الموضوع: سود الليالي
عرض مشاركة واحدة
قديم 07-02-2023, 01:53 AM   #3


الصورة الرمزية خلف الشبلي
خلف الشبلي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 234
 تاريخ التسجيل :  13-10-2012
 أخر زيارة : 05-01-2025 (10:19 PM)
 المشاركات : 122,308 [ + ]
 التقييم :  76719
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 Awards Showcase
لوني المفضل : Bisque

Awards Showcase

افتراضي



قصيدة المليحة في الخمار الأسود .. أوّل دعاية إعلانية في التاريخ

"قل للمليحة في الخمار الأسود
ماذا فعلت بناسك متعبد
قد كان شمّر للصلاة ثيابه
حتى وقفت له بباب المسجد
ردّي عليه صلاته وصيامه
لا تقتليه بحقّ دين محمّد"
قصيدة تعود إلى ما يزيد عن 1300 سنة. أحبّتها الجماهير العربيّة وحفظت كلماتها وطربت لسماعها بصوت عدد من عمالقة الأغنية العربية، نذكر منهم الفنان السوري الراحل صباح فخري والفنان العراقي الراحل ناظم الغزالي والفنانة اللبنانية هيام يونس. وتغيب قصّة القصيدة الشّهيرة عن الكثيرين، وفي هذا المقال، سنغوص في عمقها لسبر أغوارها وكشف السر وراء إحدى أجمل الأغاني العربية.



التّاجر العراقي والشّاعر مسكين الدّارمي
روى ابن حجّة الحموي في كتابه "ثمرات الأوراق"، وأبو الفرج الأصفهاني في كتابه الشهير "الأغاني"، أن تاجرا عراقيا قَدِمَ إلى المدينة المنورة يَحمِلُ خُمُرِا عراقيّة (جمع خمار) ذات ألوان مختلفة، فَباعها كُلَّها إلا ذات الخمر السّوداء، فغضب التاجر وشكا إلى الدارِمي ذلك، والدارمي هو ربيعة بن عامر التميمي، المعروف بــمسكين الدَّارمي، وهو أحد سادة قبيلة بني دارم الّتي كانت تُوجد في العراق في عهد الدولة الأمويّة، والتي برز فيها شعراء مُجيدون، أشهرهم الفرزدق.
واشتهر الدّارمي باسم مسكين بسبب بيت شعر ألقاه قائلا فيه:
"أنا مسكين لمن أنكرني
ولمن يعرفني جدّ نطق"
تعاطف الدارمي مع التّاجر، وكان قَد نَسكَ وتَعبَّدَ، فنظم أبياتا أنشدت في المدينة، فشاعَ الخبرُ أنَّ الدارِمي رَجعَ عَن زُهدِه وعاد إلى مجونه وعشقَ صاحِبةَ الخِمارِ الأسود، فتسابقت النّسوة ليكنّ تلك المليحة، وَلم يَبقَ في المدينة المنوّرة فتاة أو سيّدة، إلّا واشترت لها خماراً أسود. فلمّا باع التاجر صاحب الخمر كلّ ما كان معه رَجعَ الدارمي إلى تَعَبُّدِه وعَمدَ إلى ثِيابِ نُسكِه فَلَبِسَها.



ردود الشّعراء على أبيات الدّارمي
عارض بعض الشعراء أبيات المليحة في الخمار الأسود، ولم تخل ردودهم عليها من الإبداع. ونذكر منهم التنوخي الّذي كتب عن صاحبة الخمار المذهب:
"قل للمليحة في الخمار المذهب
أفسدت نسك أخي التقي المترهّب
نور الخمار ونور خدك تحته
عجبا لوجهك كيف لم يتلهب
وجمعت بين المذهبين فلم يكن
للحسن عن نهجيهما من مذهب"
كما نظم الحامدي أبياتا عن صاحبة الخمار المشمشي، يقول فيها:
"قل للمليحة في الخمار المشمشي
كم ذا الدلال عدمت كل محرّش
يا من غذا قلبي كنرجس طرفها
في الحب لا صاح ولا هو منتشي
هذا الربيع بصحن خدك قد بدا
لمقبّل ومعضّض ومخمّش".


التّجديد في القصيدة في القرن العشرين
أدّى المطرب السوري وأحد عمالقة الطّرب، صباح فخري، القصيدة بصوته إلى درجة اقتران ذكرها باسمه، لكنّه لم يؤدّها تماما كما صاغها مسكين الدّارمي، بل إنّه غنّى النّسخة المنقّحة منها على يد الفنّانين العراقيّين أحمد الخليل وشعوبي ابراهيم. إذ لحّنها الخليل وأضاف لها ابراهيم الأبيات التالية:
" يا داعياً لِلّهِ مرفوع اليدِ
متضرّعا متوسّلاً بالمُنجد
يا طالبا منه الشفاعة في غدِ
قُلْ للمليحة في الخمار الأسودِ
ماذا فعلتِ بناسكٍ متعبّدِ"


 
 توقيع : خلف الشبلي



رد مع اقتباس