يفكر في صمتٍ عن سببٍ مقنع لبقائه حتى الساعة، ويستعيد بذاكرته سيرة أمين الصندق السابق، وكيف انتهى به الأمر إلى السجن بعد اختلاسه مبلغاً يكفي لشراء بيتٍ وسيارةٍ فارهة.

يسمع طرقاً على البابِ، يكتم أنفاسه، وكلمات العم " صالح " أصبحت أكثر وضوحاً في مسمعه ..
( انظر سيد " عبد المنتقم " .. مكتبك مضاءةٌ أنواره، وأقسم لك بأنه كان مرتبكاً، و .. )
( اصمت .. ! أتيت بي إلى هنا من أجل تكهناتك السخيفة، و .. )

يقطع حوارهما رنة هاتفه ( جباااار ... جبااار ... )

.
.

حين كان يهمُّ بدخول سيارة الشرطة، سمعه المتجمهرون يصيح ( من أجل الخاتم، والله من أجل الخاتم ..! )

ضي القمر
09-11-2022, 03:35 PM
تم الختم والنشر
جائزة ما سبق نشره
300مشاركة ومثلها تقييم
مع الشكر والتقدير

ضي القمر
09-11-2022, 03:35 PM
مكاني...

عدي بلال
09-11-2022, 08:01 PM
تم الختم والنشر
جائزة ما سبق نشره
300مشاركة ومثلها تقييم
مع الشكر والتقدير

أ. ضي القمر

ممتنٌ لكِ، ومقدراً متابعتكِ وكرمكِ..
لا حرمكِ الله البهاء

كل التحية

عازفة
09-15-2022, 02:26 AM
قصه رااائعه
إنتقاء ثري بالذائقه
سلمت ودام رقي ذوقك
بإنتظار القادم بشوق
كل الود لروحك

عدي بلال
09-15-2022, 11:21 AM
مكاني...

أ. ضي القمر

في انتظار سماع رأيكِ ما استطعتِ إلى ذلك سبيلا

كل التحية

عدي بلال
09-15-2022, 11:23 AM
قصه رااائعه
إنتقاء ثري بالذائقه
سلمت ودام رقي ذوقك
بإنتظار القادم بشوق
كل الود لروحك

أ. عازفة

سرني إذ حصدت هذه القصة جمال ذائقتكِ
ممتنٌ لكلماتكِ الطيبة

لا حرمكِ الله البهاء
كل التحية

شايان
09-16-2022, 02:05 PM
طريقة رائعة بالسرد
ما شاء الله
كم هو مميز اسلوبك واحساسك
نالت اعجابي
كنت في شوق اسابق السطور
لتتمة الاحداث
تسلم ايدك استاذ عدي
انت حقا قصصيّ رائع
بانتظار جديدك بشوق

تقييمي و نجومي

عدي بلال
09-16-2022, 04:33 PM
طريقة رائعة بالسرد
ما شاء الله
كم هو مميز اسلوبك واحساسك
نالت اعجابي
كنت في شوق اسابق السطور
لتتمة الاحداث
تسلم ايدك استاذ عدي
انت حقا قصصيّ رائع
بانتظار جديدك بشوق

تقييمي و نجومي

مسكينٌ صديقنا هنا
خوفه من زوجته قد ورطه فيما لا يحمد عقباه ..
التركيز هنا كان على الشخصية، حتى تتناسب مع النهاية
التي اتمنى أن أكون قد وفقت بها.

سعيدٌ جداً بأنها قد راقت لكِ يا شايان
وممتنٌ لتعقيبكِ وتقييمكِ وكل شيء

لا حرمكِ الله البهاء
كل التحية

نهيان
09-18-2022, 08:17 PM
استاذي العزيز
عدي بلال

اشكرك على سردك لهذا القصه الاكثر من رائعه
سلمت على كل ماتقدمه لنا من رقي فكرك الفذ
ننتظر كل ماتجود به فلاتبخل
ولاتجعلنا نطيل الانتظار
دمت للابداع والتميز عنوان
وبسعاده لاتفارقك ماحييت

عدي بلال
09-22-2022, 10:07 AM
استاذي العزيز
عدي بلال

اشكرك على سردك لهذا القصه الاكثر من رائعه
سلمت على كل ماتقدمه لنا من رقي فكرك الفذ
ننتظر كل ماتجود به فلاتبخل
ولاتجعلنا نطيل الانتظار
دمت للابداع والتميز عنوان
وبسعاده لاتفارقك ماحييت

أخي العزيز نهيان

سعدت بأنها قد راقت لك
وممتنٌ لتفاعلك وكلماتك الطيبة

لك من الود وافره
كل التحية