المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : علاقة محمد صلى الله عليه وسلم، بجبريل عليه السلام.


عطر الزنبق
01-18-2025, 08:27 PM
علاقة محمد صلى الله عليه وسلم، بجبريل عليه السلام


ارتبط ذكر الأنبياء، وفي مقدمتهم جبريل عليه السلام بالأنبياء جميعا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم خاصة، وسأتعرض في هذا البحث للعلاقة التي جمعت محمد صلى الله عليه وسلم بجبريل، وذلك عبر المحاور التالية:
تعريف بجبريل عليه السلام:
• مكانته عند الله تعالى.
• أول لقاء للنبي صلى الله عليه وسلم بجبريل.
• صُور لقاء النبي صلى الله عليه وسلم بجبريل.
• جبريل معلِّم النبي صلى الله عليه وسلم ومعلِّم الناس.
• علاقة الوِد بين النبي صلى الله عليه وسلم وجبريل.
• خلاصة.
وفيما يلي عرض وتحليل لهذه المحاور:
1- تعريف بجبريل عليه السلام:
أ‌- اسمه:
جبريل اسم عِبراني للملَك المرسل من الله تعالى بالوحي لرسله. وفيه لغات أشهرها جبريل كقِطمير، وهي لغة أهل الحجاز، وبها قرأ الجمهور.. وجَبرَئيل بفتح الجيم أيضا وفتح الراء، وبين الراء والياء همزة مكسورة، وهي لغة تميم وقيس، وبعض أهل نجد، وقرأ بها حمزة والكِسائي.
وهو اسم مركب من كلِمتين: كلمة جبر وكلمة إيل، فأما كلمة جبر فمعناها نقلا عن العبرانية: عبد، وأما كلمة ايل فهي اسم من أسماء الله تعالى.[1]
ومن أسماء جبريل "الناموس"[2]. وورد ذلك في حديث بدء الوحي، حيث قال ورقة بن نوفل قريب خديجة عن الحالة التي عرضت للنبي صلى الله عليه وسلم بغار حِراء: "هذا الناموس الذي نزّل الله على موسى" وقال الهروي: " سُمِّي بذلك لأن الله تعالى خصه بالغيب والوحي".[3]
ب‌- صفاته:
اتصف جبريل عليه السلام في القرآن الكريم بعدة صفات منها:
♦ رُوح: قال تعالى: ﴿ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ﴾ [الشعراء: 193]، وقال عز وجل: ﴿ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ﴾ [البقرة: 87]. وإنما لُقِّب جبريل بالروح؛ لأن الملائكة مجردات من عالم الروحانيات. وقد كوَّنه الله تعالى روحا من عنده من غير ولادة والد، كما سمى الله تعالى عيسى بن مريم روحا لولادته من غير والد[4].

وقد وُصف جبريل في الآية الأولى بالروح الأمين؛ لأن الله تعالى أمَّنه على الوحي، فهو لا يزيد فيه ولا ينقص، في حين وُصف في الآية الثانية بروح القدس أي الطهر.
♦ ذو القوة: ورد هذا الوصف في قوله تعالى: ﴿ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ ﴾ [التكوير: 20]، كما ورد في قوله تعالى: ﴿ ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى ﴾ [النجم: 6]؛ حيث "ذو مِرَّة" معناه: ذو القوة[5]. ومعنى "ذو القوة" أي شديد المقدرة على أداء ما كُلف به، حيث أعطاه الله تعالى مقدرة تُخوِّله أن يقوم بعظيم ما يُوكله الله به مما هو محتاج إلى قوة القدرة وقوة التدبير[6]؛ فهو أقوى الملائكة على الإطلاق وأفضلهم.
فلجبريل عليه السلام استطاعة تنفيذ ما أمر الله به من الأعمال العظيمة العقلية والجسمانية، "وتخصيص جبريل بوصف "شديد القُوى" يُشعر بأنه الملك الذي ينزل بفيوضات الحكمة على الرسل والأنبياء، ولذلك لما ناول المَلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء كأس لبن وكأس خمر، فاختار اللبن، قال له جبريل: اخترت الفطرة، ولو أخذت الخمر غوت أمتك "[7].
ولجبريل -إلى جانب قوته الجسمانية- قوة مجازية تتمثل في الثبات في أداء ما أرسل به، كما يظهر في قوله تعالى: ﴿ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ﴾ [النجم: 5]. لأن المناسب لتعليم النبي صلى الله عليه وسلم قوة النفس[8]؛ فجبريل" قوي على إيصال الوحي الى الرسول صلى الله عليه وسلم، ومنعه من اختلاس الشياطين له، أو إدخالهم فيه ما ليس منه"[9]، وهذا كله من باب حفظ الوحي وتبليغه كاملا إلى البشرية.
♦ كريم: وقد وُصف جبريل بهذا الوصف في قوله تعالى: ﴿ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ﴾ [التكوير: 19]، ومعناه: النفيس في نوعه[10]، وكثير الأخلاق الحميدة، فهو أفضل الملائكة وأعظمهم رتبة عند ربه[11].
♦ مُطاع: وقد ورد في قوله عز وجل في سورة التكوير: ﴿ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ﴾ [التكوير: 19 - 21]. ومعناه أن الملائكة تطيعه في الملأ الأعلى كطاعة الجند للقائد.
♦ أمين: وقد ورد في نفس الآيات السابقة: ﴿ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ﴾ ومعنى الأمانة: حفظ ما عُهد له به حتى يؤديه دون نقص ولا تغيير، فهو أمين السماء كما أن نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم أمين الأرض.
2- مكانة جبريل عند المولى عز وجل:
وُصف جبريل عليه السلام بقوله تعالى: ﴿ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ ﴾ [التكوير: 20]، و " المكين: فعيل صفة مشبهة من مكُن بضم الكاف مكانة: إذا علت رتبته عند غيره، قال تعالى في قصة يوسف مع الملِك: ﴿ فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ ﴾ [يوسف: 54]"[12]، فجبريل عليه السلام علت مكانته عند الله تعالى؛ فهو بمنزلة رفيعة فوق منازل الملائكة كلهم، والعندية في قوله تعالى: ﴿ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ ﴾" عندية تعظيم وعناية ف ﴿ عِنْدَ ﴾ للمكان المجازي الذي هو بمعنى الاختصاص والزلفى)[13]
3- أول لقاء للنبي صلى الله عليه وسلم بجبريل:
أول لقاء بين النبي صلى الله عليه وسلم و جبريل عليه السلام كان في غار حِراء عند بداية نزول الوحي[14]، فعن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: كَانَ أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةَ فِي النَّوْمِ. فَكَانَ لاَ يَرَى رُؤْيَا إِلاَّ جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ. ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلاَءُ، فَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ يَتَحَنَّثُ فِيهِ، (وَهُوَ التَّعَبُّدُ) اللَّيَالِيَ أُولاَتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ، وَيَتَزَوَّدُ لِذلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا حَتَّى فَجِئَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ: اقْرَأْ. قَالَ: "مَا أَنَا بِقَارِئٍ" قَالَ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ. قَالَ قُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، قَالَ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ. فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ. ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [العلق: 1 - 5] فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ فَقَالَ: "زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي" فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ. ثُمَّ قَالَ لِخَدِيجَةَ: "أَيْ خَدِيجَةُ! مَا لِي" وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ. قَالَ: "لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي"[15].
فهذا اللقاء المباغت والقوي بجبريل عليه السلام جعل النبي صلى الله عليه وسلم يرجف فَرقا وخوفا، لأن جبريل عليه السلام غطَّه أي عصره وضمّه حتى بلغ الجهد من النبي صلى الله عليه وسلم غايته ومبلغه[16]، فخاف النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال: " لقد خشيت على نفسي"[17]، وذهب إلى خديجة رضي الله عنها يقول: " زملوني زمِّلوني فزمَّلوه حتى ذهب عنه الروع"، فكان موقف خديجة رضي الله عنها موقف الزوجة المساندة لزوجها، حيث ثبتته وطمْأنته بقولها: "كلَّا! والله ما يخزيك الله أبدًا؛ إنك لتصل الرحم، وتصدُقُ الحديثَ، وتَحمِل الكَلَّ، وتَكسِبُ المعدومَ، وتَقري الضيف، وتعين على نوائب الحق" ثم ذهبت به إلى ورقة بن نوفل، وكان امرأ تنصر في الجاهلية، فلما أخبره بالخبر، قال: " هذا الناموس الذي نزل الله على موسى"، وإنما أدرك ورقة كون جبريل عليه السلام هو من نزل على النبي صلى الله عليه وسلم لأنه متمكن من معرفة دين النصارى؛" بحيث أنه صار يتصرف في الإنجيل، فيكتب أي موضع شاء منه بالعبرانية إن شاء والعربية إن شاء"[18]، فقد جاء في صحيح البخاري:" فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ابن عم خديجة وكان امرأ قد تنصر في الجاهلية وكان يكتب الكتاب العبراني فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب"[19]، وجاء في صحيح مسلم: " وكان يكتب الكتاب العربي ويكتب من الإنجيل بالعربية ما شاء الله تعالى أن يكتب"[20].
4- صور لقاء النبي صلى الله عليه وسلم بجبريل:
رأى النبي صلى الله عليه وسلم جبريل مرتين على صورته الحقيقية، ورآه مرات بصورة بشرية، وغالبا ما كان يأتي بصورة الصحابي الجليل دِحية الكلبي.
أولا: رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل على صورته الحقيقية:
رأى النبي صلى الله عليه وسلم جبريل على صورته الحقيقية مرتين؛ مرة في أجياد، ومرة عند سِدرة المنتهى عند عروجه إلى السماء. وقد ورد ذلك في صحيح مسلم، فعن عائشة رضي الله عنها، قالت: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله عز وجل: (ولقد رآه بالأفق المُبين) التكوير 23و (لقد رآه نزلة أخرى) النجم 13، فقال: " إنما هو جبريل لم أره على صورته التي خُلق عليها غير هاتين المرتين رأيته منهبطا من السماء سادا( أي مالئا) عظم خلقه ما بين السماء والأرض"[21]. وفيما يلي تفصيل لكلا الرؤيتين:
الرؤية الأولى: وكانت عندما فتر الوحي؛ ففي صحيح مسلم عن جابر قال: قال رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم وهو يُحدِّث عن فترة الوحي: "فبينما أنا أمشي سمِعت صوتا من السماء فرفعت رأسي، فإذا المَلك الذي جاءني بِحراء جالِسا بين السماء والأرض... فجُئِثت[22] منه فَرقا، فرجعت فقلت: زمِّلوني زملوني، فدثروني فأنزل الله تعالى: (يا أيها المدثر قم فأنذر) قال: ثم تتابع الوحي"[23].
وقد وردت هذه الرؤية في قوله عز وجل: ﴿ وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ ﴾ [التكوير: 23]. وذهب المفسرون إلى أن وصف الأفق بالمبين أي الواضح البين للدلالة على أن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه السلام رؤية حقيقية وليست خيالا[24]. كما قالوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى جبريل له ست مائة جناح قد سد الأفق، وذلك بمكة من جهة جبل أجياد[25] من شرقيه[26].
وقد تكرر ذكر هذه الرؤية في قوله تعالى: ﴿ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ﴾ [النجم: 5 - 9].
ومعنى الدنو والتدلي في الآية: " أن جبريل عليه السلام مع عِظم خلقه وكثرة أجزائه دنا من النبي صلى الله عليه وسلم هذا الدنو"[27].
الرؤية الثانية: كانت ليلة الإسراء والمعراج، وذُكرت في قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ﴾ [النجم: 13، 14]، وجاء عن ابن مسعود أنه قال: قال رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: " رأيت جبريل له ستمائة جناح ينتثِر من ريشه التهاويل: الدر والياقوت "[28].
وعن عبد الله قال: "رأى رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم جبريل في صورته وله ستمائة جناح، كل جناح منها قد سد الأفق يسقط من جناحه من التهاويل والدر والياقوت ما الله به عليم"[29].
ثانيا: تمثُّل جبريل على الصورة البشرية:
كان جبريل يأتي النبي صلى الله عليه وسلم في أغلب الحالات على الصورة البشرية[30]، فهو يأتي على صورة دِحية بن خليفة وهو الأغلب، وقد جاء مرة على صورة أعرابي من الجُفاة، وذلك في الحديث المشهور الذي علّم فيه الصحابة أركان الإسلام والإيمان والإحسان وأشراط الساعة.
وفيما يلي تفصيل لهذه الحالات:
‌أ. جبريل في صورة دِحية:
شبّه النبي صلى الله عليه وسلم جبريل بدحية بن خليفة، فقال عليه الصلاة والسلام: "عُرِضَ عَلَيَّ الأَنْبِيَاءُ. فَإِذَا مُوسَىٰ ضَرْبٌ مِنَ الرِّجَالِ. كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ. وَرَأَيْتُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ. فَإِذَا أَقْرَبُ مَنْ رَأَيْتُ بِهِ شَبَها عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ. وَرَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ صَلَوَاتُ الله عَلَيْهِ. فَإِذَا أَقْرَبُ مَنْ رَأَيْتُ بِهِ شَبَها صَاحِبُكُمْ (يَعْنِي نَفْسَهُ) وَرَأَيْتُ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ. فَإِذَا أَقْرَبُ مَنْ رَأَيْتُ بِهِ شَبَها دِحْيَةُ بْنُ خَلِيفَةَ[31]".
قال ابن حجر رحمه الله في ترجمة دحية بن خليفة الكلبي: (كان يُضرب به المثل في حُسن الصورة، وكان جبريل ينزل على صورته)[32].
ولقد رآى الصحابة رضوان الله عليهم جبريل في صورة دحية، وممن رآه أم سلمة رضي الله عنها، فعن سلمان قال: أُنبئت أن جبريل عليه السلام أتى بيت نبي الله صلى الله عليه وسلم وعنده أم سلمة، قال: فجعل يتحدث، ثم قام، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم لأم سلمة: من هذا؟ أو كما قال، قالت: هذا دحية، قال: فقالت أم سلمة: أيم الله ما حسِبته إلا إياه حتى سمعت خُطبة نبي الله صلى الله عليه وسلم يُخبر خبرنا أو كما قال)[33].
وورد في مسند أحمد عن عائشة رضي الله عنها في قصة الخندق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع إلى المدينة، فوضع السلاح وأمر بقُبة من أدم فضُرِبت على سعد في المسجد، قال: فجاءه جبريل عليه السلام، وإن على ثناياه لنقع الغبار، فقال: أقد وضعت السلاح؟ والله ما وضعت الملائكة بعدُ السلاح، أُخرُج إلى بني قريضة فقاتلهم، قالت: فلبس رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته وأذن في الناس بالرحيل أن يخرجوا، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر على بني غنْم، وهم جيران المسجد حوله، فقال: من مرّبكم؟ فقالوا: مرّ بنا دِحية الكلبي، وكان دحية الكلبي تشبه لحيته وسُنة وجهه جبريل عليه السلام)[34].
‌ب. جبريل في صورة أعرابي مجهول:
جاء جبريل في صورة أعرابي مجهول، وذلك في الحديث الذي جاء عن أركان الإيمان والإسلام والإحسان؛ فقد ورد عند مسلم من حديث عمر رضي الله عنه: (بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ. وَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنْ الْإِسْلَامِ...)[35].
فقد جاء جبريل عليه السلام على صورة أعرابي من جُفاة الأعراب مبالغة في تعمية أمره، ولهذا تخطى الناس حتى انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وورد في رواية أنه لم يُسلِّم بل قال: يا محمد. وقد استغرب الصحابة صنيعه هذا، حيث لم يكن من أهل البلد وليس عليه أثر السفر.[36]
ولما ولَّى جبريل ولم يُدركه الصحابة قال النبي صلى الله عليه وسلم: "سبحان الله هذا جبريل جاء لِيعَلِّم الناس دينهم، والذي نفس محمد بيده، ما جاءني قط إلا وأنا أعرِفه إلاّ أن تكون هذه المرة"[37]
ج- جبريل في صورة مُقاتل:
ورد ذلك في حديث سعد بن أبي وقاص، قال: (رأيت عن يمين الرسول صلى الله عليه وسلم وعن شِماله يوم أحد رَجُلين عليهما ثياب بيض، ما رأيتهما قبل ولا بعد، يعني جبريل وميكائيل عليهما السلام)[38]
وفي الأحاديث السافة الذكر عن تمَثُل جبريل بالصورة البشرية عدة معاني، بيّنَها العلماء، منها:
• أن الملائكة يُمكن أن تتصور على صورة الآدميين، فيَراهم الناس ويَسمعون كلامهم، ولكنهم لا يستطيعون رؤيتهم على صُورِهم الحقيقية لِضُعف القِوى البشرية، يقول القاضي عياض تعليقا على حديث أم سلمة: " ورؤية أم سلمة جبريل في صورة دحية الكلبي دليل على جواز رؤية بعض البشر للملائكة... ولكن لا يعلمون حينئذ أنهم الملائكة؛ إذ لا تحتمِل القِوى البشرية الضعيفة غالبا رُؤيتهم على غير ذلك، قال الله تعالى: ﴿ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا ﴾ [الأنعام: 9]...وفيه أن الملائكة يجبل الله خلقها متى شاء في أي صورة شاء، وأَّن لهم في ذاتهم صُورا خلقهم الله عليها"[39].
• في الأحاديث مَنقبة للصحابة الذين رأوا الملائكة، ومنهم أم سلمة -وسعد بن أبي وقاص- عِمران بن حصين- عائشة رضي الله عنها- عمر بن الخطاب وغيرهم...يقول النووي تعليقا على حديث سعد بن أبي وقاص: (إن رؤية الملائكة لا تختص بالأنبياء بل يراهم الصحابة والأولياء)[40]
5- جبريل مُعلِّم النبي صلى الله عليه وسلم ومُعلِّم الناس:
كان جبريل عليه السلام مُعلِّم النبي صلى الله عليه وسلم، ومُعلِّم الأنبياء قبله؛ فهو المُكلف بالوحي، وهو " الذي ينزل بفُيوضات الحكمة على الرسل والأنبياء" [41]
وقد تميز جبريل بصفات تُؤهله لعملية التعليم ومنها:
• القوة: وهي واردة في قوله تعالى: ﴿ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ ﴾ [التكوير: 20]، وفي قوله تعالى: ﴿ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ﴾ [النجم: 5]. ومعنى القوة هنا: قوة النفس والثبات في أداء ما أُرسل به[42]. أي " القوة على إيصال الوحي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ومنعه من اختلاس الشياطين له، أو إدخالهم فيه ما ليس منه"[43].
فإلى جانب قوة الذات يتميز جبريل بالقوة المعنوية، وهي متانة العقل وأصالته، وهو ما يُحتاج إليه في تعليم الأنبياء، وإيصال الوحي إليهم.
• الأمانة: ومعناها أن الله عز وجل أمَّن جبريل على الوحي، فهو " يحفظ ما عُهد له به حتى يُؤديه دون نقص ولا تغيير"[44].
وقد علَّم جبريل النبي صلى الله عليه وسلم الوحي كما علَّمه الدين وأوقات الصلوات، وفيما يلي عرض لكل ذلك على حدة:
‌أ. تعليم الوحي:
جبريل هو معلِّم الوحي ومُلقِّنه للنبي صلى الله عليه وسلم، يظهر ذلك في قوله تعالى: ﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ﴾ [النجم: 4، 5]، فالتلقي في الحقيقة هو عن الله عز وجل، قال تعالى: ﴿ وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ ﴾ [النمل: 6]، إلا أن الواسطة هو جبريل عليه السلام، الذي كان يتنزل على النبي صلى الله عليه وسلم في كل الأحوال، قال عز وجل: ﴿ وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا ﴾ [الفرقان: 33]. وقد تميَّز نزول القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم بالشِّدة، قال تعالى: ﴿ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ﴾ [المزمل: 5]، قال ابن عباس: " كان يُعالج من التنزيل شِدَّة"[45].
وقد ظهرت هذه الشِدَّة من أول لقاء بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين جبريل؛ حيث جاء في الحديث: (فغطَّني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني)[46]، فدلَّت طريقة نزول أول آيات من القرآن الكريم على النبي صلى الله عليه وسلم على ما سيُكابده بعد ذلك من جهد ومشقة في تلقي الوحي.
وكان جبريل يُدارس النبي صلى الله عليه وسلم القرآن خاصة في رمضان وعارضه إياه في السنة الأخيرة مرتين، فكان ربما عرض جبريل القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يسمع،، كما جاء في حديث فاطمة رضي الله عنها تحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أن جبريل يعارض بالقرآن في كل سنة، وإنه عارضني العام مرتين"[47]، وفي رواية: " إن جبريل عليه السلام كان يلقاه في كل سنة في رمضان حتى ينسلِخ فيعرض عليه القرآن" والمعنى: (يستعرِضه ما أقرأه إياه)[48] ، وربما كان النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يعرِض القرآن على جبريل أي ما نزل منه، يدل على ذلك رواية ابن عباس:" كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود بالخير، وأجود ما يكون في رمضان لأن جبريل كان يلقاه في كل ليلة في شهر رمضان حتى ينسلِخ يعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن"[49].
فطريقة النبي صلى الله عليه وسلم في تلقي القرآن هي ما يُسمى بالعرض والسماع[50]، أي كلا منهما يعرِض على الآخر القرآن، وهو معنى كلمة "المدارسة" الواردة في حديث: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان فيُدارسه القرآن، فلرسول الله أجود بالخير من الريح المُرسلة) [51].
حرص النبي صلى الله عليه وسلم على حفظ القرآن:
كان النبي صلى الله عليه وسلم لحِرصه على حِفظ القرآن يُسابق المَلَك في قِراءته قبل أن يَفرغ[52]، وكلما قال جبريل آية قالها معه، فأرشده الله تعالى إلى عدم الاستعجال و إلى الإنصات حتى ينتهي جبريل، فإذا انتهى أُمِر أن يقرأ بالطريقة التي أقرأها إياه جبريل، ويُقرئ بها أصحابه. قال تعالى: ﴿ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ ﴾ [طه: 114]، قال ابن عباس: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعالج من التنزيل شِدّة، وكان مما يُحرِّك شفتيه، فقال اين عباس: فأنا أحرِّكهما لكم كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحرِّكهما فأنزل الله تعالى: ﴿ لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ﴾ [القيامة: 16 - 17] قال: جَمْعُه لك في صدرك وتقرَأَه﴿ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ﴾ قال: فاستمِع له وأنصِت ٍ﴿ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ﴾ ثم إن علينا أن تقرأَه، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إذا أتاه جبريل استمع، فإذا انطلق جبريل قرأه النبي صلى الله عليه وسلم كما قرأه)[53].
وقال ابن كثير: " كان إذا جاءه جبريل بالوحي، كلما قال جبريل آية قالها معه من شدة حرصه على حفظ القرآن، فأرشده الله تعالى إلى ما هو الأسهل والأخف في حقه لئلا يشِق عليه " فقال تعالى: ﴿ لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ﴾ [القيامة: 16 - 19] أي أن الله تعالى ضمن له حفظ القرآن وجمعه في صدره فلا ينسى منه شيئا)[54].
وقال السعدي: " فوعده بحفظ لفظه وحفظ معانيه، وهذا أعلى ما يكون، فامتثل صلى الله عليه وسلم لأدب ربه، فكان إذا تلا عليه جبريل القرآن بعد هذا أنصت له فإذا فرغ قرأه)[55].
‌ب. تعليم الدين:
جاء بيان أصول الدين وأركانه في حديث أبي هريرة قال:
كَانَ رَسُولُ اللّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْما بَارِزا لِلنَّاسِ. فَأَتَاهُ رَجُلٌ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ مَا الإِيمَانُ؟ قَالَ: "أَنْ تُؤْمِنَ بِالله وَمَلاَئِكَتِهِ وَكِتَابِهِ وَلِقَائِهِ وَرُسُلِهِ وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ الآخِرِ" قَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ! مَا الإِسْلاَمُ؟ قَالَ: "الإِسْلاَمُ أَنْ تَعْبُدَ الله لاَ تُشْرِكَ بِهِ شَيْئا، وَتُقِيمَ الصَّلاَةَ الْمَكْتُوبَةَ، وَتُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ". قَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ! مَا الإِحْسَانُ؟ قَالَ: "أَنْ تَعْبُدَ الله كَأَنَّكَ تَرَاهُ. فَإِنَّكَ إِنْ لاَ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ". قَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ! مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: "مَا الْمَسْؤُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ. وَلٰكِنْ سَأُحَدِّثُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا: إِذَا وَلَدَتِ الأَمَةُ رَبَّهَا فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا. وَإِذَا كَانَتِ الْعُرَاةُ الْحُفَاةُ رُؤوسَ النَّاسِ فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا. وَإِذَا تَطَاوَلَ رِعَاءُ الْبَهْمِ فِي الْبُنْيَانِ فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا، فِي خَمْسٍ لاَ يَعْلَمُهُنَّ إِلاَّ الله" ثُمَّ تَلاَ: ﴿ إِنَّ الله عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ. إِنَّ الله عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [لقمان: 34] قَالَ ثُمَّ أَدْبَرَ الرَّجُلُ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "رُدُّوا عَلَيَّ الرَّجُلَ" فَأَخَذُوا لِيَرُدُّوهُ فَلَمْ يَرَوْا شَيْئا. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ -صلى الله عليه وسلم- "هٰذَا جِبْرِيلُ. جَاءَ لِيُعَلِّمَ النَّاسَ دِينَهُمْ[56].
فقد صرح النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث بأن جبريل جاء يُعلِّم الناس الدين، وورد في بعض الروايات أنه كان يُصدِّق على جواب النبي صلى الله عليه وسلم، فتعجَّب الصحابة لذلك، ففي رواية: " فعجِبنا له يسأله ويُصدِّقه"[57]وفي رواية أخرى: (انظروا وهو يسأله وهو يُصدِّقه كأنه أعلم منه)[58]يقول القرطبي: (إنما عجِبوا من ذلك لأن ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم لا يُعرف( من جهته) وليس هذا السائل ممن عُرِف بلقاء النبي صلى الله عليه وسلم ولا بالسماع منه، ثم هو يسأل سؤال عارف بما يسأل عنه، لأنه يُخبره بأنه صادق فيه، فتعجبوا من ذلك تعجُب المُستبعِد لذلك والله أعلم)[59]
وحيث جاء جبريل في هذا الحديث مُعلِّما فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالأخذ عنه، ففي رِواية التيمي: (ثم نهض فولَّى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عَليّ بالرجل، فطلبناه كل مطلب فلم نقدِر عليه، فقال: هل تدرون من هذا؟ هذا جبريل أتاكم يُعلِّمكم دينكم خذوا عنه، فو الذي نفسي بيده ما شُبِّه عليّ منذ أتاني قبل مرَّتي هذه وما عرفته حتى ولّى)[60]. يقول ابن حجر: "وفي إسناد التعليم إلى جبريل مجازي لأنه كان السبب في الجواب فلِذلك أمِر بالأخذ عنه."[61].
ج- تعليم أوقات الصلاة:
بعد أن فرض الله عز وجل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء، جاءه جبريل عليه السلام في صبيحة اليوم التالي[62]، فصلى به الظهر وبقية الصلوات يُعلِّمه مواقيتها، فعن ابن شهاب أن عمر بن عبد العزيز أخر الصلاة يوما فدخل عليه عُروة بن الزبير فأخبره أن المُغيرة بن شُعبة أخر الصلاة يوما وهو بالعراق، فدخل عليه أبو مسعود الأنصاري فقال: ما هذا يا مُغيرة أليس قد علِمت أن جبريل نزل فصلّى فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم صلى فصلى الرسول صلى الله عليه وسلم ثم صلى فصلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم صلى فصلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم صلى فصلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم قال: بهذا أُمِرتُ"[63].
يقول ابن رجب الحنبلي: (هذا الحديث يدل على أن مواقيت الصلوات الخمس بينها جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم بفعله، فكان ينزل فيصلي به كل صلاة في وقتها إلى أن بين له مواقيتها كلها، وكان ذلك في أول ما افتُرِضت الصلوات الخمس، وقد رُوي في ذلك أحاديث متعددة، ولم يُخرّج في الصحيحين منها غير حديث أبي مسعود هذا) [64].
ففي الحديث السابق بيان جبريل مواقيت الصلوات للنبي صلى الله عليه وسلم بشكل مُجمل، وقد بُيِّنت هذه المواقيت بشكل مُفصل في حديث جابر، قال: (جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين زالت الشمس، فقال: قم يا محمد فصلِّ الظهر حين مالت الشمس، ثم مكث حتى إذا كان فيء الرجل مثلَه جاءه للعصر فقال: قم يا محمد فصل العصر، ثم مكث حتى إذا غابت الشمس جاءه فقال: قم فصلِّ المغرب، فقام فصلاها حين غابت الشمس سواء، ثم مكث حتى إذا ذهب الشفق جاءه فقال: قم فصلِّ العِشاء، فقام فصلاها، ثم جاءه جبريل حين سطع الفجر في الصبح، فقال: قم يا محمد فصلِّ، فقام فصلى الصبح، ثم جاء من الغد حين كان فيء الرجل مِثله فقال: قم يا محمد فصل، فصلى الظهر، ثم جاءه جبريل عليه السلام حين كان فيء الرجل مِثليه، فقال: قم يا محمد فصل، فصلى العصر، ثم جاءه للمغرب حين غربت الشمس وقتا واحدا لم يزُل عنه فقال: قم فصل، فصلى المغرب، ثم جاءه للعشاء حين ذهب ثلث الليل الأول، فقال: قم فصل، فصلى العشاء، ثم جاءه للصبح حين أسفر جدا، فقال: قم فصل، فصلى الصبح، فقال: ما بين هذين وقت كله)[65].
ففي هذا الحديث بيان مواقيت الصلوات بتفصيل، وقد كان ذلك في يومين متتابعين حيث بين جبريل في اليوم الأول أول الوقت، وبين في اليوم الثاني آخره.
وكون جبريل ينزل لتعليم الأمة مواقيت الصلاة بشكل عملي دليل أولا على أهميتها، ودليل ثانيا على أهمية إيقاعها في وقتها، يؤكد ذلك قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾ [النساء: 103]، وقوله عليه الصلاة والسلام: "أفضل الأعمال الصلاة لوقتها"[66]

6- علاقة الوِد بين النبي صلى الله عليه وسلم وجبريل:
كانت بين النبي صلى الله عليه وسلم وجبريل عليه السلام علاقة ودية خاصة، ويظهر ذلك فيما يلي:
أ‌- شوقه عليه الصلاة والسلام لجبريل:
فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يا جبريل ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا" فنزلت: ﴿ وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا ﴾ [مريم: 64][67]. وعن قتادة رضي الله عنه: " ﴿ وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا ﴾ قال: هذا قول جبريل، احتبس جبريل في بعض الوحي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ما جئتَ حتى اشتقتُ إليك" فقال له جبريل: ﴿ وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا ﴾[68].
ب‌- رُقية جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم:
كان جبريل عليه السلام يُرقي النبي عليه الصلاة والسلام، وفي ذلك تعليم لنا من جهة بكيفية الرُّقية وأهميتها، وبيان مدى اهتمام جبريل وشفقته وحبه للنبي صلى الله عليه وسلم، فعن عائشة رضي الله عنها أنها قال: "كان إذا اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم رقاه جبريل فقال: "ياسم الله يُبريك، ومن كل داء يشفيك، ومن شر حاسد إذا حسد وشر كل ذي عين "[69]
وعن أبي سعيد أن ىجبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد اشتكيتَ؟ فقال: نعم، قال: " بسم الله أرقيك من كل شيء يُؤذيك، من شر كل نفس، أو عين حاسد، الله يشفيك، باسم الله أرقيك"[70].
ج- مقاتلة جبريل عن النبي صلى الله عليه وسلم:
كانت الملائكة تقاتل مع المؤمنين ومع النبي صلى الله عليه وسلم، كما ثبت ذلك يوم بدر؛ حين قال تعالى: ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ ﴾ [الأنفال: 9]. وقد روى البخاري في صحيحه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر: " هذا جبريل آخذ برأس فرسه عليه أداة الحرب"[71].
وروى أيضا من حديث رِفاعة بن رافع الزرقي عن أبيه -وكان أبوه من أهل بدر- قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما تعدون أهل بدر فيكم؟ قال: "من أفضل المسلمين" أو كلمة نحوها، قال: وكذلك من شهِد بدرا من الملائكة"[72].
وعن سعد بن أبي وقاص قال: (رأيت عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن شِماله يوم أُحد رجلين عليهما ثياب بيض ما رأيتهما قبل ولا بعد، يعني جبريل وميكائيل عليهما السلام)[73]. يقول النووي في شرحه للحديث: " وفي الرواية الأخرى: " أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره يُقاتلان عنه كأشد القتال" فيه بيان كرامة النبي صلى الله عليه وسلم على الله تعالى، وإكرامه إياه بإنزاله الملائكة تُقاتل معه، وبيان أن الملائكة تُقاتل وأن قتالهم لم يختص بيم بدر"[74].
د- تأثر النبي صلى الله عليه وسلم بلقاء جبريل:
يظهر ذلك في رمضان، حيث يصير النبي صلى الله عليه وسلم أكثر جودا بعد لِقائه بجبريل، فعن ابن عباس، قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في شهر رمضان، إن جبريل عليه السلام كان يلقاه في كل سنة في رمضان حتى ينسلخ، فيعرِض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن، فإذا لقيه جبريل، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المُرسلة)[75]. يقول النووي في شرحه للحديث: (وفي هذا الحديث فوائد منها بيان عظيم جوده صلى الله عليه وسلم، ومنها استحباب إكثار الجود في رمضان، ومنها زيادة الجود والخير عند ملاقاة الصالحين عقِب فِراقهم للتأثر بلِقائهم)[76].
خلاصة:
إن العلاقة الخاصة التي جمعت بين النبي صلى الله عليه وسلم وهو من البشر بجبريل المَلَك لتُعبر في حقيقتها عن علاقة السماء بالأرض، تلك العلاقة التي بدأت منذ نزول أول آيات من الوحي: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾ [العلق: 1] فالكون كله بسمائه وأرضه، بملائكته وإنسه وجنِّه، بمخلوقاته كلِّها في تناغم شامل؛ إذ كلٌّ يُسبح بحمد الله تعالى: " وإن من شيء إلا يُسبِّح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم".
وكلما سما الإنسان بروحه وزكى نفسه بالطاعات، إلا واقترب أكثر من مصاف الملائكة المُطيعة لِربِّها دوما، يقول النبي صلى الله عليه وسلم عن قراء القرآن: "الماهِر بالقرآن مع السفرة الكِرام البررة"[77]. فمعنى السفرة الكِرام،؛ أي الملائكة.
وعن حنظلة قال: لَقيني أبو بكر فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ قال،: قلت: نافق حنظلة، قال: سبحان الله ما تقول؟ قال: قلت: نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يُذكِّرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات فنسينا كثيرا. قال أبو بكر: فوالله إنا لنلقى مثل هذا. فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: نافق حنظلة يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وما ذاك؟) قلت يا رسول الله نكون عندك تُذكِّرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات و نسينا كثيرا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " والذي نفسي بيده إن لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فُرُشِكم وفي طُرقِكم، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة)ثلاث مرات.[78]


[1] ابن عاشور في تفسير سورة البقرة الآية: 97.
وقد ورد في تفسير ابن عطية لنفس الآية: أن إيل اسم الله تعالى، ويُقال فيه: إلّ، ومنه قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه حين سمع سجع مسيلمة: هذا كلام لم يخرج من إلّ.

[2] قال أهل اللغة وغريب الحديث: الناموس في اللغة صاحب سر الخير، والجاسوس صاحب سر الشر، انظر شرح النووي 2/200. ( الجامع للحديث النبوي www.sonnaonline.com)

[3] انظر شرح النووي 2 /197-205.

[4] انظر الطبري، البقرة 87

[5] انظر الطبري، النجم 6

[6] انظر ابن عاشور، التكوير 20.

[7] ابن عاشور ، النجم 5

[8] ابن عاشور ، التكوير 20

[9] السعدي، النجم 5

[10] ابن عاشور، التكوير 19

[11] السعدي، التكوير 19

[12] انظر ابن عاشور، التكوير 20

[13] المرجع السابق.

[14] أول لقاء في الحقيقة كان قبل ذلك بكثير في حادثة شق الصدر حين كان النبي صلى الله عليه وسلم يبلغ من العمر أربع أو خمس سنوات، غير أنه لا يعتبر لقاء بالمعنى المعروف، إذ أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يع عملية شق الصدر وتطهيره.

[15] صحيح البخاري، كتاب بدء الوحي، باب: بدء الوحي.

[16] جاء في شرح النووي على مسلم: ( الحكمة في الغط شغله من الالتفات والمبالغة في أمره بإحضار قلبه لما يقوله له، وكرره ثلاثة مبالغة في التنبيه) شرح النووي على مسلم 2 /197-205

[17] فسر العلماء هذه الخشية بأنها قد تكون مما يلي: الجنون- الموت من شدة الرعب- المرض...انظر فتح الباري 1 /53. ( الجامع للحديث النبوي www.sonnaonline.com)

[18] شرح النووي على مسلم 2 /197-205 .

[19] صحيح البخاري، كتاب بدء الوحي، باب: بدء الوحي.

[20] صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب: بدء الوحي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.

[21] صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب: في ذكر سدرة المنتهى.

[22] وردت الكلِمة برواية أخرى هي فجُثِثت منه فرَقا حتى هويت إلى الأرض، ومعنى الكلِمتين معا: فزِعت ورعبت.

[23] صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب: بدء الوحي إلى رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم.

[24] انظر ابن عاشور، (التكوير 23)

[25] أجياد: موضع بأسفل مكة معروف من شِعابها. انظر لسان العرب (جيد)

[26] انظر ابن عاشور، (التكوير 23)

[27] شرح النووي 3 /9.

[28] رواه ابن كثير في تفسير سورة النجم 13، وقال عنه: هذا إسناد جيد قوي.، ورواه الإمام أحمد في مسند عبد الله بن مسعود.

[29] ابن كثير، (النجم 13) وقال: إسناده حسن.

[30] بينا سابقا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ير جبريل على صورته الحقيقية إلا مرتين.

[31] صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب: الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم.

[32] كتاب الإصابة 1 /473.

[33] صحيح البخاري، كتاب المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام.

[34] مسند أحمد - مسند الأنصار- الملحق المستدرك من مسند الأنصار، حديث السيدة عائشة رضي الله عنها ( فوضع السلاح وأمر بقُبة من أدم فضُرِبت على سعد)

[35] صحيح مسلم، كتاب: الإيمان، باب: معرفة الإيمان والإسلام والقدر وعلامة الساعة.

[36] انظر فتح الباري 1/ 207.

[37] مسند أحمد، مسند الشاميين، حديث أبي عامِر الأشعري ( ما الإسلام؟)

[38] صحيح مسلم، كتاب الفضائل، باب: في قتال جبريل وميكائيل عن النبي صلى الله عليه وسلم.

[39] القاضي عياض، إكمال المعلم بفوائد مسلم 7 /477.

[40] شرح النووي لحديث سعد بن أبي وقاص: ( رأيت عن يمين الرسول صلى الله عليه وسلم وعن شِماله...) 15 /66.

[41] ابن عاشور ( النجم 5) وأضاف: " ولذلك لما ناول المَلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء كأس لبن وكأس خمر فاختار اللبن، قال له جبريل: اخترت الفِطرة، ولو أخذت الخمر غوت أُمتك".

[42] انظر ابن عاشور ( التحريم 20).

[43] السعدي ( النجم 5).

[44] ابن عاشور ( التكوير 19).

[45] صحيح البخاري، باب: بدء الوحي، كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

[46] سبق تخريجه: قال العلماء: الحكمة في الغط شُغله من الالتفات والمبالغة في أمره بإحضاره قلبه لما يقوله له، وكَرّره ثلاثا مبالغة في التنبيه. شرح النووي 2/ 197- 205.

[47] صحيح مسلم، كتاب: فضائل الصحابة، باب: فاطمة بنت النبي رضي الله عنها.

[48] فتح المُنعم 9 /140.

[49] صحيح البخاري، كتاب: الصوم، باب: أجود ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يكون في رمضان.

[50] أصول التربية والتعليم كما رسمها القرآن، أحمد شرشال، البيان ع 129 جمادى ɪ 1419/ شتنبر 1998.

[51] صحيح البخاري، كتاب: بدء الوحي، باب: بدء الوحي.

[52] ورد في تسير ابن عاشور: ( عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه القرآن يُحرِّك به لسانه، يُريد أن يحفظه مخافة أن يتفلت منه. ومن شدة رغبته في حفظه، فكان يُلاقي من ذلك شدة، فأنزل الله: ﴿ لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ﴾ [القيامة: 16]) انظر تفسير ابن عاشور ( القيامة 16).

[53] صحيح البخاري، كتاب: بدء الوحي، باب: بدء الوحي.

[54] ابن كثير (طه 114)

[55] السعدي ( القيامة 16).

[56] صحيح البخاري، كتاب : الإيمان، باب: سؤال جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان.

[57] فتح الباري 1 /208.

[58] المصدر السابق.

[59] فتح الباري 1 /208 شرح حديث ( فأتاه رجل فقال: ما الإيمان...)

[60] المصدر السابق.

[61] نفس المصدر.

[62] انظر فتح الباري 2 /273.

[63] صحيح البخاري، كتاب: مواقيت الصلاة، باب: مواقيت الصلاة وفضلها.

[64] فتح الباري، ابن رجب 4 /162-163

[65] أخرجه النسائي في السنن الصغرى، كتاب: المواقيت، باب: أول وقت العشاء.

[66] صحيح البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب: فضل الصلاة لوقتها.

[67] صحيح البخاري، كتاب: تفسير القرآن ( سورة البقرة) باب: ﴿ وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا ﴾ [مريم: 64]

[68] جامع البان، الطبري، سورة مريم، القول في تأويل قوله تعالى: ﴿ وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ.. ﴾

[69] صحيح مسلم، كتاب: السلام، باب: الطب والمرض والرُّقى.

[70] صحيح مسلم، كتاب: السلام، باب: الطب والمرض والرُّقى.

[71] صحيح البخاري، كتاب: المغازي، باب: شهود الملائكة بدرا ص 799 رقم 3995.

[72] صحيح البخاري، كتاب: المغازي، باب: شهود الملائكة بدرا ص 799 رقم 3995.

[73] صحيح مسلم، كتاب: الفضائل، باب: في قتال جبريل وميكائيل عن النبي صلى الله عليه وسلم.

[74] شرح النووي 15 /66.

[75] صحيح مسلم، كتاب الفضائل، باب: كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير.

[76] شرح النووي 15/ 68-69.

[77] صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقَصرها، باب: فضل الماهر بالقرآن والذي يتتعته فيه ح 798.

[78] صحيح مسلم، كتاب: التوبة، باب: فضل دوام الذكر في أمور الآخرة والمُراقبة.

ناطق العبيدي
01-19-2025, 04:40 PM
يتجسد الابداع دائما في
مواضيعك عندما يكون
لها هذا التميز مجهود جدا رائع..
تحياتي لك

عطر الزنبق
01-19-2025, 05:18 PM
اقتباس:



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناطق العبيدي https://www.skoon-elqmar.com/vb/SKOO2021/buttons/viewpost.gif (https://www.skoon-elqmar.com/vb/showthread.php?p=924716#post924716)
يتجسد الابداع دائما في
مواضيعك عندما يكون
لها هذا التميز مجهود جدا رائع..
تحياتي لك




أسعدني مروركم الرائع والجميل..
ووجودكم الاروع بمتصفحي..
لا حرمت الاطلالات الأنيقة..
عــناقيد من الجمال تحيط بأرواحكم..
تحاياي والود واغلى الورد.
:163:

ملكة الحنان
01-20-2025, 02:48 AM
طرح في غايه الروعه والجمال
سلمت اناملك على الانتقاء الاكثر من رائع
لاحرمنا الله جديدك القادم والشيق

نهيان
01-20-2025, 08:05 PM
جزاكـ الله بخير الجزاء والجنه
باركـ الله فيكـ ونفع بكـ
وجعله في موازين حسناتك
اضعاف مضاعفه لاتعد ولا تحصى

عطر الزنبق
01-20-2025, 08:38 PM
اقتباس:



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ملكة الحنان https://www.skoon-elqmar.com/vb/SKOO2021/buttons/viewpost.gif (https://www.skoon-elqmar.com/vb/showthread.php?p=924842#post924842)
طرح في غايه الروعه والجمال
سلمت اناملك على الانتقاء الاكثر من رائع
لاحرمنا الله جديدك القادم والشيق



أسعدني مروركم الرائع والجميل..
ووجودكم الاروع بمتصفحي..
لا حرمت الاطلالات الأنيقة..
عــناقيد من الجمال تحيط بأرواحكم..
تحاياي والود واغلى الورد.
:163:

عطر الزنبق
01-20-2025, 08:38 PM
اقتباس:



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نهيان https://www.skoon-elqmar.com/vb/SKOO2021/buttons/viewpost.gif (https://www.skoon-elqmar.com/vb/showthread.php?p=924937#post924937)
جزاكـ الله بخير الجزاء والجنه
باركـ الله فيكـ ونفع بكـ
وجعله في موازين حسناتك
اضعاف مضاعفه لاتعد ولا تحصى


أسعدني مروركم الرائع والجميل..
ووجودكم الاروع بمتصفحي..
لا حرمت الاطلالات الأنيقة..
عــناقيد من الجمال تحيط بأرواحكم..
تحاياي والود واغلى الورد.
:163:

ضي القمر
01-22-2025, 12:33 AM
بارك الله فيك وفيما طرحت
جزاك الله خير الجزاء واثابك الجنة
دمت بحفظ المولى

عازفة
02-04-2025, 06:48 PM
جزاك الله كل خير
طرح رائع
يعطيك العافية على هذا الابداع
سلمت يمناك ولاعدمنا جديدك المميز

شوق العتيبي
02-15-2025, 01:41 AM
جزااك الله كل خير
وجعله الباري في موازين حسناتك
دمت بحفظ الباري