03-13-2021, 06:35 PM
|
#208
|
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 1751
|
تاريخ التسجيل : 06-03-2020
|
أخر زيارة : 08-13-2021 (12:56 PM)
|
المشاركات :
34,369 [
+
] |
التقييم : 22241
|
الدولهـ
|
الجنس ~
|
|
لوني المفضل : Coral
|
|
تابع – سورة نوح
محور مواضيع السورة :
والآن نستعرض قصة نوح في هذه السورة ، وما تمثله من حقيقة تلك الحقيقة! «إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ : أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ. قالَ : يا قَوْمِ : إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ : أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ. يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ ، وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ، إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ ، لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ» ..
تبدأ السورة بتقرير مصدر الرسالة والعقيدة وتوكيده : «إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ» .. فهذا هو المصدر الذي يتلقى منه الرسل التكليف ، كما يتلقون حقيقة العقيدة. وهو المصدر الذي صدر منه الوجود كله ، وصدرت منه الحياة. وهو اللّه الذي خلق البشر وأودع فطرتهم الاستعداد لأن تعرفه وتعبده ، فلما انحرفوا عنها وزاغوا أرسل إليهم رسله ، يردونهم إليه. ونوح - عليه السلام - كان أول هؤلاء الرسل - بعد آدم عليه السلام. وآدم لا يذكر القرآن له رسالة بعد مجيئه إلى هذه الأرض ، وممارسته لهذه الحياة ولعله كان معلما لأبنائه وحفدته حتى إذا طال عليهم الأمد بعد وفاته ضلوا عن عبادة اللّه الواحد ، واتخذوا لهم أصناما آلهة. اتخذوها في أول الأمر أنصابا ترمز إلى قوى قدسوها. قوى غيبية أو مشهودة. ثم نسوا الرمز وعبدوا الأصنام! وأشهرها تلك الخمسة التي سيرد ذكرها في السورة. فأرسل اللّه إليهم نوحا يردهم إلى التوحيد ، ويصحح لهم تصورهم عن اللّه وعن الحياة والوجود. والكتب المقدسة السابقة تجعل إدريس - عليه السلام - سابقا لنوح. ولكن ما ورد في هذه الكتب لا يدخل في تكوين عقيدة المسلم ، لشبهة التحريف والتزيد والإضافة إلى تلك الكتب.
والذي يتجه إليه من يقرأ قصص الأنبياء في القرآن ، أن نوحا كان في فجر البشرية وأن طول عمره الذي قضى منه ألف سنة إلا خمسين عاما في دعوته لقومه ، ولا بد أنهم كانوا طوال الأعمار بهذه النسبة .. أن طول عمره وأعمار جيله هكذا يوحي بأن البشر كانوا ما يزالون قلة لم تتكاثر بعد كما تكاثرت في الأجيال التالية.
وذلك قياسا على ما نراه من سنة اللّه في الأحياء من طول العمر إذا قل العدد ، كأن ذلك للتعويض والتعادل ..
واللّه أعلم بذلك .. إنما هي نظرة في سنة اللّه وقياس! تبدأ السورة بتقرير مصدر الرسالة وتوكيده ، ثم تذكر فحوى رسالة نوح في اختصار وهي الإنذار :
«أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ» ..
والحالة التي كان قوم نوح قد انتهوا إليها ، من إعراض واستكبار وعناد وضلال - كما تبرز من خلال الحساب الذي قدمه نوح في النهاية لربه - تجعل الإنذار هو أنسب ما تلخص به رسالته ، وأول ما يفتتح به الدعوة لقومه ، الإنذار بعذاب أليم ، في الدنيا أو في الآخرة ، أو فيهما جميعا.
ومن مشهد التكليف ينتقل السياق مباشرة إلى مشهد التبليغ في اختصار ، البارز فيه هو الإنذار ، مع الإطماع في المغفرة على ما وقع من الخطايا والذنوب وتأجيل الحساب إلى الأجل المضروب في الآخرة للحساب وذلك مع البيان المجمل لأصول الدعوة التي يدعوهم إليها :
«قالَ : يا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ. أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ ، وَاتَّقُوهُ ، وَأَطِيعُونِ. يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى. إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ» ..
«يا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ» .. مفصح عن نذارته ، مبين عن حجته ، لا يتمتم ولا يجمجم ، ولا يتلعثم في دعوته ، ولا يدع لبسا ولا غموضا في حقيقة ما يدعو إليه ، وفي حقيقة ما ينتظر المكذبين بدعوته.
وما يدعو إليه بسيط واضح مستقيم : «أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ ، وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ» .. عبادة للّه وحده بلا شريك.
وتقوى للّه تهيمن على الشعور والسلوك. وطاعة لرسوله تجعل أمره هو المصدر الذي يستمدون منه نظام الحياة وقواعد السلوك.
وفي هذه الخطوط العريضة تتلخص الديانة السماوية على الإطلاق. ثم تفترق بعد ذلك في التفصيل والتفريع.
وفي مدى التصور وضخامته وعمقه وسعته وشموله وتناوله للجوانب المختلفة للوجود كله ، وللوجود الإنساني في التفصيل والتفريع.
وعبادة اللّه وحده منهج كامل للحياة ، يشمل تصور الإنسان لحقيقة الألوهية وحقيقة العبودية ولحقيقة الصلة بين الخلق والخالق ، ولحقيقة القوى والقيم في الكون وفي حياة الناس .. ومن ثم ينبثق نظام للحياة البشرية قائم على ذلك التصور ، فيقوم منهج للحياة خاص. منهج رباني مرجعه إلى حقيقة الصلة بين العبودية والألوهية ، وإلى القيم التي يقررها اللّه للأحياء والأشياء.
وتقوى اللّه .. هي الضمانة الحقيقية لاستقامة الناس على ذلك المنهج ، وعدم التلفت عنه هنا أو هناك ، وعدم الاحتيال عليه أو الالتواء في تنفيذه. كما أنها هي مبعث الخلق الفاضل المنظور فيه إلى اللّه ، بلا رياء ولا تظاهر ولا مماراة.
وطاعة الرسول .. هي الوسيلة للاستقامة على الطريق ، وتلقي الهدى من مصدره المتصل بالمصدر الأول للخلق والهداية ، وبقاء الاتصال بالسماء عن طريق محطة الاستقبال المباشرة السليمة المضمونة! فهذه الخطوط العريضة التي دعا نوح إليها قومه في فجر البشرية هي خلاصة دعوة اللّه في كل جيل بعده ، وقد وعدهم عليها ما وعد اللّه به التائبين الثائبين :
«يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى» ..
وجزاء الاستجابة للدعوة إلى عبادة اللّه وتقواه وطاعة رسوله هي المغفرة والتخليص من الذنوب التي سلفت وتأخير الحساب إلى الأجل المضروب له في علم اللّه. وهو اليوم الآخر. وعدم الأخذ في الحياة الدنيا بعذاب الاستئصال (و سيرد في الحساب الذي قدمه نوح لربه أنه وعدهم أشياء أخرى في أثناء الحياة).
ثم بين لهم أن ذلك الأجل المضروب حتمي يجيء في موعده ، ولا يؤخر كما يؤخر عذاب الدنيا .. وذلك لتقرير هذه الحقيقة الاعتقادية الكبرى :
«إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ ، لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ» ..
|
|
|
|
|
مديح |
|
|
| . | . |
|
|
|