الموضوع
:
التعريف بسور القرآن الكريم وأسباب النزول ومحاور ومقاصد السور
عرض مشاركة واحدة
01-29-2021, 11:39 AM
#
125
بيانات اضافيه [
+
]
رقم العضوية :
1751
تاريخ التسجيل :
06-03-2020
أخر زيارة :
08-13-2021 (12:56 PM)
المشاركات :
34,369 [
+
]
التقييم :
22241
الدولهـ
الجنس ~
لوني المفضل :
Coral
تابع – سورة المنافقون
محور مواضيع السورة :
ويكفيك لأجل أن تشعر بخطورة الدور الذي قام به المنافقون ، وخاصة في أوائل العهد ، أن تلاحظ أن المنافقين كانوا أقوياء نسبيا بعصبياتهم التي كانت ما تزال قوية الأثر في نفوس سواد قبائلهم ، كما أنهم لم يكونوا مفضوحين فضيحة تامة ، ولم يكن الإسلام قد رسخ في هذا السواد رسوخا كافيا وأن النبي - صلى اللّه عليه وسلم - كان محوطا بالمشركين الجاحدين من كل جانب ، وأهل مكة خصومه الألداء ، وهم قبلة الجزيرة يتربصون به الدوائر ، ويتحينون كل فرصة ووسيلة للقضاء عليه واليهود في المدينة وحولها قد تنكروا له منذ عهد مبكر وتطيروا به ، ثم جاهروه بالكفر والعداء والمكر
ولم يلبث أن انعقد بينهم وبين المنافقين حلف طبيعي على توحيد المسعى ، والتضامن في موقف المعارضة والكيد ، حتى ليمكن القول : إن المنافقين لم يقووا ويثبتوا ويكن منهم ذلك الأذى الشديد والاستمرار في الكيد والدس إلا بسبب ما لقوه من اليهود من تعضيد ، وما انعقد بينهم من تضامن وتواثق ، ولم يضعف شأنهم ويخف خطرهم إلا بعد أن مكن اللّه للنبي من هؤلاء وأظهره عليهم ، وكفاه شرهم.
وهذه السورة تبدأ بوصف طريقتهم في مداراة ما في قلوبهم من الكفر ، وإعلانهم الإسلام والشهادة بأن النبي - صلى اللّه عليه وسلم - هو رسول اللّه. وحلفهم كذبا ليصدقهم المسلمون ، واتخاذهم هذه الأيمان وقاية وجنة يخفون وراءها حقيقة أمرهم ، ويخدعون المسلمين فيهم :
«إذا جاءك المنافقون قالوا : نشهد إنك لرسول اللّه - واللّه يعلم إنك لرسوله - واللّه يشهد إن المنافقين لكاذبون.
اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل اللّه ، إنهم ساء ما كانوا يعملون» ..
فهم كانوا يجيئون إلى رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - فيشهدون بين يديه برسالته شهادة باللسان ، لا يقصدون بها وجه الحق ، إنما يقولونها للتقية ، وليخفوا أمرهم وحقيقتهم على المسلمين. فهم كاذبون في أنهم جاءوا ليشهدوا هذه الشهادة ، فقد جاءوا ليخدعوا المسلمين بها ، ويداروا أنفسهم بقولها. ومن ثم يكذبهم اللّه في شهادتهم بعد التحفظ الذي يثبت حقيقة الرسالة : «وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ» .. «وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ».
والتعبير من الدقة والاحتياط بصورة تثير الانتباه. فهو يبادر بتثبيت الرسالة قبل تكذيب مقالة المنافقين.
ولو لا هذا التحفظ لأوهم ظاهر العبارة تكذيب المنافقين في موضوع شهادتهم وهو الرسالة. وليس هذا هو المقصود. إنما المقصود تكذيب إقرارهم فهم لا يقرون الرسالة حقا ولا يشهدون بها خالصي الضمير! «اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً» ..
وهي توحي بأنهم كانوا يحلفون الأيمان كلما انكشف أمرهم ، أو عرف عنهم كيد أو تدبير ، أو نقلت عنهم مقالة سوء في المسلمين. كانوا يحلفون ليتقوا ما يترتب على افتضاح أمر من أمورهم ، فيجعلون أيمانهم وقاية وجنة يحتمون وراءها ، ليواصلوا كيدهم ودسهم وإغواءهم للمخدوعين فيهم.
«فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ» .. صدوا أنفسهم وصدوا غيرهم مستعينين بتلك الأيمان الكاذبة : «إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ» .. وهل أسوأ من الكذب للخداع والتضليل!؟
ويعلل حالهم هذه من شهادة مدخولة كاذبة ، وأيمان مكذوبة خادعة ، وصد عن سبيل اللّه وسوء عمل ..
يعلله بأنهم كفروا بعد الإيمان ، واختاروا الكفر بعد أن عرفوا الإسلام :
«ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ ، فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ» ..
فهم عرفوا الإيمان إذن ، ولكنهم اختاروا العودة إلى الكفر. وما يعرف الإيمان ثم يعود إلى الكفر قلب فيه فقه ، أو تذوق ، أو حياة. وإلا فمن ذا الذي يذوق ويعرف ، ويطلع على التصور الإيماني للوجود ، وعلى التذوق الإيماني للحياة ، ويتنفس في جو الإيمان الذكي ، ويحيا في نور الإيمان الوضي ء ، ويتفيأ ظلال الإيمان الندية .. ثم يعود إلى الكفر الكالح الميت الخاوي المجدب الكنود؟ من ذا الذي يصنع هذا إلا المطموس الكنود الحقود ، الذي لا يفقه ولا يحس ولا يشعر بهذا الفارق البعيد! «فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ» ..
( يتبع )
فترة الأقامة :
1895 يوم
معدل التقييم :
زيارات الملف الشخصي :
434
إحصائية مشاركات »
المواضيـع
الــــــردود
[
+
]
[
+
]
بمـــعــدل :
18.13 يوميا
مديح ال قطب
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى مديح ال قطب
البحث عن كل مشاركات مديح ال قطب