الإيمان رؤية تسبق الإقرار
لذلك حينما تقول: الإيمان التصديق لقوله تعالى: ﴿وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا ﴾
[سورة يوسف: 17]
أي بمصدق، أي القلب إذا صدق، إذاً لو عرضت نصاً وقلت لأحدهم: ما قولك بهذا النص؟ هل تشكيل هذا النص صحيح وأنت لا تعرف في اللغة شيئاً، هل بإمكانك أن تصدق شيئاً لا تعرفه؟ إذاً كأن الإيمان رؤية تسبق الإقرار، يؤكد هذا قول أصحاب رسول الله الأجلاء " أوتينا الإيمان قبل القرآن " الحقيقة ماذا تفعل الكلمات؟ تثير عندك خبرات، لو فرضنا أن إنساناً عانى البطالة سنة، ليس معه مال أبداً، عانى آلام البطالة، الذل، البحث عن عمل، ضيق ذات اليد، الجوع، يحتاج إلى إنفاق ليس معه، فإذا إنسان قال: البطالة صعبة الآن أنت صدقته، النجاح مسعد تصدق، إنسان نجح ينسى كل الأتعاب السابقة، فهذه الحياة خبرات، أحياناً تأتي الكلمات وتثير هذه الخبرات.
لو فرضنا إنساناً خلال خبراته في الحياة باع بيعة من دون تبصر، فالشاري كان نصاباً، واضطررت أن تطالبه خلال سنتين أو ثلاث، وضيعت وقتاً كبيراً وجهداً، وبذلت ماء وجهك حتى تسترد دينك، وأنت معاناة سنتين سحقت بها، قال لك إنسان في جلسة: والله الدين صعب، تقول له: نعم، تقولها من أعماقك، لماذا ؟ لأنك عانيت هذه الحقيقة.
لا يعرف الشوق إلا من يكابده ولا الصبابة إلا من يعانيها
***
فإذا الإنسان تأمل في خلقه، في جسمه، في سمعه وبصره، تأمل في الحوادث، قال لك أحدهم: المرابي آخرته الدمار، تقول: نعم والله، أنا الآن أحاول أن نضع يدنا على سرّ الإيمان، أنت إذا حاولت أن تتقصى أحوال الله كيف عامل المستقيم؟ كيف عامل المنحرف؟ كيف عامل من طلق زوجته ظلماً؟ كيف عامل من أحسن إلى زوجته؟ كيف عامل المستقيم في البيع والشراء؟ كيف عامل الشاب العفيف؟ كيف رزقه زوجة صالحة في الوقت المناسب؟ كيف عامل إنساناً قال: إني أخاف الله رب العالمين؟ إذا أنت تأملت فعل الله في خلقه، في مجالات كسب المال وإنفاقه، والعلاقات الاجتماعية، والدراسة، والتوفيق، والتجارة، واستنبطت بعض القوانين، وقال لك أحدهم: أنا لاحظت أن كل إنسان يأكل مالاً حراماً يدمره الله عز وجل تقول نعم والله، أنت الآن آمنت، صدقت بالحقيقة.