شاعر سوداني فقد عقله في آخر أيامه، ودخل مستشفى المجانين.. ثم أراد اهله أن يعالجوه في الخارج بعدما استعصى عليهم في السودان..وفي المطار رأى امرأة جميلة برفقة زوجها، فأطال النظر إليها..والزوج يحاول منعه، ثم أنشد يقول:

أعلى الجمال تغار منا….ماذا علينا إذ نظرنا
هي نظرة تنسي الوقار….وتُسعد الروح المُعَنّى
دنياي أنتِ وفرحتي….ومن الفؤاد إذ تمنّى
أنت السماء بدت لنا….واستعصمَت بالبعد عنا

عندما سمعها الأديب محمود عباس العقاد وسأل عنها فقيل له إنها للشاعر إدريس جماع، وهو يرقد في مستشفى المجانين، فقال: هذا مكانه، لأن هذا الكلام لا يقوله ذوو الفكر.
وعندما دخل مستشفى لندن أعجب بممرضته الإنجليزية، وأخذ يطيل النظر في عينيها. فأخبرت مدير المستشفى الذي نصحها بلبس نظارة سوداء.. وعندما زارته في غرفته، نظر إليها مليا وأنشد :

السيف في الغمد لا تخشى مضاربه…
وسيف عينيك في الحالتين بتار

وعندما ترجم البيت الشعري للممرضة بكت.
وصنف هذا البيت كأبلغ بيت شعري في الغزل في العصر الحديث.
وهو أيضا صاحب الأبيات الشهيرة:

إن حظي كدقيق فوق شوك نثروه…
ثم قالوا لحفاة يوم ريح: اجمعوه
عظم الاجر عليهم ثم قالوا: اتركوه…
إن من أشقاه ربي، كيف أنتم تسعدوه.

وحين مات.. رثاه أحدهم قائلا:

الشعر يحمل أهله عَلِيّا…فوق ما لا تستطيعوا أن تحملوه
وهذا السوداني صاحب ال…عذاب وواهاً لما أنشد فوه
لولا ماقصُر عمرٌ وسُقمٌ …لفاق ما أبدع والذي يعلوه
وهذا صاحب أجمل أبيات …في الغزل، لله دره وأبوه
غادر عيشة الناس بشهية….قبل ما بالموت يغادروه
صاحب أبيات الحظ الذي…دقيق فوق شوك ينثروه
ثم هْوَ بعدُ مطالَب بجمعِ….الذي على الشوك بعثروه
غفر الله لأخي إدريس و…أرجو الله بالجنة يُحيوه