عرض مشاركة واحدة
قديم 03-15-2021, 08:39 PM   #258


مديح ال قطب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1751
 تاريخ التسجيل :  06-03-2020
 أخر زيارة : 08-13-2021 (12:56 PM)
 المشاركات : 34,369 [ + ]
 التقييم :  22241
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Coral
افتراضي








.



.

.

[/ce





تابع – سورة القبامة
محور مواضيع السورة :
ومما يلاحظ أن كل شيء سريع قصير : الفقر. والفواصل. والإيقاع الموسيقي. والمشاهد الخاطفة. وكذلك عملية الحساب : «يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ»
هكذا في سرعة وإجمال .. ذلك أنه رد على استطالة الأمد والاستخفاف بيوم الحساب! ثم تجيء الآيات الأربع الخاصة بتوجيه الرسول - صلى اللّه عليه وسلم - في شأن الوحي وتلقي هذا القرآن :
«لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ. إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ. فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ. ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ»
..
وبالإضافة إلى ما قلناه في مقدمة السورة عن هذه الآيات ، فإن الإيحاء الذي تتركه في النفس هو تكفل اللّه المطلق بشأن هذا القرآن : وحيا وحفظا وجمعا وبيانا وإسناده إليه سبحانه وتعالى بكليته. ليس للرسول - صلى اللّه عليه وسلم - من أمره إلا حمله وتبليغه. ثم لهفة الرسول - صلى اللّه عليه وسلم - وشدة حرصه على استيعاب ما يوحى إليه وأخذه مأخذ الجد الخالص ، وخشيته أن ينسى منه عبارة أو كلمة ، مما كان يدعوه إلى متابعة جبريل عليه السلام في التلاوة آية آية وكلمة كلمة يستوثق منها أن شيئا لم يفته ، ويتثبت من حفظه له فيما بعد! وتسجيل هذا الحادث في القرآن المتلو له قيمته في تعميق هذه الإيحاءات التي ذكرناها هنا وفي مقدمة السورة بهذا الخصوص.
ثم يمضي سياق السورة في عرض مشاهد القيامة وما يكون فيها من شأن النفس اللوامة ، فيذكرهم بحقيقة نفوسهم وما يعتلج فيها من حب للدنيا وانشغال ، ومن إهمال للآخرة وقلة احتفال ويواجههم بموقفهم في الآخرة بعد هذا وما ينتهي إليه حالهم فيها. ويعرض لهم هذا الموقف في مشهد حي قوي الإيحاء عميق الإيقاع :
«كَلَّا. بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ ، وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ. وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ ، إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ ، تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ» ..




وأول ما يلحظ من ناحية التناسق في السياق هو تسمية الدنيا بالعاجلة في هذا الموضع. ففضلا عن إيحاء اللفظ بقصر هذه الحياة وسرعة انقضائها - وهو الإيحاء المقصود - فإن هناك تناسقا بين ظل اللفظ وظل الموقف السابق المعترض في السياق ، وقول اللّه تعالى لرسوله - صلى اللّه عليه وسلم - «لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ»
.. فهذا التحريك وهذه العجلة هي أحد ظلال السمة البشرية في الحياة الدنيا .. وهو تناسق في الحس لطيف دقيق يلحظه التعبير القرآني في الطريق! ثم نخلص إلى الموقف الذي يرسمه هذا النص القرآني الفريد :
«وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ. إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ» ..
إن هذا النص ليشير إشارة سريعة إلى حالة تعجز الكلمات عن تصويرها كما يعجز الإدراك عن تصورها بكل حقيقتها. ذلك حين يعد الموعودين السعداء بحالة من السعادة لا تشبهها حالة. حتى لتتضاءل إلى جوارها الجنة بكل ما فيها من ألوان النعيم! هذه الوجوه الناضرة .. نضرها أنها إلى ربها ناظرة ..
إلى ربها ..؟! فأي مستوى من الرفعة هذا؟ أي مستوى من السعادة؟


إن روح الإنسان لتستمتع أحيانا بلمحة من جمال الإبداع الإلهي في الكون أو النفس ، تراها في الليلة القمراء.
أو الليل الساجي. أو الفجر الوليد. أو الظل المديد. أو البحر العباب. أو الصحراء المنسابة. أو الروض البهيج. أو الطلعة البهية. أو القلب النبيل. أو الإيمان الواثق. أو الصبر الجميل .. إلى آخر مطالع الجمال في هذا الوجود .. فتغمرها النشوة ، وتفيض بالسعادة ، وترف بأجنحة من نور في عوالم مجنحة طليقة. وتتوارى عنها أشواك الحياة ، وما فيها من الم وقبح ، وثقلة طين وعرامة لحم ودم ، وصراع شهوات وأهواء ..
فكيف؟ كيف بها وهي تنظر - لا إلى جمال صنع اللّه - ولكن إلى جمال ذات اللّه؟
ألا إنه مقام يحتاج أولا إلى مد من اللّه. ويحتاج ثانيا إلى تثبيت من اللّه. ليملك الإنسان نفسه ، فيثبت ، ويستمتع بالسعادة ، التي لا يحيط بها وصف ، ولا يتصور حقيقتها إدراك! «وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ .. إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ» ..
ومالها لا تتنضر وهي إلى جمال ربها تنظر؟
( يتبع )





ll]


.

.




 

رد مع اقتباس