الموضوع
:
التعريف بسور القرآن الكريم وأسباب النزول ومحاور ومقاصد السور
عرض مشاركة واحدة
03-13-2021, 06:15 PM
#
182
بيانات اضافيه [
+
]
رقم العضوية :
1751
تاريخ التسجيل :
06-03-2020
أخر زيارة :
08-13-2021 (12:56 PM)
المشاركات :
34,369 [
+
]
التقييم :
22241
الدولهـ
الجنس ~
لوني المفضل :
Coral
]
تابع – سورة القلم
محور مواضيع السورة :
ثم يكشف لهم الجبار القهار عن خطة الحرب مع هذا المخلوق الهزيل الصغير الضعيف! «سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ. وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ» ..
وإن شأن المكذبين ، وأهل الأرض أجمعين ، لأهون وأصغر من أن يدبر اللّه لهم هذه التدابير .. ولكنه - سبحانه - يحذرهم نفسه ليدركوا أنفسهم قبل فوات الأوان. وليعلموا أن الأمان الظاهر الذي يدعه لهم هو الفخ الذي يقعون فيه وهم غارّون. وأن إمهالهم على الظلم والبغي والإعراض والضلال هو استدراج لهم إلى أسوأ مصير. وأنه تدبير من اللّه ليحملوا أوزارهم كاملة ، ويأتوا إلى الموقف مثقلين بالذنوب ، مستحقين للخزي والرهق والتعذيب ..
وليس أكبر من التحذير ، وكشف الاستدراج والتدبير ، عدلا ولا رحمة. واللّه سبحانه يقدم لأعدائه وأعداء دينه ورسوله عدله ورحمته في هذا التحذير وذلك النذير.
وهم بعد ذلك وما يختارون لأنفسهم ، فقد كشف القناع ووضحت الأمور! إنه سبحانه يمهل ولا يهمل. ويملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته. وهو هنا يكشف عن طريقته وعن سنته التي قدرها بمشيئته. ويقول لرسوله - صلى اللّه عليه وسلم - ذرني ومن يكذب بهذا الحديث ، وخل بيني وبين المعتزين بالمال والبنين والجاه والسلطان. فسأملي لهم ، واجعل هذه النعمة فخهم! فيطمئن رسوله ، ويحذر أعداءه ..
ثم يدعهم لذلك التهديد الرعيب! وفي ظل مشهد القيامة المكروب وظل هذا التهديد المرهوب يكمل الجدل والتحدي والتعجيب من موقفهم الغريب :
«أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ؟» ..
فثقل الغرامة التي تطلبها منهم أجرا على الهداية هو الذي يدفعهم إلى الإعراض والتكذيب ، ويجعلهم يؤثرون ذلك المصير البشع ، على فداحة ما يؤدون؟! «أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ؟» ..
ومن ثم فهم على ثقة مما في الغيب ، فلا يخيفهم ما ينتظرهم فيه ، فقد اطلعوا عليه وكتبوه وعرفوه؟ أو أنهم هم الذين كتبوا ما فيه. فكتبوه ضامنا لما يشتهون؟
ولا هذا ولا ذاك؟ فما لهم يقفون هذا الموقف الغريب المريب؟! وبذلك التعبير العجيب الموحي الرعيب : «فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ» .. وبالإعلان عن خطة المعركة والكشف عن سنة الحرب بين اللّه وأعدائه المخدوعين .. بهذا وذلك يخلي اللّه النبي - صلى اللّه عليه وسلم - والمؤمنين من المعركة بين الإيمان والكفر. وبين الحق والباطل. فهي معركته - سبحانه - وهي حربه التي يتولاها بذاته.
والأمر كذلك في حقيقته ، مهما بدا أن للنبي - صلى اللّه عليه وسلم - وللمؤمنين دورا في هذه الحرب أصيلا.
إن دورهم حين ييسره اللّه لهم هو طرف من قدر اللّه في حربه مع أعدائه. فهم أداة يفعل اللّه بها أو لا يفعل.
وهو في الحالين فعال لما يريد. وهو في الحالين يتولى المعركة بذاته وفق سنته التي يريد.
وهذا النص نزل والنبي - صلى اللّه عليه وسلم - في مكة ، والمؤمنون معه قلة لا تقدر على شيء. فكانت فيه الطمأنينة للمستضعفين ، والفزع للمغترين بالقوة والجاه والمال والبنين. ثم تغيرت الأحوال والأوضاع في المدينة.
وشاء اللّه أن يكون للرسول ومن معه من المؤمنين دور ظاهر في المعركة. ولكنه هنا لك أكد لهم ذلك القول الذي قاله لهم وهم في مكة قلة مستضعفون. وقال لهم وهم منتصرون في بدر : «فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ ، وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى ، وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً ، إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» ..
وذلك ليقر في قلوبهم هذه الحقيقة. حقيقة أن المعركة معركته هو سبحانه. وأن الحرب حربه هو سبحانه.
وأن القضية قضيته هو سبحانه. وأنه حين يجعل لهم فيها دورا فإنما ذلك ليبليهم منه بلاء حسنا. وليكتب لهم بهذا البلاء أجرا. أما حقيقة الحرب فهو الذي يتولاها. وأما حقيقة النصر فهو الذي يكتبها .. وهو سبحانه يجريها بهم وبدونهم. وهم حين يخوضونها أداة لقدرته ليست هي الأداة الوحيدة في يده! وهي حقيقة واضحة من خلال النصوص القرآنية في كل موضع ، وفي كل حال ، وفي كل وضع. كما أنها هي الحقيقة التي تتفق مع التصور الإيماني لقدرة اللّه وقدره ، ولسنته ومشيئته ، ولحقيقة القدرة البشرية التي تنطلق لتحقيق قدر اللّه .. أداة .. ولن تزيد على أن تكون أداة ..
وهي حقيقة تسكب الطمأنينة في قلب المؤمن ، في حالتي قوته وضعفه على السواء. ما دام يخلص قلبه للّه ، ويتوكل في جهاده على اللّه. فقوته ليست هي التي تنصره في معركة الحق والباطل والإيمان والكفر ، إنما هو اللّه الذي يكفل له النصر. وضعفه لا يهزمه لأن قوة اللّه من ورائه وهي التي تتولى المعركة وتكفل له النصر.
ولكن اللّه يملي ويستدرج ويقدر الأمور في مواقيتها وفق مشيئته وحكمته ، ووفق عدله ورحمته.
كما أنها حقيقة تفزع قلب العدو ، سواء كان المؤمن أمامه في حالة ضعف أم في حالة قوة. فليس المؤمن هو الذي ينازله ، إنما هو اللّه الذي يتولى المعركة بقوته وجبروته. اللّه الذي يقول لنبيه «فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ» وخل بيني وبين هذا البائس المتعوس! واللّه يملي ويستدرج فهو في الفخ الرعيب المفزع المخيف ، ولو كان في أوج قوته وعدته. فهذه القوة هي ذاتها الفخ وهذه العدة هي ذاتها المصيدة .. «وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ»! أما متى يكون. فذلك علم اللّه المكنون! فمن يأمن غيب اللّه ومكره؟ وهل يأمن مكر اللّه إلا القوم الفاسقون؟
وأمام هذه الحقيقة يوجه اللّه نبيه - صلى اللّه عليه وسلم - إلى الصبر. الصبر على تكاليف الرسالة. والصبر على التواءات النفوس. والصبر على الأذى والتكذيب. الصبر حتى يحكم اللّه في الوقت المقدر كما يريد. ويذكره بتجربة أخ له من قبل ضاق صدره بهذه التكاليف ، فلولا أن تداركته نعمة اللّه لنبذ وهو مذموم :
«فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ ، وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ. إِذْ نادى وَهُوَ مَكْظُومٌ. لَوْلا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَراءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ. فَاجْتَباهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ» ..
وصاحب الحوت هو يونس - عليه السّلام - كما جاء في سورة الصافات. وملخص تجربته التي يذكر اللّه بها محمدا - صلى اللّه عليه وسلم - لتكون له زادا ورصيدا ، وهو خاتم النبيين ، الذي سبقته تجارب النبيين أجمعين في حقل الرسالة ، ليكون هو صاحب الحصاد الأخير ، وصاحب الرصيد الأخير ، وصاحب الزاد الأخير. فيعينه هذا على عبئه الثقيل الكبير. عبء هداية البشرية جميعها لا قبيلة ولا قرية ولا أمة. وعبء هداية الأجيال جميعها لا جيل واحد ولا قرن واحد كما كانت مهمة الرسل قبله. وعبء إمداد البشرية بعده بكل أجيالها وكل أقوامها بمنهج دائم ثابت صالح لتلبية ما يجد في حياتها من أحوال وأوضاع وتجارب. وكل يوم يأتي بجديد ..
( يتبع )
فترة الأقامة :
1896 يوم
معدل التقييم :
زيارات الملف الشخصي :
434
إحصائية مشاركات »
المواضيـع
الــــــردود
[
+
]
[
+
]
بمـــعــدل :
18.13 يوميا
مديح ال قطب
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى مديح ال قطب
البحث عن كل مشاركات مديح ال قطب