عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 07-22-2022, 04:52 AM
عطر الزنبق متواجد حالياً
Morocco     Female
Awards Showcase
لوني المفضل White
 رقم العضوية : 1482
 تاريخ التسجيل : 27-05-2018
 فترة الأقامة : 2163 يوم
 أخر زيارة : 04-23-2024 (02:03 AM)
 العمر : 28
 المشاركات : 99,288 [ + ]
 التقييم : 34900
 معدل التقييم : عطر الزنبق تم تعطيل التقييم
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي عمي القلب وعمي البصيرة.



عمي القلب وعمي البصيرة.


القلب هو قائد الجوارح فاذا عمي القلب تتخبط الجوارح ؛ تسير بلا وعي ولا ادراك فحقيقة العمي ؛ ليست فقد نور البصر انما هي فقد نور البصيرة ؛ فالقلب هو مصدر نور البصيرة فاذا طمس نوره ؛ وخمد شعاعه اختلت الجوارح وان كانت قوة الباصرة سليمة ؛ فعمي القلب اشد الما من عمي البصر؛ فوظيفة البصرهي مشاهدة ظاهر الاشياء وما يتعلق بالدنيا ؛ اما وظيفة بصيرة القلب فهي باطن الاشياء وما يتعلق بالآخرة ؛ فاذا فقد العبد عينا بصره وادت عين البصيرة وظيفتها ؛ فكأن العبد لم يفقد شيئا لان القلب يقوده الي مرضاة الله ؛ اما اذا سلمت نور البصر وطمست نور البصيرة ؛ فلا تنفعه العبد نور البصر شيئا لان العبد يتخبط في ظلام الشرك والهوي ؛ فيكون الشيطان قائده ودليله في ظلمات الشهوات ؛ وانغمس العبد في بحر الملذات والشهوات المحرمة ؛ فالبصيرة تنيرالقلب فتدرك ما لا تدركه الحواس الخمس ؛ فهي تعتبر للجسم جهاز الانذار لجميع الجوارح قبل حدوث السوء ؛ فالذين طمست نور بصيرتهم وانتكس قلوبهم ؛ وتمردت جوارحهم واطفأت سراج ايمانهم ؛ يتقلبون بالباطل وبما حرم الله ومع انهم يعرفون الحق ؛ ويعلمون حقيقة الهداية والصراط المستقيم ولكن القلب الاعمي يقودهم رغما عنهم ، ويظلم نفسه ويجهر بالمعاصي ويلبي نداء الشيطان ويصارع الله بالكبائر؛ وهو يعلم انه في ضلال مبين لان القلب الاعمي يقوده ؛

(يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ )

فهؤلاء هم في قمة العلم والعقل حذاق أذكياء يعرفون كيف يستمتعون بدنياهم ؛ ويعصون ربهم ويقترفون الكبائر واتيان الفواحش ؛ ولكن تاهت وضلت وانحرفت بصيرتهم التي تحول بينهم وبين المعاصي ؛ وصاروا يتخبطون ويهيمون في كل واد يسدون رمق غريزتهم الجائعة ؛ فالبصيرة اساسها نور يقذفها القلب الي الجوارح فاذا انقلب القلب ؛ وحجب شعاع قنديله قاد العقل والبصر والجوارح الاخري ؛ الي ظلمات بعضها فوق بعض وان كان صاحبه ؛ ذوي المعرفة والعلم والخبرة الدنيوية ؛ لان نور الايمان اذا استقر القلب صلحت البصيرة والقلب ؛ فالايمان هو الذي يغذي البصيرة والقلب فمن فقد البصيرة فكأنما فقد الايمان ؛ فلولا الايمان ما اهتدينا ولا عرفنا التقوي ولا عبودية الله ؛

(وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا ۚ مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَٰكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا ۚ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )

ومن الغريب تجد شخصا مشع الذكاء فذاذة العقل ثاقب الفكر جمع علوم الدنيا ؛ ويأتي العلوم التي عجزوا به الاوائل وتحيرت عقول العلماء ؛ ولكن اذا بصرت بصره شهوة تحركت غريزته فقد البصيرة ؛ ووقع في الفاحشة كأنه فقد العقل الفذ التي كان يتمتع بها ؛ فمرآة القلب اذا نزع عنه نور الايمان لا يقدر ان يحكم ؛ مرآة العيون لان عدسة العيون تعكس النور التي تستمد من القلب ؛ فاذا فقد القلب نور الايمان تهيم وتحوم الجوارح في ظلام دامس حالك ؛ فكم من عبد حرم الله عنه نور البصر ؛ ولكنه يجري ويركض وراء الشهوات كجري السباع وراء فريسته ؛ مرض قلبه وطمست نور بصيرته فخسر نور البصر والبصيرة ؛ فكم من عبد انعمه الله نور البصر فيتقي الله في المحارم ؛ ويغض بصره عما حرم الله ويتقي ؛ فيسعي بما يرضي الله ويجتهد بما يجتنب به الكبائر والآثام ؛ رزقه الله قلبا منيرا وبصيرة مستنيرة فاستنار نورهما فنجاه الله من الضلال والانحراف ؛ فاستمتع نور البصر والبصيرة فانعمه الله قلبا منيرا ؛

(وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ فَاعْتَرَفُوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقًا لِّأَصْحَابِ السَّعِيرِ )

ودل هذا على أن الكافر وان كا متفوقا في علم الدنيا ؛ ولكن حرم عنه عقل الايمان وبصيرة القلب ؛ وانتفاء السمع والعقل عنهم في الدنيا هو حرمانهم عن الايمان والبصيرة ؛ انما كانوا يملكون عقلا وعلما وسمعا كانوا يفتخرون بها وتفوقوا به غيرهم ؛ واعلم ان اقل الناس علما وعقلا هم من حرم عنهم نور القلب والبصيرة ؛ وان قوام الصلاح في الدنيا من رزقه الله نور البصيرة ؛ فمن حرم عنه جوهر العقل ونور الايمان وبصيرة القلب فمآله الي السعير ؛

(أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا )

(أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا ۖ أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا ۖ أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا ۖ أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۗ قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنظِرُونِ )

فكل من اصابته عمي القلب فانه تبصر بصره قلا يتعظ ولا ينزجر؛ فتسمع اذنه فلا يعتبر ولا يهتدي فلا يشعر مدي خطورة مخالفة امر الله ؛ فلا تتأمل بصيرته عاقبة الكبائر وسوء العصيان بالله ؛ فالبصر تري الحق والصواب ولكن البصيرة تخالف وتنكر ما تري البصر ؛ تري بصره مصارع الظالمين وعاقبتهم المخزية اي منقلب انقلبوا؛ وتسمع اذنه أخبار المفسدين في الارض ويعلم مصائرهم ، وما حلت بهم من العذاب والهلاك وخسران الدنيا والآخرة ؛ ثم إذا هو يسلك طريق غير ناظرين إلى الحق ؛ ويختار الضلال والهلاك وكأنه يظن يحسن صنعا ، فلا تنجيه الانذار ولا التحذير ولا التخويف لانه طمست نور بصيرته وعميت عيون قلبه ؛ فيري الخير شرا والشر خيرا والهداية ضلال والضلالة هداية ؛ فالبصر حين تري نور الاسلام وشعاعه ينتشر في الآفاق ، ويجوب في كل بقعة من بقاع الارض ولكن القلب الاعمي لا يري هذا النور ، يعيش في ظلمة حالكة دامسة لان طعم الايمان وذوقة لم يصل الي قاعه ؛ فالبصيرة اذا مرضت وعميت فسد القلب وعمي ؛ واذا عمي القلب انحرف العقل واذا انحرف العقل تحررت الجوارح من القيود ؛ فصار العبد بهيمة عجماء صماء عمياء خرساء ؛

(أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ )

فنعمة البصر جليلة وعظيمة ولكن لا يستفيد العبد بها اذا فقد نور البصيرة ؛ فالبصر تري ما حولها من حق وعبرة وتحذير وتخويف وانذار ؛ ولكن عمي البصيرة تنكر ما تراه البصر فما فائدة نعمتها ؛ وحينها يصيب العبد فقدان الفراسة والورع واتقاء الشبهات ؛ فيقع في كل محظور وحرام فمن كان اعمي البصر في الدنيا لا يكون اعمي يوم القيامة ؛ فيكشف الله عنه نور بصره يوم الآخرة كي يزداد المؤمن ايمانا بما كان يؤمن في الدنيا ؛ وكي يزداد الكافر عذابا والما وحسرة بما كان ينكر في الدنيا ، فيري بام عينيه بمآله وما اعده الله من العذاب يوم القيامة ؛ فهو معذب في الدنيا والآخرة

(ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرًا قال كذلك أتتك ءاياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى )

(وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وَجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً )

ومن كان اعمي القلب والبصيرة في الدنيا ؛ يحشره الله يوم القيامة كما كان حاله في الدنيا ويزيد له حسرة وندامة ؛ وعذابا ويجازيه الله ماكان حاله في الدنيا اغلق قلبه عن الحق ؛ وآيات الله وكذلك يغلق الله قلبه يوم القيامة حتي يعاين ؛ ما كان ينكر في الدنيا لقد كان في غفلة وانكار هذا اليوم العظيم ؛ فيكشف الله عنه كل ماكان يجحد ويستسخرفي الدنيا ؛ وعامله الله بعين عمله (وجزاء سيئة سيئة مثلها)
(لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ )

فالبصيرة لا تحتاج الي البصر فكم من اعمي قادته البصيرة ؛ الي الهداية والي الطريق المستقيم ؛ فكم من مبصر حرمته البصيرة طريق الهداية والاستقامة ؛ فقذفته في بحر الضلال والشهوات المحرمة فعميت قلوبهم ؛ فالعبرة بعمي القلوب والبصيرة وليست بعمي الابصار ؛ فالله يعبد بعين القلب التي تفرق الحق والباطل ؛ لا بعين الابصارتري الاشياء ولا تشعر الحق ولا يتبعه ؛ فالبصيرة هي نور القلوب ونجاة الجوارح تري مالا تري البصر ؛ فالقلب هو ملِك الجوارح وسيد الاعضاء ؛ تصلح الجوارح بصلاحه وتستقيم باستقامته ؛ وتعصي الجوارح بعصيانه وكل أعمال الجوارح إنما هي ترجمان بما يضمر القلب ؛فقلب المنافق يبطن النفاق وجوارحه تظهرالاخلاص الكاذب ؛ فالقلب والجوارح بينهما صلة لا ينفكان ، فلا تعمل الجوارج عملا ولا تحجم الا بما امر القلب ، فالقلب هو مصدر التوجيه ومنبع الاوامر ومحور ادارة البدن ؛ فاذا صارالقلب صما لا يسمع الحق ، وبكما لا ينطق بالحق وعميا لا يري الحق ؛ هلك صاحبه فاذا فقد القلب نور البصيرة تخبطت الجوارح وفسد البدن ؛ فصار العبد كالحيوان يشرب ويأكل وينكح كالحيوان ؛ (وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُم)

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
(ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب )

(وروى الإمام أحمد في المسند(الإسلام علانية، والإيمان في القلب، وأشار إلى صدره ثلاث مرات قائلا: التقوى هاهنا، التقوى هاهنا )

فرسالة الله الي عباده هي مصدر البصائر ونور البصيرة ؛ التي يقذفها الله الي قلوب عباده فاذا خالف العبد الوحي ؛ وابتغي الهداية لغير الوحي ضل وخمدت نور بصيرته ؛ وتخبط وهوي في كل مستنقع تورده الشياطين ؛ فالنور الوحيد الذي يستضيء العبد قلبه هو وحي الله ؛ والذي يخرجه من الظلمات الي النور والذي يكشف الباطل والضلال ؛ فبصيرة العبد تستمد النور والهداية من الوحي ؛ فالذين لا يستمدون النور من الوحي أعمى الله قلوبهم ؛ فلا يفقهون فهم ينادون من مكان بعبد مثل البهيمة ؛ التي لا تفهم إلا دعاء ونداء فهؤلاء لا يسمعون نداء الله ورسوله ؛

(وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمىً أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ )

(كَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا ۚ مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَٰكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا ۚ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )

(أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله )

(أومن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها )

فاذا تشابهت الظلمات واختلط الحق بالباطل ؛ ورأي العبد انه يحوم حول الشبهات والاشباح ؛ فالنور الذي ينجيه ويميز له الشبهات واليقين ويستطيع ان يبصر قلبه في الظلمة هو وحي الله ؛ فاذا هجر العبد من كلام الله وجفت ينابيع قلبه آيات الله ؛ قسي القلب وتمرد وعميت بصيرته وانطفأ نوره فاصبح قلبا ؛ مُرْبادّا كالكوز مُجخِّيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا ؛ واصابه التيه لحين طلب الحق وعند الفتن والتخبط في المسير إلى الله ؛ يشق طريق الضلال ولا يجد نور الهداية ولا النجاة من الهوي والشيطان ؛ يسير بلا وعي ولا ادراك ولا دليل يدله طريق الحق ؛ فطريق الباطل والضلال لا يميز ولا يكشف بفذاذة العقل ؛ ولا الخبرة ولا العلم الدنيوي انما يكشف ببصائر الوحي ؛ والبصيرة التي تستمد النور من الوحي ؛

(وَإِذَا لَمْ تأتهم بِآيَةٍ قَالُواْ لَوْلاَ اجْتَبَيْتَهَا قُلْ اِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يِوحَى إِلَيَّ مِن رَّبِّي هَـذَا بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ )

والخروج من الضلال والظلمات لا يستعين العبد بنور بصره ؛ ولا يغتربعقله المحدود انما يستعان بنور بصيرة الوحي ونورآيات الله؛ والقلب الذي يستضيء بنورآيات الله هوالذي يخرج من ظلمات الجهل والضلال؛ وينجوا من كيد الشيطان وهوي النفس والشهوات الضارية ؛ واراد الله ان يستعينوا عباده بنورالوحي حتي تستنير بصيرتهم وقلوبهم ؛ والبصيرة تستمد نورالهداية من الوحي والعقل يستمد النورمن البصيرة والقلب ؛ والبصرتستمد النورمن البصيرة؛ والبصر تتعرض بمشاهدة الخير والشر والقبح والفشح والسفور والعري ، والذي يزجرها ويردعها هو نور البصيرة والقلب السليم ؛ فاذا اصاب القلب والبصيرة مرض العمي وطمس نورهما ؛ افلتت البصر من قيدهما وزجرهما فصارت ترمي سهامها بمشاهدة الفواحش ؛ فنور البصر لا يستضيء العبد بنورها الا بمعاونة نور البصيرة ؛ ولا يجلو غشاوة القلب ولا يبصربها ولا يذهب عماها ؛ الا ان يستمد العبد النور من وحي الله ونور آياته التي تشفي القلوب ؛ فإذا انقطعت الصلة بين العبد وبين نور الوحي عميت البصيرة والقلب ؛ فلو كانت نور البصر سليمة (انها لا تعمي الابصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور

(وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ )

فالبصرأعظم المنافذ الى القلب فشهوة البصر لا تستمتع بمشاهدة المحارم ، الا اذا رضي القلب الاعمي الذي جفت منابع الخير منه؛ فلا يعمي القلب الا لما تعمي بصيرة العبد وخالف امر الله ؛ فمن خالف نور الوحي وصفهم الله بالصم والعمي والبكم ؛ ولا يستبدل العبد الذي أدنى بالذي هو خير الا اذا عمي قلبه ؛ وعميت بصيرته وبعد ذلك آثر الفاني على الباقي ؛ ولو كانت له بصيرة وقلب بصير وعقل منيرلآثر الباقي على الفاني ؛ فعماة القلوب من اسوأ الناس عذابا وضلالا في الدنيا قبل الآخرة ؛ فكم من عماة الابصار يؤثرون دينهم علي دنياهم ؛ يعيشون عفافا زهادا كفافا لا يبتغون في هذه الحياة الفانية ؛ الا رضا الله وسلامة دينهم من الانحراف وسوء الخاتمة ؛

(أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ ۚ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ )
(وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَىٰ عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُم مِّن شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ.





رد مع اقتباس