عرض مشاركة واحدة
قديم 03-13-2021, 06:30 PM   #11


مديح ال قطب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1751
 تاريخ التسجيل :  06-03-2020
 أخر زيارة : 08-13-2021 (12:56 PM)
 المشاركات : 34,369 [ + ]
 التقييم :  22241
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Coral
افتراضي








.
.
.


.
.
.


.
.
.
.





تابع - سورة المعارج


محور مواضيع السورة :
قال الصابوني:
* سورة المعارج من السور المكية، التي تعالج أصول العقيدة الإسلامية، وقد تناولت الحديث عن القيامة وأهوالها، والآخرة وما فيها من سعادة وشقاوة، وراحة ونصب، وعن أحوال المؤمنين والمجرمين، في دار الجزاء والخلود، والمحور الذي تدور عليه السورة الكريمة هو الحديث عن كفار مكة وإنكارهم للبعث والنشور، واستهزاؤهم بدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم.
* ابتدأت السورة الكريمة بالحديث عن طغيان أهل مكة، وعن تمردهم على طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، واستهزائهم بالإنذار والعذاب الذي خوفوا به، وذكرت مثلا لطغيانهم بما طلبه بعض صناديدهم وهو (النضر بن الحارث) حين دعا أن ينزل الله عليه وعلى قومه العذاب العاجل، ليستمتعوا به في الدنيا قبل الآخرة، وذلك مكابرة في الجحود والعناد {سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع من الله ذي المعارج..} الآيات.
* ثم تناولت الحديث عن المجرمين في ذلك اليوم الفظيع الذي تتفطر فيه السموات، وتتطاير فيه الجبال، فتصير كالصوف الملون ألوانا غريبة {يوم تكون السماء كالمهل وتكون الجبال كالعهن ولا يسأل حميم حميما يبصرونهم يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته وأخيه وفصيلته التي تئويه ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه}.
* ثم استطردت السورة إلى ذكر طبيعة الإنسان، فإنه يجزع عند الشدة، ويبطر عند النعمة فيمنع حق الفقير والمسكين {إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا}.
* ثم تحدثت عن المؤمنين، وما اتصفوا به من جلائل الصفات، وفضائل الأخلاق، وبينت ما أعد الله لهم من عظيم الأجر، في جنات الخلد والنعيم {إلا المصلين الذين هم على صلاتهم دائمون والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم} الآيات.
* ثم تناولت الكفرة المستهزئين بالرسول، الطامعين في دخول جنات النعيم {فما للذين كفروا قبلك مهطعين عن اليمين وعن الشمال عزين أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم كلا إنا خلقناهم مما يعلمون}.
* وختمت السورة الكريمة بالقسم الجليل برب العالمين، على أن البعث والجزاء حق لا ريب فيه، وعلى أن الله تعالى قادر على أن يخلق خيرا منهم {فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون على أن نبدل خيرا منهم وما نحن بمسبوقين..} إلى قوله تعالى: {خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون} نهاية السورة الكريمة، وهو ختم يناسب موضوع السورة، في عقاب الكفرة المجرمين، المكذبين بالبعث والنشور.

قال سيد قطب
هذه السورة حلقة من حلقات العلاج البطيء، المديد، العميق، الدقيق، لعقابيل الجاهلية في النفس البشرية كما واجهها القرآن في مكة؛ وكما يمكن أن يواجهها في أية جاهلية أخرى مع اختلافات في السطوح لا في الأعماق! وفي الظواهر لا في الحقائق!
أو هي جولة من جولات المعركة الطويلة الشاقة التي خاضها في داخل هذه النفس، وفي خلال دروبها ومنحنياتها، ورواسبها وركامها. وهي أضخم وأطول من المعارك الحربية التي خاضها المسلمون- فيما بعد- كما أن هذه الرواسب وتلك العقابيل هي أكبر وأصعب من القوى التي كانت مرصودة ضد الدعوة الإسلامية والتي ما تزال مرصودة لها في الجاهليات القديمة والحديثة!
والحقيقة الأساسية التي تعالج السورة إقرارها هي حقيقة الآخرة وما فيها من جزاء؛ وعلى وجه الخصوص ما فيها من عذاب للكافرين، كما أوعدهم القرآن الكريم. وهي تلم- في طريقها إلى إقرار هذه الحقيقة- بحقيقة النفس البشرية في الضراء والسراء. وهي حقيقة تختلف حين تكون مؤمنة وحين تكون خاوية من الإيمان. كما تلم بسمات النفس المؤمنة ومنهجها في الشعور والسلوك، واستحقاقها للتكريم. وبهوان الذين كفروا على الله وما أعده لهم من مذلة ومهانة تليق بالمستكبرين.. وتقرر السورة كذلك اختلاف القيم والمقاييس في تقدير الله وتقدير البشر، واختلاف الموازين...

تؤلف بهذه الحقائق حلقة من حلقات العلاج الطويل لعقابيل الجاهلية وتصوراتها، أو جولة من جولات المعركة الشاقة في دروب النفس البشرية ومنحنياتها. تلك المعركة التي خاضها القرآن فانتصر فيها في النهاية مجردا من كل قوة غير قوته الذاتية. فقد كان انتصار القرآن الحقيقي في داخل النفس البشرية- ابتداء- قبل أن يكون له سيف يدفع الفتنة عن المؤمنين به فضلا على أن يرغم به أعداءه على الاستسلام له!
والذي يقرأ هذا القرآن- وهو مستحضر في ذهنه لأحداث السيرة- يشعر بالقوة الغالبة والسلطان البالغ الذي كان هذا القرآن يواجه به النفوس في مكة ويروضها حتى تسلس قيادها راغبة مختارة. ويرى أنه كان يواجه النفوس بأساليب متنوعة تنوعا عجيبا.. تارة يواجهها بما يشبه الطوفان الغامر من الدلائل الموحية والمؤثرات الجارفة! وتارة يواجهها بما يشبه الهراسة الساحقة التي لا يثبت لها شيء مما هو راسخ في كيانها من التصورات والرواسب! وتارة يواجهها بما يشبه السياط اللاذعة تلهب الحس فلا يطيق وقعها ولا يصبر على لذعها! وتارة يواجهها بما يشبه المناجاة الحبيبة، والمسارة الودود، التي تهفو لها المشاعر وتأنس لها القلوب! وتارة يواجهها بالهول المرعب، والصرخة المفزعة، التي تفتح الأعين على الخطر الداهم القريب! وتارة يواجهها بالحقيقة في بساطة ونصاعة لا تدع مجالا للتلفت عنها ولا الجدال فيها. وتارة يواجهها بالرجاء الصبوح والأمل الندي الذي يهتف لها ويناجيها. وتارة يتخلل مساربها ودروبها ومنحنياتها فيلقي عليها الأضواء التي تكشفها لذاتها فترى ما يجري في داخلها رأي العين، وتخجل من بعضه، وتكره بعضه، وتتيقظ لحركاتها وانفعالاتها التي كانت غافلة عنها!.. ومئات من اللمسات، ومئات من اللفتات، ومئات من الهتافات، ومئات من المؤثرات.. يطلع عليها قارئ القرآن، وهو يتبع تلك المعركة الطويلة، وذلك العلاج البطيء. ويرى كيف انتصر القرآن على الجاهلية في تلك النفوس العصية العنيدة.


( يتبع )





.
.
..

.
.
.

.
.
.
.



 

رد مع اقتباس