عرض مشاركة واحدة
قديم 03-14-2021, 08:34 PM   #233


مديح ال قطب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1751
 تاريخ التسجيل :  06-03-2020
 أخر زيارة : 08-13-2021 (12:56 PM)
 المشاركات : 34,369 [ + ]
 التقييم :  22241
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Coral
افتراضي









.
.
.


.
.
.


.
.
.




تابع – سورة المزمل
محاور ومقاصد السورة
ولعل سبب هذا الاضطراب اختلاط في الروايات بين فرض قيام الليل وبين الترغيب فيه.
ونسب القرطبي إلى (تفسير الثعلبي) قال: قال النخعي في قوله تعالى: {يا أيها المزمل} كان النبي متزملا بقطيفة عائشة، وهي مرط نصفه عليها وهي نائمة ونصفه على النبي وهو يصلي اه، وإنما بنى النبي بعائشة في المدينة، فالذي نعتمد عليه أن أول السورة نزل بمكة لا محالة كما سنبينه عند قوله تعالى: {إِنّا سنلقي عليك قولا ثقيلا} (المزمل: 5)، وأن قوله: {إن ربك يعلم أنك تقوم..} إلى آخر السورة نزل بالمدينة بعد سنين من نزول أول السّورة لأن فيه ناسخا لوجوب قيام الليل.
وأنه ناسخ لوجوب قيام الليل على النبي وأن ما رووه عن عائشة أن أول ما فرض قيام الليل قبل فرض الصلاة غريب.
وحكى القرطبي عن الماوردي: أن ابن عباس وقتادة قالا: إن آيتين وهما واصبر على ما يقولون إلى قوله: {ومهلهم قليلا} (المزمل: 10، 11) نزلتا بالمدينة.
واختلف في عدِّ هذه السورة في ترتيب نزول السور، والأصح الذي تضافرت عليه الأخبار الصحيحة: أن أول ما نزل سورة العلق واختلف فيما نزل بعد سورة العلق، فقيل سورة ن والقلم، وقيل نزل بعد العلق سورة المدثر، ويظهر أنه الأرجح ثم قيل نزلت سورة المزمل بعد القلم فتكون ثالثة. وهذا قول جابر بن زيد في تعداد نزول السور، وعلى القول بأن المدثر هي الثانية يحتمل أن تكون القلم ثالثة والمزمل رابعة، ويحتمل أن تكون المزمل هي الثالثة والقلم رابعة، والجمهور على أن المدثر نزلت قبل المزمل، وهو ظاهر حديث عروة بن الزبير عن عائشة في بدء الوحي من (صحيح البخاري) وسيأتي عند قوله تعالى: {يا أيها المزمل}.
والأصح أن سبب نزول يا أيها المزمل ما في حديث جابر بن عبد الله الآتي عند قوله تعالى: {يا أيها المزمل} الآية.
وعدة آيها في عدّ أهل المدينة ثمان عشرة آية، وفي عد أهل البصرة تسع عشرة وفي عدّ من عداهم عشرون.


قال البقاعي:
سورة المزمل مقصودها الإعلام بأن محاسن الأعمال تدفع الأخطار والأوجال، وتخفف الأحمال الثقال، ولاسيما الوقوف بين يدي الملك المتعال، والتجرد يفي خدمته يفي ظلمات الليال، فإنه نعم الإله لقبول الأفعال والأقوال، ومحو ظلل الضلال، والمعين الأعظم على الصبر والاحتمال، لما يرد من الكدورات في دار الزوال، والقلعة والارتحال، واسمها المزمل أدل ما فيها على هذا المقال.
و.معظم مقصود السّورة خطاب الانبساط مع سيّد المرسلين، والأمرُ بقيام اللّيل، وبيان حُجّة التّوحيد، والأمر بالصّبر على جفاءِ الكفّار، وتهديدُ الكافر بعذاب النار، وتشبيه رسالة المصطفى برسالة موسى، والتخويف بتهويل القيامة، والتسهيل والمسامحة في قيام اللّيل، والحثّ على الصدقة والإِحسان، والأمر بالاستغفار من الذّنوب والعصيان، في قوله: {واسْتغْفِرُواْ اللّه إِنّ اللّه غفُورٌ رّحِيمٌ}.
قال سيد قطب
يروى في سبب نزول هذه السورة أن قريشا اجتمعت في دار الندوة تدبر كيدها للنبي - صلى اللّه عليه وسلم - وللدعوة التي جاءهم بها. فبلغ ذلك رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - فاغتم له والتف بثيابه وتزمل ونام مهموما. فجاءه جبريل عليه السلام بشطر هذه السورة الأول «يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا .. إلخ» وتأخر شطر السورة الثاني من قوله تعالى : «إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ ...» إلى آخر السورة. تأخر عاما كاملا. حين قام رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - وطائفة من الذين معه ، حتى ورمت أقدامهم ، فنزل التخفيف في الشطر الثاني بعد اثني عشر شهرا.
وتروى رواية أخرى تتكرر بالنسبة لسورة المدثر كذلك - كما سيجيء في عرض سورة المدثر إن شاء اللّه.
وخلاصتها أن رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - كان يتحنث في غار حراء - قبل البعثة بثلاث سنوات - أي يتطهر ويتعبد - وكان تحنثه - عليه الصلاة والسلام - شهرا من كل سنة - هو شهر رمضان - يذهب فيه إلى غار حراء على مبعدة نحو ميلين من مكة ، ومعه أهله قريبا منه. فيقيم فيه هذا الشهر ، يطعم من جاءه من المساكين ، ويقضي وقته في العبادة والتفكير فيما حوله من مشاهد الكون ، وفيما وراءها من قدرة مبدعة ..
وهو غير مطمئن لما عليه قومه من عقائد الشرك المهلهلة ، وتصوراتها الواهية ، ولكن ليس بين يديه طريق واضح ، ولا منهج محدد ، ولا طريق قاصد يطمئن إليه ويرضاه.
وكان اختياره - صلى اللّه عليه وسلم - لهذه العزلة طرفا من تدبير اللّه له ليعده لما ينتظره من الأمر العظيم.
ففي هذه العزلة كان يخلو إلى نفسه ، ويخلص من زحمة الحياة وشواغلها الصغيرة ويفرغ لموحيات الكون ، ودلائل الإبداع وتسبح روحه مع روح الوجود وتتعانق مع هذا الجمال وهذا الكمال وتتعامل مع الحقيقة الكبرى وتمرن على التعامل معها في إدراك وفهم.


ولا بد لأي روح يراد لها أن تؤثر في واقع الحياة البشرية فتحولها وجهة أخرى .. لا بد لهذه الروح من خلوة وعزلة بعض الوقت ، وانقطاع عن شواغل الأرض ، وضجة الحياة ، وهموم الناس الصغيرة التي تشغل الحياة.
لا بد من فترة للتأمل والتدبر والتعامل مع الكون الكبير وحقائقه الطليقة. فالاستغراق في واقع الحياة يجعل النفس تألفه وتستنيم له ، فلا تحاول تغييره. أما الانخلاع منه فترة ، والانعزال عنه ، والحياة في طلاقة كاملة من أسر الواقع الصغير ، ومن الشواغل التافهة فهو الذي يؤهل الروح الكبير لرؤية ما هو أكبر ، ويدر به على الشعور بتكامل ذاته بدون حاجة إلى عرف الناس ، والاستمداد من مصدر آخر غير هذا العرف الشائع! وهكذا دبر اللّه لمحمد - صلى اللّه عليه وسلم - وهو يعده لحمل الأمانة الكبرى ، وتغيير وجه الأرض ، وتعديل خط التاريخ .. دبر له هذه العزلة قبل تكليفه بالرسالة بثلاث سنوات. ينطلق في هذه العزلة شهرا من الزمان ، مع روح الوجود الطليقة ، ويتدبر ما وراء الوجود من غيب مكنون ، حتى يحين موعد التعامل مع هذا الغيب عند ما يأذن اللّه.
فلما أن أذن ، وشاء - سبحانه - أن يفيض من رحمته هذا الفيض على أهل الأرض ، جاء جبريل عليه
السلام إلى النبي - صلى اللّه عليه وسلم - وهو في غار حراء .. وكان ما قصه رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - من أمره معه فيما رواه ابن إسحق عن وهب بن كيسان ، عن عبيد ، قال :
«فجاءني جبريل وأنا نائم بنمط من ديباج فيه كتاب فقال : اقرأ. قال : قلت : ما أقرأ (و في الروايات :
ما أنا بقارئ) قال : فغتني به (أي ضغطني) حتى ظننت أنه الموت. ثم أرسلني فقال : اقرأ. قلت : ما أقرأ.
قال : فغتني حتى ظننت أنه الموت. ثم أرسلني فقال : اقرأ. قلت : ما أقرأ : قال : فغتني حتى ظننت أنه الموت. ثم أرسلني فقال : اقرأ. قال : قلت : ماذا أقرأ؟ قال : ما أقول ذلك إلا افتداء منه أن يعود لي بمثل ما صنع بي. فقال : «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ. الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ. عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ» .. قال : فقرأتها. ثم انتهى فانصرف عني. وهببت من نومي فكأنما كتبت في قلبي كتابا. قال : فخرجت حتى إذا كنت في وسط من الجبل سمعت صوتا من السماء يقول :
يا محمد أنت رسول اللّه وأنا جبريل. قال : فرفعت رأسي إلى السماء أنظر. فإذا جبريل في صورة رجل ، صاف قدميه في أفق السماء يقول : يا محمد أنت رسول اللّه وأنا جبريل. قال : فوقفت أنظر إليه. فما أتقدم وما أتأخر. وجعلت أحول وجهي عنه في آفاق السماء. قال : فلا أنظر في ناحية منها إلا رأيته كذلك. فما زلت واقفا ما أتقدم أمامي وما أرجع ورائي ، حتى بعثت خديجة رسلها في طلبي ، فبلغوا أعلى مكة ، ورجعوا إليها وأنا واقف في مكاني ذلك. ثم انصرف عني وانصرفت راجعا إلى أهلي ، حتى أتيت خديجة ، فجلست إلى فخذها مضيفا إليها (أي ملتصقا بها مائلا إليها) فقالت : يا أبا القاسم أين كنت؟ فو اللّه لقد بعثت في طلبك حتى بلغوا مكة ورجعوا إليّ. ثم حدثتها بالذي رأيت فقالت : «أبشر يا بن عم واثبت. فو الذي نفس خديجة بيده إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة».
( يتبع )





.
.


.
.
.


.
.
.



 

رد مع اقتباس