|
![]() |
#1
|
||||||||
|
||||||||
![]() اللمم فى دين الله .
اللمم من الكلمات التى لم ترد فى كتاب الله إلا مرة واحدة والكلمة غير متداولة فى كلام الناس حاليا إلا فى مجالات التفسير والفقه واللغة وأما غير ذلك فلا أحد يذكرها اللمم تعنى الذنوب وهى الكبائر المرتكبة التى تم الاستغفار وهو التوبة منها بدليل أن الله ذكرها خلفها مباشرة قوله : " إن ربك واسع المغفرة " وهذا يعنى : إن ربك يغفر لمن استغفر من ذنبه كما قال سبحانه : "ومن يعمل سوء أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما" فى التفاسير نجد أن المفسرين اختلفوا فى المقصود باللمم فقد ذكر الألوسى فى تفسيره : "وقيل : الفواحش والكبائر مترادفان { إِلاَّ اللمم } ما صغر من الذنوب وأصله ما قل قدره ، ومنه لمَةُ الشعر لأنها دون الوفرة ، وفسره أبو سعيد الخدري بالنظرة والغمزة والقبلة وهو من باب التمثيل ، وقيل : معناه الدنو من الشيء دون ارتكاب له من ألممت بكذا أي نزلت به وقاربته من غير مواقعة وعليه قول الرماني هو الهمّ بالذنب وحديث النفس دون أن يواقع ، وقول ابن المسيب : ما خطر على القلب ، وعن ابن عباس وابن زيد هو ما ألموا به من الشرك والمعاصي في الجاهلية قبل الإسلام ، والآية نزلت لقول الكفار للمسلمين قد كنتم بالأمس تعملون أعمالنا فهي مثل قوله تعالى : { وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الاختين إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ } [ النساء : 23 ] على ما في «البحر» ، وقيل : هو مطلق الذنب ." وفى تفسير الرازى مفاتيح الغيب نجده يذكر نفس الآراء حيث قال : " وفي رواية عن ابن عباس أنه ما يلم به المرء في الحين من الذنوب ثم يتوب ، والمعظم على تفسيره بالصغائر والاستثناء منقطع ، وقيل : إنه لا استثناء فيه أصلاً ، و { إِلا } صفة بمعنى غير إما لجعل المضاف إلى المعرف باللام الجنسية أعني كبائر الاثم في حكم النكرة ، أو لأن غير و { إِلا } التي بمعناها قد يتعرفان بالإضافة كما في { غَيْرِ المغضوب } [ الفاتحة : 7 ] وتعقبه بعضهم بأن شرط جواز وقوع { إِلا } صفة كونها تابعة لجمع منكر غير محصور ولم يوجد هنا ، ورد بأن هذا ما ذهب إليه ابن الحاجب ، وسيبويه يرى جواز وقوعها صفة مع جواز الاستثناء فهو لا يشترط ذلك ، وتبعه أكثر المتأخرين ، نعم كونها هنا صفة خلاف الظاهر ولا داعي إلى ارتكابه ، والآية عند الأكثرين دليل على أن المعاصي منها كبائر ومنها صغائر وأنكر جماعة من الأئمة هذا الانقسام وقالوا : سائر المعاصي كبائر " المسألة الخامسة في اللمم وفيه أقوال أحدها ما يقصده المؤمن ولا يحققه وهو على هذا القول من لم يلم إذا جمع فكأنه جمع عزمه وأجمع عليه وثانيها ما يأتي به المؤمن ويندم في الحال وهو من اللمم الذي هو مس من الجنون كأنه مسه وفارقه ويؤيد هذا قوله تعالى وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَة ً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ ( آل عمران 135 ) ثالثها اللمم الصغير من الذنب من ألم إذا نزل نزولاً من غير لبث طويل ويقال ألم بالطعام إذا قلل من أكله وعلى هذا فقوله إِلاَّ اللَّمَمَ يحتمل وجوهاً أحدها أن يكون ذلك استثناء من الفواحش وحينئذ فيه وجهان أحدهما استثناء منقطع لأن اللمم ليس من الفواحش وثانيهما غير منقطع لما بينا أن كل معصية إذا نظرت إلى جانب الله تعالى وما يجب أن يكون عليه فهي كبيرة وفاحشة ولهذا قال الله تعالى وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَة ً ( الأعراف 28 ) غير أن الله تعالى استثنى منها أموراً يقال الفواحش كل معصية إلا ما استثناه الله تعالى منها ووعدنا بالعفو عنه ثانيها إِلا بمعنى غير وتقديره والفواحش غير اللمم وهذا للوصف إن كان للتمييز كما يقال الرجال غير أولي الإربة فاللمم عين الفاحشة وإن كان لغيره كما يقال الرجال غير النساء جاؤوني لتأكيد وبيان فلا وثالثها هو استثناء من الفعل الذي يدل عليه قوله تعالى الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ لأن ذلك يدل على أنهم لا يقربونه فكأنه قال لا يقربونه إلا مقاربة من غير مواقعة وهو اللمم" وفى تفسير الكشاف للزمخشرى نجده يكرر نفس الكلام حيث قال : "ولا يخلو قوله تعالى : { إِلاَّ اللمم } من أن يكون استثناء منقطعاً أو صفة ، كقوله تعالى : { لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ الله } [ الأنبياء : 22 ] كأنه قيل : كبائر الإثم غير اللمم ، وآلهة غير الله : وعن أبي سعيد الخدري : اللمم هي النظرة ، والغمزة ، والقبلة ، وعند السدّي : الخطرة من الذنب ، وعن الكلبي : كل ذنب لم يذكر الله عليه حدّاً ولا عذاباً ، وعن عطاء : عادة النفس الحين بعد الحين { إِنَّ رَبَّكَ واسع المغفرة } حيث يكفر الصغائر باجتناب الكبائر ، والكبائر بالتوبة { فَلاَ تُزَكُّواْ أَنفُسَكُمْ } فلا تنسبوها إلى زكاء العمل وزيادة الخير وعمل الطاعات : أو إلى الزكاء والطهارة من المعاصي ، ولا تثنوا عليها واهضموها ، فقد علم الله الزكي منكم والتقي أوّلاً وآخراً قبل أن يخرجكم من صلب آدم ، وقبل أن تخرجوا من بطون أمهاتكم . وقيل : كان ناس يعملون أعمالاً حسنة ثم يقولون : صلاتنا وصيامنا وحجنا ، فنزلت : وهذا إذا كان على سبيل الإعجاب أو الرياء : فأما من اعتقد أن ما عمله من العمل الصالح من الله وبتوفيقه وتأييده ولم يقصد به التمدح : لم يكن من المزكين أنفسهم ، لأن المسرة بالطاعة طاعة ، وذكرها شكر . قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِلاَّ اللَّمَمَ } ؛ هذا استثناءٌ منقطعُ ليس الكبائرَ والفواحشَ. ونجد نفس الكلام في تفسير القرآن العظيم للطبرانى حيث قال : "وقال ابنُ عبَّاس : (أشْبَهُ شَيْءٍ باللَّمَمِ مَا قَالَهُ أبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم : أنَّهُ قَالَ : " إنَّ اللهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَى ، وَهُوَ الله يُدْركُ ذلِكَ لاَ مَحَالَةَ ، فَزِنَى الْعَيْنَيْنِ النَّظَرُ ، وَزَنَى اللّسَانِ النُّطْقُ ، وَزنَى الشَّفَتَيْنِ التَّقْبيلُ ، وَزنَى الْيَدَيْنِ الْبَطْشُ ، وَزنَى الرِّجْلَيْنِ الْمَشْيُ ، وَالنَّفْسُ تَتَمَنَّى وَتَشْتَهِي ، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذلِكَ كُلَّهُ أوْ يُكَذِّبُهُ ، فَإنْ تَقَدَّمَ بفَرْجِهِ كَانَ زَانِياً وَإلاَّ فَهُوَ اللَّمَمُ " ). وفي هذا دليلٌ أن الأشياءَ إذا وُجدت على التعمُّدِ لم تكن مِن اللَّمَمِ ، واللَّمَمُ ما يكون من الفلتات النادرةِ التي لا يملِكُها ابنُ آدمَ من نفسهِ ؛ لأنَّ الأُمَّة اجتمعَتْ على أنَّ مُتَعَمِّدَ النظرِ إلى ما لا يحلُّ فاسقٌ. واللَّمَمُ في اللغة : هو مُقَارَبَةُ الشَّيءِ من غيرِ دُخولٍ فيه ، يقالُ : ألَمَّ بالشَّيءِ يَلِمُّ إلْمَاماً إذا قاربَهُ. وعن هذا يقالُ : صغائرُ الذُّنوب كالنَّظرة والقُبلَةِ والغَمزَةِ ، وما كان دُون الزِّنى ، وقال ابنُ عبَّاسَ : " اللَّمَمُ : النَّظْرَةُ مِنْ غَيْرِ تَعَمُّدٍ وَهُوَ مَغْفُورٌ ، فَإنْ أعَادَ النَّظَرَ فَلَيْسَ بلَمَمٍ وَهُوَ الذنْبُ)." والقارىء سيجد أن المفسرين اتفقوا وبناء عليه اتفق الفقهاء على أن اللمم هو ارتكاب الصغائر من الذنوب ونجد فقط أن الرأي الصحيح ذكروه وبعدوا عنه وهو : " ما يأتي به المؤمن ويندم في الحال وهو من اللمم الذي هو مس من الجنون كأنه مسه وفارقه ويؤيد هذا قوله تعالى" وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَة ً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ" والحق أنه لا يوجد شىء اسمه صغائر الذنوب وإنما كل الذنوب كبائر لأنه معاصى تكبر فيها الإنسان على طاعة الله وأطاع هواه وهو شهوته وهو شيطانه وتقسيم الذنوب لصغائر وكبائر مأخوذ من قول الكفار الذى حكاه الله فى كتابه: " ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها" وكلام الكفار لا يشرع لنا الأحكام وإنما هو الكلام الضال الذى لا يؤخذ به ولا يعمل به ولو صح الأخذ به لعبدنا ما قالوا أنهم آلهة من دون الله طالما سنأخذ بكلامهم ولو أخذنا بكلام الكفار فهذا معناه أن يدخل الجنة بعض الكفار مثل الرهبان والأحبار والزهاد لأن ما يصنعونه هو صغائر مثل تقليل الطعام والتبتل وهو الانقطاع عن النساء وهو ما يخالف وجوب اجتناب كل الذنوب والاستغفار مما ارتكبه الفرد منها وأخبرنا الله أنه يكفر السيئات وهى الكبائر لمن تاب منها حيث قال : "إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما " وعليه فاللمم هو الذنوب وهى الكبائر التى ارتكبها الفرد وتاب منها بالاستغفار والكفارات التى أمر الله بها |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|