الموضوع
:
{حتى إذا أتوا على وادي النمل} سياحة في مملكة النمل
عرض مشاركة واحدة
02-22-2023, 01:06 PM
#
2
بيانات اضافيه [
+
]
رقم العضوية :
1718
تاريخ التسجيل :
08-02-2020
أخر زيارة :
12-10-2024 (06:23 PM)
المشاركات :
130,427 [
+
]
التقييم :
102623
الدولهـ
الجنس ~
SMS ~
لوني المفضل :
Blueviolet
القيد الثاني: أن التوفيق إلى كل نعمة، والحظوة بكل فضل، إنما هو برحمة الله،
وحتى دخول الجنة أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه إنما يكون برحمة الله.
ومن عجائب النمل - وعجائبه لا تنقضي - ذلك النمل المحارب المقاتل الذي يهجم؛ فجيوشه مثل التتار؛ إذ يهجم على القصور فيقتل من يغزوه بعد قتله الحراس، ويستولي على مخازن الطعام والتموين، وينقل البيض، ويتعهده في بيته، حتى يفقس، ويخرج النمل الصغير فيجعل منه خدمًا وعبيدًا في مملكته.
لقد سُمِّيَ بذلك؛ لأنه يشبه الجيش تمامًا وهو يقوم بمهمة تشبه وزارة الدفاع والداخلية، وهو لا يبني بيوتًا يستقر فيها، بل ينتقل في طوابير طويلة منتظمة؛ فيحفظ الأمن، ويحمي الملكة، ويرد العدوان، ويعلن بدء الغزو، ويشن الغارات، ويرتب الصفوف للمعارك، ويقاتل، ويغنم، ويأسر، ويفدي، ويبادل أسرى بأسرى تمامًا، كما يفعل البشر، بل أرقى من فعل البشر، وأذكى وأقدر على القيادة والمباغتة والتحرك، والهجوم والانسحاب، فسبحان الذي ألهمه وعلمه!
لقد سمى القرآن سورة فيه بـ"النمل"؛ لينبهنا إلى البحث والتفكر في شؤون هذا المخلوق الصغير، الذي يمتلك مع صغره إمكانات ومزايا وصفات تنقص البشر، بل ربما تنعدم في حياتهم وأمورهم، وفي أرقى أنظمتهم، فمملكة النمل كمملكة النحل دقيقة التنظيم، تتنوع فيها الوظائف، وتُؤدَّى كلها بنظام عجيب، يعجز البشر غالبًا عن اتباع مثله، على ما أُوتوا من عقل راقٍ، وإدراك عالٍ، وخسارة متقدمة، وتكنولوجيا متطورة، قالت هذه النملة للنمل، بالوسيلة التي تتفاهم بها أمة النمل، وباللغة المتعارفة بينها، قالت للنمل: ادخلوا مساكنكم؛ كي لا يحطمنكم سليمان وجنوده، وهم لا يشعرون بكم.
لقد أثبتت الدراسات أن مجتمع النمل هو من المخلوقات الوحيدة الحية بعد الإنسان الذي يقوم بدفن موتاه، وتحرص جماعاته المختلفة على الالتقاء في صعيد واحد من حين لآخر؛ ولهذا تخصص أيامًا محدَّدة لإقامة سوق تجتمع فيها جماعات النمل؛ لتبادل السلع والتعارف، وهذه الجماعات حين تلتقي، تتجاذب أطراف الحديث باهتمام بالغ، ويسأل بعضها بعضًا أسئلة تتصل بشؤونها، وللنمل مشروعات جماعية؛ كالقيام بتعبيد الطرق الطويلة في أناة ومثابرة تثيران الدهشة، وتواصِل هذه الجماعات العمل ليلًا ونهارًا في الليالي القمرية، وتلزم مستعمراتها وثُكناتها في الليالي المظلمة.
فالنملة التي سمعها نبي الله سليمان نادت وحذرت قومها من خطر قادم، وفي ذلك دليل على أن النمل له لغة يتحدث بها، وهذا ما أثبتته الدراسات العلمية الحديثة عن حياة النمل القائمة على التفاهم، ولا تكون هذه الجماعات أمة إلا إذا كانت لها روابط تحيا بها ووسائل خاصة للتواصل.
لقد قدمت النملة حلًّا عاجلًا، فلنتعلم منها حلولًا، قبل عرض الأخطار فكِّر بالحلول، لا تعرض المشكلة فقط، ولا تُكثر من الانتقاد، ولا تفزع ولا تصرخ وتصيح خوفًا من المدلهمات، بل كن حذرًا يقظًا مقاومًا، تبعث الأمل، وتصنع الحلول، وعندما تُسأل عن الحل، لا تعجز، فيهلك الناس وأنت تتفرج عليهم، ولا تكن متكاسلًا مخذِّلًا مثبِّطًا معوقًا لهم.
وعليك أن تستشعر الخطر كما استشعرته هذه النملة، وهنا أقول: أليس الخطر الذي يهدد أمتنا أعظم من الخطر الذي هدد نمل سليمان؟ كم منا من يحس بإحساس النملة، ويسعى منقذًا لأمته، ومتلهفًا على حياة أمته؟ من منا يقوم وينام، وهو يحمل هم حال الأمة التي يحدق بها الخطر يمنة ويسرة؟ والله إن الخطر المحدق بأمتنا ليس بخطر واحد، ولكنها أخطار.
_ تحرك ولو لم تكن عالمًا أو داعية أو مسؤولًا، فالنملة هنا نكرة، لم يقل الله جل وعلا: "وقالت النملة"، إنما قال: ﴿ قَالَتْ نَمْلَةٌ ﴾ [النمل: 18]، فهي نملة من هذا الوادي الطويل العريض، ومع ذلك لم تحقر نفسها، أما نحن، فنتساءل ماذا فعل الشيخ فلان؟ ماذا فعل الرئيس الفلاني؟ أسألك أنت يا أخي الكريم، أنت ماذا فعلت؟
نملة أنقذت أمة، نملة حملت هم أمة فأنقذتها، وهي نكرة لا شأن لها، وأنقذ الله جل وعلا هذا الوادي على يديها، فماذا قدمت لأمتك؟
إنه من السهل جدًّا أن تُحمِّل غيرك المسؤولية فيما يحيق بالأمة، ولكن كن صريحًا، وكن جريئًا أنت ماذا قدمت؟ أنت ماذا فعلت؟
• ومن الدروس التي تعلمنا أيها النملة إحسان الظن، أحسن الظن ثم أحسن الظن، ما أحوج الأمة اليوم عامة، وجماعات الإسلام خاصة إلى هذا المبدأ! فرغم شدة الخطر، هذه النملة تعذر، لقد وصلت بعض جماعاتنا اليوم إلى الضعف والاختلاف والتشرذم ثم الاقتتال فيما بينها.
وكثيرة هي دروس هذه النملة، وإلى عالم النمل العام انطلق العلم اليوم ليرصد ويصور ويراقب النمل، فوجد عجائبَ وغرائبَ، وأخلاقًا وآدابًا كثيرة؛ من أهمها:
• الصبر والتحمل عند النمل
فقد ثبت بالملاحظة والمراقبة أن البيت من بيوت النمل يسقط فتعاود فورًا بناءه مرة أخرى، ثم يسقط فتعاود بناء مرة ثانية وثالثة ورابعة، حتى يستقيم البيت.
والموجود منه في الغابات الاستوائية يقوم بلصق أوراق الأشجار بعضها مع بعض، ويكوِّن منها عشًّا له، ويكرر ذلك حتى يتم الأمر ولا يتراجع.
تأملوا حياة النملة عندما تريد أن تصعد إلى جدار، وقد يكون الجدار أملسَ فتصعد وتسقط، تصعد وتسقط، وتصعد وتسقط، وتحاول من هنا، وتحاول من هناك، حتى – أحيانًا - تكرر هذا أكثر من أربعين مرة حتى تصعد.
رزقنا الله مثابرة نملة وصبرها في نَيل مرادها، فكم من طلابِ علمٍ انصرفوا، ودعاة تكاسلوا، وعلماء يأسوا، ولو وقفوا جميعًا أمام مثابرة نملة لتغير تفكيرهم وبدؤوا من جديد!
تروي كتب التاريخ أن تيمورلنك القائد المعروف خاض معركة وهُزم جيشه، وعندما هُزموا تفرقوا، فما كان من تيمورلنك هذا القائد إلا أن هام على وجهه حزينًا كئيبًا بسبب هذه الهزيمة النكراء، لكن أين ذهب؟ هل ذهب إلى بلده؟ هل ذهب إلى مملكته؟ لا، ذهب إلى جبل إلى مغارة، وجلس فيها يتأمل في الحالة التي وصل إليها وجيشه قد تفرق، وبعضهم ذهب إلى بلده، فبينما هو مستغرق في تفكيره، إذا نملة تريد أن تصعد على صفاة في الجبل؛ أي حجرة ملساء، فسقطت، فحاولت المرة الثانية فسقطت، والثالثة فسقطت، فشدته، وانقطع تفكيره، وبدأ يرقب هذا المخلوق الصغير، تابعها تيمورلنك في المرة السابعة عشرة صعدت، فقال: والله عجيب، نملة تكرر المحاولة قرابة عشرين مرة، وأنا لأول مرة أنهزم وجيشي، ما أضعفنا! وما أحقرنا! فنزل من المغارة، وقد صمم على أن يجمع فلول جيشه، وأن يدخل المعركة، وألَّا ينهزم ما دام فيهم حي، والنملة تعيش في رأسه، فجمع قومه، وتعاهدوا على دخول المعركة، وألَّا ينهزموا ما دام فيهم حي، فدخلوا المعركة بهذه النية، وبهذا التصميم فانتصروا.
وإن مما تُعلِّمنا إياه النملة أن نكون أصحاب جدية، لا يمكن - كما قال علماء الأحياء - أن يوجد مخلوق أجد منها فهي ملكة الجد، وهو صفة جُبلت عليها حتى كأن الجد صار عضوًا من أعضائها.
لا يوجد مسابح ولا مسارح ولا ملاعب أو ملاهٍ، ولا يوجد نملة تتوقف في الطريق لترتاح قليلًا، ولا يوجد نملة مستلقية للاسترخاء، راقب نملة ستجد عجبًا، ستبعث فيك الهمة من جديد، وتلهب فيك الحماس، وأنت ترقب دأبها ونشاطها.
ثم تأمل قدرة الله تعالى ولطفه، وبديع صنعه، وجمال إتقانه، فهو سبحانه تعالى موزِّع الأرزاق والقُوى؛ فقد أعطى للنملة كنزًا عظيمًا، وخُلُقًا حميدًا، ومثابرة مدهشة، ونشاطًا لا يوصف، وذكاء خارقًا لا تصل إليه تقنية البشر، وأعطى لها أيضًا قوة عجيبة؛ فهي تحمل أكثر من وزنها عشرات المرات، وعندما تحمل حبة تقطع مسافة بعيدة جدًّا في صبر وهمة ونشاط منقطع النظير، والواحد منا إذا رأى هذه النملة، ومعها هذه الحبة لربما يأتيه شعور عاطفي مثلي؛ حيث يتمنى لو يعلم أين بيتها ليحملها هي وحبتها، ويضعها عند بيتها، فهي قد تجلس يومًا كاملًا من أجل أن تقطع مسافة بسيطة جدًّا، لا تتوقف، ولا تتلكأ، ولا تتردد.
ومن الدروس التي يعلمنا إياها النمل أنه لا يمكن أن يكذب أبدًا، فمن صفات النمل الصدقُ؛ حيث لا مكانة للكذاب في مجتمع النمل، حتى التورية غير موجودة في عالم النمل؛ يقول ابن القيم رحمه الله: "ولقد أخبر بعض العارفين أنه شاهد منهن يومًا عجبًا، قال: رأيت نملة جاءت إلى شق جرادة، فزاولته، فلم تُطِق حمله من الأرض، فذهبت غير بعيد ثم جاءت معها بجماعة من النمل، قال: فرفعت ذلك الشق من الأرض، فلما وصلت النملة برفقتها إلى مكانه، دارت حوله ودُرن معها، فلم يجدن شيئًا فرجعن، قال: فوضعته ثم جاءت فصادفته فزاولته، فلم تطق رفعه، فذهبت غير بعيد ثم جاءت بهن، قال: فرفعته فدرن حول مكانه فلم يجدن شيئًا فذهبت، قال: فوضعته فعادت فجاءت بهن، قال: فرفعته فدُرن حول المكان فلما لم يجدن شيئًا تحلَّقن حلقة، وجعلن تلك النملة في وسطها ثم تحاملن عليها، فقطَّعْنَها عضوًا عضوًا وأنا أنظر".
والنمل مجتمع راقٍ متحضر مترف، يهتم كثيرًا بالرفاهية دون أي تبذير أو إسراف، وبيوته بمقاييس سبعة نجوم عندنا في مجتمع البشر بل أرقى، فهناك نوع من النمل الإفريقي يبني بيوتًا تشبه القصور، ثم يحقق لها نوع من التكييف فيفتح نوافذ سفلية لإدخال الهواء البارد، ونوافذ علوية لإخراج الهواء الساخن، ويعيش هذا النوع من النمل حياة طبقية عجيبة، فنجد فيه الملكة والأميرات والضباط، ولكل منها مساكنه الخاصة، وباقي الخلية من العمال تشتغل بلقمتها بإخلاص وتفانٍ.
والنمل يحب الاجتماع والجماعة، مترابط متكاتف؛ فقد ثبت أنه إذا مرضت نملة، فإن النمل يتعاون على حملها، والذهاب بها إلى البيت ومعالجتها، وتمريضها والسهر على راحتها، ولا يوجد نملة تبني بيتها وحدها، تجد عشرات النمل - إن لم يكن مئات النمل - تتعاون في حفر البيت وبنائه؛ فهم في غاية التعاون والتكاتف، وعلاقتهم قوية مترابطة.
وإذا رأت النملة فريسة أو غذاء لا تقوى على حمله نشرت حوله بعض الرائحة، وأخذت منه قدرًا يسيرًا، وكرت راجعةً إلى أخواتها، وكلما رأت واحدةً منهن، أعطتها شيئًا مما معها لتدلها على ذلك، حتى يجتمع على ذلك الشيء جماعات منها، يحملونه، ويجرونه بجهد وعناء، متعاونين في نقله حتى يصل إلى مقره.
وقد اكتشف العلماء طريقتين عند النمل لعبور الماء؛ الأولى: طريقة التشابك؛ إذ كل نملة تشتبك مع نملة أخرى فيكوِّنون جسرًا فوق هذا الماء، نملة متصلة بنملة حتى تصل إلى الطرف الثاني، ثم تبدأ بقية النمل تمشي من فوق هذا الجسر حتى تنتهي النمل، فإذا انتهت جميع النمل جاءت النملة التي في الطرف الآخر، ومشت والجسر باقٍ مستمر حتى تنتهي النمل.
وإذا كان الماء أكبر من أن تعمل جسرًا عليه، بأن يكون متسعًا، فلها طريقة غريبة؛ وهي الطريقة الثانية؛ حيث تأتي مجموعة من النمل، وتقتحم الماء بقوة وبسرعة، وتتشابك، ثم تأتي بقية النمل، وتجري عليها فوق الماء، مع أنه يغرق عدد كبير من هذه النمل التي نزلت الماء المرة الأولى من أجل إنقاذ بقية النمل، وهذا يمكن أن نسميه النمل الفدائي؛ فهو يقتحم الأخطار لينقذ البقية، فسبحان الله!
هذه هي التضحية والفدائية، وما أحوجنا إلى هذه الأمثلة!
وفي هذه المملكة تجد القوة والاندفاعية والشجاعة؛ ففي البرازيل إذا دهم خطر تنطلق ثلاثون ألف نملة دفعة واحدة فتهجم على أعدائها، حتى إنها تهجم على بعض الحيوانات الكبيرة فتقضي عليها، فهذه وحدة الموقف ووحدة الكلمة.
والنمل أقسام كثيرة؛ منه النمل الراعي، فهناك نوع من النمل يعيش على الرعي؛ حيث يرعى قطعانًا من حشرة المن، ويجلبها، ويعيش على إفرازاتها السكرية، وهناك النمل الكيميائي؛ وهو متخصص في مضغ الخشب، ويقوم بتحويله إلى نوع من الكرتون، ثم يبني من هذا الكرتون طرازًا هندسيًّا عجيبًا، وهناك النمل الفلاح؛ حيث يمارس الزراعة فيزرع نبات عش الغراب، ويجلب له السماد من الأوراق المتعفنة، ثم يحصده عند نضجه، ويخزنه في مخازنه.
والنمل أعرف بالسكر منا، فالسكر لا رائحة له، لكن النمل يشمه، فحاسة الشم عند النمل لها دور كبير في معاملاتها وحياتها، ومن الطريف أنه في إحدى التجارب المعملية، وُجد أن إزالة الرائحة الخاصة ببعض النمل التابع لعشيرة معينة، ثم إضافة رائحة خاصة بنوع آخر عدو له، أدى إلى مهاجمته بأفراد من عشيرته نفسها.
وفي تجربة أخرى تم غمس نملة برائحة نملة ميتة ثم أُعيدت إلى عشها، فلُوحظ أن أقرانها يخرجونها من العش لكونها ميتة، وفي كل مرة تحاول فيها العودة يتم إخراجها ثانية، على الرغم من أنها حية تتحرك وتقاوم، وحينما تمت إزالة رائحة الموت فقط تم السماح لهذه النملة بالبقاء في العش.
وحينما تعثر النملة الكشافة على مصدر للطعام، فإنها تقوم على الفور بإفراز "الفرمون" اللازم من الغدد الموجودة في بطنها؛ لتعليم المكان، ثم ترجع إلى العش، وفي طريق عودتها لا تنسى تعليم الطريق حتى يتعقبها زملاؤها، وفي الوقت نفسه يضيفون مزيدًا من الإفراز لتسهيل الطريق أكثر فأكثر.
ومن العجيب أن النمل يقلل الإفراز عندما يتضاءل مصدر الطعام، ويرسل عددًا أقل من الأفراد إلى مصدر الطعام، وحينما ينضب هذا المصدر تمامًا، فإن آخر نملة وهي عائدة إلى العش لا تترك أثرًا على الإطلاق.
وللنملة بطنان؛ يُحتفظ في أحدهما بالطعام الخاص به، وفي الأخرى طعام لمشاركته مع النمل الآخر، وهي ترى بموجات ضوئية لا يراها الإنسان، ولغة النمل، فلو سُحقت نملة، فإن رائحةً تصدر عنها، تستغيث بهذه الرائحة بقية قومها النملات، أو تحذرهم من الاقتراب من المجزرة، إذا كان لا فائدة من إنقاذها، ولا تستطيع نملة دخول مسكنها، إلا إذا بينت كلمة السر؛ حيث تقف مؤدبة مهذبة على الباب، ثم تقترب منها عاملة الحراسة، فإن أعطتها كلمة السر دخلت، وإلا فتبقى في الخارج حتى تتذكر كلمة السر.
ولها تفكير ليس عند البشر، وتمتلك تخطيطًا لا تستطيعه عقول العباقرة، ولا تصل إليه نتائج المؤسسات البحثية المدنية والعسكرية، فهي تمتلك القدرة على التفكير، وكذلك تحليل الأمور، والتنظيم والترتيب، وعندها تبادل للسلطة بحكم الخلقة، مع أن الملكة من الممكن أن تعيش حتى عشرين سنة، وبإمكانها إنتاج ما يقرب من أربعة ملايين بيضة، وهذا في شهر واحد، والنمل يبني أبراجًا في غاية الدقة والإحكام، مستعينًا بمقص فمه الحاد؛ حيث يمضغ ما يقصه حتى يصبح كالعجين، ولعل ما بناه قدماء المصريين في مساكنهم وأهراماتهم كان تقليدًا للنمل.
والنمل يتكيف مع الزمان والمكان، فهي تمتلك المقدرة على العيش في أي مكان؛ فقد تجده في الغابات والصحاري مرتفعة الحرارة والسهول وغيرها من الأماكن.
ويصعب على هذه الحشرة بلع الطعام الصلب، ولكنها تمتلك في مؤخرة الفك كيسًا لتخزين الطعام، وتقوم بإفراز لعاب يقوم بإذابة الطعام، فتأكل السائل وتتخلص من الصلب.
أَبَعْدَ هذا لا يتبسم سليمان عليه السلام، وهو الذكي الذي فهمه الله، أفلا يبتسم إعجابًا، فبالرغم من ذكائه ومملكته ونظامه، ها هو يجد حشرة تمتلك ذكاء وتنظيمًا ونظامًا، لم تستطع البشرية الوصول إليه مع ما وصلت إليه من التقدم التقني والعلمي، ونحن نسير على خطا سليمان فنتبسم.
من عجيب الأمر أن سليمان عليه السلام يختم الله قصته مع النمل، فيموت عليه السلام، وتستمر مملكته في نظامه وعلى أوامره، حتى تأتي نملة فتبين موته، وتكون هذه النملة قد بينت للجن أنهم لا يعلمون الغيب، وبينت للناس انتهاء النظام والملك بموت سليمان عليه السلام، ولكن نظامها باقٍ ومستمر: ﴿ فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ ﴾ [سبأ: 14]، لقد كانت دابة الأرض – النمل الأبيض – الذي يأكل الخشب، ويسميه الناس اليوم بالأَرَضة دالًّا على موت سليمان؛ قال ابن كثير رحمه الله: "ذكر تعالى كيفية موت سليمان عليه السلام، وكيف عمى الله موته على الجان المسخرين له في الأعمال الشاقة، فإنه مكث متوكئًا على عصاه - وهي منسأته كما قال ابن عباس - مدةً طويلةً نحوًا من سنة، فلما أكلتها دابة الأرض؛ وهي الأرضة، ضعفت وسقط إلى الأرض، وعُلم أنه قد مات قبل ذلك بمدة طويلة، تبينت الجن والإنس أيضًا أن الجن لا يعلمون الغيب، كما كانوا يتوهمون ويوهمون الناس ذلك".
وهذه الحشرة معمرة، فهي متواجدة منذ حوالي 90 مليون عام، فالإنسان ليس إلا عابرًا معها، وهذه الحشرة كثيرة، فهي تمثل 20% من إجمالي الكائنات الحية المتواجدة على كوكب الأرض.
وإذا كان هناك حوالي 7.7 مليار من البشر يسكنون على كوكب الأرض، فهذا الرقم ضئيل مقارنة بأعداد النمل على الكوكب، ويصل التقدير الأخير لأعداد النمل حوالي 10 كوادريليون نملة، في حين يساوي الكوادريليون الواحد واحدًا عن يمينه 15 صفرًا، ويقدر علماء الآثار أن الإنسان العاقل نشأ على الأرض منذ حوالي 200 ألف عام، وهذا قليل بالنسبة لعمر الأرض الذي يقدر بحوالي 4.54 مليار سنة؛ إذ يقدر العلماء أن النمل متواجد منذ 130 مليون سنة.
والنمل يتمتع بقدرات خارقة لا يحيط بها العقل البشري، وقد كشف العلم البشري بعضًا من عجائبه؛ فالنمل له سلوك ذكي فجهازه العصبي أظهر لنا أن دماغ النملة يتكون من فصين رئيسيين يشبه مخ الإنسان، ومن مراكز عصبية متطورة للغاية، وخلايا حساسة جدًّا، فهو في مملكته المبهرة يعمل ضمن خطة عمل واضحة محكَمة متقَنة؛ حيث يتوزع العمل على أفراد الخلية بترتيب عجيب، فيقوم كل فرد من أفراد المملكة بواجبه على أكمل وجه دون تقصير أو فتور أو كسل أو خمول، وذلك من خلال البرنامج الفطري الذي أودعه الله تعالى في دماغه، بل سميت النملة نملةً من التنمل؛ وهو كثرة الحركة والعمل، وملكة النمل تكبر حتى يصل طولها إلى 9 سم في بعض الأنواع، فيصعب عليها التحرك، وهي لا عمل لها غير إنتاج البيض، لكن هناك مجموعات خاصة قد رُتبت ونُظمت لتهيئة الجو لها، وخدمتها وإطعامها وتنظيفها، والقيام على كل أمورها، ومن عجائب النمل أنه يفلق البذور قبل إدخالها المخازن؛ حتى لا تنبت مرة ثانية، وكي يسهل عليه رصفها في المخازن، وهناك بعض البذور التي إذا كسرت إلى فلقتين، فإن كل فلقة يمكن أن تنبت من جديد مثل بذور الكزبرة والعدس، فهي متنبهة لهذا الأمر، فيقوم النمل بتقطيع بذرة الكزبرة والعدس إلى أربع قطع تفاديًا لهذا الأمر، وإذا ما ابتلت البذور في موسم الأمطار أخرجه إلى الهواء والشمس لتجف ثم يعيدها، ولا يملك العقل البشري هنا إلا أن يسجد أمام إلهام الخالق لها، فمن علَّمها - إذًا - أن فلق الحبة وعزلها عن الرطوبة يمنعها من النبات؟
وفي كل مسكن من مساكن النمل باب للتهوية، ومكان للحرس لمنع دخول الغريب، وطبقة لراحة العاملات في الصيف، ومخزن ادخار الأقوات، ومطعم، وثكنة للجنود، ومستراح للملكة، وحظيرة لتفقيس البيض، وغرف لتربية صغار النمل، ومقبرة لدفن من يموت، ولها دهاليز معقدة، عليها حراسة مشددة على مدار الساعة، وهو يبني المدن، ويشق الطرقات، ويحفر الأنفاق، ويخزن الطعام في مخازن وصوامع، وهو موحَّد المشاعر والقُوى والعمل والفكرة؛ حيث يشعر كل فرد منها بشعور الآخرين، ويظهر ذلك في سلوك النملة، وفي إنذار قومها، ويعمل بموجب انضباط مدهش وصارم للغاية.
وبعض أنواع النمل يقيم الحدائق، ويزرع النباتات، ففي كل مملكة نمل قطاع خاص للزراعة، وفي جمعها للمواد الغذائية وتخزينها والمحافظة عليها عجائب لا تُحصر، فهي إن عجزت عن الحمل حملت في فمها ودحرجته بأرجلها، وتُنشئ النملات مئات الغرف والأنفاق، ويمكنها أن تحفر وتنقل قرابة أربعين طنًّا من التراب إلى الخارج، وأما هندستها المعمارية، فهذه وحدها معجزة من معجزات الخالق.
ويجنب النمل مداخل مساكنه تجاه نزول مياه الأمطار، وعند النمل نظام مرور للسير، فإذا ما حصل خطر تدق الإنذارات من شرطيات المرور، فتحصل حالة طوارئ في جميع المملكة، وقد أمضى الباحث (Graham Currie) سنتين في دراسة ظاهرة تنظيم المرور عند النمل، وكيف يستطيع مجتمع النمل تنظيم حركته لتجنب الفوضى أو الهلاك؛ وقال بعد هذه الأبحاث: "إن النمل يتفوق على البشر في تنظيم حركة المرور لديه، وهو يعمل بكفاءة عالية حتى أثناء الزحام، بل إن النمل يستطيع التحرك في مجموعات كبيرة، والتوجه إلى مساكنه خلال لحظات، دون حدوث أي حادث أو اصطدام أو خلل".
والنملة التي تنظم المرور لها طريق خاص بها (طرق سريعة)، لا تسلكه بقية النملات، وهذا الطريق تستخدمه النملة لتوجيه بقية النملات، وهناك طريق في الوسط تسلكه النملات المحملة بالغذاء والحبوب والمواد القابلة للتخزين، أما النملات الفارغة، فلها طريق على الجوانب (طرق سريعة)؛ لأن حركتها تكون أسرع من النملات المحملة فتمر سريعًا من تلك الطرق المخصصة لها.
وتحدث خبراء الحشرات عن الدفاع الجوي لمملكة النمل؛ حيث تتخصص فرقة من النمل بوظيفة حراسة وحماية مملكة النمل من الحشرات الطائرة المضرة، وتتخذ مواقع محصنة عالية تكون على قمة المملكة - أي أعلى مرتفع - فيقوم الحرس في هذه المواقع عند شعوره بأي خطر جوي ممكن بإطلاق مادة كيميائية حمضية، خاصة على تلك الحشرات المهاجِمة على المملكة، وهذه المادة أطلق عليها العلماء: (d'ecide formique)، يحتفظ بها النمل في داخل بطنه لاستعمالها عند أي خطر تتعرض له المملكة من الجو؛ فيقضي على تلك الحشرات الطائرة دفاعًا عن المملكة، فسبحان الذي ألهمه غريزة الدفاع عن المملكة! وسبحان الذي ألهمه العودة إلى ذلك المضاد وكيفية استخدامه ومتى يستخدمه!
هناك غرف للحراسة الأرضية؛ حيث تقوم فرق متخصصة محترفة ببناء غرف الحراسة بالقرب من ممرات الدخول، وذلك حتى يكون النمل الحرس على قرب واستعداد لأي خطر مفاجئ، يهدد كيان المملكة وأمنها واستقرارها، وتتصرف تلك الفرق بذكاء عالٍ، وتحركات سريعة، وتتصرف كتصرف الحكومات بوضع نقاط حراسة على حدود دولها؛ منعًا من تسلل المتسللين إلى داخل أراضيها بغرض التخريب والعمالة، فهذا نوع من الذكاء الذي وهبه الله عز وجل للنمل.
ولكل مملكة من ممالك النمل حدود تمامًا مثل حدود دول البشر، ويصنعون غلافًا يحيط بالمملكة، مهمته المحافظة على هذه المملكة من تسرب المواد الضارة أو الحشرات الصغيرة إلى داخل المملكة، وتعكر صفو رعاياها، وتقوم تلك الفرق بمسحٍ مستمر للحدود، ومراقبة على مدار الساعة، فسبحان الذي ألهمه هذا الإلهام!
إن الله عز وجل لم يذكر النمل في كتابه العظيم إلا ليلفت انتباهنا إلى هذه الروعة والتنظيم والإبداع، فالنمل زوَّده الخالق العظيم بقدرات خارقة، ويعيش النمل ضمن مستعمرات يقوم ببنائها، وقد تتجاور أعداد كبيرة من المستعمرات مكونة مدينة أو واديًا للنمل، كما سماها القرآن الكريم، وقد ذكر أحد علماء الحشرات أنه رأى مدينة هائلة من النمل في بنسلفانيا في أمريكا، بلغت مساحتها خمسين فدانًا، مكونة من ألف وستمائة عش، وهذه المستعمرة بمقاييس النمل يبلغ حجمها حوالي أربعة وثمانين مثل حجم الهرم الأكبر في مصر، فهي إحدى أكبر مدن النمل في العالم، وقد بنى معظمها تحت الأرض، وهذه المساحة حفرت فيها منازل النمل، وتتخللها الشوارع والمعابر والطرق بنظام مرتب عجيب، والنظام المعماري في أعشاش النمل متنوع طبقًا لأجسامه وعاداته، والغالبية العظمى منها تحت الأرض، ويحتوي عدة طوابق تصل إلى العشرين، ومثلها فوق الأرض لكل منها هدف واستخدام، حسب متطلبات المعيشة في نظام هندسي دقيق، يراعي التغيرات المناخية، وكل نملة تعرف طريقها إلى بيتها بإحساس غريب.
وقد ذكر علماء الأحياء أن نمل "الحصاد" يستطيع أن يرفع بفكيه اثنين وخمسين ضعف وزنه، وهو ما يوازي قدرة الإنسان على رفع أربعة أطنان بأسنانه، فهل يقدر الإنسان على هذا؟
لا يستطيع الإنسان على هذا، ولو كان أقوى أهل الأرض، وإذا أراد الإنسان أن تصل قوته إلى قوة النمل عليه أن يحمل حمل مركب يزن 1000 كيلوجرام على الأقل، حتى يتساوى مع قوة النمل، فانظر هذه القدرة التي تبعث الحيرة والدهشة والسجود لعظمة الخالق عز وجل وإبداع صنعه.
يذكر رويال ديكنسون أحد علماء التاريخ الطبيعي في كتابه (شخصية الحشرات) أنه ظل يدرس مدن النمل على مدى أكثر من عشرين عامًا، في بقاع مختلفة من العالم، فوجد نظامًا لا يمكن أن نراه في مدن البشر، وراقبه وهو يرعى أبقاره، وما هذه الأبقار إلا خنافس صغيرة ربَّاها النمل في جوف الأرض زمنًا طويلًا، وأن النمل يستطيع تسخير مئات الأجناس من حيوانات أدنى منه، ويضيف ديكنسون أنه وجد أن النمل زرع مساحة بلغت خمسة عشر مترًا مربعًا من الأرض، قامت جماعة منه بحرثها طبقًا لأحسن ما يقضي به علم الزراعة، بعضها زرع الأرز، وجماعة أزالت الأعشاب، وأخرى تحرسها من الديدان، وتشير الدراسات أنه يصل عدد أفراد المجتمع الواحد لأكثر من مليون نملة، ويخصص النمل غرفًا للنفايات والمخلفات وكل شيء زائد على حاجته، فتظل مدن النمل نظيفة مكيفة طوال الوقت.
وتعد النملة من أذكي المخلوقات والحشرات، فهي تمتلك دماغًا يقوم على عمل عمليات حسابية بطريقة سريعة جدًّا، تفوق أي جهاز على وجه الأرض، متفوقة له حتى على الإنسان الذكي، وتستخدم دماغها في إطلاق إشارات الإنذار في حال قدوم أي خطر، وتفرز من الدماغ مادة مطهرة تستخدمها في تطهير بيضها؛ كي لا يموت من أثر البكتيريا والفطريات، ولولا هذه المادة المطهرة ما بقيت نملة على وجه الأرض، كما تستخدم تلك المادة المطهرة في تطهير بيتها وطعامها ومسكنها، وتقوم أيضًا باستخدام دماغها في إفراز حمض يسمى حمض النمليك؛ في تخدير أعدائها وقت الهجوم عليها، وهذه المادة من أعجب ما يشدك وأنت تقرأ عن مملكة النمل، فمن الذي علمها ضرورة هذه المادة، وكيفية استخدامها؟ ومن الذي زرع فيها هذا الإلهام ومن هداها هذه الهداية؟
ومن عجائب النمل - وعجائبه لا تنقضي - أن له جهاز هضم وجهاز مصٍّ وجهاز ضخ؛ ولذا يمكن أن تفرغ من معدتها لأختها عن طريق الضخ إذا كانت أختها جائعة، وهذا من الإيثار الذي تعلمنا إياه النملة؛ فهي لا ترضى أن تبيت شبعى، وأختها أو جارتها إلى جانبها جائعة.
ويتحدث العلماء أن دماغ النملة الأكبر بين الحشرات قياسًا لحجمها، وهو يحتوي على أكثر من (250000) خلية عصبية في دماغ النملة، لا زالت مجهولة من قِبل العلماء، وبعض الباحثين يؤكدون أن دماغ النملة يعمل أفضل من أي كمبيوتر في العالم، وهذه الخلايا العصبية لها مهمة إرسال الرسائل والتواصل والتخاطب.
ولأن عجائبه لا تنقضي؛ فقد قرأت لعالمة أحياء بجامعة ستانفورد جعلت حياتها كلها في دراسة النمل، ولما أن تشعب عليها الأمر، ركزت أبحاثها على السلوك الجماعي لدى النمل، فكم هناك من عجائب أخرى غير السلوك الاجتماعي له!
وإن من أعظم الدروس التي تعلمنا إياها النملة أن المصلحة العامة فوق المصلحة الخاصة، وأن الفرد بهمته يحيي أمته، وأن إيجابية الشخص في مبادرته لإنقاذ قومه، وأن التعاون أساس النجاح.
إن النمل ما هو إلا مخلوق صغير من مخلوقات الباري عز وجل، فكم له من مخلوق عجيب لم نعرفه ولم نسمع به! وكم من عجائب في السماوات والأرض نمر عليها دون فكر! وفي هذا القرآن الذي بين أيدينا عِبر وآيات لمن ألقى السمع وهو شهيد.
قرأت قصة لطيفة في إسلام أحد علماء أستراليا وسببها حول لفظ: ﴿ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ ﴾ [النمل: 18] مجملها أنه قبل أعوام قليلة اجتمع مجموعة من علماء الكفار في سبيل البحث عن خطأ في كتاب الله تعالى؛ حتى تثبت حجتهم بأن الدين الإسلامي دين لا صحة فيه، وبدؤوا يقلبون المصحف الشريف، ويدرسون آياته، حتى وصلوا إلى آية النمل، وعند لفظة: ﴿ يَحْطِمَنَّكُمْ ﴾ طاروا فرحًا؛ كونهم وجدوا في نظرهم ما يسيء للإسلام، فقالوا: إن الكلمة (يحطمنكم) من التحطيم والتهشيم والتكسير، فكيف يكون لنملة أن تتحطم؟ فهي ليست من مادة قابلة للتحطم، إذًا فالكلمة لم تأتِ في موضعها؛ هكذا قالوا: ﴿ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا ﴾ [الكهف: 5]، وبدؤوا ينشرون اكتشافهم الذي اعتبروه عظيمًا، وبعد أعوام مضت من اكتشافهم، ظهر عالم أسترالي أجرى بحوثًا طويلة على تلك المخلوقة الضعيفة، ليجد ما لا يتوقعه إنسان على وجه الأرض، لقد وجد أن النملة تحتوي على نسبة كبيرة من مادة السليكون الزجاجية؛ ولذلك ورد اللفظ المناسب في مكانه المناسب، وعلى أثر هذا أعلن العالم الأسترالي إسلامه، فسبحان الله العزيز الحكيم؛ ﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الملك: 14].
وقد قال اليهود لما سمعوا هذه القصة وغيرها: ما بال هذا القرآن يذكر العنكبوت والبعوضة والنملة؟ فأنزل الحق سبحانه وتعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ ﴾ [البقرة: 26]؛ أي: يعرفون أنها ما ذكرت إلا لحكمة وغاية، ﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ ﴾ [البقرة: 26].
فترة الأقامة :
1913 يوم
معدل التقييم :
زيارات الملف الشخصي :
1582
إحصائية مشاركات »
المواضيـع
الــــــردود
[
+
]
[
+
]
بمـــعــدل :
68.18 يوميا
انثى برائحة الورد
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى انثى برائحة الورد
البحث عن كل مشاركات انثى برائحة الورد