عرض مشاركة واحدة
قديم 01-26-2021, 03:10 PM   #100


مديح ال قطب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1751
 تاريخ التسجيل :  06-03-2020
 أخر زيارة : 08-13-2021 (12:56 PM)
 المشاركات : 34,369 [ + ]
 التقييم :  22241
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Coral
افتراضي













تابع – سورة الواقعة

محور مواضيع السورة

الواقعة اسم للسورة وبيان لموضوعها معا. فالقضية الأولى التي تعالجها هذه السورة المكية هي قضية النشأة الآخرة، ردا على قولة الشاكين فيها، المشركين بالله، المكذبين بالقرآن: {أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون أو آباؤنا الأولون} ومن ثم تبدأ السورة بوصف القيامة. وصفها بصفتها التي تنهي كل قول، وتقطع كل شك، وتشعر بالجزم في هذا الأمر.. الواقعة.. {إذا وقعت الواقعة ليس لوقعتها كاذبة}.. وتذكر من أحداث هذا اليوم ما يميزه عن كل يوم، حيث تتبدل أقدار الناس، وأوضاع الأرض، في ظل الهول الذي يبدل الأرض غير الأرض، كما يبدل القيم غير القيم سواء: {خافضة رافعة إذا رجت الأرض رجا وبست الجبال بسا فكانت هباء منبثا وكنتم أزواجا ثلاثة}... إلخ.

ثم تفصل السورة مصائر هذه الأزواج الثلاثة: السابقين وأصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة. وتصف ما يلقون من نعيم وعذاب وصفا مفصلا أوفى تفصيل، يوقع في الحس أن هذا أمر كائن واقع، لا مجال للشك فيه، وهذه أدق تفصيلاته معروضة للعيان. حتى يرى المكذبون رأي العين مصيرهم ومصير المؤمنين. وحتى يقال عنهم هنالك بعد وصف العذاب الأليم الذي هم فيه: {إنهم كانوا قبل ذلك مترفين وكانوا يصرون على الحنث العظيم وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون أو آباؤنا الأولون} وكأن العذاب هو الحاضر والدنيا هي الماضي الذي يذكر للترذيل والتقبيح. ترذيل حالهم في الدنيا وتقبيح ما كانوا عليه من تكذيب!

وبهذا ينتهي الشوط الأول من السورة. ويبدأ شوط جديد يعالج قضية العقيدة كلها، متوخيا توكيد قضية البعث التي هي موضوع السورة الأول؛ بلمسات مؤثرة، يأخذ مادتها وموضوعها مما يقع تحت حس البشر، في حدود المشاهدات التي لا تخلو منها تجربة إنسان، أيا كانت بيئته، ودرجة معرفته وتجربته.


يعرض الشوط الثاني نشأتهم الأولى من مني يمنى. ويعرض موتهم ونشأة آخرين مثلهم من بعدهم في مجال التدليل على النشأة الأخرى، التي لا تخرج في طبيعتها ويسرها عن النشأة الأولى، التي يعرفونها جميعا.
ويعرض صورة الحرث والزرع، وهو إنشاء للحياة في صورة من صورها. إنشاؤها بيد الله وقدرته. ولو شاء الله لم تنشأ، ولو شاء لم تؤت ثمارها.
ويعرض صورة الماء العذب الذي تنشأ به الحياة كلها. وهو معلق بقدرة الله ينزله من السحائب. ولو شاء جعله ملحا أجاجا، لا ينبت حياة، ولا يصلح لحياة.
وصورة النار التي يوقدون، وأصلها الذي تنشأ منه.. الشجر.. وعند ذكر النار يلمس وجدانهم منذرا. ويذكرهم بنار الآخرة التي يشكون فيها.
وكلها صور من مألوفات حياتهم الواقعة، يلمس بها قلوبهم، ولا يكلفهم فيها إلا اليقظة ليد الله وهي تنشئها وتعمل فيها.
كذلك يتناول هذا الشوط قضية القرآن الذي يحدثهم عن (الواقعة) فيشكون في وعيده. فيلوح بالقسم بمواقع النجوم، ويعظم من أمر هذا القسم لتوكيد أن هذا الكتاب هو قرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون، وأنه تنزيل من رب العالمين.
ثم يواجههم في النهاية بمشهد الاحتضار. في لمسة عميقة مؤثرة. حين تبلغ الروح الحلقوم، ويقف صاحبها على حافة العالم الآخر؛ ويقف الجميع مكتوفي الأيدي عاجزين، لا يملكون له شيئا، ولا يدرون ما يجري حوله، ولا ما يجري في كيانه. ويخلص أمره كله لله، قبل أن يفارق هذه الحياة. ويرى هو طريقه المقبل، حين لا يملك أن يقول شيئا عما يرى ولا أن يشير!
ثم تختم السورة بتوكيد الخبر الصادق، وتسبيح الله الخالق: {إن هذا لهو حق اليقين فسبح باسم ربك العظيم}.. فيلتئم المطلع والختام أكمل التئام..


تشتمل هذه السورة الكريمة على أحوال يوم القيامة، وما يكون بين يدي الساعة من أهوال، وانقسام الناس إلى ثلاث طوائف (أصحاب اليمين، وأصحاب الشمال، والسابقون إلى منازل السعداء).
وقد تحدثت السورة عن مآل كل فريق، وما أعده الله تعالى لهم من الجزاء العادل يوم الدين، كما أقامت الدلائل على وجود الله ووحدانيته، وكمال قدرته في بديع خلقه وصنعه، في خلق الإنسان، وإخراج النبات، وإنزال الماء، وما أودعه الله من القوة في النار.. ثم نوهت بذكر القرآن العظيم، وأنه تنزيل رب العالمين، وما يلقاه الإنسان عند الاحتضار من شدائد وأهوال.
وختمت السورة بذكر الطوائف الثلاث وهم أهل السعادة، وأهل الشقاوة، والسابقون إلى الخيرات من أهل النعيم، وبينت عاقبة كل منهم، فكان ذلك كالتفصيل لما ورد في أول السورة من إجمال، والإشادة بذكر مآثر المقربين في البدء والختام.

( يتبع )




















 

رد مع اقتباس