مشاهدة النسخة كاملة : تدبر آية(إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ)


نبض القلوب
02-17-2014, 08:51 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
(إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ)
فهذه الآية العظيمة من سورة الحجر تحتها فوائد عظيمة، اغترفت منها بعضا، وجعلتها في وقفات:
الوقفة الأولى: هذه الآية وإن كانت قد نزلت في رهط خمسة من قريش، إلا أن معناها عام في كل زمان ومكان.

قال المفسرون: الكفاية هي تولي الكافي مهام المكفي؛ فمعنى الآية: كفيناك الانتقام منهم، وإراحتك من استهزائهم، وقد فعل سبحانه؛ فما تظاهر أحد بالاستهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أهلكه الله وقتله شر قتلة.
[قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الصارم المسلول 2/316-318: (ومن سنة الله أن من لم يمكن المؤمنين أن يعذبوه من الذين يؤذون الله ورسوله فإن الله سبحانه ينتقم منه لرسوله ويكفيه إياه ... وهذا -والله أعلم- تحقيق لقوله تعالى: (إن شانئك هو الأبتر)؛ فكل من شنأه وأبغضه وعاداه فإن الله يقطع دابره ويمحق عينه وأثره ... ومن الكلام السائر: \"لحوم العلماء مسمومة\"؛ فكيف بلحوم الأنبياء عليهم السلام؟ وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يقول الله تعالى : من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة ، وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضته عليه ، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ، فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يسعى ، ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه ، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته ولابد له منه
الراوي: أبو هريرة المحدث: ابن تيمية )؛ فكيف بمن عادى الأنبياء؟ ومن حارب الله تعالى حرِب ... ولعلك لا تجد أحدا آذى نبيا من الأنبياء ثم لم يتب إلا ولا بد أن تصيبه قارعة، وقد ذكرنا ما جربه المسلمون من تعجيل الانتقام من الكفار إذا تعرضوا لسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبلغنا مثل ذلك في وقائع متعددة، وهذا باب واسع لا يحاط به).

لوقفة الثانية: عقب سبحانه على هذه الآية بذكر وصف هؤلاء المستهزئين: (الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ)، وهذا فيه تسلية للنبي عليه الصلاة والسلام وتهوين للخطب عليه بأنهم ما اقتصروا على الافتراء عليه؛ بل قد افتروا على الله؛ وهذا أشد وأعظم.
لوقفة الثالثة: ثم جاء الوعيد بعد ذلك: (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ)، وحُذف مفعول يعلمون تعظيما وتهويلا، والمعنى معلوم: أي سوف يعلمون جزاء بهتانهم وبغيهم واستهزائهم.
وتأمل حرف التنفيس (فَسَوْفَ) يدلك على أن الحكمة تقتضي تأخير إنزال الوعيد وإمهالهم قليلا، وهذا من نحو قوله تعالى: (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ).
الوقفة الرابعة: ثم قال سبحانه: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ)؛ فهو عليه الصلاة والسلام -بحكم الجبلة الإنسانية- يضيق صدره باستهزائهم، ومن يفدُّونه بأرواحهم ويحبونه أعظم من محبة الوالد والولد لا شك أنه تضيق صدورهم وتمتلئ غيظا كذلك باستهزائهم.
وتأمل قوله جل في علاه: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ) تجد فيه ما فيه من طمأنته عليه الصلاة والسلام، وطمأنة أمته من بعده؛ فالله يعلم ما كان منهم، وله في تقديره حكمة عظيمة.
ولو أنعم المسلمون النظر لرأوا عقيب كل محنة استهزاء وسخرية يمتحنون فيها وتتألم لها أفئدتهم - منحةً كبيرة، وفتحا عظيما، وذُلا للمشركين، (وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ)
لوقفة الخامسة: ثم ختم سبحانه السياق والسورة بوصية عظيمة له عليه الصلاة والسلام -وهي لأمته من بعده-: (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ، وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ): التسبيح والذكر، والسجود والصلاة، ومداومة الطاعة والثبات عليها - فبها دواء الفؤاد وشفاء الصدر، وهي -أيضا- من أسباب الانتقام من أولئك الفجرة، وفي النسائي بسند صحيح عنه عليه الصلاة والسلام: (إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها؛ بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم).
والله أعلم،
وصلى الله وسلم على سيد نا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

نهيان
02-17-2014, 11:55 PM
نبض القلوب
جزيتي م الله بخير الجزاء والدرجة الرفيعه من الجنه
وبارك الله فيك ونفع
وجعل ماسطرتي في موازين حسناتك
دمتي في رعاية الله

نبض القلوب
02-18-2014, 04:29 PM
نهياان,,
من القلب الف شكر ع مرورك الراائع
وماننحرم يارب من طلتك البهيه
لكـ ودي وجناان وردي
http://up.3dlat.com/uploads/12956971427.gif

قطر الندىk
02-19-2014, 12:10 PM
سبحان الله على المعانى وما اجمل التدبر

نبض القلوب
02-19-2014, 04:30 PM
جميله,,
من القلب الف شكر ع مرورك الراائع
وماننحرم يارب من طلتك البهيه
لكـي ودي وجناان وردي
http://up.3dlat.com/uploads/12956971427.gif

نجمة سهيل
02-19-2014, 10:00 PM
جزَآك آللَه خَيِرآ علىَ طرحكَ الرٍآَئع وَآلقيَم
وًجعلهآ فيِ ميِزآن حسًنآتكْ
وًجعلَ مُستقرَ نَبِضّكْ الفًردوسَ الأعلى ًمِن الجنـَه
حَمآك آلرحمَن ,,~

نبض القلوب
02-21-2014, 10:26 PM
الاصيله,,
من القلب الف شكر ع مرورك الراائع
وماننحرم يارب من طلتك البهيه
لكـي ودي وجناان وردي
http://up.3dlat.com/uploads/12956971427.gif

ريان
02-22-2014, 02:29 AM
الله يجزاك الخير على طرحك الرائع
بارك الله في جهودك

نبض القلوب
02-22-2014, 09:16 PM
ريان,,
من القلب الف شكر ع مرورك الراائع
وماننحرم يارب من طلتك البهيه
لكـ ودي وجناان وردي
http://up.3dlat.com/uploads/12956971427.gif