منتديات سكون القمر

منتديات سكون القمر (https://www.skoon-elqmar.com/vb//index.php)
-   ۩۞۩{ الشريعة الإسلامية والحياة }۩۞۩ (https://www.skoon-elqmar.com/vb//forumdisplay.php?f=2)
-   -   الصلة بين العقل السليم والاخلاق الرفيعة. (https://www.skoon-elqmar.com/vb//showthread.php?t=199933)

عطر الزنبق 07-22-2022 02:44 PM

الصلة بين العقل السليم والاخلاق الرفيعة.
 
الصلة بين العقل السليم والاخلاق الرفيعة.


هما صفتان لا ينفكان فان وجد احدهما فلا بد ان يوجد الآخر تجمعهما النزاهة والعفة ؛ وان فقد احدهما فلا بد ان يغيب الآخر ويحدث الانفلات الخلقي ؛ فان فقدا معا اصبح الانسان حيوانا لا يعرف هدفه ولا وجهته وبلا قدوة ؛ لا يفرق بين الشر والخير وبين المساوئ والمحاسن ؛ فاذا فقد الانسان الخلق فقد العفة والحياء والقيم ؛ لان الاخلاق هي تحديد الحرية وضبطها وتقويها ؛ واذا فقد العقل اشتبهت له المسالك لا تحجزه الحواجز ولا تحده الحدود وينحدر الي مستنقع المهالك ؛ وكذلك لا يقدر ان يميز ما هو لصالحه لينتفع به اوما يضره ليتجنب به ؛ فاذا ملك الانسان العقل فقط وفقد الخلق اصبح الانسان دنيوي فقط وخسر آخرته ؛ يهمه شهوته وغريزته والاستمتاع بمتاع الدنيا دون ان يلفت نظرة الي اخراه ؛( وقالوا لوكنا نسمع او نعقل ما كنا في اصحاب السعير) فاذن العقل ليس للتفكير والانتاج فقط انما هو السلوك الذي يسلكه الانسان كيف ينجي عواقب نفسه ؛ فالعقل الحقيقي هو الذي يعقل النفس من كل ما يسيئها حاضرا ومستقبلا ؛ وافضل العقل ماكان سلاحا لمواجهة ومهاجمة ما يفسد آخرتي ثم دنياي ؛ فاذا انحط العقل امام الخلق اصبح الانسان ذميما بلا خلق سيء المعاملة لربه والخلائق ولنفسه ؛ فما فائدة فذاذة العقل ونبوغته وانتاجه وحكمته اذا لم يتزين بتاج الخلق ؛ والعقل هو المعيار الذي يُحدَّد خلق الانسان والاخلاق جزء من الايمان ؛(إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ )

اولا الاستحسان والاستقباح والحق والبالطل والحلال والحرام ؛ أحكام واوامر ونواهي يحددها الشرع وليس العقل ؛ لان العقل قدرته محدودة في خوض هذه الاشياء وما الحكم الا لله ؛ فللعقل ان يستسلم كل ماجاء به الشرع فكل ما هو صحيح في العقل واستحسنه ؛ فاذا كان مخالف لشرع الله فهو مرفوض موقوف عند صاحبه ؛ وان كان عبقريا لان الله يعبد بالنقل لا بالعقل وبما شرع نبيه ؛ (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ غڑ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ غ™ أُولَظ°ئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )

ويستعين ويسترشد العبد العقل بما وافق الشرع وجاء به الوحي ؛ وكذلك لا مجال للعقل في تمييز احكام الله اذا تشابهت منه ؛ لان الله وكل في هذا الامر الفطرة السليمة هي تنقي الحسن والسيء ؛ وهي التي ترشد العقل الي الخير وتطهر العقل من الفحشاء والمنكر ؛ لا قيمة لعقل لا يتأثر بالاخلاق النبيلة لان الاسلام عقيدة وشريعة وعبادة واخلاق ؛ فاذا أصبحت العبادة مجرد شعائر وحركات وتجويع النفس والسهر بالليل بالقيام ؛ دون ان يكتسب صاحبها بالخلق والسلوك الرفيع فهي عبادة لا ثمرة لها ؛

(أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِوَابِصَةَ: جِئْتَ تَسْأَلُ عَنِ الْبِرِّ وَالإِثْمِ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَجَمَعَ أَصَابِعَهُ, فَضَرَبَ بِهَا صَدْرَهُ, وَقَالَ: اسْتَفْتِ نَفْسَكَ، اسْتَفْتِ قَلْبَكَ يَا وَابِصَةُ ثَلاثًا، الْبِرُّ مَا اطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ، وَاطْمَأَنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ، والإِثْمُ مَا حَاكَ فِي النَّفْسِ، وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ، وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوْكَ )

وليس المقصود بفقدان العقل هو الجنون فقط والبلادة والسفاهة ؛ فكم من فيلسوف عبقري حاذق جمع علم الدنيا وملاء الارض اسفارا من مؤلفاته فكان مصيره الي النار ؛ لان عقله اقتصر في معرفة الدنيا ولم يسوقه الي معرفة ربه فخسر الدنيا والآخرة ؛ وكم من عالم ملاء الارض علما وغاص في اعماق البحار وفجر الارض مناجمها ؛ وانتقل الي الفضاء والي الكواكب ؛ ورأي بام عينيه براهين ساطعات وآيات باهرات ومعجزات وتحديات ربانية فكان مصيره الي الجحيم ؛ لانه آمن العلم ويحتج ويجادل بالعلم وكفر بصاحب العلم ومن علمه العلم ؛ ولم ينفعه العلم ولا العقل ولا التفوق وكان مصيره الي الهاوية ؛ لان عقله وعلمه لم يصلح الاخلاق السيئة والانحرافات العقدية ؛ فلا خير في علم وعقل لم يجمع بين العقيدة والعبادة وبين التقوي والاخلاق ؛ فالاخلاق جزء من العبادة فكذلك العمل والعمل جزء من العبادة ؛ ومن تتوج بتاج العلم واعتلي بمنبر الثقافة ولم يرتقي قلبه الي العالم العلوي ؛ ولم تصعد روحه الي ملكوت السماوات فهو جاهل سفيه ؛

(أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ تَبْصِرَةً وَذِكْرَىظ° لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ )

((وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُون).

فمهمة العقل ووظيفته ان يفرق بين الحق والباطل علي ضوء شرع الله ؛ والنافع والضار والخير والشر والحسن والقبيح ؛ فان عجزعن هذا فلا معني بوجوده وان كان صاحبه عاقلا عالما ؛ والعقل اذا لم يعقِل صاحبه عن التورُّط في المهالك واقتراف الكبائر واتيان الفواحش ؛ صار مضرا لصاحبه لانه يفتح له باب الشهوات والاغراق بالاثم والذنوب ؛ لان العقل مناط التكليف وهذا مما يميز بين الانسان والحيوان ؛ فاذا اهمل الانسان العقل ووظفه بما لم يفيده في اخراه ؛ ولم يؤدي الواجبات الذي كلف الله به صار الانسان كالحيوان وان كان صاحبه عالما في امور دنياه ؛ (وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون ) وان كانت العبادة مشتملة في امور الدنيا والاخري ولكن الاولي تقديم الاخري عن الدنيا ؛ (ام تحسب ان اكثرهم يسمعون او يعقلون ان هم كالانعام بل هم اضل سبيلا )

واذا اندمجا وامتزجا العقل والايمان صار الانسان يعمل ما ينفعه في اخراه ودنياه ويتجنب ما يضره ؛ فالانسان يشعر بوجود الله بالايمان والعقل فاذا غاب احدهما صار الانسان جاحدا ؛ ( اعقِل كي تؤمن – وآمِن كي تعقِل) الايمان والعقل هما اللذان يدلان العبد الي معرفة الله ؛ فالعبد يصل الي الحقيقية والعبودية بدلالة الايمان والعقل ؛ وعند ما يكررالله سبحانه وتعالي في كتابه العزيز -لا يعقلون -لايعقلون ؛ لا يقصد الله بفقدانه وعدم وجوده انما القصد هوعدم استجابة المرء بما استيقن العقل وبماعرف الحقيقة ؛ وهذا يعتبراهماله وانكار ما وراء الحياة ولذا يتحول الانسان الي بهيمة عجماء ؛ همه اشباع البطن واستجابة شهوة الفرج واتباع الهوي ؛ والاستمتاع بزخارف الدنيا واغراق النفس بالغرائز الحيوانية بكل انواعها ؛ وفي الآخرة هم غافلون وهذه الغفلة هي التي جعلتهم لا يعقلون ؛ سلب عقلهم الايمان باليوم الآخر والاستعداد بيوم الرحيل والعمل به ؛ (يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ )

(وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأرض يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ الله إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظن وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ )

(وَزَيَّنَ لَهُمُ الشيطان أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السبيل وَكَانُواْ مُسْتَبْصِرِينَ )

(فَأَعْرِضْ عَن مَّن تولى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ الحياة الدنيا ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِّنَ العلم إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهتدى )

ليست البطولية والرفعة إتقان لأعمال الحياة الدنيا والمسابقة والتفوق بها؛ والمهارة فيها والا كتثار والمسارعة بجمعها ؛ لأن اصحاب هذه العلوم الدنيوية والمتفوقين بها وهم الكفارهم اللذين دائما يعاتبهم الله بانهم لا يعقلون ؛ وينعتهم انهم اضل من الانعام سبيلا لانهم غفلوا عن مصيرهم الأخير وغايتهم وبم خلقهم الله ؛ وغفلوا الدار الذي يقيمونه فيه إقامة أبدية خالدين في عذاب دائم اليم ؛ فهم غافلون فيما هو آجل ويفكرون ويتنافسون ويتهافتون فيما هو عاجل ولا يعبؤون بعاقبة أمرهم ومصيرهم ؛ ومن غفل عن هذا وانكرها ولم يؤدي ما اوجبه الله ؛ فليس معدوداً من جنس من يعلم وان كان عالما متفوقا في مهنته لانه جاهلا عن ربه ؛ ولان الله لم يخلقه في عمران الارض فقط وان يقتصر علمه ظاهر الحياة الدنيا الفانية ؛ وان الانسان اذا لم ينقله عقله وعلمه الي معرفة الحياة الاخروية وهي التي فيها الخير والبقاء فليس بعاقل؛ وان هذا العلم الدنيوي وان كان منفعة ومفيدة للدنيا الفانية ؛ ولكنه ليس زادا للآخرة ولا ينجيه من عذاب الآخرة ؛ ومن لم يعقل هذا فحقا انهم لا يعقلون ولا يعلمون فهم كالانعام بل هم اضل سبيلا ؛ وإذا نظرت هذا ماذا يملك من العلوم الشرعية الواجبة عليه ومدي معرفة ربه وجدته خاويا احمقا سفيها بليدا ؛ وقد رزقه الله وانعمه ووهبه الأدوات التي تخوله وتهيأه ؛ أن يكون عالما بتعاليم دينه ومعرفة ربه وآخرته من عقل وفهم وفطانة وادراك ؛ ولكنه لا يري ما وراء ظاهر الحياة الدنيا انكب علي الدنيا وانغمس في قاعها فطمست بصيرته ؛ فما فائدة علم وعقل لا يتجاوز بمعرفة الدنيا وتفاخرها وتسابقها وارتقاءها فقط ؛ وصاحبه لا يملك ادني علم عن الآخرة اوينكرها ويهملها ؛ (لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَظ°ذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ ظ±لْيَوْمَ حَدِيدٌ ) فالعالم والعاقل هو من اجتهد في اصلاح الدنيا والآخرة ويوظف علمه وعقله في معرفة بواطن الحياة وعاقبتها ؛ فمن حرم عقله وعلمه بعلم الآخرة واتكل علي عقله وقوته وعلمه فهو جاهل ولا ينسب بذوي العقول لانه حجبت عنه عن عالم الآخرة ؛ وان كان يتحلي بشتي فنون العلم وملاء الارض والسماء علما لانه جهل باطن الحياة وهي الآخرة ؛ فمن حجبت عنه باطن الحياة فهو اخسر الخاسرين لان العبرة هي الفوز بالآخرة ؛

(كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ غ— وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غ– فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ غ— وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ)

فمن طبقت لهم هذه الصفات الدنيئة الخسيسة علم بلا ايمان وعقل بلا معرفة الله ؛ فهم اجساد وهياكل متحركة نزع الله عن قلوبهم نور الايمان والعقل الذي يدلهم الي معرفة ربهم ؛ نسوا اللّه فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون اغتروا بعلم الدنيا فوصفهم الله لا يعقلون ؛ لانهم اعتنوا بعلم الظاهر ففقدوا رحمة الله فالله يقدر العبد بعلم الباطن وليس بعلم الظاهر؛ لان علم الباطن هو الذي يرشدك ويهديك الي الايمان والي معرفة الله ؛ (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ) لانهم اتوا بعلم الظواهر وباطنه نتن خرب يفسد الاخلاق ويعري العورة ؛ وينزع اللباس من النساء ويكشف سوءاتهن ويغير خلقهن ؛

(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِلَآيَاتٍ لِّأُولِيالْأَلْبَابِ )

(كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ غ— إِنَّ فِي ذَظ°لِكَ لَآيَاتٍ لِّأُولِي النُّهَىظ° مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىظ° )

(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ )

فعقل بلا ايمان لا يتأمل حقيقة الحياة الاخروية فلا يرتقي الي درجة معرفة خالقه ؛ فلا يعدو مقدار نباغته الا في التمتع في الحياة الدنيوية والركون فيها ؛ فلا يتميز من الخلائق الاخري التي ادني منه قدرا وكرامة ؛ فلا يسأل عن ضميره من انا ومن اين جئت ولماذا وجدت والي اين مصيري وما هي نهاية هذه الحياة ؛ فيتجاهل كل الخواطر الايمانية والدلالات الربانية والبراهين الكونية والآيات التي تدل الفطرة السليمة فلا يعتبر؛ همه كشف سر هذا الكون فيمشي في مناكبها وفجاجها سعيا للوصول الي قمة العلم دون معرفة خالقه ؛ فينفق طاقة وجهدا باهظا ليملك ثروة ثقافية لكي يسعد في الحياة الاولي ؛ فنظرته قصيرة وعقله ضئيل ظن ان السعادة هي الاستمتاع بالحياة الدنيا ؛

(يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ غڑ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ غڑ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ غ– عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ )

في هذه الحالة يفقد الانسان الخلق لانه يستبيح المحارم ويتبع هواه وتقوده الشهوة ؛ ولا يفرق بين الحلال والحرام ولا يتنزه بالخبائث والفواحش ؛ فوظيفة العقل ان يتعفف الفجور والفسوق ويبتعد عن المساويء ؛ ويترفع كل ما يهين انسانيه ويخدش كرامته فاذا لم يرتقي العقل الي هذا الرقي ؛ ولم يتطهر من الدنس والدرن فهذا يدل ان صاحبة لا يملك ادني خلق ولا ايمان ؛ لان الخلق شعب من شعب الايمان ؛( اكمل المؤمنين ايمانا احسنهم خلقا )

(عن أبي ذر ومعاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن )

فالعقل والخلق توأمان لا ينفصلان فكلما ارتقى العقل قطعاً سترتقي الاخلاق ؛ وكلما انحط العقل وضل وتاه ضاعت الاخلاق واضطربت ؛ وليس بين الفطرة والعقل اي تناقض فكل ما تعففت الفطرة فلا بد للعقل ان يحجم ؛ فاذا خالف العقل الفطرة السليمة واستمتع بالفسق والفجور ؛ فهذا يدل ان صاحبه لا يتحلي بالخلق لان عقله منحرف وان كان ناضجا في مجال آخر لان هذا لا يعد عقلا ؛ وكلما ضل العقل وفسد ولم يأت ثماره نقص الايمان وكلما نقص الايمان غابت الاخلاق ؛ فالعقل يستمد الارشاد والتوجيه من الايمان والفطرة النقية ؛ واذا انقلبت وانتكست الفطرة وطمست وانطفأ سراجها ضل العقل وزل عن الطراط المستقيم ؛ الفطرة والايمان عون علي الآخر لهداية العقل الي الصواب ؛ فاذا تمرد العقل ولم تيبع اوامرالايمان والفطرة افسد الاخلاق؛ اذا العقل الناضج النافع هو الذي يوجه صاحبه إلى الصواب والعمل الصالح ؛ ويبعده عن الانحراف والشر والرذيلة ويلتزم وينقاد باوامر الايمان والفطرة النقية السليمة ؛ فحينها تتحسن الخلق وينجوا صاحبة من الشقاء والضلال؛ في هذه الحالة نقدر ان نسمي هذا المرء عاقلا ؛ فاذا غلب العقل الغريزة المسعورة والشهوة الهياجة وانتصر من الشيطان ؛ فيرتقي صاحبه الي درجة الصفاء والنقاء والاخلاق الحميدة ؛ وترفع وتطهر من الرذائل والخلاعة والحياة البهيمية وارتقي الي قمة العفة ؛ ومن ضبط عقله ووزنها بميزان التقوي وزجرها بوعيد الله وخوفها بعذاب النار ؛ اسلم من شرور الحياة واغواء الهوي وزغات الشيطان ومكر الشهوات ؛

والنفس البشرية فضلت علي سائر الحيوانات من اجل العقل السليم والعلم النافع والاخلاق المحمودة ؛ واذا انعدمت هذه الصفات انهارت افضليته فالاخلاق من الضروريات والاوليات ؛ بدونها ترتبك وتضطرب الحياة وتغيب العفة والحياء والاحترام بين الناس والحب والعدل ؛ (كنتم خير امة اخرجت للناس تامرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) الاخلاق تعلمك ان تحب لاخيك ما تحب لنفسك فتقول لك كما لا تحب ان يسرقوا الناس اموالك فلا تسرق اموال الناس ؛ كما تحب ان تصون عرضك فصن اعراض الناس ولا تهتك اعراضهم ؛ وكما لا تحب ان يهشوا الناس لحمك بالغيبة والنميمة فلا تأكل لحم اخيك ؛ وكذلك كما لا تحب ان ان تشيع اسرارك وفضائحكي وعيوبك بين الناس ؛ فاكتم اسرار الناس وعيوبهم فلا تنبش سرائر قلوبهم ولا تتبع سوءاتهم ؛ وكذلك الاخلاق تطهر لسانك فتقول لك انك لا تحب الناس ؛ ان يجرحوك بكلمات نابية ولا ان يجلدوك بشتائم يلهب ضميرك ؛ اشد الما من السياط فامسك لسانك عنهم واخرس عن السباب فكلك عيوب؛ وتعلمك ايضا رقابة الله وتحيي ضميرك فتقول لك كف عن الفسوق والفواحش فان لم تكن تراه فانه يراك ؛ الاخلاق مدرسة الضمير ودواء الخواطر الذميمة وشفاء القلب من الامراض والتناسق مع الفطرة الربانية ؛ الاخلاق تعلمك بر الوالدين وتقول لك كما لا تحب ان يعقوا لك ابناءك فلا تعق علي ابويك لانك كما تدين تدان ؛ الاخلاق تزين المرء صورته وتعزه وتكسوه بثوب الرقي والقيم والمثل العليا والفضيلة وتعلمه الحياء والمروءة والتقدير ؛ وكيف يتعامل مع غيره بالحلم والتسامح والعدل والامانة والصدق ووفاء العهود ؛ كيف يشتري ويبيع كيف يأكل ويشرب وينام وينكح وكيف يخاطب مع الآخرين ؛ وكذلك تنجيه من الهلاك مثل السرقة والظلم والزنا وشرب الخمر والكذب والخداع والغش والفساد والنفاق ؛ وتنقيه من الشوائب والقبائح مثل العري والسفور والتشابه بالجنسين ؛ والجهر والتفاخر بالخلاعة والرذائل وقبح القول وسوء المنظر والملبس ؛ وتحجز بينه وبين من لا خلق له مثل تقليد الكفار والتضاهي باقوالهم وافعالهم وسلوكهم وطبائعهم ؛ والحريات الزائفة التي لا حدود لها والند بالند بين الرجل والمرأة ؛ واتباع الهوي وعبادة الشهوات واتخاذ الخدن والحياة البهيمية ؛

(عَنْ عَائِشَةَ رضِي اللهُ عنها قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ يَقُولُ:إنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ )

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت … فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا

صلاح أمرك للأخلاق مرجعه … فقوّم النفس بالأخلاق تستقم

إذا أصيب القوم في أخلاقهم … فأقم عليهم مأتماً وعويلاً

جاء الدين ليطهر العقل ويزكيه ويخرجه من عبودية الجهل والعقل تبع للدين؛ وارسل الله رسوله ليتمم مكارم الاخلاق ويخرج الناس من الظلمات الي النور؛ ويزكي عقولهم ويعلمهم الحكمة وما لم يكونوا يعلموا من قبل فالاخلاق تعتبر من تزكية النفوس ؛ فالعقل اذا خالف فضائل الاخلاق فكانه خالف امر الله ؛ فالعقل الذي يخالف شرع والنزاهة والتزكية والخلق الحسن فلا يعد عقلا ؛ فالاخلاق هي التي تأمر العقل وترشده الي الصواب لانها شرع وقانون من الله ؛ فاستقلالية العقل من سلوك الدين يعتبر هذا فساد المرء واذا فسد المرء نبذ دينه وراء ظهره ؛ وقبح الاخلاق وسوءها وحسنها هذا ما يحدده الدين فليس العقل لان العقل تبع للدين ؛ الحسن والقبح والسيء والفحش مرجعه إلى الله وأوامر الله وتشريعه ؛ فليس للعقل اختيار مما شرع الله وليست الاخلاق مستقلة لشرع الله او مما اتفقوا الناس به ؛ فالاخلاق تشريع من كتاب الله هو الذي يثبت ارساء قواعد الأخلاق فليس مما يقررون الناس ويتفقون برؤيتهم ؛تحريم الزنا تحريم الخمرتحريم اللواط والميسر والسرقة واكل مال الناس ظلما ؛ والعدل والاجحاف والزواج والنكاح والولاية والطلاق كل هذا من شرائع الله ؛ وهي التي تطهر الناس وتزكيهم وهي عين الاخلاق والعفة ؛ وليس هناك ما يسمي الاخلاق العقلانية او اخلاق العرفية او اخلاق الفلافسة او ذوي العقول النيرة ؛ القوانين والاحكام والتشريع والاخلاق الحسنة يؤخذ من كتاب الله وليس من العقل ؛ واذا اضطربت القيم وحصلت فوضى أخلاقية عارمة واختلت كل الثوابت والمعايير فالدواء هو كتاب الله ؛ وارسل الله الرسل من اجل ان يعلموا الناس شرع الله ؛ فاذا كان العقل يشرع ويحسن ويقبح ويحكم ويختار ويرفض فلماذا ارسل الله الرسل وانزل الكتاب ؛

(كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ)

ومهما تطور العلم وارتقي فالاخلاق لا تتغير فهي ثابتة بقوانينها التي شرع الله بها ؛ فلا يخضع شرع ثوابته مجرد ابتكارات عصرية بل بالعكس ؛ كلما ازدادت رقعة الابتكارات مساحة ازدادت تمسك المسلمين بدينهم وقيمهم واخلاقهم ؛ يشعرون ان وعد الله قد تحقق واظهرت براهين القرءان ومعجزاته ؛ ومعجزة القرءان باقية وكل تطور علمي يأتي بعد ان ينبه الله بكتابه ويكشف سره ؛ وعقل المسلم يؤمن أيات الله وبراهينه قبل ابتكارات العلم ؛ واذا ابتكر عالم علما جديدا كأن المسلم كان ينتظر هذا العلم قبل ان يعلنوا ؛ فالقرءان سبقهم لانه يفسر القضايا الكونية قبل حدوثه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ؛ فالمسلم أدرك أن الله عزيز حكيم عليم فإنه لن يلتفت إلى ابتكارات العصر الحديثة وتطورها ؛ لان ما جاؤوا به هو من معجزات القرءان وعجائبه وأسراره ؛ اخبرهم الله قبل الابتكارات فالقرءان يعلوا ولا يعلي علي؛كتاب الله سبق العلم الحديث بتنبيه اضرار الخمور والزنا والفواحش والشذوذ والانحراف الأخلاقي قبل اربعة عشرة قرنا ؛ فكتاب الله فهو كتاب علمي للسلوك البشري والأخلاق والمعاملات ؛ وتطهير العالم من ارجاس المفسدين في الارض الذين يريدون ان يطوروا الاخلاق بنظرة عقولهم القصيرة ؛

(إن هو إلا ذكر للعالمين ولتعلمن نبأه بعد حين )
(سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ).

شايان 07-23-2022 11:42 PM


مستريح البال 07-24-2022 12:36 AM

جزاكم الله خيراً ونفع بكم
واثابكم الفردوس الاعلى من الجنه
وجعل كل ما تقدمونه في موازين حسناتكم
لكم مني ارق المنى
وخالص التقدير والاحترام

♥мs.мooη♥ 07-24-2022 12:39 AM

اللهم بارك فيما قدمت
وجازي اليد التي اكتسبت الاجر
بطرح قيم .. وموضوع هادف
بارك الله في عطاءكم

عطر الزنبق 07-24-2022 02:03 AM

اقتباس:



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شايان https://skoon-elqmar.com/vb/SKOO2021...s/viewpost.gif
https://upload.3dlat.com/uploads/12887433251.gif




شكرا لمرروكم الذي عطر المكان
ونشر بشذاه أركان متصفحي
بارك الله فيكم وجزاكم كل الخير

تحيتي وتقديري لكم

عطر الزنبق 07-24-2022 02:03 AM

اقتباس:



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مستريح البال https://skoon-elqmar.com/vb/SKOO2021...s/viewpost.gif
جزاكم الله خيراً ونفع بكم
واثابكم الفردوس الاعلى من الجنه
وجعل كل ما تقدمونه في موازين حسناتكم
لكم مني ارق المنى
وخالص التقدير والاحترام




شكرا لمرروكم الذي عطر المكان
ونشر بشذاه أركان متصفحي
بارك الله فيكم وجزاكم كل الخير

تحيتي وتقديري لكم

عطر الزنبق 07-24-2022 02:04 AM

اقتباس:



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ♥мs.мooη♥ https://skoon-elqmar.com/vb/SKOO2021...s/viewpost.gif
اللهم بارك فيما قدمت
وجازي اليد التي اكتسبت الاجر
بطرح قيم .. وموضوع هادف
بارك الله في عطاءكم


شكرا لمرروكم الذي عطر المكان
ونشر بشذاه أركان متصفحي
بارك الله فيكم وجزاكم كل الخير

تحيتي وتقديري لكم

منصور 07-24-2022 06:24 AM

جزاك الله خيـر
وبارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائماً
وأن يجمعنا الله وأياكم
على الود والإخاء والمحبة
تحياتي لك

عطر الزنبق 07-24-2022 04:26 PM

اقتباس:



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة منصور https://www.skoon-elqmar.com/vb/SKOO...s/viewpost.gif
جزاك الله خيـر
وبارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائماً
وأن يجمعنا الله وأياكم
على الود والإخاء والمحبة
تحياتي لك


شكرا لمرروكم الذي عطر المكان
ونشر بشذاه أركان متصفحي
بارك الله فيكم وجزاكم كل الخير

تحيتي وتقديري لكم

انثى برائحة الورد 07-25-2022 01:24 PM

جزاك الله خيـر
وبارك الله في جهودك
و جعلت ما قدمته في موازين الحسنات


الساعة الآن 01:10 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

 ملاحظة: كل مايكتب في هذا المنتدى لا يعبر عن رأي إدارة الموقع أو الأعضاء بل يعبر عن رأي كاتبه فقط

دعم وتطوير نواف كلك غلا