عرض مشاركة واحدة
قديم 05-05-2019, 03:36 PM   #2


عطر الزنبق غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1482
 تاريخ التسجيل :  27-05-2018
 العمر : 28
 أخر زيارة : 05-20-2024 (02:28 PM)
 المشاركات : 100,502 [ + ]
 التقييم :  35940
 الدولهـ
Morocco
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
 Awards Showcase
لوني المفضل : White
افتراضي



المبحث الأول:
أهمية الموضوع:


قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: «أوثق عرى الإيمان: الحب في الله والبغض في الله» [4]
وفي حديث آخر قال صلى الله عليه وسلم:
«من أحق في الله وأبغض في الله وأعطى لله ومنع لله؛ فقد استكمل الإيمان»
(سنن أبي داود برقم 4681، سكت عنه وقد قال في رسالته لأهل مكة
أن كل ما سكت عنه فهو صالح)


إذاً الحب في الله والبغض في الله ليس إيماناً فحسب، بل هو آكد وأوثق عُرى الإيمان،
فحري بنا أن نحرص على هذا الأمر.

كان صلى الله عليه وسلم يبايع على هذا الأمر العظيم، فقد جاء عن جرير بن عبد الله البجلي
رضي الله عنه أنه قال: «أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبايع فقلت: يا رسول الله،
أبسط يدك حتى أبايعك، واشترط عليّ فأنت أعلم. فقال: أبايعك على أن تعبد الله، وتقيم الصلاة،
وتؤتي الزكاة، وتُناصح المسلمين، وتفارق المشركين» [5].

هذا هو الشاهد، فهو صلى الله عليه وسلم بايع جرير بن عبد الله على أن يناصح المسلمين
وهذا هو الحب في الله، ويفارق المشركين وهذا هو البغض في الله، تفارق المشركين بقلبك وقالبك.
بقلبك بأن تبغضهم وتعاديهم كما سيأتي مفصلاً إن شاء الله، وتفارقهم بجسدك
كما سيأتي الإشارة إلى الهجرة وهي الانتقال من دار الكفر إلى دار الإسلام إذا لم يكن الشخص
مستطيعاً أن يظهر دينه في بلاد الكفر وكان قادراً على الهجرة؛ فإذا اجتمع الأمران تعيّن
عليه الهجرة والانتقال من دار الكفر إلى دار الإسلام.

جاء في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما لما سأل الرسول صلى الله عليه
وسلم عن آيات الإسلام، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم:
«أن تقول أسلمت وجهي لله عز وجل وتخليت، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة
ثم قال: كل مسلم على مسلم حرام أخوان نصيران،
لا يقبل الله عز وجل من مشرك بعد ما أسلم عملاً أو يفارق المشركين
إلى المسلمين» [6].

فتأمل رحمك الله كيف أنه صلى الله عليه جعل ذلك شرطاً في قبول العمل،
ولا شك أن هذا مقتضٍ البغض في الله لأعداء الله عز وجل من الكافرين والمرتدين.


قال الشيخ العلامة سليمان بن عبد الله
بن محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليهم:

"فهل يتم الدين أو يقام علمُ الجهاد أو علمُ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
إلا بالحب في الله والبغض في الله، والمعاداة في الله والموالاة في الله،
ولو كان الناس متفقين على طريقة واحدة ومحبة من غيرعداوة ولا بغضاء
لم يكن فرقاناً بين الحق والباطل، ولا بين المؤمنين والكفار،
ولا بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان" [7].

الحب في الله والبغض في الله من مكملات حب الله عز وجل
وحب الرسول صلى الله عليه وسلم
فإن حب الله وحب الرسول من أعظم الفرائض والواجبات وآكدها، وفي المقابل
فإن بغض رسوله أو بغض شيء مما جاء عن الله أو صحّ عن رسول الله
فهو من أنواع الردة والخروج عن الملة.

الناظر إلى واقع المسلمين الآن يجد أنهم قد ضيّعوا هذا الأصل،

فربما كان الحب من أجل شهوات فيتحابون من أجل المال، ويتباغضون من أجل المال،
ويتحابون من أجل القبيلة والعشيرة ويتباغضون من أجلها،
فإذا كان الشخص من قبيلتهم أحبوه ولو كان كافراً ولو كان تاركاً للصلاة مثلاً،
والشخص يبغضونه إن لم يكن منهم أو من عشيرتهم ولو كان أفضل الناس صلاحاً و تقى،
وربما حصل الحب من أجل وطن أو من أجل قومية، وكل ذلك لا يجدي على أهله شيئاً،
ولا تنفع هذه الصلاة وتلك المودات؛ فلا يُبتغى بها وجه الله ولا قيمة لها عند الله.

وقد أشار إلى هذا ابن عباس حبر هذه الأمة
وترجمان القرآن فيما معناه:

"من أحب في الله وأبغض في الله، ووالى في الله وعادى في الله؛
فإنما تُنال ولاية الله بذلك"
أي إذا أردت أن تكون ولياً من أولياء الله عليك بهذا الأمر.

ثم قال ابن عباس:

"ولن تجد أحدٌ طعمَ الإيمان إلا بذلك، وقد صارت عامة مؤاخاة الناس
لأجل الدنيا، وذلك لا يُجدي على أهله شيئاً "

وصدق رضي الله عنه، فهذا في كتاب الله عز وجل،

قال تعالى:
{إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ}
[البقرة:166].

قال ابن عباس ومجاهد:

"المراد بالأسباب هنا: المودات والصلات التي ليست لأجل الله تعالى".
لماذا؟ لأن الحب في الله والبغض في الله يراد به وجه الله، والله تعالى هو الباقي سبحانه الدائم،
فلهذا ما كان لله يبقى، أما ما لم يكن لله فهو يضمحل، فالشخص الذي يحب آخر من أجل الدنيا
هذه الرابطة تنتهي وتفني وتتقطع وتجد أن هؤلاء يتعادون.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

"والناس إذا تعاونوا على الإثم والعدوان أبغض بعضهم بعضاً، وإن كانوا فعلوا بتراضيهم".

قال طاووس:

"ما اجتمع رجلان على غير ذات الله إلاَّ تفرقا عن تقال، إلى أن قال: فالمخالة
إذا كانت على غير مصلحة الاثنين كانت عاقبتها عداوة،
وإنما تكون على مصلحتها إذا كانت في ذات الله" [8].

وهذا واقع؛ فنجد الذين يجتمعون على شر أو فساد -مثلاً- سرعان ما يتعادون
وربما فضح بعضهم الآخر.

قال أبو الوفاء بن عقيل (513هـ ) رحمه الله:

"إذا أردت أن تعلم محل الإسلام من أهل الزمان فلا تنظر إلى زحامهم في أبواب الجوامع
ولا ضجيجهم في الموقف بلبيك، وإنما انظر إلى مواطأتهم أعداء الشريعة".

ثم قال رحمه الله:
"عاش ابن الراوندي والمعري عليهم لعائن الله ينظمون وينثرون كفراً، عاشوا سنين
وعُظمت قبورهم واشترت تصانيفهم، وهذا يدل على برودة الدين في القلب".

والآن أيها الإخوة تجدون كثيراً من المجلات والصحف والمؤلفات الساقطة التي تحارب
دين الله عز وجل؛ ومع ذلك ترى الكثير من أهل الصلاة قد انكبوا على شرائها أو الاشتراك فيها.

نحن في زمان حصل فيه تلبيس وقلب للمفاهيم؛ فتجد بعض الناس إذا تحدث عن الحب في الله
والبغض في الله قال: هذا يؤدي إلى نفرة الناس، يؤدي إلى كراهية الناس لدين الله عز وجل.

وهذا الفهم مصيبة، فالناس يقون في المداهنة والتنازلات في دين الله عز وجل باسم السماحة،
ولا شك أن هذا من التلبيس، فالحب في الله والبغض في الله ينبغي أن يتحقق،
وينبغي أن يكون ظاهراً؛ لأن هذا أمر فرضه الله علينا،

ولهذا يقول ابن القيم رحمه الله
عن مكائد النفس الأمارة بالسوء:

"إنَّ النفس الأمارة بالسوء تُرى صاحبها صورة الصدق وجهاد من خرج عن دينه
وأمره في قالب الانتصاب لعداوة الخلق وأذاهم وحربهم، وأنه يعرض نفسه للبلاء
ما لا يطيق، وأنه يصير غرضاً لسهام الطاعنين وأمثال ذلك من الشبه" [9].

فبعض الناس يقول:

لو أحببنا هذا الشخص في الله وأبغضنا فلاناً الكافر أو المرتد لأدّى هذا إلى العداوة
وإلى أنه يناصبنا العداء. وهذا من مكائد الشيطان، فعلى الإنسان أن يحقق ما أمر الله به
وهو سبحانه يتولى عباده بحفظه


كما قال تعالى:

{أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}
[الزمر:36]


وقال عز وجل:

{وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ
إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً}
[الطلاق:3].

§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§



[4] أخرجه أحمد والحاكم وابن أبي شيبة في الإيمان وحسنه الألباني.
[5] أخرجه أحمد والنسائي والبيهقي وصححه الألباني.

[6] أخرجه أحمد والحاكم ?صححه ووافقه الذهبي.

[7] أوثق عرى الإيمان ( ص 38 ).

[8] مجموع الفتاوى ( 15/128، 129).

[9] كتاب الروح ( ص 392).









ننتقل للمبحث الثاني بإذن الله
فتابعوا معي



 

رد مع اقتباس