ناطق العبيدي
11-29-2024, 10:31 AM
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
الإمام البخاري
الإمام البخاري نسبه ونشأته
هو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بَرْدِزْبَه ، أبو عبد الله البخاري الحافظ إمام أهل الحديث في زمانه. وُلِد البخاري (رحمه الله) في شوال سنةَ أربع وتسعين ومائة ، ومات أبوه وهو صغير، فنشأ في حجر أمه ، فألهمه الله حفظ الحديث وهو في المكتب ، وقرأ الكتب المشهورة وهو ابن ست عشرة سنة ، حتى قيل إنه كان يحفظ وهو صبي سبعين ألف حديث سردًا .
شيوخ الإمام البخاري
سمع بمسقط رأسه بخارى من الجعفي المسندي، ومحمد بن سلام البيكندي ، وجماعة ليسوا من كبار شيوخه، ثم رحل إلى بلخ ، وسمع هناك من مكي بن إبراهيم وهو من كبار شيوخه ، وسمع بمرو من عبدان بن عثمان ، وعلي بن الحسن بن شقيق ، وصدقة بن الفضل . وسمع بنيسابور من يحيى بن يحيى ، وجماعة من العلماء ، وبالري من إبراهيم بن موسى .
ثم رحل إلى مكة وسمع هناك من أبي عبد الرحمن المقرئ ، و خلاد بن يحيى ، وحسان بن حسان البصري ، وأبي الوليد أحمد بن محمد الأزرقي ، و الحميدي . وسمع بالمدينة من عبد العزيز الأويسي ، وأيوب بن سليمان بن بلال، وإسماعيل بن أبي أويس .
وأكمل رحلته في العالم الإسلامي آنذاك ، فذهب إلى مصر ثم ذهب إلى الشام وسمع من أبي اليمان ، وآدم بن أبي إياس ، وعلي بن عياش ، وبشر بن شعيب ، وقد سمع من أبي المغيرة عبد القدوس ، وأحمد بن خالد الوهبي ، ومحمد بن يوسف الفريابي ، وأبي مسهر ، وآخرين .
تلاميذة الإمام البخاري
روى عنه خلائق وأمم ، وقد روى الخطيب البغدادي عن الفِرَبْرِيِّ أنه قال : " سمع الصحيح من البخاري معي نحو من سبعين ألفًا ، لم يبقَ منهم أحد غيري " . وقد روى عنه حماد بن شاكر، وإبراهيم بن معقل، وطاهر بن مخلد ، وآخر من حدَّث عنه أبو طلحة منصور بن محمد بن علي البردي النسفي ، وقد تُوفِّي النسفي هذا في سنة تسع وعشرين وثلاثمائة ، ووثَّقه الأمير أبو نصر بن ماكولا . وممن روى عن البخاريِّ مسلمٌ في غير الصحيح ، وكان مسلم تتلمذ له ويعظمه، وروى عنه الترمذي في جامعه ، والنسائي في سننه في قول بعضهم ، وقد دخل بغداد ثماني مرات ، وفي كلٍّ منها يجتمع بالإمام أحمد، فيحثه أحمد على المقام ببغداد ، ويلومه على الإقامة بخراسان .
ملامح شخصية الإمام البخاري
تميَّز الإمام البخاري بصفات عذبة وشمائل كريمة ، لا تتوافر إلا في العلماء المخلصين ، وهذه الصفات هي التيصنعت الإمام البخاري.
1- الإقبال على العلم . قام البخاري بأداء فريضة الحج وعمره ثماني عشرة سنة ، فأقام بمكة يطلب بها الحديث ، ثم رحل بعد ذلك إلى سائر مشايخ الحديث في البلدان التي أمكنته الرحلة إليها ، وكتب عن أكثر من ألف شيخ .
2- الجِدُّ في تحصيل العلم. وقد كان البخاري يستيقظ في الليلة الواحدة من نومه ، فيوقد السراج ويكتب الفائدة تمر بخاطره ، ثم يُطفئ سراجه ، ثم يقوم مرة أخرى وأخرى حتى كان يتعدد منه ذلك قريبًا من عشرين مرة .
3- قوة الحفظ . وقد ذكروا أنه كان ينظر فيالكتاب مرة واحدة، فيحفظه من نظرة واحدة ، والأخبار عنه في ذلك كثيرة .
4- أمير المؤمنين في الحديث . دخل مرة إلى سمرقند فاجتمع بأربعمائة من علماء الحديث بها ، فركَّبوا أسانيد ، وأدخلوا إسناد الشام في إسناد العراق ، وخلطوا الرجال في الأسانيد ، وجعلوا متون الأحاديث على غير أسانيدها، ثم قرءوها على البخاري ، فردَّ كل حديث إلى إسناده ، وقوَّم تلك الأحاديث والأسانيد كلها، وما تعنتوا عليه فيها ، ولم يقدروا أن يجدوا عليه سقطة في إسناد ولا متن ، وكذلك صنع في بغداد .
من كرم البخاري وسماحته
كان لا يفارقه كيسه ، وكان يتصدق بالكثير، فيأخذ بيده صاحبَ الحاجة من أهل الحديث فيناوله ما بين العشرين إلى الثلاثين ، وأقل وأكثر من غير أن يشعر بذلك أحد .
من ورع الإمام البخاري
قال محمد بن إسماعيل البخاري : " ما وضعت في كتاب الصحيح حديثًا إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين " .
وكان الحسين بن محمد السمرقندي يقول : " كان محمد بن إسماعيل مخصوصًا بثلاث خصال، مع ما كان فيه من الخصال المحمودة : كان قليل الكلام ، وكان لايطمع فيما عند الناس،وكان لا يشتغل بأمور الناس ، كل شغله كان في العلم ".
من كلمات البخاري
- " لا أعلم شيئًا يحتاج إليه إلا وهوفي الكتاب والسنة" .
- " ما أردت أن أتكلم بكلام فيه ذكر الدنيا إلا بدأت بحمد الله والثناء عليه.
مؤلفات البخاري
و قد صنَّف البخاري ما يزيد على عشرين مصنفًا ، منها :
- الجامع الصحيح المسند من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه و أيامه ، المعروف بـ
( الجامع الصحيح) .
- الأدب المفرد . وطُبع في الهند والأستانة والقاهرة طبعات متعددة .
- التاريخ الكبير . و هو كتاب كبير في التراجم ، رتب فيه أسماء رواة الحديث على حروف المعجم، وقد طبع في الهند سنة (1362هـ/ 1943م) .
- التاريخ الصغير. و هو تاريخ مختصر للنبي صلى الله عليه وسلم و أصحابه ، و من جاء بعدهم من الرواة إلى سنة (256هـ / 870م) ، و طبع الكتاب أولَ مرة بالهند سنة (1325هـ/ 1907م) .
- خلق أفعال العباد . و طبع بالهند سنة (1306هـ/ 1888م) .
- رفع اليدين في الصلاة . وطبع في الهند أولَ مرة سنة (1256هـ / 1840م) ، مع ترجمة له بالأوردية .
- الكُنى . وطبع بالهند سنة (1360هـ / 1941م) .
و له كتب مخطوطة لم تُطبع بعدُ ، مثل : التاريخ الأوسط ، والتفسير الكبير .صحيح البخاري
هو أشهر كتب البخاري ، بل هو أشهر كتب الحديث النبوي قاطبةً . بذل فيه صاحبه جهدًا خارقًا ، وانتقل في تأليفه وجمعه وترتيبه وتبويبه ستة عشر عامًا ، هي مدة رحلته الشاقة في طلب الحديث . ويذكر البخاري السبب الذي جعله ينهض إلى هذا العمل ، فيقول : " كنت عند إسحاق بن راهويه ، فقال : لو جمعتم كتابًا مختصرًا لصحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فوقع ذلك في قلبي ، فأخذت في جمع (الجامع الصحيح) ".
وعدد أحاديث الكتاب 7275 حديثًا، اختارها من بين ستمائة ألف حديث كانت تحت يديه ؛ لأنه كان مدقِّقًا في قبول الرواية ، واشترط شروطًا خاصة في رواية راوي الحديث ، وهي أن يكون معاصرًا لمن يروي عنه ، وأن يسمع الحديث منه ، أي أنه اشترط الرؤية والسماع معًا ، هذا إلى جانب الثقة والعدالة والضبط والإتقان والعلم والورع .
و كان البخاري لا يضع حديثًا في كتابه إلا اغتسل قبل ذلك وصلى ركعتين . وابتدأ البخاري تأليف كتابه في المسجد الحرام والمسجد النبوي ، ولم يتعجل إخراجه للناس بعد أن فرغ منه ، ولكن عاود النظر فيه مرة بعد أخرى ، وتعهده بالمراجعة والتنقيح ؛ ولذلك صنفه ثلاث مرات حتى خرج على الصورة التي عليها الآن .
وقد استحسن شيوخ البخاري وأقرانه من المحدِّثين كتابه ، بعد أن عرضه عليهم ، وكان منهم جهابذة الحديث ، مثل : أحمد بن حنبل ، وعلي بن المديني ، ويحيى بن معين ؛ فشهدوا له بصحة ما فيه من الحديث ، ثم تلقته الأمة بعدهم بالقبول باعتباره أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى .
وقد أقبل العلماء على كتاب الجامع الصحيح بالشرح والتعليق والدراسة ، بل امتدت العناية به إلى العلماء من غير المسلمين ؛ حيث دُرس وتُرجم ، وكُتبت حوله عشرات الكتب.
ثناء العلماء على الإمام البخاري
قال أبو نعيم أحمد بن حماد : " هو فقيه هذه الأمة " . وكذا قال يعقوب بن إبراهيم الدورقي ، ومنهم من فضَّله في الفقه والحديث على الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه . وقال قتيبة بن سعيد : " رحل إليَّ من شرق الأرض وغربها خلق ، فما رحل إليَّ مثل محمد بن إسماعيل البخاري ".
وقال أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي : " محمد بن إسماعيل البخاري أفقهنا وأعلمنا و أغوصنا وأكثرنا طلبًا " . وقال إسحاق بن راهويه : "هو أبصر مني " . وقال أبو حاتم الرازي : " محمد بن إسماعيل أعلم من دخل العراق " .
وقد أثنى عليه علماء زمانه من شيوخه وأقرانه ؛ قال الإمام أحمد : " ما أخرجت خراسان مثله ". و قال علي بن المديني : " لم ير البخاري مثل نفسه " . وقال إسحاق بن راهويه : " لو كان في زمن الحسن لاحتاج الناس إليه في الحديث ومعرفته وفقهه " . وقال أبو بكر بن أبي شيبة ، ومحمد بن عبد الله بن نمير: " ما رأينا مثله ". وقال علي بن حجر: " لا أعلم مثله ".
وفاة الإمام البخاري
كانت وفاته ليلة عيد الفطر سنةَ ستٍّ وخمسين ومائتين ، وكان ليلة السبت عند صلاة العشاء ، وصلى عليه يوم العيد بعد الظهر ، وكُفِّن في ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عمامة وفق ما أوصى به ، وحينما دفن فاحت من قبره رائحة غالية أطيب من ريح المسك ، ثم دام ذلك أيامًا ، ثم جعلت ترى سواري بيض بحذاء قبره ، وكان عمره يوم مات ثنتين وستين سنة . رحمه الله رحمة واسعة ، وأسكنه فسيح جناته .
المراجع
- البداية و النهاية ، ابن كثير .
- الوافي في الوفيات ، صلاح الدين الصفدي .
- سير أعلام النبلاء ، الذهبي .
- تهذيب الكمال ، ج1، ص516 .
بحث وتقديم ناطق ابراهيم العبيدي
الإمام البخاري
الإمام البخاري نسبه ونشأته
هو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بَرْدِزْبَه ، أبو عبد الله البخاري الحافظ إمام أهل الحديث في زمانه. وُلِد البخاري (رحمه الله) في شوال سنةَ أربع وتسعين ومائة ، ومات أبوه وهو صغير، فنشأ في حجر أمه ، فألهمه الله حفظ الحديث وهو في المكتب ، وقرأ الكتب المشهورة وهو ابن ست عشرة سنة ، حتى قيل إنه كان يحفظ وهو صبي سبعين ألف حديث سردًا .
شيوخ الإمام البخاري
سمع بمسقط رأسه بخارى من الجعفي المسندي، ومحمد بن سلام البيكندي ، وجماعة ليسوا من كبار شيوخه، ثم رحل إلى بلخ ، وسمع هناك من مكي بن إبراهيم وهو من كبار شيوخه ، وسمع بمرو من عبدان بن عثمان ، وعلي بن الحسن بن شقيق ، وصدقة بن الفضل . وسمع بنيسابور من يحيى بن يحيى ، وجماعة من العلماء ، وبالري من إبراهيم بن موسى .
ثم رحل إلى مكة وسمع هناك من أبي عبد الرحمن المقرئ ، و خلاد بن يحيى ، وحسان بن حسان البصري ، وأبي الوليد أحمد بن محمد الأزرقي ، و الحميدي . وسمع بالمدينة من عبد العزيز الأويسي ، وأيوب بن سليمان بن بلال، وإسماعيل بن أبي أويس .
وأكمل رحلته في العالم الإسلامي آنذاك ، فذهب إلى مصر ثم ذهب إلى الشام وسمع من أبي اليمان ، وآدم بن أبي إياس ، وعلي بن عياش ، وبشر بن شعيب ، وقد سمع من أبي المغيرة عبد القدوس ، وأحمد بن خالد الوهبي ، ومحمد بن يوسف الفريابي ، وأبي مسهر ، وآخرين .
تلاميذة الإمام البخاري
روى عنه خلائق وأمم ، وقد روى الخطيب البغدادي عن الفِرَبْرِيِّ أنه قال : " سمع الصحيح من البخاري معي نحو من سبعين ألفًا ، لم يبقَ منهم أحد غيري " . وقد روى عنه حماد بن شاكر، وإبراهيم بن معقل، وطاهر بن مخلد ، وآخر من حدَّث عنه أبو طلحة منصور بن محمد بن علي البردي النسفي ، وقد تُوفِّي النسفي هذا في سنة تسع وعشرين وثلاثمائة ، ووثَّقه الأمير أبو نصر بن ماكولا . وممن روى عن البخاريِّ مسلمٌ في غير الصحيح ، وكان مسلم تتلمذ له ويعظمه، وروى عنه الترمذي في جامعه ، والنسائي في سننه في قول بعضهم ، وقد دخل بغداد ثماني مرات ، وفي كلٍّ منها يجتمع بالإمام أحمد، فيحثه أحمد على المقام ببغداد ، ويلومه على الإقامة بخراسان .
ملامح شخصية الإمام البخاري
تميَّز الإمام البخاري بصفات عذبة وشمائل كريمة ، لا تتوافر إلا في العلماء المخلصين ، وهذه الصفات هي التيصنعت الإمام البخاري.
1- الإقبال على العلم . قام البخاري بأداء فريضة الحج وعمره ثماني عشرة سنة ، فأقام بمكة يطلب بها الحديث ، ثم رحل بعد ذلك إلى سائر مشايخ الحديث في البلدان التي أمكنته الرحلة إليها ، وكتب عن أكثر من ألف شيخ .
2- الجِدُّ في تحصيل العلم. وقد كان البخاري يستيقظ في الليلة الواحدة من نومه ، فيوقد السراج ويكتب الفائدة تمر بخاطره ، ثم يُطفئ سراجه ، ثم يقوم مرة أخرى وأخرى حتى كان يتعدد منه ذلك قريبًا من عشرين مرة .
3- قوة الحفظ . وقد ذكروا أنه كان ينظر فيالكتاب مرة واحدة، فيحفظه من نظرة واحدة ، والأخبار عنه في ذلك كثيرة .
4- أمير المؤمنين في الحديث . دخل مرة إلى سمرقند فاجتمع بأربعمائة من علماء الحديث بها ، فركَّبوا أسانيد ، وأدخلوا إسناد الشام في إسناد العراق ، وخلطوا الرجال في الأسانيد ، وجعلوا متون الأحاديث على غير أسانيدها، ثم قرءوها على البخاري ، فردَّ كل حديث إلى إسناده ، وقوَّم تلك الأحاديث والأسانيد كلها، وما تعنتوا عليه فيها ، ولم يقدروا أن يجدوا عليه سقطة في إسناد ولا متن ، وكذلك صنع في بغداد .
من كرم البخاري وسماحته
كان لا يفارقه كيسه ، وكان يتصدق بالكثير، فيأخذ بيده صاحبَ الحاجة من أهل الحديث فيناوله ما بين العشرين إلى الثلاثين ، وأقل وأكثر من غير أن يشعر بذلك أحد .
من ورع الإمام البخاري
قال محمد بن إسماعيل البخاري : " ما وضعت في كتاب الصحيح حديثًا إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين " .
وكان الحسين بن محمد السمرقندي يقول : " كان محمد بن إسماعيل مخصوصًا بثلاث خصال، مع ما كان فيه من الخصال المحمودة : كان قليل الكلام ، وكان لايطمع فيما عند الناس،وكان لا يشتغل بأمور الناس ، كل شغله كان في العلم ".
من كلمات البخاري
- " لا أعلم شيئًا يحتاج إليه إلا وهوفي الكتاب والسنة" .
- " ما أردت أن أتكلم بكلام فيه ذكر الدنيا إلا بدأت بحمد الله والثناء عليه.
مؤلفات البخاري
و قد صنَّف البخاري ما يزيد على عشرين مصنفًا ، منها :
- الجامع الصحيح المسند من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه و أيامه ، المعروف بـ
( الجامع الصحيح) .
- الأدب المفرد . وطُبع في الهند والأستانة والقاهرة طبعات متعددة .
- التاريخ الكبير . و هو كتاب كبير في التراجم ، رتب فيه أسماء رواة الحديث على حروف المعجم، وقد طبع في الهند سنة (1362هـ/ 1943م) .
- التاريخ الصغير. و هو تاريخ مختصر للنبي صلى الله عليه وسلم و أصحابه ، و من جاء بعدهم من الرواة إلى سنة (256هـ / 870م) ، و طبع الكتاب أولَ مرة بالهند سنة (1325هـ/ 1907م) .
- خلق أفعال العباد . و طبع بالهند سنة (1306هـ/ 1888م) .
- رفع اليدين في الصلاة . وطبع في الهند أولَ مرة سنة (1256هـ / 1840م) ، مع ترجمة له بالأوردية .
- الكُنى . وطبع بالهند سنة (1360هـ / 1941م) .
و له كتب مخطوطة لم تُطبع بعدُ ، مثل : التاريخ الأوسط ، والتفسير الكبير .صحيح البخاري
هو أشهر كتب البخاري ، بل هو أشهر كتب الحديث النبوي قاطبةً . بذل فيه صاحبه جهدًا خارقًا ، وانتقل في تأليفه وجمعه وترتيبه وتبويبه ستة عشر عامًا ، هي مدة رحلته الشاقة في طلب الحديث . ويذكر البخاري السبب الذي جعله ينهض إلى هذا العمل ، فيقول : " كنت عند إسحاق بن راهويه ، فقال : لو جمعتم كتابًا مختصرًا لصحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فوقع ذلك في قلبي ، فأخذت في جمع (الجامع الصحيح) ".
وعدد أحاديث الكتاب 7275 حديثًا، اختارها من بين ستمائة ألف حديث كانت تحت يديه ؛ لأنه كان مدقِّقًا في قبول الرواية ، واشترط شروطًا خاصة في رواية راوي الحديث ، وهي أن يكون معاصرًا لمن يروي عنه ، وأن يسمع الحديث منه ، أي أنه اشترط الرؤية والسماع معًا ، هذا إلى جانب الثقة والعدالة والضبط والإتقان والعلم والورع .
و كان البخاري لا يضع حديثًا في كتابه إلا اغتسل قبل ذلك وصلى ركعتين . وابتدأ البخاري تأليف كتابه في المسجد الحرام والمسجد النبوي ، ولم يتعجل إخراجه للناس بعد أن فرغ منه ، ولكن عاود النظر فيه مرة بعد أخرى ، وتعهده بالمراجعة والتنقيح ؛ ولذلك صنفه ثلاث مرات حتى خرج على الصورة التي عليها الآن .
وقد استحسن شيوخ البخاري وأقرانه من المحدِّثين كتابه ، بعد أن عرضه عليهم ، وكان منهم جهابذة الحديث ، مثل : أحمد بن حنبل ، وعلي بن المديني ، ويحيى بن معين ؛ فشهدوا له بصحة ما فيه من الحديث ، ثم تلقته الأمة بعدهم بالقبول باعتباره أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى .
وقد أقبل العلماء على كتاب الجامع الصحيح بالشرح والتعليق والدراسة ، بل امتدت العناية به إلى العلماء من غير المسلمين ؛ حيث دُرس وتُرجم ، وكُتبت حوله عشرات الكتب.
ثناء العلماء على الإمام البخاري
قال أبو نعيم أحمد بن حماد : " هو فقيه هذه الأمة " . وكذا قال يعقوب بن إبراهيم الدورقي ، ومنهم من فضَّله في الفقه والحديث على الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه . وقال قتيبة بن سعيد : " رحل إليَّ من شرق الأرض وغربها خلق ، فما رحل إليَّ مثل محمد بن إسماعيل البخاري ".
وقال أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي : " محمد بن إسماعيل البخاري أفقهنا وأعلمنا و أغوصنا وأكثرنا طلبًا " . وقال إسحاق بن راهويه : "هو أبصر مني " . وقال أبو حاتم الرازي : " محمد بن إسماعيل أعلم من دخل العراق " .
وقد أثنى عليه علماء زمانه من شيوخه وأقرانه ؛ قال الإمام أحمد : " ما أخرجت خراسان مثله ". و قال علي بن المديني : " لم ير البخاري مثل نفسه " . وقال إسحاق بن راهويه : " لو كان في زمن الحسن لاحتاج الناس إليه في الحديث ومعرفته وفقهه " . وقال أبو بكر بن أبي شيبة ، ومحمد بن عبد الله بن نمير: " ما رأينا مثله ". وقال علي بن حجر: " لا أعلم مثله ".
وفاة الإمام البخاري
كانت وفاته ليلة عيد الفطر سنةَ ستٍّ وخمسين ومائتين ، وكان ليلة السبت عند صلاة العشاء ، وصلى عليه يوم العيد بعد الظهر ، وكُفِّن في ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عمامة وفق ما أوصى به ، وحينما دفن فاحت من قبره رائحة غالية أطيب من ريح المسك ، ثم دام ذلك أيامًا ، ثم جعلت ترى سواري بيض بحذاء قبره ، وكان عمره يوم مات ثنتين وستين سنة . رحمه الله رحمة واسعة ، وأسكنه فسيح جناته .
المراجع
- البداية و النهاية ، ابن كثير .
- الوافي في الوفيات ، صلاح الدين الصفدي .
- سير أعلام النبلاء ، الذهبي .
- تهذيب الكمال ، ج1، ص516 .
بحث وتقديم ناطق ابراهيم العبيدي