بسم الله الرحمن الرحيم الأمل والخوف والموت يحلم الغائب بالعودة، والمريض بالشفاء، يحلم الصغير أن يكبر، والفقير أن يمتلك المال ويصبح من الأثرياء، الفتاة التي تأخرت في الزواج تحلم بالعريس القادم، والعروس الشابة تحلم باليوم الذي تصبح فيه أماً، في وسط تلك الأحلام تبدو المخاوف واضحة، الكل يخاف من المجهول، البعض يخشى الموت، والبعض يخشى المرض وآخرون يرتجفون رعباً من الفقر. وأنا ... أنا الفقير الذي ينتظر أن يصبح ثريا، المريض الذي يحلم بالشفاء، الضائع الذي يبحث عن بر أمان وسفينة تحمله إلى أرض ثابتة، كرهت البحر والسفن، كرهت محطات القطار، كرهت الانتظار سنوات طويلة في المواني، كرهت لحظات الوداع ومللت المناديل المبللة بالدموع. أخاف منك، أخاف من تلك اللحظات العارمة بالأسى، أخاف من يوم نودع فيه بعضنا البعض ولا نلتقي للأبد، أنت سر عذابي، وسر سعادتي، منتهى آمالي، وسر أسرار شقائي، أحلم أن تكونين معي، على صدري، تتخلل أناملي شعرك الأسود، وتلتقي عيناي الغارقة في اللهفة بعينيك الغارقة في الحنين. الموت... أعلم أنه بعد عام، عامين، عشرة لن أكون هنا، في قبر مظلم سأقضي ما تبقي لي من العمر، أعيش وحدي مع أعمالي الصالحة والطالحة، كل الكذب الذي قلته سيصاحبني في قبري، كل الناس الذين أسأت إليهم ستطاردني أشباحهم، كل المعاصي التي قمت بها ستهاجمني بضراوة، وأنا لن يدافع عني إلا أعمالي الصالحة: شجرة زرعتها .. وردة قدمتها ليتيم، قبلة على رأس أمي، صدقة أنفقتها سراً ونسيتها. في قبري لن تكون هناك وحدة ستكون هناك عوالم كبيرة تتنازع وأنا من سيصدرون الحكم عليه، ستقف ملائكة العذاب في انتظار أن تحملني إلى النار وملائكة الرحمة ستسعى لأن تنقذني، الخوف وقتها ليس من الموت، ولا من العذاب، الخوف وقتها سيكون من لقاء الله، والأمل الوحيد الباقي لي هو الأمل في رحمته، التي نحتاجها بشدة الآن وبعد الموت وفي كل وقت.