تفسير الآية
وبعد هذا التصوير الأمين لحججهم وأقوالهم، ساق- سبحانه- الرد الذي يدفع تلك الحجج والأقوال فقال: قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ.
أى: قد علمنا علما تاما دقيقا ما تأكله الأرض من أجسادهم بعد موتهم، ومن علم ذلك لا يعجزه أن يعيدهم إلى الحياة مرة أخرى.
وقوله- سبحانه-: وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ تأكيد وتقرير لما قبله.
أى: وعندنا بجانب علمنا الشامل الدقيق.
كتاب حافظ لجميع أحوال العباد، ومسجلة فيه أقوالهم وأفعالهم، والمراد بهذا الكتاب: اللوح المحفوظ.
» تفسير القرطبي: مضمون الآية
قوله تعالى : قد علمنا ما تنقص الأرض منهم أي : ما تأكل من أجسادهم فلا يضل عنا شيء حتى تتعذر علينا الإعادة .
وفي التنزيل : قال فما بال القرون الأولى قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى .
وفي الصحيح : كل ابن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب ، منه خلق وفيه يركب وقد تقدم .
وثبت أن الأنبياء والأولياء والشهداء لا تأكل الأرض أجسادهم ; حرم الله على الأرض أن تأكل أجسادهم .
وقد بينا هذا في كتاب " التذكرة " وتقدم أيضا في هذا الكتاب .
وقال السدي : النقص هنا الموت يقول قد علمنا منهم من يموت ومن يبقى ; لأن من مات دفن فكأن الأرض تنقص من الناس .
وعن ابن عباس : هو من يدخل في الإسلام من المشركين .
وعندنا كتاب حفيظ أي : بعدتهم وأسمائهم فهو فعيل بمعنى فاعل .
وقيل : اللوح المحفوظ أي : محفوظ من الشياطين أو محفوظ فيه كل شيء .
وقيل : الكتاب عبارة عن العلم والإحصاء ; كما تقول : كتبت عليك هذا أي : حفظته ; وهذا ترك الظاهر من غير ضرورة .
وقيل : أي : وعندنا كتاب حفيظ لأعمال بني آدم لنحاسبهم عليها