عرض مشاركة واحدة
قديم 03-14-2021, 08:36 PM   #237


مديح ال قطب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1751
 تاريخ التسجيل :  06-03-2020
 أخر زيارة : 08-13-2021 (12:56 PM)
 المشاركات : 34,369 [ + ]
 التقييم :  22241
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Coral
افتراضي









.
.
.


.
.
.


.
.
.




تابع – سورة المزمل
محاور ومقاصد السورة
ثم يرسم مشهد هذا اليوم المخيف :
«يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلًا» ..
فها هي ذي صورة للهول تتجاوز الناس إلى الأرض في أكبر مجاليها. فترجف وتخاف وتتفتت وتنهار.
فكيف بالناس المهازيل الضعاف!
ويلتفت السياق أمام مشهد الهول المفزع ، إلى المكذبين أولي النعمة ، يذكرهم فرعون الجبار ، وكيف أخذه اللّه أخذ عزيز قهار :
«إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شاهِداً عَلَيْكُمْ كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولًا ، فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلًا».
هكذا في اختصار يهز قلوبهم ويخلعها خلعا ، بعد مشهد الأرض والجبال وهي ترجف وتنهار.
فذلك أخذ الآخرة وهذا أخذ الدنيا فكيف تنجون بأنفسكم وتقوها هذا الهول الرعيب؟
«فَكَيْفَ تَتَّقُونَ - إِنْ كَفَرْتُمْ - يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ؟» ..
وإن صورة الهول هنا لتنشق لها السماء ، ومن قبل رجفت لها الأرض والجبال. وإنها لتشيب الولدان. وإنه لهول ترتسم صوره في الطبيعة الصامتة ، وفي الإنسانية الحية .. في مشاهد ينقلها السياق القرآني إلى حس المخاطبين كأنها واقعة .. ثم يؤكدها تأكيدا. «كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا» .. واقعا لا خلف فيه. وهو ما شاء فعل وما أراد كان! وأمام هذا الهول الذي يتمثل في الكون كما يتمثل في النفس يلمس قلوبهم لتتذكر وتختار طريق السلامة ..
طريق اللّه




«إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ ، فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا» ..
وإن السبيل إلى اللّه لآمن وأيسر ، من السبيل المريب ، إلى هذا الهول العصيب! وبينما تزلزل هذه الآيات قوائم المكذبين ، تنزل على قلب الرسول - صلى اللّه عليه وسلم - والقلة المؤمنة المستضعفة إذ ذاك بالروح والثقة واليقين. إذ يحسون أن ربهم معهم ، يقتل أعداءهم وينكل بهم. وإن هي إلا مهلة قصيرة ، إلى أجل معلوم. ثم يقضى الأمر ، حينما يجيء الأجل ويأخذ اللّه أعداءه وأعداءهم بالنكال والجحيم والعذاب الأليم.
إن اللّه لا يدع أولياءه لأعدائه. ولو أمهل أعداءه إلى حين ...
والآن يجيء شطر السورة الثاني في آية واحدة طويلة ، نزلت بعد مطلع السورة بعام على أرجح الأقوال :
« إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ ، وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ. وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ. عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ ، فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ. عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى . وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ ، وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ ، وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً ، وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً ، وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ، إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» ..


نها لمسة التخفيف الندية ، تمسح على التعب والنصب والمشقة. ودعوة التيسير الإلهي على النبي والمؤمنين.
وقد علم اللّه منه ومنهم خلوصهم له. وقد انتفخت أقدامهم من القيام الطويل للصلاة بقدر من القرآن كبير.
وما كان اللّه يريد لنبيه أن يشقى بهذا القرآن وبالقيام. إنما كان يريد أن يعده للأمر العظيم الذي سيواجهه طوال ما بقي له من الحياة. هو والمجموعة القليلة من المؤمنين الذين قاموا معه.
وفي الحديث مودة وتطمين : «إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ» .. إنه رآك! إن قيامك وصلاتك أنت وطائفة من الذين معك قبلت في ميزان اللّه .. إن ربك يعلم أنك وهم تجافت جنوبكم عن المضاجع وتركت دفء الفراش في الليلة القارسة ، ولم تسمع نداء المضاجع المغري وسمعت نداء اللّه .. إن ربك يعطف عليك ويريد أن يخفف عنك وعن أصحابك .. «وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ» .. فيطيل من هذا ويقصر من ذاك. فيطول الليل ويقصر. وأنت ومن معك ماضون تقومون أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه. وهو يعلم ضعفكم عن الموالاة. وهو لا يريد أن يعنتكم ولا أن يشق عليكم. إنما يريد لكم الزاد وقد تزودتم فخففوا على أنفسكم ، وخذوا الأمر هينا : «فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ» .. في قيام الليل بلا مشقة ولا عنت .. وهناك - في علم اللّه - أمور تنتظركم تستنفد الجهد والطاقة ، ويشق معها القيام الطويل : «عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى » يصعب عليهم هذا القيام «وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ» .. في طلب الرزق والكد فيه ، وهو ضرورة من ضرورات الحياة. واللّه لا يريد أن تدعوا أمور حياتكم وتنقطعوا لعبادة الشعائر انقطاع الرهبان! «وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» .. فقد علم اللّه أن سيأذن لكم في الانتصار من ظلمكم بالقتال ، ولإقامة راية للإسلام في الأرض يخشاها البغاة! فخففوا إذن على أنفسكم «فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ» بلا عسر ولا مشقة ولا إجهاد .. واستقيموا على فرائض الدين : «وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ» .. وتصدقوا بعد ذلك قرضا للّه يبقى لكم خيره .. «وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً ، وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً» .. واتجهوا إلى اللّه مستغفرين عن تقصيركم. فالإنسان يقصر ويخطئ مهما جد وتحرى الصواب : «وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» ..
( يتبع )

.
.
.

.
.
.

.
.
.



 

رد مع اقتباس