الموضوع: كبش العيد...
عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 09-14-2019, 01:50 AM
عطر الزنبق غير متواجد حالياً
Morocco     Female
Awards Showcase
لوني المفضل White
 رقم العضوية : 1482
 تاريخ التسجيل : 27-05-2018
 فترة الأقامة : 2193 يوم
 أخر زيارة : 05-20-2024 (02:28 PM)
 العمر : 28
 المشاركات : 100,502 [ + ]
 التقييم : 35940
 معدل التقييم : عطر الزنبق تم تعطيل التقييم
بيانات اضافيه [ + ]
كبش العيد...





كلما اقترب عيد الأضحى ، كلما شعرت بخوف وتردد
كبيرين.تصوروا يا إخواني عاملا بسيطا له دخل ضعيف ،
كيف يمكنه شراء خروف العيد ولا يكاد يوفر مئة درهم؟

هذا المبلغ لا يكفيه حتى لشراء نعجة هرمة .
في نظركم ، ماذا يفعل ؟

هل ينظر إلى جيرانه وهو يتحسّر من الألم
بينما أولاده يصرخون من كل جانب ؟
إعلموا أيضا أن لي زوجة نكدية ، فهي لا تريد أي خروف ،
بل كبشا أقرن وسمين ولحمه وافر وكبده ضخم .
نعم ، هذه المرأة كأنها لا تعلم أني أتقاضى فقط خمسون
درهما في اليوم ، طبعا عندما أجد عملا.
البارحة وأنا أتناول كأس شاي منعنع مع قطعة خبز شبه
يابسة ، خاطبتني زوجتي متهكمة :
_ " هل تعلم يا أحمد أن جيراننا اشتروا خروفا يشبه
البغل ؟ "
كنت أود أن أقول لها : البغل هو أنا "
لكنها لاحظت ابتسامتي وزمجرت قائلة : يا شبه الرجل
لو كنت ذا همة وشأن لبادرت في شراء أضحيتك قبل
كل الجيران .
ثم أضافت :ماذا سأقول لجارتنا رحمة ؟
ها هي تتبختر وهي تطلي رأس خروفها بالحناء....
نهضت من مكاني قاصدا الباب .لحقت بي :
_ إلى أين أنت ذاهب ؟
أجبتها : إلى المقهى
أمسكت بيدي : يا شقي أمه ، ألم يكفيك ما شربته
من شاي وما أكلته من خبز ؟
قاطعتها قائلا : هوّني عليك يا إمرأة .
أنا ذاهب هناك لأستلف بعض النقود ، عسى أن أشتري
لك بها خروفا مثل الفيل...
ضحكت ضحكة صمّت بها آذاني :
هل يوجد أحمق في هذا العالم ليقرضك مالا ولو يسيرا ؟
أنظر إلى هيئتك ....أنت لا تساوي درهمين إثنين .
نظرت إليها قائلا : هل هذا ذنبي إن كنت هكذا ؟
ردّت : وأنا ماهو ذنبي لما تزوجتك ؟
حاولت تليينها قدر المستطاع :

اسمعي يا زوجتي العزيزة ،
سأعمل كل ما في جهدي لجمع مبلغ كاف نشتري به
خروف العيد.
أجابت بنبرة كلها تهكم وسخرية : عندما تكون جمعت
ذلك المبلغ المحترم سيكون قد لحق بنا
عيد الفطر السعيد .
فكّرت مليا ، ثم قالت .
(هذه المرة بدت عليها علامة الفرح)
_ " لم لا نذهب لقضاء عطلة العيد عند أمي ؟
ثق بي إن قلت لك أنها لن تطردني ...
_ معك حق ولكن أنا ستقوم بطردي كالكلب
أومأت برأسها : وهنا أقول لك لم لا تذهب عند والديك ؟
المشكل أن زوجتي نسيت أو تتناسى أن والدي توفيا منذ
سنوات وأنه ليس لي من العائلة الا أخا يعيش في بلاد
الغربة .
خرجت للتو من البيت غير عابئ بكلامها .
كنت غارقا في همومي وأنا أقطع الطريق .
فجأة سمعت أصواتا ورائي : انتبه يا رجل .
لم أدر ماذا وقع .كل شيء أصبح مظلما ثم فقدت
الوعي مدة من الزمن.
لما أفقت ، وجدت نفسي على سرير وحولي أشخاص
أكاد أرى ملامحهم .
اقتربت مني إمرأة لابسة وزرة بيضاء عرفت أنها ممرضة
وقالت لي : حمدا لله على سلامتك .لقد نجوت بأعجوبة
يا أخي .كادت السيارة أن تودي بحياتك لولا ألطاف الله.
كنت أنظر إليهم بدهشة واستغراب .فجأة ، أحسست
أني لا أستطيع النهوض .تفقدت رجلاي فلم
أجدهما.
تملكني رعب شديد وبدى الفزع في وجهي وما لبثت
ألا أن صرخت بقوة : لا ، لا ...لا أريد أن أكون إنسانا
معاقا ...أريد أن أسير مثل سائر الناس.
التفّ هؤلاء الأشخاص من حولي وقالوا لي :
اتّق الله يا رجل واحمده ، إنه نجاك من الموت وأطال
في عمرك .
لكنني ما برحت أقول : ليتني متُّ ، ليتني متُّ .
كيف لي أن أعول عائلتي وأن بدون رجلين ؟
تفحصت مرة ثانية قدماي وقلت باكيا كنت سليما
معافى ولم أستطع القيام بأي شيء ، أما الآن
وأنا كسيح لن أستطيع حتى التحرك من مكاني .
آه يا رب ماذا فعلت لك حتى تجازيني هذا الجزاء ؟
اقترب مني رجل مسنّ وربّت على كتفي :
يا أخي إن المؤمن مصاب .
اصبر على حكم الله وإن شاء الله سيجازيك أحسن الجزاء.
ثم خاطب الحاضرين : هيا يا إخوان فلنساعد هذا الرجل
في محنته قدر استطاعتنا وامكانياتنا المادية .
ثم وضع أمامي على المنضدة أوراقا مالية
من فئة مئة درهم .تلاه بعد ذلك كل واحد يضع مبلغا
من المال في يدي .تابعت العملية وأنا أعد النقود
المتراكمة، فحسبت ما يقارب الخمسة آلاف درهما.
سبحان الله العظيم يرزق من يشاء.هذا المبلغ لم أكن
لأجمعه ولو اشتغلت ليل نهار مدة عشر سنوات.
وأنا على هذا الحال ، دخلت زوجتي متبوعة بأبنائي
وهم يصرخون : بابا ، أينك يا بابا ؟
أجبتهم : لا تقلقوا يا أولادي أنا بخير.
أما أنت أيتها الزوجة ، فخذي من النقود ما تشائين
واشتر لنا خروفا يكون أبهى وأفضل من كل خرفان
جيراننا .
وجدة يومه 10 أكتوبر 2013

مما قرأت اليوم.




 توقيع : عطر الزنبق








رد مع اقتباس